قضايا فلسطين وشراء الاندية والاعتقالات تنغص صوم البحرانيين
عظم الله أجوركم بمصاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي اغتالته قوى الشر المرتبطة بالمشروع القبلي الذي ما برح يخطط للقضاء على إسلام محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام. لقد كان علي الرجل الثاني في ذلك الدين، اعتنقه صبيا وذاد عنه بسيفه حتى استشهد في محراب العبادة، واقفا بين يدي الله خاشعا خاضعا متذللا. ترجل عن فرس الجهاد والعبادة مضمخا بدمائه، لتطوى بذلك آخر صفحة ناصعة من تاريخ الدين الجديد امتدت اكثر من نصف قرن بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. كان علي أبرز رموزها بعد رسول الله، فلم يتخلف عن أداء الواجب يوما، ولم يتقاعس عن نصرة الدين او التصدي للانحراف والظلم لحظة، او التخلي عن العدل طرفة عين. نتذكره في ذكرى استشهاده، رجلا لم يشهد التاريخ له نظيرا (سوى رسول الله) في الإيمان والصمود والشجاعة والبلاغة. أليس هو القائل: “انما يعجل من يخاف الفوت، ويحتاج الى الظلم الضعيف”. منعه حرصه على الدين المحمدي الأصيل عن محاولة استرداد حقه المسلوب.
ما أجمل شهر الصوم وما أقوى تأثيره على الصائمين في كافة انحاء الارض. لقد احدث تغيرا كبيرا في نمط حياتهم وأصاب روتينهم ورتابة حياهم في مقتل: نوعية طعامهم، مواعديها، اوقات نومهم، ترددهم على المساجد، رغبتهم في العبادة، شعورهم بضرورة العطاء ودعم مشاريع الخير، شعورهم بالوحدة ا لعملية بين شعورهم، فهل هناك قوة غير الاسلام تستطيع تحقيق ذلك كله وتحافظ عليه طوال شهر كامل؟ هل هناك قوة تستطيع اقناع البشر بذلك ليمارسوه طوعا بدون إكراه او شعور بالاضطرار؟ يضاف الى ذلك ذلك الفيض من المشاعر البشرية تجاه الفقراء والمظلومين والمستضعفين. من هنا ينتاب الصائمين شعور بالحزن عندما تبدأ أيام الشهر الفضيل بالتناقص بعد انقضاء نصفه الأول. ينتاب الصائم حالة من الشعور بقرب فقدان شيء عزيز عليه، فقد تآلف مع شهر الصوم وعاش لياليه وأيامه، والتزم بالأوامر الإلهية لضمان صحة الصوم.
خلال الشهر الفضيل ظهرت قضايا ثلاث تستدعي الاهتمام:
الأولى: تصاعد العدوان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وقتل حوالي 20 من الصائمين والصائمات بدم بارد من قبل قوات الاحتلال. وفي الوقت الذي لاذ الطغاة الذين ارتكبوا الخيانة الكبرى بحق فلسطين وأهلها بتطبيعهم المخزي مع المحتلين، وقف شعبنا البحراني بإباء وشموخ وإيمان معهم، معبّرا عن رفضه المطلق للذين خانوا الله وسوله وفلسطين، ومؤكدا استمرار دعمه المعنوي والاخلاقي والمادي لضحايا الاحتلال أينما كانوا. شعب البحرين أثبت انتماءه للمحيط العربي والاسلامي والانساني، ولم يتخل عن ذلك يوما. فمعدنه الطيب يمنعه من اللامبالاة او الصمت او التخلي عن مسؤولية الدفاع عن الظالم، فقد قرأ كلام الإمام زين العابدين عليه السلام: اللهم إي أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره، ومن ذي فاقة سألني فلم أؤثره”. وبرغم القمع والتنكيل والسجن، فقد خرجت جموع البحرانيين في مسيرات ليلية هاتفة باسم فلسطين ومستنكرة جرائم الاحتلال خيانة التطبيع. وقد شاهد أهل فلسطين تلك المظاهرات وأعرب بعض رموزهم عن الشكر والامتنان للبحرانيين، كما استنكر الخيانة الخليفية المؤلمة. وبالاضافة للمسيرات، كانت هناك وقفات نظمتها اللجنة الوطنية لمناهضة التطبيع، رفعت فيها أعلام فلسطين، وندد المشاركون فيها بجريمة التطبيع التي ارتكبها الخليفيون، وأعربوا عن استمرار الدعم البحراني لفلسطين وأهلها. كما اصدرت الجهات السياسية المعارضة بيانات داعمة للحق الفلسطيني ومنددة بخيانة المطبّعين وفي مقدمتهم آل خليفة. ومن هذه الجهات جمعية الوفاق الوطني الاسلامية وحركة احرار البحرين وبقية حركات المعارضة التي ساءها كثيرا ما ارتكبه الخليفيون من جرائم بحق الوطن والشعب وتطبيع مع أعداء الأمة. سوف يؤكد الشعب وقوفه بجانب الشعب الفلسطيني الاسبوع المقبل عندما يحتفي بيوم القدس العالمي، من خلال تظاهراته وتصريحاته وشعاراته. فهي مناسبة لتعبئة الرأي الوطني والدولي من أجل فلسطين وضد الاحتلال والتطبيع.
