استقدام الأسلحة الإسرائيلية استفزاز خليفي ستدفع المنطقة ثمنه الباهظ
بلغ عهر آل خليفة ذروته بإعلانهم العزم على استقدام أسطول من الطائرات المسيّرة والصواريخ استعدادا لعدوان إسرائيلي على إيران فيما لو قرر العدو الصهيوني ذلك. ويعيد هذا القرار الى الأذهان ما فعله الخليفيون في العام 1986 عندما قرروا السماح بتنصيب صواريخ “ستينغر” الأمريكية على أرض البحرين. كان ذلك في ذروة الحرب العراقية – الإيرانية وتصاعد احتمال حدوث مواجهة بين امريكا وإيران بعد ان قررت واشنطن المشاركة في الحرب دعما لنظام صدام حسين. ودخلت امريكا الحرب فعلا في مطلع العام 1988، حيث قامت سفنها الحربية بمصاحبة السفن الكويتية الى خارج مياه الخليج. وتطور الأمر بعد ذلك بشكل خطير. ففي يوليو من ذلك العام خرج الطراد الأمريكي “فينسنت” من قاعدة الجفير البحرية وتوجه الى المياه الإيرانية وأطلق صاروخا أسقط طائرة أيرباص إيرانية كانت في طريقها من بندر عباس الى دبي. وقتل جميع ركاب الطائرة وعددهمم 290 شخصا. وبعدها عاد الطراد الامريكي الى قاعدة الجفير مرة أخرى. لم تقم إيران بردة فعل ضد العصابة الخليفية، وسرعان ما توقفت الحرب بعد اسبوعين من ذلك (يوليو 1988). ولا بد من الإشارة الى ان البحرين تعتبر مركز الأسطول الأمريكي الخامس الذي يعمل في مياه الخليج الذي يعيش هاجس الحرب نظرا لوجود القوات الاجنبية في مياهه.
وفي الشهور الأخيرة أقدمت العصابة الخليفية على خطوات غير مسبوقة، شبيهة بما فعلته قبل ثلث قرن، ولكنها أخطر. هذه المرة تمادى الخليفيون في إجرامهم وكثفوا دورهم لزعزعة أمن الخليج باستقدام قوات عسكرية إسرائيلية. وتعتبر الجمهورية الاسلامية هذا الإجراء “استفزازا” غير مبرر من قبل حكام البحرين، وبذلك وضع الخليفيون البلاد أمام خطر النزاع العسكري على غرار ما يجري اليوم في اوكرانيا. وقد أصدرت الخارجية الإيرانية مؤخرا بيانا عبّرت فيه عن قلقها البالغ إزاء هذا التصعيد الذي تعتبره أحد أسباب التوتر في المنطقة. فما المنطق من التحالف العسكري مع كيان غاصب ما يزال رسميا في حالة حرب مع العالم العربي. ولم يلغ تطبيع الخليفيين والاماراتيين علاقاتهم مع كيان الاحتلال حالة الحرب المستمرة منذ قيام الكيان الاسرائيلي قبل قرابة ثلاثة أرباع القرن. صحيح ان الخليفيين والاماراتيين ارتكبوا خيانة التطبيع مع العدو، ولكن ذلك لا يعني انتهاء قضية فلسطين التي كانت، منذ البداية، عنوانا لصراع تاريخي بين العالمين العربي والاسلامي من جهة، وكيان الاحتلال الاسرائيلي من جهة أخرى. حالة الحرب هذه مستمرة، يؤكدها العدوان الاسرائيلي شبه اليومي على الدول العربية. فسوريا تتعرض لعدوان إسرائيلي لا يتوقف يستهدف مواقع وقواعد عسكرية ويؤدي للقتل والتدمير. وتتعرض المناطق الحدودية الغربية من العراق لاعتداءات إسرائيلية متواصلة تستهدف تدمير معسكرات التدريب لبعض المجموعات المسلحة العراقية. ولبنان ليس بمنأى عن العدوان الصهيوني. وثمة تدخلات اسرائيلية من نوع آخر، من بينها التطبيع الذي قامت به الامارات والخليفيون، والتحالف مع انظمة قمعية في السودان وتونس، بالاضافة لعقد التحالفات العسكرية واقامة المناورات المشتركة.
