شعب البحرين يتصدى للإعدام والتطبيع والانتخابات الخليفية
بضع قضايا كانت مثار اهتمام المواطنين في البحرين والمنطقة خلال الشهر الماضي، حظيت بتعليقات من جهة الاعلاميين والباحثين، ومواقف من ناحية النشطاء ذوي الارتباط بديناميكية السياسات المحلية والاقليمية. وكان من هذه القضايا ثلاث: أولها تصاعد وتيرة الاعدامات في السعودية، وتأكيد حكم بإعدام مواطنين بحرانيين لم يرتكبا جرما يستحق تلك العقوبة، وثانيها، تصاعد وتيرة التطبيع مع الاحتلال، مع استمرار جرائمه التي بلغت حد الوقاحة باغتيال إعلامية بارزة في وضح النهار في ظل صمت دولي وإقليمي رهيب. وثالثها: الاستعداد الخليفي لاجراء انتخابات صورية تعتبر تكرارا لانتخابات سابقة لم تساهم سوى في زيادة التوتر المحلي وتعميق الإصرار على ضرورة تحقيق تغيير سياسي في البلاد بعد عقود من الاحتقان السياسي والمآسي الإنسانية. ونود التسليط على القضايا الثلاث بشكل موجز:
الأولى: في السنوات الأخيرة زاد إدمان النظام السعودي في مجال قطع رقاب الآدميين لأتفه الاسباب، بدون مقدمات او مبررات او محاكمات تتوفر فيها العدالة والانصاف ومعايير المحاكمة العادلة. ففي شهر مارس أعدمت السلطة 81 مواطنا في يوم واحد، نصفهم من ا لمنطقة الشرقية. ولم تحدث ردة فعل فاعلة من دول “العالم الحر”. وجاءت الأزمة الأوكرانية لتساهم في تقوية موقف السعودية وحليفاتها بعد ارتفاع اسعار النفط. واتخذ الغربيون هذه الازمة ذريعة لمسايرة السعودية والتغاضي عن جرائمها بحق المواطنين والمنطقة ودورها في حرب اليمن وما احدثته من دمار مادي وبشري. فعلى صعيد تلك الحرب كان هناك اعتقاد بان إكمال سبع سنوات من العدوان العبثي وفشل السعودية والامارات والخليفيين في تحقيق انتصار حقيقي، سيوفر للغربيين ذريعة للضغط على المعتدين لانهاء عدوانهم على اليمن الذي دفع شعبه ثمنا باهضا لصمت العالم. الواضح ان الدول الغربية التي شاركت ا لسعودية في العدوان ما تزال مترددة في الضغط من اجل إيقاف العدوان، ولم تطرح مبادرات جادة في هذا الاتجاه. كما ان تصديها للسياسات السعودية والاماراتية الاقليمية هامشي وغير ذي آثر. ويساهم الإعلام الغربي في تهميش العدوان على اليمن وأثاره الكارثية خصوصا المجاعة ا لتي يعاني منها شعبه. صحيح ان هذا الإعلام تحرك في فترة ما لإبراز العدوان وآثاره، ولكنه تراجع في العامين الاخيرين، برغم استمرار ذلك العدوان، وتمادي المعتدين في موقفهم. والأنكى من ذلك ان قضايا الحرية وحقوق الانسان في ا لمنطقة تم دفعها الى أسفل اهتمامات العالم الغربي ومنظماته السياسية والحقوقية. ومن العار استمرار الصمت على الممارسات السعودية من عدوان على اليمن واعتقال المعارضين وإعدام الأبرياء، ولقد أصبح واضحا ان هذا الموقف اصبح عامل تشجيع للاستبداد والقمع والتخلف والعدوان، بدلا من ان يساهم في التغيير المنشود. وفي الشهر الماضي وجهت منظمة هيومن رايتس ووج نداء لدول الا تحاد الاوروبي لإدراج حقوق الانسان في دول الخليجي على طاولة المفاوضات الجارية حاليا بين الطرفين. وما إصدار حكم الإعدام مؤخرا بحق اثنين من البحرانيين الأبرياء الا مصداق للانتهاكات الفظيعة التي لا تحترم كرامة الانسان او حياته. فالشابان جعفر سلطان وصادق ثامر لم يرتكبا من الجرم ما يستدعي قطع رقبتيهما بحد السيف، ولذلك هناك مسؤولية أخلاقية وإنسانية على العالم للتدخل لمنع تنفيذ ذلك الحكم الجائر الذي تواطأ الخليفيون مع ا لسعوديين لإصداره.
