صمود البحرانيين يحطّم إرادة الخليفيين الأشرار، والعاقبة للمتقين
إنه لَأمرٌ مشرّف ان يمنح مواطن بحراني جائزة تقديرية من جهة دولية، فالعالم يحترم هذا الشعب، ويقدره ويعلم ان لدى ابنائه مهارات وقدرات ومواقف انسانية متميزة. وليس هناك من يكرهه او يحقد عليه او يخطط لتصفيته واستقدام الاجانب لتوطينهم مكانه سوى الخليفيين وبقية القوى المشاركة في تحالف الثورة المضادة. هؤلاء يخططون لقتل شبابه وتهجير علمائه واضطهاد العقول المفكرة لديه. فالخليفيون وداعموهم يرون انفسهم في حرب وجود تهدف لاستئصال البحرانيين من ارضهم وديارهم، ولكن لله في خلقه شؤون، فهؤلاء يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. ولم تكن مفاجأة ان تعلن مؤسسة مارتن إينال الشهيرة قرارها منح الاستاذ عبد الهادي الخواجة جائزة متميزة تقديرا لجهوده ومواقفه ودوره في إعداد جيل من النشطاء الحقوقيين ليس في البحرين فحسب بل في منطقة الخليج كله. فقد كان مستحقا للتقدير منذ أن حمل لواء الدفاع عن المظلومين وتصدى للطغاة والجلادين. وأصبح أكثر استحقاقا بعد ان أصبح نفسه ضحية للإجرام الخليفي البشع. هذا المناضل البطل قضى حتى الآن قرابة الاحد عشر عاما مرتهنا بطوامير التعذيب الرهيبة التي بنيت تحت الأرض خصوصا مبنى ما يسمى الجهاز الوطني. هناك كسرت عظام السجناء السياسيين وعلقت اجسادهم واستخدمت أبشع أساليب التعذيب لكسر إرادتهم. لكنهم لم يصمدوا فحسب بل كسروا إرادة سجانيهم ووطأوا كرامته.
فها هم الخليفيون وبعض ابواقهم وعملائهم ما فتئوا يروّجون مشروعهم الخبيث المسمى “العقوبات البديلة” ولكن الأبطال أفشلوه. فها هو معتقل سياسي قضى عشرة اعوام وراء القضبان، وفقد إحدى عينيه وأصبحت الأخرى على حافة الفشل، وخسر السمع بإحدى أذنيه بسبب التعذيب الوحشي الذي تعرض له، وأجريت له مؤخرا عملية قسطرة في القلب وهو ما يزال في منتصف العشرينات من العمر، برفض بإباء وكبرياء وكرامة وشرف، عرض الطاغية بالاستسلام لمشروعهم الخبيث، مفضّلا قضاء السنوات الأربع المتبقية من الحكم الجائر وراء القضبان. هذه الروح العالية حطمت الخليفيين خصوصا الطاغية ونجله اللذين يحكمان الشعب بالنار والحديد. وها هم أطفال سترة الخمسة يتعرضون للتنكيل بعد مرور اكثر من شهر على اعتقالهم، بدون تهمة او محاكمة. فهل يُستغرب ان يُمنح هؤلاء جوائز تقديرية لصبرهم وإبائهم وكرامتهم وصمودهم؟ من المؤكد ان الشعب سيكافئهم بذلك التقدير، فما ان يتحرر أحد منهم من الأسر الخليفي حتى يهرع المواطنون من كل حدب وصوب لاستقباله واحتضانه تقديرا لصموده. فالمواطنون يعتبرون ذلك أحد وجوه النضال المتواصل الذي لن يتوقف حتى يسقط الحكم الخليفي الجائر. يعرف الطاغية وعصابته ان التقدير الشعبي وسام ينتظر كل بحراني محرر من الأسر الخليفي. لذلك بعثوا العام الماضي اثنين من عملائهم للأستاذ حسن مشيمع لإجباره على الخضوع للعقوبات البديلة والقبول بخروج مشروط من السجن. فنهرهم وطردهم وأرغمهم على العودة من حيث أتوا وهم يجرون أذيال الخيبة.
