الديكتاتور ترتعد فرائصه بعد التهم القطرية، والتحية للمرأة البحرانية الصامدة
جاء الاتهام القطري لديكتاتور البحرين بالضلوع في المحاولة الانقلابية التي حدثت ضد نظام الحكم في قطر في العام 1996 لتحرك المياه الراكدة ولتدخل الرعب والقلق في نفسه، بعد ان حرم الناس من الامن عقودا. التهمة القطرية جاءت ولتوصل الرسالة الى هذا الطاغية بان الله اقوى منه، و “كما تدين تدان” و “انا من المجرمين منتقمون” وما سواها من الآيات الحكيمة. ولكن هل سيدرك سفاح البحرين ان ما ارتكبه من جرائم بدون حدود بحق البحرانيين سيلاحقه ما دام حيا؟ هل ستدفعه هذه التهمة لاستعادة شيء من انسانيته التي انسلخ منها، ليعيش شيئا من القلق الذي فرضه على الشعب وابنائه الذين يكيل لهم التهم الباطلة كل يوم؟ الامر المؤكد ان قلبه قد مات فلم يعد قادرا على التفاعل مع من حوله من البشر وما حوله من الحوادث. لقد ختم الله على قلبه وسمعه وبصره، فما عاد يتصرف كبقية الآدميين، لان الحكم اغشى بصره، والسلطة تحول بينه وبين الحق. وسواء استوعب ما تنطوي عليه التهمة ام لم يستوعبها، فستظل تلاحقه اعلاميا وسياسيا، وسيدرك مكرها ان الله الذي خلقه اقوى منه وان وعده الحق وان مصير الطغاة الى الجحيم. لقد طرح البرنامج الذي عرضته قناة “الجزيرة” القطرية تفصيلات دامغة عن تورطه في توفير المال والسلاح للمتورطين في المحاولة الانقلابية، وهي دعاوى لا يمكن ان تكون مزيفة لانها صادرة عن جهة رسمية وضد جهة رسمية اخرى قادرة على تفنيدها فيما لو كانت مزيفة. بينما عمد طاغية البحرين لسوق الاتهامات المزيفة جزافا بدون حدود لمعارضيه. وتكشف التهمة السخيفة الاخيرة مدى ما بلغه الحكم الخليفي من سقوط، عندما سعى لايهام العالم بوجود “خلية” باكثر من مائة شخص تدعمها ايران وهدفها قلب نظام الحكم في البحرين. هل هذه هي المرة الاولى التي تصدر فيها هذه التهمة؟ أليست هي المرة الألف؟ مع ذلك لم يتورع هذا الديكتاتور عن تكرار قصصه الخيالية المملة، برغم وجود شعار شعبي واضح: الشعب يريد اسقاط النظام. فلا احد من خارج البحرين يخطط ضده، بل الشعب يسعى لاسقاط نظام حكمه المهتريء باساليبه السلمية وفي مقدمتها المقاومة المدنية السلمية.
اما الطاغية الآخر الذي يجب ان يكون قد تعلم بعض الحقائق فهو ملك السعودية الذي زار لندن هذا الاسبوع وسعى لاستمالة حكومتها بالمال الوفير المنهوب من بطون الجائعين في الجزيرة العربية. الامر المؤكد ان الحكومة البريطانية تطمع في الحصول على عشرات المليارات السعودية، وانها انزعجت كثيرا حين تعهد محمد بن سلمان بتوقيع عقود مع امريكا بلغت 450 مليار دولار. وعبرت عن ذلك الانزعاج ببث ثلاث حلقات تلفزيونية حول الفساد المالي والاداري الذي يمارسه ابناء البيت السعودي، ودور الرياض في نشر التطرف والارهاب، واخيرا التصدع الذي اصاب البيت السعودي بعد اعتقال العشرات من رموزه. كانت تلك رسالة واضحة للسعودية، الامر الذي فهمته الرياض، فهرع محمد بن سلمان لزيارة بريطانيا وتوقيع صفقات معها تصل، حسب بعض التقارير، الى 100 مليار دولار. برغم ذلك لم تمر الزيارة بدون فتح الملفات السعودية السوداء، خصوصا العدوان على اليمن وانتهاكات حقوق الانسان والتخلف السياسي في مملكة النفط. وعلى مدى اسبوع كامل تحولت شوارع لندن الى سباق باصات غير مسبوق، بعضها يحمل شعارات ضد النظام السعودي وخصوصا ولي العهد، والبعض الآخر يرحب بزيارة محمد بن سلمان. وكانت تقارير صحافية قد ذكرت ان هناك ميزانية ضخمة قد رصدت للدعاية الاعلامية، فظهرت صحف عديدة وعلى صفحاتها صور ولي العهد السعودي، ومقالات تتحدث عن عمق الروابط بين السعودية وبريطانيا. ولكن هذا كله تبخر بعد ان شهدت جلسات البرلمان سجالا ساخنا بين زعيم المعارضة، السيد جيريمي كوربين، ورئيسة الوزراء، تيريزا ماي، حول العلاقات مع السعودية خصوصا في ما يتعلق بتزويد الرياض باسلحة بريطانيا للاستخدام في العدوان على اليمن. كان هناك انزعاج شديد في الجانب الحكومي من الاتهامات التي وجهها السيد جيريمي كوربين لرئيسة الوزراء لانها تتضمن تورط كل من يشارك في العدوان في ارتكاب جرائم جرب شنيعة.
