حذار من تطبيل المرجفين حين يتحرر أسرانا من الطوامير الخليفية
ما يزال رموز الوطن وشبابه مرتهنين لدى العصابة الخليفية منذ ان أظهرت حقدها الحقيقي ضد البحرانيين وانسلخت من إنسانيتها بشكل كامل. فلم تبق موبقة الا ارتكبوها بما في ذلك الاعتداء الجنسي وكافة أشكال التعذيب. بل عمدوا لبيوت الله وهدموها، وقتلوا الأطفال والنساء، وأعدموا الابرياء. واستمر صراخ الضحايا الذي تجاهله داعمو الخليفيين في واشنطن ولندن وبقية العواصم. مع ذلك فشل الخليفيون في كسر شوكة الشعب او إذلال الوطن الذي سلطوا عليه شرار الخلق واستقدموا جيوش الدنيا لاحتلاله. وأخيرا بلغت تلك الصرخات مداها، واستطاع الناشطون المبعدون عن وطنهم والمسلوبون من جنسيتهم إيصال تلك الصرخات الى بعض الجهات التي وجدت نفسها مجبرة على التوقف عندها. وهنا بدأ شيء من الضغط يمارس على الخليفيين، خصوصا عندما تصاعدت المطالبات بالسماح للمقررين الخاصين والمنظمات الحقوقية الدولية لزيارة البلاد والالتقاء بضحايا التعذيب. فجاءت الافراجات المحدودة لبعض ضحايا التعذيب الخليفي، بعد ان قضى بعضهم أغلب سنوات حكمه. وحتى في أسوأ الظروف سابقا، في عهد إيان هندرسون، كان السجناء يخرجون من السجن بعد قضاء ثلثي حكمهم، اما في عهد الطاغية ونجله فقد تخلى الخليفيون عن تلك السياسة وفرضوا على السجناء قضاء فترة حكمهم الجائرة كاملة. وهنا يجدر الاشارة لعدد من النقاط:
الاولى: ان الافراجات المحدودة الاخيرة جاءت متأخرة وشملت في أغلبها بحرانيين مظلومين قضوا أغلب فترة احكامهم وكان يفترض ان يطلق سراحهم قبل سنوات. فما معنى ان يتأجل إطلاق شخص لم يبق سوى بضعة شهور من فترة حكمه التي بلغت عشر سنوات؟ كان يفترض ان يطلق سراحه قبل اكثر من ثلاث سنوات اي بعد ان قضى ثلثي حكمه. فترة المعاف هذه كان معمولا بها حتى في حقبة قانون أمن الدولة، ولكن حمد بن عيسى ونجله قاما بإلغائه.
الثانية: ان هذه الإفراجات تؤكد الإجرام الخليفي الذي حرم هؤلاء البحرانيين من حريتهم، وأجبرهم على التقدم بطلب الافراج وفق أسوا قانون صدر في البلاد، يفوق في سوئه وإجرامه قانون أمن الدولة السيء الصيت. فالعقوبات البديلة التي أطلق عليها سماحة الشيخ عيسى قاسم حفظه الله “الظلم البديل” تجبر المعتقل السياسي على التخلي عن حقوقه الانسانية كاملة. فهو مطالب بالصمت وعدم التعبير عن موقفه، ويمنع من حضور التجمعات أيا كانت طبيعتها. ولا يقل خطرا وإجراما عن تلك الشروط إجبار السجين على السكوت على ظلامته، بعد التحدث عما تعرض له من تعذيب، وعدم مخاطبة الجهات الحقوقية والاعلامية، وعدم السعي لمقاضاة جلاديه. انه الوجه الآخر للقانون 56 للعام 2002 الذي وفر حماية قانونية للجلادين وحرم ضحاياهم من مقاضاتهم. هذه المرة تضاعف جرم الطاغية وولي عهده بمنع الضحايا من التطرق لما عانون من تعذيب وجرائم بشعة واضطها على أيدي اجهزة التعذيب الخليفية.
الثالثة: ان الخليفيين خصوصا ولي العهد يمارس واحدة من أسوا السياسات النفاقية ويسعى لاخفاء وجهه الحقيقي وراء مساحيق مزيفة فيبالغ في اضطهاد البحرانيين من خلال تقنين الاضطهاد والظلم والتستر على الجرائم، ويرتكب الخيانة العظمى بالتطبيع مع العدو، ويعتقل الاطفال الأبرياء ويضطهدهم. هذه المرة وجد الثنائي البغيض (الطاغية ونجله الذي يشغل رئاسة الوزراء عمليا منذ أكثر من ثلاثة أعوام) نفسه محاصرا بسياساته. فهو يسعى للظهور كنظام ملتزم بالقوانين الدولية والتواصل مع الجهات المتصلة بها، ويفتح باب التواصل مع مفوضية حقوق الانسان. وما أكثر ادعاءات داعميه في هذا الجانب. لكن هذه المبالغة في التظاهر تجاوزت الحدود فأصبحت وبالا عليه. واستطاع النشطاء الحقوقيون البحرانيون وداعميهم تعرية الخليفيين. فتواصلوا مع المفوضية السامية لحقوق الانسان ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى خصوصا المقررين الخاصين، كما تواصلوا مع الحكومات والبرلمانات الغربية لاطلاعها على جرائم حلفائها الخليفيين. وظهرت نتائج ذلك التواصل في التعاطي البرلماني مع قضية البحرين في الفترة الاخيرة، سواء بالأسئلة التي يطرحها النواب على حكوماتهم حول سياساتها تجاه الخليفيين، في ألمانيا وإيطاليا وأيرلندا وفرنسا وبريطانيا، وكذلك في الكونجرس الأمريكي ام في التغريدات التي يطرحها هؤلاء السياسيون حول الحقبة الخليفية السوداء واضطهاد البحرانيين، ام تصريحات هؤلاء لوسائل الاعلام التي شجعها النشطاء البحرانيون. وجاء النقاش حول أزمة البحرين هذا الشهر بالبرلمان البريطاني لتزيد الضغط على الحكومة البريطانية الداعمة للخليفيين، واظهرت وزيرهم المسؤول عن تلك السياسية في حالة يرثى لها في التعثر وعدم ا ستيعاب القضية والاقتصار على قراءة ما أعده له موظفو وزارته. وكان متوقعا ان يؤدي ذلك النقاش الى موقف بريطاني ضاغط لانه كان فضيحة لداعمي النظام الذي يسجن مواطنيه بسبب كلمة قالوها.فشعر هؤلاء بالحرج وبدأوا يطالبون الخليفيين بتنفيذ بعض وعودهم بالتوقف عن التعذيب والاعتقال التعسفي. وجاءت الإفراجات الأخيرة ثمنا لرغبة الطاغية وعصابته في إسدال الستار على واحدة من أبشع حقب الاحتلال الخليفي بشاعة وسوادا.
