رحلة إلى الخليج العربي .. بعثة شركة النفط الإنكليزية الفارسية إلى البحرين 1925 – 1937
الكاتب: الحاج عبد الله وليمسن |
الحاج عبد الله فاضل الزبير أن الزبير أو المسلمان إنكليزي الأصل يدعى “وليم ريتشارد وليمسن”. ولد في مدينة بريستول بإنكلترا سنة 1872م وله أربعة من الأبناء ثلاثة ذكور وبنت تزوجت وماتت، أما زوجته فهي شمرية تزوجها في المنتفك عندما كان في معية الشيخ (ناصر السعدون) وعندما تقاعد كان راتبه التقاعدي (25)ديناراً منحته إياه شركة دارسي ولم يترك أية ثروة بل ترك ديوناً كثيرة، كما كان مسلماً متديناً لا يترك فريضة من الفرائض ولا واجب من الواجبات الدينية، كما كان يحفظ أكثر من ثلثي القرآن الكريم، إن الحاج عبد الله كان إنكليزياً عريقاً من كبار المستشرقين وكانت له اليد الطولى في الحصول على امتيازات النفط في الخليج العربي وإيران والعراق.
طاف هذا الرحالة العالم وهو صغير على ظهر بعض البوارج وشارك القراصنة حياتهم ومغامراتهم ثم هبط في الشرق الأوسط فاعتنق الإسلام وخالط البدو وعاش بين ظهرانيهم سنوات عديدة وسافر إلى مكة المكرمة فأدى فريضة الحج ثم استقر في الناصرية لدى آل السعدون وتزوج امرأة منهم وغدا وكأنه واحد منهم.
وبعد مغامرات عديدة قام بها خلال الحرب العالمية الأولى وما بعدها استقر في “كوت الحجاج” بالبصرة مع زوجته وأولاده حتى وافاه أجله فيها. وثمة نقطة خطيرة في مسالة حياة الحاج عبد الله وليمسن وشهرته هي أنه لم يخلف وراءه مذكرات تتضمن تفاصيل أسفاره وأعماله وحياته. أما هذه الجولة التي قام بها الحاج عبد الله في الخليج العربي لحساب شركة النفط الإنكليزية الفارسية والتي يقدم هذا الكتاب ترجمتها للقارئ فنقول أن الحاج عبد الله كان قد عين سنة 1924م من قبل السر أرنولد ولسون -الذي ترك الخدمة في العراق سنة 1920م والتحق بشركة النفط الأنكلو إيرانية في عبادان مفتشاً لجميع وكالات الشركة في الخليج العربي وقد ظل في هذا المنصب حتى سنة 1937م حيث أحيل على التقاعد لبلوغه الخامسة والستين من العمر حينذاك.
بدأ وليمسن هذه الجولة مع أربعة أعضاء آخرين من ألإنكليز اثنان منهم من الجيولوجيين هما جي. أم ليز وواشنطن غراي، والعالم في النبات فرنانديز، والرئيس أكلس أحد ضباط الشرطة الإنكليز في عدن، في سنة 1925م حيث استقلوا إحدى بواخر شركة النفط الأنكلو إيرانية إلى البحرين ومنها إلى جزر الخليج العربي فالكويت ومنها إلى قطر وعمان وأبي ظبي ورأس الخيمة والشارقة. ومع أن هذه الجولة كانت بالغة الخطورة بأهدافها ونتائجها إذ أنها مهدت للشركات البريطانية أن تضع يدها منذ ذلك الوقت على منابع النفط في البلدان الواقعة على الخليج العربي ووطدت أركان الاستعمار البريطاني فيها وربطتها بمعاهدات جائرة طويلة الأمد، إلا أن الوريقات القلائل التي دون فيها عبد الله بعض وقائع تلك الجولة لا يمكن أن تشفي غليل الباحث عن الحقيقة التي ما تزال مجهولة، حقيقة المناورات التي قام بها الحاج عبد الله واستطاع عن طريقها أن ينتزع من شيوخ الكويت ومسقط وعمان وأبي ظبي والشارقة تواقيعهم على اتفاقيات البحث عن البترول في بلادهم وخص الشركات الإنكليزية وحدها بهذه الامتيازات.
ومع ذلك فإن هذه المعلومات التي حوتها تلك الوريقات عن أوضاع بلدان الخليج العربي وأحوال سكانها وطريقة معيشتهم وحياتهم وبعض الحوادث الطريفة التي رافقتها، كل ذلك يهيئ معلومات ذات قيمة وفائدة عن أحوال ذلك الجزء المجهول من العالم العربي. ولتبيان مدى خطوة العمل الذي قام به الحاج عبد الله وليمسن لتركيز النفوذ الإنكليزي في الخليج العربي والاستحواذ على موارد الذهب الأسود فيه ينشر هذا الكتاب نص كتاب الحاج عبد الله إلى الشيخ شخبوط بن سلطان شيخ أبو ظبي وجواب الشيخ عليه وهذان الكتابان يمثلان اتفاقية التنقيب على البترول في مشيخه أبي ظبي. كما يجد القراء صوراً لبعض المراسلات التي جرت بين الحاج عبد الله وبعض شيوخ الإمارات العربية.