في اليوم العالمي للمرأة، يسعى الاعلام السعودي المباشر او المدعوم بالاموال النفطية، لاظهار ديكتاتور السعودية “نصيرا” للمرأة التي سمح لها بقيادة السيارة. هذه المرأة محرومة من حقها السياسي المتمثل بالقدرة على المشاركة في صياغة دستور دائم للبلاد وانتخاب برلمان ذي صلاحيات حقيقية، تتمخض عنه حكومة ذات سلطة وسيادة. هذه المرأة ما تزال أسيرة الاعراف الجاهلية والقبلية، فان فتحت عينيها على الحياة وطالبت بحق سياسي كان السجن والتنكيل مصيرها. عشر نساء بحرانيات يرزحن في اقبية التعذيب الخليفية لانهن هتفن بالحرية وشاركن في الاحتجاج السياسي بفاعلية ونشاط، ورفضن ان يستسلمن لقرار الطاغية، ورفضن عدوانه على الوطن والشعب. ما اكثر نساء البحرين اللاتي قضين فترات من اعمارهن وراء القضبان، وما اكثر اللاتي تعرضن لابشع اساليب التنكيل والتعذيب والتوحش. فمنذ ربع قرن والخليفيون يشنون حربا شرسة على المرأة البحرانية، يعتقلونها، يعذبونها، يتحرشون بها، ويبعدونها عن الوطن. هذه جرائم موثقة يؤكدها صدور حكم قاس على ثلاث منهن الاسبوع الماضي بتهمة “إيواء” مطلوبين سياسيين. هذا النظام المجرم يسعى لتجريم إيواء الاحرار الذين هتفوا بالحرية واسم الشعب، ورفضوا الهيمنة القبلية المتخلفة على الشعب البحراني المتحضر. مع ذلك فان اكتظاظ سجونه بالنشطاء والنشيطات على مدى ربع قرن متواصلة يؤكد حقيقة مهمة: ان شعب البحرين، برجاله ونسائه، لا يستسلم للطغيان والاستبداد والحكم القبلي المتخلف. ان وأد النساء احدى العادات القبلية المقيتة التي كانت تنظر للمرأة انها “نصف إنسان”.
ان من اقبح اساليب الحكم الخليفي المختلف سعيه المتواصل لتحريف الواقع، وتشويش الحقائق في اذهان العالم، والسعي لكسب الدعم الغربي بالتظاهر باحترام المرأة وحقوقها، وفي عالم تحركه المصالح وليس المباديء، فان قليلا من البشر يسعى لتقصي حقائق الوضع والتحقيق في ما يقدم له من دعاوى خصوصا من حكام الاستبداد. فهو يعين بعض النساء من افراد العصابة الخليفية ثم يستغلها لتسويق مشروعه “الاصلاحي”. ويسخر الرأي العام، مستغلا الاموال السعودية لترويج الاكاذيب والدعاوى الفارغة. ان نظام يتأسس على الدعاوى الفارغة وسياسات التضليل والتشويش لا يمكن ان يكون صادقا في دعاواه، خصوصا ما يتعلق بحقوق الانسان والتنيل بالرجال والاطفال. اننا نحيي المرأة البحرانية وكذلك المرأة السعودية لموقفهما المتواصل من اجل المطالبة بالاصلاح، ونؤكد للعالم ان هذا البلد الصغير انجب من النساء الصالحات التواقات للتغيير واحترام حقوق الانسان، عددا كبيرا، سجن الكثير منهن، وتم التنكيل بالاخريات. ان بلدا معطاء كالبحرين لا يستطيع ان يتعايش مع نظام حكم فاسد ومفسد، يستهدف الرجل والمرأة معا، ويستمد شرعيته من التضليل والتزوير والاستغلال البشع لارض البحرين ومن عليها.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
9 مارس 2018