مشروع الشعب للاحتفاء باليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب
منذ مائة عام لم يعدم البحرانيون المبرر لمعارضة العدو الخليفي والتصدي لبغيه وعدوانه، فما أكثر المناسبات التي تستدعي التوقف من أجل إحيائها بسبب ارتباطها بإحدى قضايا الشعب، ومنها ذكريات الشهداء والانتفاضات المتعاقبة والثورات. كما ان هناك مناسبات عالمية تهم البحرانيين ومنها اليوم العالمي للمرأة والطفل وحقوق الانسان ومكافحة التعذيب وحرية الصحافة والذكريات المرتبطة بفلسطين ومنها يوم القدس وذكرى النكبة. وفي هذه الأيام يستعد المواطنون للاحتفاء باليوم العالمي لمناهضة التعذيب في السادس والعشرين من هذا الشهر (26 يونيو)، وهو مناسبة عالمية يهتم بها نشطاء حقوق الانسان وضحايا التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الانسانية. ومنذ اكثر من سبعين عاما حظيت قضايا حقوق الانسان باهتمام دولي متميز تجسد بإصدار المواثيق الدولية التي تنظم هذه الحقوق ومنها الميثاق الخاص بالحقوق السياسية والثقافية والميثاق الخاص بالحقوق الاقتصادية ، وكذلك الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وقانون التعذيب Convention Against Torture (CAT) . ويعتبر التعذيب واحدة من أبشع ممارسات أعداء الإنسانية، فلا يمارسه إلا من انسلخ من الأخلاق والقيم واقترب من الحيوان المتوحش الذي لا يلتزم عادة بقيم او مواثيق. ونظرا لما تعرض له شعب البحرين من ما أسمته اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني) “التعذيب الممنهج” فقد ارتبطت صورة الخليفيين في أذهان السكان الأصليين (شيعة وسنة) بالتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الانسانية. فقد تعمقت هذه الممارسة في الخمسين عاما الأخيرة، وتصاعدت في التسعينات وبعد تفجر الثورة المظفرة التي ما تزال شعلتها متقدة حتى الآن، وستتواصل بعون الله حتى تتحقق حقوق الشعب والوطن.
يعتبر اليوم العالمي لمناهضة التعذيب فرصة لتسليط الضوء على معاناة الذين ذاقوا اصناف المعاملة الوحشية على أيدي الخليفيين المجرمين، والتي تصاعدت منذ ان استلم الضابط البريطاني المقبور، إيان هندرسون، منصب المدير العام للأمن العام في العام 1966. ومنذ ذلك الوقت ازداد الخليفيون توحشا، وأصبحوا يتلذذون بتمزيق أجساد المعتقلين السياسيين، مستخدمين أبشع الوسائل ومنها استخدام المخاريز الكهربائية (التي كانت آثارها واضحة على أجساد الضحايا منذ استشهاد الشهيد جميل العلي في مايو 1980) والفلقة والضرب المبرح على كافة الاطراف خصوصا المناطق الحساسة والتعليق من المروحة السقفية، واستخدام آلات الصعق الكهربائي والمكاوي التي تسلخ جلد الضحية، والحرمان من النوم وإبقاء المعتقل في غرف باردة في فصل الشتاء، ورش الماء البارد على اجسادهم. ولما لم تؤد تلك الوسائل لكسر إرادة البحرانيين مارس الخليفيون أساليب أخرى في مقدمتها الاعتداء الجنسي على الرجال والنساء، وهناك حالات كثيرة موثقة من بينها ما بتثته هيئة الاذاعة ا لبريطانية (بي بي سي) في ابريل من العام الماضي بعنوان: كسر الصمت. وجاءت منهجة التعذيب من خلال سياسات اضافية. اولها: التدريب على التعذيب خصوصا في اكاديمية الشرطة بمنطقة جو، التي أكد عدد من الضحايا تعرضهم للتعذيب في محيطها. ثانيا: تبني سياسية “الإفلات من العقاب” لحماية الجلادين سواء خلال خدمتهم او حتى بعد تركهم الوظيفة. فلم تسجل حالة واحدة تم فيها محاكمة أي جلاد بشكل عادل بحضور الضحايا في محاكمة علنية. ثالثها: ا ستقدام خبراء التعذيب من الخارج، ابتداء بهندرسون وبيل وشور، وصولا الى الجلادين من الأردن واليمن وباكستان. رابعها: انتهاج سياسة ثابتة لاخفاء آثار التعذيب خصوصا في السنوات الأخيرة، تارة باستقدام “خبراء” في مجال حقوق الانسان لاسداء المشورة حول كيفية إخفاء آثار التعذيب بوسائل حديثة، وأخرى باستقدام فرق من الدول الداعمة للخليفيين لإدارة مشروع التضليل والتشويش لاخفاء جرائم التعذيب وحماية ا لخليفيين من القضاء الدولي.
