بيانات حركة أحرار البحرين

كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟

وتستمر الاستدعاءات لمن يشارك في احتجاج او يعبر عن موقفه بشكل سلمي، وتتواصل معاناة المعتقلين السياسيين، ومعها آهات الأمهات والزوجات والعيال، ويتواصل الاضطهاد الممنهج للسكان الأصليين (شيعة وسنة). وبموازاة ذلك تتعمق خيانة التطبيع مع أعداء الأمة، والتصدي الشرس لأصدقاء البحرين وشعبها، بالتعاون مع المحتلين الذين استقدمهم الخليفيون الى مياه الخليج. كما يتصاعد الصلف الخليفي ووقاحة الطاغية ونجله وعصابته بمواصلة الانحراف السياسي المؤسس على الاستبداد والحكم التوارثي الظالم واستبعاد الأحرار والعزل السياسي والتمييز والتجنيس. فما هي عقلية “الإصلاحي” الكبير السائر على خطى أبيه؟ ما الذي تنطوي عليه إجراءاته الأخيرة، وهل هي مؤشرات إصلاح ام تأكيد للاستبداد والظلم والهيمنة الخليفية المطلقة؟ الأمل ان لا ينخدع أحد بحقيقة الحكم الخليفي ورموزه، وان يثق المواطنون بجدوى ثورتهم واحتجاجهم المستمر وأنهم يسجلون يوميا انتصارات حقيقية على المحتلين وأذنابهم. ثمة حقائق يجدر الاشارة اليها هنا، منها ما يلي:  

أولا: يخطيء من يعتقد ان بين العصابة الخليفية رجلا رشيدا او مصلحا او وطنيا او مخلصا للعروبة او الإسلام او الوطن او الشعب. فالفتى سر أبيه، وهل تلد الحية غير الأرقم؟ قال تعالى: والذي خبث لا يخرج إلا نكدا. فالظلم والاستبداد والفساد والعمالة والتكبر والحقد على البحرانيين الأصليين (شيعة وسنة) سمات ثابتة لعصابة الحكم التي يستحيل ان توافق على أبجديات الدولة الحديثة كالتعددية والتداول على السلطة واحترام حقوق الانسان، وكتابة دستور عقدي وليس مفروضا من طرف واحد، كما فعل حمد بن عيسى قبل 20 عاما. هذه الحقائق يدركها الشعب الواعي خصوصا الثائرين من أبنائه والمعتقلين الذين ذاقوا من العذاب ضعفين على أيدي الخليفيين المجرمين. وبعد ثورة 14 فبراير هيهات استسلام الشعب او استغفاله او التذاكي عليه بإجراءات محدودة هنا او هناك.   

ثانيا: ان رئيس الوزراء الحالي الذي عينه الطاغية وليّا لعهده، فشل بعد أكثر من عام ونصف في المنصب ان يظهر أي اختلاف في العقلية او نمط الحكم عن والده وأسلافه. بل زاد عليهم بخيانة الله والأمة وفلسطين، والاعتقاد بقدرة الصهاينة على حمايته وعصابته من غضب الشعب وإرادة الله وسننه. فلم يتخذ إجراء واحدا لإصلاح الفساد الذي مارسه أبوه وعمه من قبل. فبقي الأحرار وراء القضبان، بينما كان بإمكانه بجرة قلم واحدة ان يأمر بإطلاق سراحهم فورا بدون قيد او شرط، والاعتذار من الشعب الذي ارتكبت عصابته بحقه أبشع الجرائم، فهدمت مساجده وقتلت شبابه في الشوارع والسجون وأعدمت العديد منهم وعذبت بعضهم حتى الموت وسحبت جنسيات المئات منهم وأبعدت أكبر رمز ديني وسياسي في البلاد. فما الخير المرتجى ممن ازدادت غطرسته منذ توليه رئاسة الوزراء؟ ومن الذي يراهن على من يأمر جلاوزته باضطهاد المواطنين واستهدافهم أمنيا، وأمر قضاته بإصدار احكام السجن بحق الأطفال بلا رحمه.  

ثالثا: ان اجراءاته الأخيرة التي تسعى أبواقه لترويجها بأنها مؤشر لإصلاحاته، ومنها التشكيل الوزاري الفاشل الذي زاد عدد الوزارات وبذلك أرهق كاهل الدولة. فالشعب لا يهمه عدد “الوزراء” من ابناء الشعب خصوصا بعد جريمة التطبيع. فكل من ارتبط بالوزارة سيكون مطبّعا مع العدو، خائنا لقضية فلسطين. فكلما زاد عدد الوزراء من غير الخليفيين ازداد عدد عدد السائرين في ركاب الطغاة والمطبّعين والخائنين والمتسلقين والوصوليين. فالثوار الذين انطلقوا في 14 فبراير 2011 لم يكونوا مدفوعين باعتبارات مذهبية او طائفية او رغبات شخصية او فئوية، بل كان هدفهم بناء وطن متصالح مع نفسه، يتماسك أهله كبحرانيين أصليين بتعددهم المذهبي، وتحقيق مواطَنة متساوية وإقامة منظومة سياسية على أساس “صوت لكل مواطن”، وتوجيه البلاد لتحقيق سلام وطني وإقليمي ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية واحتضان قضية فلسطين ورفض الاحتلال. هذه الاعتبارات كانت وما تزال، وستبقى غائبة عن المشروع الخليفي الخائن الذي لا يستحق البقاء لحظة واحدة.  