الثانية: ان دخول “إسرائيل” منطقة ا لخليج بعد التطبيع الاماراتي والخليفي معها ساهم في تشجيع الاستبداد وانتهاك حقوق الانسان. إنه ليس دخولا دبلوماسيا محضا، بل ينطوي على أبعاد أمنية وسياسية غير مسبوقة. فقد بدأ جهاز الموساد عمله في المنطقة خصوصا في البحرين التي قال اعترف أفراد عصابتها الحاكمة (عبد الله آل خليفة، وكيل وزارة الخارجية) بوجوده علنا. وتتم الآن هندسة سياسات القمع والاستبداد بما يخفف من فقاعتها ويساهم في تلميعها وعرضها بغير حقيقتها. فقد اصبحت متواجدة في مياه الخليج بالقرب من إيران، وبذلك اصبحت مهماتها داخل إيران أيسر. وجاء اغتيال أحد كبار مسؤولي الحرس الثوري الايراني مؤخرا ليؤكد قدرة الصهاينة على التواجد العملي في العمق الإيراني من بوابة التطبيع مع بعض دول مجلس التعاون خصوصا الامارات والبحرين. ولذلك أصبح السعوديون والاماراتيون و الخليفيون يتصرفون أمنيا وسياسيا بثفة كبيرة، لعلمهم ان الغربيين لن يتحركوا ضدهم، وان الدعم الاسرائيلي العملي متوفر لدعم سياساتهم. هذا في الوقت الذي تتواصل فيه جرائم الاحتلال بشكل تصاعدي. وما اغتيال الإعلامية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة، بالرصاص الاسرائيلي علنا الا تأكيد لقدرة الصهاينة على ارتكاب الجرائم بدون الخشية من ردود فعل ذات معنى. ولم يتردد الاسرائيليون في إعلان وقف أي تحقيق في جريمة الاغتيال. ولم تصدر ردود فعل من الاطراف الغربية او الخليجية برغم ان الشهيدة كانت تعمل مراسلة لقناة تابعة لدولة خليجية عضو بمجلس التعاون. لقد تمادى اعداء الحرية من زعماء الخليج في سياساتهم، وشجعهم في ذلك الوفرة المالية الناجمة عن صعود أسعار النفط والأزمة الأوكرانية التي استغلت من قبل دول الغرب للتماهي مع سياسات الاستبداد والقمع، سواء التي تمارسها السعودية وحليفاتها ام الكيان الاسرائيلي. وبهذا دخلت المنطقة حقبة سوداء من تاريخها المعاصر تتميز بتجذر الاضطهاد والقمع والاستبداد، في غياب رقابة دولية فاعلة، وفي ظل توفر المال النفطي لشراء المواقف والأفراد والحكومات. هذا لا يعني حسم الموقف لصالح الانظمة الشيطانية، بل يشير لاستمرار التوتر في المنطقة والعالم، واحتمالات انفجاره على غرار ما حدث في حقبة الربيع العربي.
الثالثة: في ضوء ما سبق، يسعى الخليفيون، بتوجيه غربي ودعم إسرائيلي لتكثيف أساليب التلميع وتشويش الحقائق والتضليل. ويستعد الخليفيون لإظهار انتخاباتهم المقبلة في شهر أكتوبر، بانها ذروة ا لديمقراطية والإصلاح، برغم استمرار تكدس سجونهم بالمعتقلين ا لسياسيين. وقد أمضى الدكتور عبد الجليل السنكيس حتى الآن أكثر من 11 شهرا مضربا عن الطعام للمطابة بحقوق متواضعة، ومع ذلك لم يشفع له جوعه او إعاقته لتحريك ضمائر حكومات الغرب التي تتذرع بالاجراءات الشكلية للخليفيين لتبرير تقاعسها وتماهيها مع الاستبداد. انه وضع سياسي بائس وموقف أخلاقي هابط ان يستمر الصمت واللامبالاة إزاء ما يعانية المواطنون في دول مجلس التعاون خصوصا ا لسعودية والبحرين والامارات. بل ان ان الغربيين اغمضوا عيونهم عندما قررت تركيا غلق ملف جريمة اغتيال الاعلامي السعودي جمال خاشقجي بدعوى نقل محاكمة مرتكبي الجريمة الى الرياض. لم يكن هذا الموقف متوقعا من حكومة تطرح نفسها زعيمة إقليمية بصبغة إسلامية وتحالفات مع حركات إسلامية كبيرة. انه جانب من الزمن الرديء الذي تتوالى فصوله سريعة متضمنة سياسات ومواقف وادعاءات بعيدة عن مصالح الشعوب والعدالة والحرية. لقد اثبتت مشاريع الخليفيين التضليلية فشلها سابقا، ولن تنجح الآن. فوعي الجماهير يتعمق خصوصا مع استمرار قتل الابرياء وسجن النشطاء واضطهاد العلماء. هذا الوعي سياسهم بشكل مباشر في إفشال المشاريع الخليفية التضليلية ومنها انتخاباتهم الصورية التي فشلت في الماضي ولن تنجح في المستقبل. الشعب يصر على تحقيق تغيير سياسي جوهري، عبر عنه سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم في بيانه الأخير الذي أصدره الشهر الماضي. لقد وضع النقاط على الحروف وأهاب بالمواطنين مقاطعة تلك الانتخابات الصورية التي لن ينساق معها الا ذوو النفوس الضعيفة والانتهازيون والوصوليون والمتسلقون والهامشون. اما كبار القوم فهم اما في السجون او المنافي او ينتظرون الصعود الى مقاصل النظام للقاء ربهم شهداء وشهودا. ستفشل انتخابات الخليفيين، وسيفشل من يلتحق بها او يشارك فيها، وقد فشلت فعلا قبد بدئها، وهرع الخليفيون لإعداد الارقام والنتائج لتضليل العالم والتشويش على الحقائق، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. سيصمد الشعب وينتصر الوطن ويظهر الحق ويزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعلهم لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.
حركة أحرار البحرين الإسلامية
27 مايو 2022