الرابعة: من الضرورة بمكان ان يتواصل العمل الحقوقي والميداني المطالب باطلاق سراح المعتقلين السياسيين البحراييين من طوامير التعذيب الخليفية، وأن تستخدم كافة الأساليب السلمية المتحضرة وعدم التباطؤ في كشف الجرائم الخليفية على أوسع نطاق. فما أكثر الأدلة، وما أشد معاناة الضحايا. وثمة توصيات من جهات حقوقية عديدة بضرورة إعداد الملفات حول الأشخاص المرتبطين مباشرة بملف التعذيب وعلى رأسهم الطاغية بالاضافة الى الجلادين أنفسهم ومديري السجون التي يمارس فيها التعذيب. فمن الخطأ الكبير إسدال الستار على تلك الجرائم التي ستستمر ان لم تتم مقاضاة مرتكبيها امام القضاء الدولي. وهناك تجدر الإشارة الى الرفض المستمر من العصابة الخليفية للتوقيع على المحكمة الجنائية الدولية والتصديق على بروتوكولات روما التي تنظم عملها. مطلوب من النشطاء الحقوقيين والسياسيين أيضا الضغط لضمان عضوية البحرين بتلك المحكمة لتسهيل رفع قضايا الجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها الخليفيون اليها. وبموازاة ذلك تقتضي الأهمية العمل المتواصل لأنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي تحمي الجلادين. وقد كان الطاغية واضحا في توجهاته المستقبلية عندما فرض القانون السيء الصيت رقم 56 للعام 2002 في أجواء البهرجة الواسعة التي أعقبت الافراج عن السجناء السياسيين وتجميد سياسات القمع التي فرضت على البلاد اكثر من ربع قرن منذ العام 1975 حتى العام 2000.
الخامسة: أن كافة الاجراءات المذكورة ضرورية ولكنها لا تكفي، ولن تحمي البحرانيين من الشرور الخليفية. ولذلك تقتضي مصلحة الوطن والشعب إنهاء حقبتهم السوداء للأسباب التالية: أولها ان من غير المقبول ان يعيش شعب في القرن الثاني والعشرين في ظل حكم توارثي استبدادي، غريب في أصله وفصله وتوجهات السياسية والايديولوجية عما يؤمن به ذلك الشعب. ثانيها: ان الخليفيين ارتكبوا جرائم عظمى لا يمكن التغاضي عنها او إسدال الستار عليها في مقدمتها القتل العمد والتعذيب والاعتقال التعسفي واضطهاد السكان الأصليين على نطاق واسع. ثالثها: ان حماية حقوق الانسان لا يمكن تحقيقها في ظل الديكتاتورية والاستبداد. ويستحيل ان يحترم حاكم ديكتاتور أيا من الحقوق الطبيعية للمواطنين خصوصا في مجال الحريات وفي مقدمتها حرية التعذيب، فمن غير المجدي التعويل على ما يفرضه الديكتاتور من قوانين يستخدمها ديكورا لإخفاء جرائمه بحق الوطن والشعب. رابعها: ان الثقة بين الطرفين انعدمت تماما، فلا مجال للخليفي لأن يثق بالمواطن البحراني الأصلي (الشيعي او السني)، ولا مجال لهذا البحراني ان يمنح ثقته لحكم ارتكب بحقه أبشع الجرائم وانتهج سياسات مكشوفة لإبادته واستبداله بشعب آخر يستورده من الخارج. خامسها: ان التغيير كان عنوانا لنضالات متواصلة عبر الاجيال، لم تتوقف أبدا وما تزال تكشف عن نفسها على نطاق يزداد اتساعا بمرور الوقت.
هذه الحقائق تفرض أمرا واحدا: استمرار النضال الوطني السلمي بدون حدود حتى يتحقق التغيير، فذلك هو الطريق لأمن البحرين وشعبها، وينعكس ذلك بدوره على أمن الإقليم والعالم ويبعث الأمل في نفوس سعى الطغاة لكسرها واستبعادها.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الإسلامية
28 يناير 2022