الامر الآخر ان الخسارة المحتومة للطغاة والبغاة والغزاة والقراصنة والبغاة لن تتأخر طويلا. فما حدث مؤخرا على صعيد جبهة اليمن يؤكد ان الإرادة الإلهية لن تترك طغاة السعودية والإمارات يعيشون بأمن ما داموا يحرمون الشعب اليمني من أمنه. فبرغم الحصار والتجويع استطاع اليمنيون ان يضربوا المحتلين في عقر دارهم ويحطموا كبرياءهم. فماذا كان رد فعل السفاحين السعوديين؟ أمطروا المناطق المدنية في صنعاء بالقنابل والحمم وأبادوا عائلة بأكملها، في ما عدا طفلة واحدة. لقد أصيب هؤلاء المعتدون بالذعر وفقدوا صوابهم وإنسانيتهم وهرعوا للانتقام من الأبرياء. أهذه هي الشهامة؟ أهذه هي المروءة؟ لقد رسم هؤلاء نهايتهم لان الله يمهل ولا يهمل. وما ان سقطت صواريخ اليمنيين على المنشآت العسكرية الاماراتية حتى بادر الاسرائيلبيون لعرض المزيد من الدعم الامني والعسكري على طغاة الإمارات، ومن المؤكد انهم سيشاركون عمليا في شن المزيد من العدوان على أهل اليمن. ولكن نهاية حكام السعودية والامارات والخليفيين قد حسمت منذ لحظة بدء العدوان على شعوب المنطقة، سواء شعب البحرين الذي تعرض بعد شهر فحسب من اندلاع ثورته المظفرة بإذن الله لغزو إجرامي أدى لقتل شبابه وسجن رموزه وهدم مساجده، أم شعب اليمن الذي يقصف يوميا بدون رحمة او إنسانية، أم الشعوب الأخرى التي تدخّل تحالف قوى الثورة المضادة لقمع ثوراتها او حوّل تلك الثورات إلى مشاريع إرهابية دمرت المنطقة وساهمت في إجهاض أهداف الثورات.
الأمر الثالث: إن استمرار الحراك الشعبي يوميا يؤكد ان ثورة البحرين جاءت لتحقق أهدافها السياسية بعون الله تعالى. الخليفيون وداعموهم يسعون لمنع ذلك، ولكن إرادة الله والشعب أقوى من قوى الاستبداد والاستعمار والاحتلال. يؤكد ذلك ما جرى الاسبوع الماضي في القاعة الرئيسية للبرلمان البريطاني من سجالات استمرت قرابة الساعة والنصف واعتبرت وثيقة تاريخية دامغة ليس ضد العصابة الخليفية فحسب بل ضد القوى الداعمة لهم في الغرب. فخلال تلك الجلسة حدث ما لم يتوقعه الكثيرون. فقد تسابق مناصرو الشعب البحراني للإسهاب بطرح حقائق دامغة حول ما يعانيه هذا الشعب من اضطهاد وتعذيب على أيدي الخليفيين المجرمين الذين يتعمق إجرامهم مع الزمن. بدأ النقاش النائب الاسكوتلاندي، برندان أوهارا وتلاه نواب شرفاء مثل السير بيتر بوتوملي والسيدة مارغريت فيرير وأليستر كارمايكل، وجيريمي كوربين وجيم شانون وباتريشيا جبسون وبامبوس تشارالامبوس. ولم يكن هناك سوى شخص واحد بذل جهده للدفاع عن الجلادين الخليفيين ولكنه أساء لهم أكثر مما نفعهم. اما وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، جيمس كلفرلي فقد كان أداؤه ضعيفا جدا، فقد كان مترددا في طرحه، مشوشا في ما يريد قوله، متخبطا في اختيار ما كتبه له موظفوه من معلومات مغلوطة. وتضاعف فشله عندما أراد ان يثبت ان هناك من يوافقه في ما يطرح مشيرا للنائب الذي رجع لتوّه من البحرين بعد زيارة دفع مضيفوه الخليفيون تكاليفها من أموال الشعب المنهوبة. لقد كان مسرحا احتوى الكثير من التناقضات وضعف الاداء من الجانب الداعم للخليفيين، بينما كانت أطروحات النواب المدافعين عن الشعب البحراني متماسكة ومنسجة ومدعومة بالأسماء والوثائق. كان البعد الإنساني دافعا لأولئك النوّاب الذين لا يتوقعون من ضحاياهم مردودا ماديا كما هم المحسوبون على الطرف الآخر.
وهكذا يبدو الميدان مفتوحا امام المفاجأت بعد فشل الخليفيين وداعميهم في تقديم مقولات وتفسيرات منطقية لما يمارسونه من استبداد واضطهاد وتنكيل. الشعب لا يعتمد الا على الله وتضحيات أبنائه، ولكنه في الوقت نفسه يقدّر مواقف الآخرين الذين تدفعهم إنسانيتهم للدفاع عن المظلومين بدون مقابل مادي. اما داعمو الخليفيين فيمكن تصنيفهم ضمن طوابير المرتزقة الذين لا ينتمون لمنظومة أخلاقية او دين سماوي او أيديولوجية قيمية او تحررية. وهكذا يستمر الصراع بين المحقّين والمبطلين، بين أصحاب الحق الشرعيين وجنود الشيطان المدفوعين بغرائزهم الشيطانية للاستحواذ والنهب والظلم والتنكيل. شعبنا واثق بحتمية خروجه من الحقبة السوداء الكالحة التي فرضها الخليفيون على البلاد والعباد، وهم واثقون بأن “يوم المظلوم على الظالم، أشد من يوم الظالم على المظلوم”. فصبرًا صبرًا أيها الشعب البطل، فإن موعدكم ا لصبح، أليس الصبح بقريب؟
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
21 فبراير 2022