أما التطور الأخطر فهو العمل الحثيث لتأسيس ما يسمى “الناتو” العربي الذي اقترحته امريكا والذي سيفرضه رئيسها جو بايدن خلال جولته الحالية في المنطقة. هذا التحالف العسكري المزمع له هدف معلن واضح: التصدي لإيران. وتطرح التساؤلات المنطقية حول هذا الادعاء وما اذا كانت الجمهورية الاسلامية حقا تمارس دورا توسعيا من خلال تدخلات عسكرية علنية او سرية. فالذي يمارس العدوان علنا مستخدما الطائرات والصواريخ والمسيّرات وكذلك وسائل الاختراق الالكترونية انما هو غير إيران. وليس سرا القول بان “إسرائيل” هي التي تمارس هذا الدور الذي يتوسع منذ ان بدأت تواجدها العسكري بمنطقة الخليج. وقد شهدت الشهور الستة الأخيرة تصاعدا في الاعمال العدوانية التي تستهدف إيران، ومنها الاغتيالات التي طالت عددا من العلماء والمهندسين وعلماء الدين والسياسيين، والتفجيرات والحرائق التي طالت منشآت مدنية كمراكز توليد الطاقة الكهربائية ومحطات الوقود وسواهما، كما استهدفت أنماط البنى التحتية الايرانية بهدف شل البلاد تدريجيا. كما تُستهدف إيران في مؤسساتها الاقتصادية التي تتعرض لحصار واسع تفرضه ادارة بايدن على الجمهورية الاسلامية. وقد تم تحييد المصارف الايرانية على نطاق واسع، وحرمت من التعامل مع النظام المصرفي الدولي، فلا تستطيع استخدام هذا النظام في التعامل التجاري مع الدول الاخرى كبيع النفط.
وهكذا يبدو المشهد مثيرا للقلق الشديد لدى المواطنين الذين ينتمون لثقافة الإيمان والحب والسلم ويرفضون العنف ويعشقون الخير. هؤلاء المواطنون يتعرضون للاضطهاد الداخلي على ايدي المحتل الخليفي كما يتعرض امن بلدهم للتهديد الخارجي بسبب سياسات طغاتهم المجرمين. ومنذ ان استقدم هؤلاء الطغاة الاسرائيليين بدأ القلق يهمين عليهم، وتضاعف هذا القلق بعد القرار الأخير باستقدام طائرات مسيرة وصواريخ اسرائيلية الى أرض البحرين. هذا الاجراء الخطير أعاد للاذهان قصة أوكرانيا وأزمتها، واصبحت هناك خشية من تكرر سيناريو الحرب في المنطقة. فقبل ثلاثة عقود حدث أمر مماثل عندما اجتاحت قوات صدام حسين اراضي الكويت ونجم عن ذلك حرب مدمرة لم تنته آثارها حتى الآن. صحيح ان الغربيين تدخلوا يومها لاخراج القوات العراقية من الكويت، ولكن من قال انهم قادرون على التدخل في كل مرة. ولعل من اسباب تدخلهم المباشر حالة العزلة الداخلية لنظام صدام حسين، ورفضه شعبيا. ولو كان ذلك النظام يحظى بدعم شعبه لوجد الغربيون صعوبة بالغة لإسقاطه. وعلى عكس ذلك الوضع كان الكويتيون ملتفين حول قيادتهم برغم المشادات بين الطرفين.
إنه لخطأ استراتيجي كبير ان يمد الخليفيون أرجلهم أطول من لحافهم، فهم أضعف من ان يلعبوا بالنار والحديد ويستفزوا أكبر دولة إقليمية يحظى نظامها بدعم شعبي واسع، وتمتلك من القوة العسكرية ما يردع القوى الغربية عن التدخل فيما لو حدث خلاف إقليمي. ان شعبنا يصر على سيادة بلده ويرى ان ما يهدد تلك السيادة انما هي السياسات الخليفية الاجرامية، وانهم يمثلون عصابة مجرمة مارست بحق الوطن والشعب ما لم يمارسه نظام خليجي آخر، ولذلك فقدوا شعبهم الذي هتف منذ انطلاق الثورة: الشعب يريد إسقاط النظام، ونادوا بسقوط الطاغية. وفي الاسابيع الاخيرة التي شهدت استمرار الحراك الشعبي تكررت هذه الهتافات، ونشرت صور كثيرة لعبارة خطها المشاركون في الشارع العام: يسقط حمد. لقد اصبحت المطالبة بسقوط هذا الديكتاتور مطلبا شعبيا ثابتا، لن يتنازل الشعب عنه، بل سيتواصل الحراك الوطني من أجل تحقيق تحول سياسي ينهي هذه الحقبة السوداء من الحكم الخليفي البائس الذي أتى على الاخضر واليابس وعرّض الوطن والشعب لأخطار كبيرة، واستدعى أعداء الأمة ليدنسوا ارض أوال الطاهرة وليستعين بهم لقمع شعبنا المضطهد. والأمل ان يظهر”رجل رشيد” من الععصابة الحاكمة يتمتع بالشجاعة ويرفع الراية البيضاء ويسلم السلطة للشعب. ربما كان هذا خيالا بعد عقود من الظلم والاستبداد والعمالة والصلف، فكان من نتائج ذلك انغماس الطاغية وعصابته في الفساد والعمالة والخيانة، ولكن من الأحلام ما يمكن تحققه. فان لم يحدث ذلك فستجري سنة الله الثابتة ويسقط الجبارون والظالمون والمعتدون والخائنون، وما ذلك على الله بعزيز
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
15 يوليو 2022