في هذا العام يعتزم نشطاء حقوق الانسان ورجال الميادين الاستفادة من اليوم العالمي لمناهضة ا لتعذيب من خلال القيام بخطوات عديدة من بينها ما يلي:
اولا: اعتبار السادس والعشرين من يونيو يوما لإطلاق صرخة استغاثة شعبية للعالم لانقاذ البحرانيين من براثن ا لوحوش الخليفيين. وهذا يقتضي تعبئة كافة الطاقات المتوفرة لإيصال أصوات الضحايا الى الجهات ا لمعنية، سواء الحقوقية ام السياسية، الحكومية وغير الحكومية، لإثبات حقيقة واحدة: ان الخليفيين مارسوا التعذيب على اوسع نطاق وقتلوا العشرات من البحرانيين في طوامير التعذيب بدون رحمة، وذلك من اجل كسر إرادة النضال لديهم ووقف حراكهم لنيل حقوقهم في تقرير المصير واختيار نظام الحكم الذي يريدونه.
ثانيا: تشجيع ضحايا التعذيب على توثيق حالاتهم بتفصيل ودقة وسرعة. فقد مضى على تعذيب بعضهم اكثر من عشرة اعواةم، بينما ما تزال معاناة بعضهم حديثة العهد، هذا برغم دخول “الخبراء” على الخط لمنع آثار التعذيب باساليب من بينها إنكار وجود الممارسة أصلا، ومنع أي شخص خارج السجن من رؤية الآثار. فمثلا تمنع زيارة السجين الذي تبدو آثار التعذيب واضحة على جسده، حتى تختفي. كما يتم تهديد بعضهم بالمزيد من التنكيل إن تحدثوا عن معاناتهم. المطلوب هنا البدء بالعمل لاصدار “موسوعة التعذيب” لتبقى شاهدة على الجرائم الخليفية ضد الانسانية لتصبح من أدلة الإثبات في أية محاكمة عادلة مستقبلية سواء امام القضاء المحلي بعد انتصار الشعب ام أمام القضاء الدولي برغم رفض الخليفيين التصديق على بروتوكولات روما المتصلة بمحكمة ا لجنايات الدولية. وهناك حث كبير للضحايا لتوثيق حالاتهم بوضوح وشجاعة من أجل وضع نهاية لهذه المعاملة الحاطة بالكرامة الانسانية.
ثالثا: السعي الحثيث لإنهاء سياسة “الإفلات من العقاب” بتسليط الضوء على الجلادين الذين يمارسون التعذيب بحق البحرانيين. وهذا يتطلب إعداد لوائح خاصة بهم وجمع معلومات وأدلة كافية لإعداد ملفات قضائية ضدهم. هؤلاء الذين مزقوا أشلاء المعتقلين بمباضعهم على مدى سنوات كثيرة ارتكبوا جرائم فظيعة ضد الإنسانية ولن يتوقفوا عن إساءة معاملة السجناء إلا برفع الغطاء السياسي الذي يوفره الطاغية وعصابته عنهم. وقد اعترفت العصابة الخليفية مؤخرا بممارسة التعذيب، وقالت إحدى مؤسساتهم الأسبوع الماضي ان “التعذيب انخفض بنسبة 70 بالمائة”. وهذا اعتراف رسمي بممارسة هذه الجريمة تحت إشراف الخليفيين. فهي تأكيد لأمرين: أولهما ان التعذيب مورس بنسبة 100 بالمائة وانه انخفض بنسبة 70 بالمائة، وثانيهما ان التعذيب ما يزال مستمرا بمستوى أقل من السابق حسب التصريح المذكور. المسؤول الاول عن التعذيب هو الديكتاتور وعصابته، بالاضافة للجلادين الذين يتلذذون بممارسته بحق معتقلي الرأي الذين يطالبون بتحول سياسي جذري في البلاد. لذلك هناك حث كبير على إعداد ملفات خاصة بكل من هؤلاء الجلادين، وما ارتكبوه وأسماء ضحاياهم، بالاضافة لاستحصال إفادات من هؤلاء الضحايا لتوثيق ما عانوه على أيدي هؤلاء الوحوش.
رابعا: مطلوب من النشطاء إعداد برامج توعوية بالمناسبة لتحقيق أمور عديدة: أولها: التعريف بالمناسبة، ثانيها: إعادة الثقة بإمكان تحقيق العدالة ومقاضاة مرتكبي جرائم التعذيب، ثالثها: تشجيع المواطنين على التصدي للعصابة الخليفية التي ارتكبت هذه الجرائم وما تزال توفر حماية لمرتكبيها، بل ترقية بعضهم والتصفيق لهم في كل مناسبة. رابعا: توثيق معاناة الشعب في ظل الحكم الخليفي بإعداد “موسوعة التعذيب” لتكون مرجمعا للأجيال القادمة وتعميق روح التصدي للظلم والاستبداد بلا هوادة. خامسا: الاستفادة من كافة الوسائل لترويج حق الشعب في تقرير مصيره واختيار نظام الحكم الذي يحترمه ويحفظ كرامته ويحميه من التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الانسانية.
والأمل ان يكون الاحتفاء باليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب منطلقا لعمل وطني واسع يهدف لمقاضاة الخليفيين والقصاص من المجرمين الحقيقيين الذين اعتدوا على شعب البحرين وانتهكوا كرامته وعذبوه بلا رحمة.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الإسلامية
10 يونيو 2022