الثانية: استمرارا لسياسة تبييض جرائم حقوق الانسان التي تمارسها العصابة الخليفية، قرر الطاغية وحثالته شراء نادي إي سي ميلان الايطالي لكرة القدم. وتقدر الصفقة التي سيبرمها الخليفيون مليار دولار منهوبة من ثروات الشعب المسلوبة. وتمثل شركة انفستكورب للاستثمارات الدولية الواجهة التي يبدد الخليفيون من خلالها اموال الشعب لشراء اندية رياضية، كما فعلوا مع نادي باريس سان جيرمان الرياضي الذي اصبح أحد ابناء الطاغية رئيسا له. وكان الخليفيون قد تعاقدوا مع فورمولا 1 على إقامة سباق السيارات في البحرين في مقابل 40 مليون دولار سنويا. وقد تصاعدت الا نتقادات الدولية لادارة السباق بسبب تجاهلها حقوق الانسان في البحرين. ويهدف الخليفيون من شراء هذه الاندية والانفاق الهائل على الرياضة أمورا عديدة: أولها توسيع امبراطوريتهم المالية التي تضم عقارات ضخمة في بريطانيا واندية رياضية عديدة. ثانيها: إشغال الرأي العام بأنشطة هذه الاندية لابعادهم عن قضاياهم الحقيقية المرتبطة بالدفاع عن الحرية والسعي لتحول ديمقراطي ينهي الحقبة الخليفية السوداء. ثالثها: استغلال الإعلام الذي يغطي فعاليات هذه الاندية. وتأتي الصفقة الجديدة لشراء أي سي ميلان في ظل ظروف مالية ضاغطة. فالمواطنون يعانون كثيرا من ارتفاع اسعار السلع الأساسية بسبب رفع الدعم الحكومي عن اغلبها، وتراجع الرواتب، وسعي الخليفيين للانقضاض على صناديق التقاعد ودائرة الاوقاف الجعفرية لسلب ما لديها من اموال. كما أقدم الطاغية وعصابته على زيادة وتيرة الاقتراض حتى بلغت قرابة 40 مليار دولار، كما قام أعلن عبيده في وقت سابقأ خططا لزيادة ضريبة القيمة المضافة لتعزيز إيرادات الدولة بعد أن تجاوز الدين العام في البلاد 133% من حجم الناتج المحلي الإجمالي. إنها جريمة أخرى تضاف للملف الخليفي الأسود.
الثالثة: تصاعد وتيرة القمع في الأسابيع الاخيرة، وذلك باعتقال العديد من النشطاء واستدعاء البعض الآخر للتحقيق من قبل اجهزة التعذيب. وقد تكرر استدعاء ناشطين في مقدمتهم الحاج صمود (عبد المجيد عبد الله) وعلي مهنا. واعتقل العديد من المواطنين آخرهم الشاب جاسم محمد عيسى من منطقة الجفير. هذا التنكيل المتواصل فشل في كسر شوكة البحرانيين، فها هي جحافل العائلات تصطف على قارعة الطريق يوميا للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم رموز الوطن الأسرى لدى المحتلين الخليفيين. ومع استمرار اضراب الدكتور عبد الجليل السنكيس عن الطعام منذ قرابة الشهور التسعة، وتداعي الاوضاع الصحية لاثنين من اقربائه، محمد السنكيس وعبد علي السنكيس، تتأكد سياسات القمع الخليفية التي لم تتوقف يوما منذ الاحتلال الخليفي للبلاد. انها رسالة للمجتمع الدولي بان الطغيان لا يمكن اصلاحه وان الديكتاتور لا يمكن ان يصبح ديمقراطيا، وان حقوق الانسان لا يمكن حمايتها في ظل الاستبداد.
وهكذا يتواصل الصراع بين البحرانيين والخليفيين بوتيرة متصاعدة، خلال الشهر الفضيل. انها ظاهرة تؤكد دور الإيمان في حماية المباديء والمواقف ومنع الانزلاق الى مخاطر خيانة المباديء والتخلي عن الثوابت. وهنا نوجه تحية إجلال وإكبار الى الشعب الفلسطيني البطل الذي يرفض الاحتلال والظلم، والى شعبنا البحراني المتعاطف بشكل كامل مع ضحايا الاحتلال في فلسطين وعلى أرضهم التي دنسها المحتل الخليفي واستقدم محتلي فلسطين ايضا.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 ابريل 2022