رابعا: ان رئيس الوزراء، ولي العهد الخليفي، بإجراءاته الأخيرة، ومنها أيضا السماح بأداء الصلاة بمسجد الإمام الصادق في الدراز، بعث رسالة واضحة: هذا هو سقف “الإصلاحات” ولا يهمنا شعارات الشعب وممثليه ورموزه، ولا مطالبهم. لقد  حدد سلمان بن حمد السقف الأعلى لما سيقوم به بعد ان اصبح رئيسا للوزراء بتعيين من ابيه الذي هتف الشعب بسقوطه منذ اكثر من 11 عاما. لذلك فمن غير المجدي إطلاقا ان يظهر أحد الاستعداد لإعادة الشرعية للخليفيين بمطالبتهم بالحوار خصوصا انهم لا يؤمنون به وليس في قاموسهم سوى لغة الدم مع السكان الإصليين (شيعة وسنة). ان من الخطأ الكبير بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب إظهار أية رغبة في الاعتراف بحق الخليفيين في الحكم بعد ما ارتكبوه من جرائم. بدأت هذه الجرائم في اليوم الأول للثورة المظفرة عندما أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين وقتلوا أول شهدائها، علي عبد الهادي مشيمع. لم يكن لدى هؤلاء الطغاة سوى لغة  الرصاص والموت، ولم يفكر أي منهم في التحاور مع البحرانيين. وعندما أرغموا على التواصل مع جمعية الوفاق، نأوا بأنفسهم عن ذلك وبعثوا عبيدهم للجلوس على طاولة “الحوار”. فكان من الطبيعي ان تفشل تلك المبادرة، وتقنع الأحرار بضرورة قطع كافة العلاقات مع البيت الخليفي الذي يجب ان يحاكم رموزه بما ارتكبون من جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب  

خامسا: برغم سياسات التذاكي والهروب الى الأمام والتشويش والتضليل فكل ما يجري سواء من تصعيد أمني ام تكثيف للاستبداد انما هي مصاديق لانتصارات الشعب البحراني البطل الذي صمد في نضاله الممتد منذ مائة عام والذي يرفض التراجع او الاستسلام. فما من جيل شارك في ذلك النضال الا وشعر بكرامته وأنفته واستصغر الخليفيين واستقرت في نفسه آمال إسقاطهم. هذا النضال أرغم الطغاة مرارا إما على تقديم بعض التنازلات أحيانا (كما حدث بعد الاستقلال عندما وافقوا على كتابة دستور عقدي وانتخابات برلمانية اتسمت بشيء من النزاهة) او التراجع عن بعض الاجراءات القمعية التي تؤكد اضطهادهم البحرانيين (كما حدث هذه المرة بإلغاء قرار حل جمعية التوعية الإسلامية التي كانت منذ إنشائها صرحا إسلاميا شاهقا أغضب المحتلين وعملاءهم فسعوا لتدميره مرارا وفشلوا) او السعي لمسايرة الأغلبية الساحقة بتعيين عدد أكبر من  الوزراء ضمن تشكيلاتهم التي لم تنجح يوما. فقد بقيت العصابة الخليفية مرفوضة ومكروهة طوال العقود السابقة، ولا يكاد يمر يوم او ليلة بدون ان ترفع الأمهات أكفها مبتهلة إلى الله سبحانه وتعالى بأن يمحق المحتلين والظالمين ويدمر كيان الا ستبداد ويعيد الحق السليب إلى أهله.   

في ضوء الحقائق المذكورة يجدر بالشعب رفع رأسه عاليا، ومواصلة ثورته المظفرة بعون الله تعالى، واستسخاف الخطوات الخليفية البائسة، وتعميق الإيمان بحتمية النصر على الخليفيين المحتلين، وتأكيد رفض الخيانة، وان التطبيع خيانة وليس وجهة نظر، وان من العار مصافحة الخونة، وان الموقف الشرعي والوطني يقتضي مقاطعتهم والسعي لإبعادهم عن مواقع القرار لكي لا يورّطوا الوطن والشعب في المزيد من الجرائم والمغامرات التي ستنعكس وبالا على البحرانيين. مطلوب من المواطنين بمستوياتهم المتفاوتة تفويت الفرصة على العصابة الحاكمة، وعدم الاستماع الى المطبّلين والمرجفين، وان لا ينساقوا وراءهم لمدح الطغاة عندما يرغمون، نتيجة نضال الشعب وتضحياته، على التراجع عن سياسات إجرامية يستحقون المثول أمام قضاء عادل للاقتصاص القانوني منهم بسببها. لتكن البوصلة واضحة الاتجاه، ولتكن دماء الشهداء حاضرة دائما، وليبقوا في الذاكرة بدون انقطاع، وليرفض ضحايا التعذيب الخليفي نسيان معاناتهم. وليكن المثل العربي حاضرا في الأذهان: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟ 

  

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين  

حركة أحرار البحرين الإسلامية  

17 يونيو 2022

زر الذهاب إلى الأعلى