المشاريع الزائفة لن تنقذ الطغاة من غضب الشعوب، وسيفشل مشروع انتخاباتهم الزائفة
هناك شبه إجماع بين فصائل المعارضة البحرانية ليس لمقاطعة الانتخابات الخليفية فحسب، بل لإفشاله وحرمان العصابة المجرمة من الاستفادة الدعائية منها. فالانتخابات ليس غاية في ذاتها، بل وسيلة لتحقيق إرادة الشعب في حكم بلده وصنع قراراتها كافة. بينما سعى الخليفيون منذ قرابة نصف قرن لحرمان الموطنين من حقهم السياسي. فأقدموا على حل أول مجلس وطني منتخب بعد الاستقلال وعلقوا مواد الدستور التي تنظم الممارسة الانتخابية. وبعد ربع قرن من ذلك ألغوا ذلك الدستور الذي كان يعبر عن جانب من الإرادة الشعبية، واستبدلوا بدستورهم الخاص الذي يعبر عن إرادتهم ورغباتهم ويحمي حكمهم الجائر. ومنذ اغسطس 1975 قرر الشعب مقاطعة كافة الوجوه السياسية للخليفيين، بما في ذلك انتخاباتهم الصورية. وفي ما عدا فترات قصيرة اثبتت لاحقا عدم جدوها كان الموقف الوطني حاسما. وسيكون هذا الموقف كذلك هذه المرة. فلن يقبل الشعب البحراني الذي قدم قوافل من الشهداء من اجل نيل حريته وحقوقه ان يكون أداة لإصادر شهادات زور بحسن سلوك الحكم وهو يعلم ان الخليفيين شر مطلق وكيان جائر مؤسس على الجريمة والظلم والنهب والعمالة والخيانة، وانه مسؤول عن قتل مئرات البحرانيين طوال أغلب حقبة ما بعد الانسحاب البريطاني من الخليج في العام 1971.
هذه المرة لن يختلف الموف الشعبي الذي قاطع الانتخابات السابقة والتي قبلها، فهو لا يريد انتخاب أشخاص يحوّلهم الطاغية وعصابته الى عبيد يمسحون قاذرواته ولا يستطيعون ممارسة القدر الادنى من حرية التصرف او الاعتراض على جرائم الخليفيين. فمثلا ارتكب هؤلاء في الاسابيع الاخيرة جرائم عديدة بحق البحرانيين، فهل يستطيع اي من اعضاء مجالس الطاغية ان ينطق بكلمة مخالفة لما يريد؟ هل يستطيع اي وزير عينه الطاغية في التشكيلة الحكومية الاخيرة ان يعترض على سياسااته التي تضطهد الاغلبية الساحقة من ابناء الوطن؟ هل يستطيع اي من هؤلاء المطالبة باعتقال القوات الا منية الخليفية التي اعتدت على شعائر عاشوراء وازالتها من مناطق عديدة؟ هل يمكن لأحد من هؤلاء ان يطالب سادته الذين تفضلوا عليه بتعيينها خادما برتبة وزيار ان يطرح في اجتماعات مجلس العبيد (الوزراء) اقتراحا بالافراج عن المعتقلين السياسيين الذين يعتبر سجنهم تعسفيا وبالتالي فهو احدى الجرائم ضد الا نسانية؟ هل سيتحلى أحدهم بشيء من الشجاعة فيتصدى للطاغية ونجله الذين يديرون اجهزة الامن ويطالبونهم بالتوقف عن استهداف عقائد الغالبية الساحقة من الشعب وان لا يتعرضوا بالاذى لمن يشارك في اغنية دينية مثل “سلام أيها القائد”. ان من رضي بان يكون جزءا من آلة الظلم الخليفية لن يهمه ما يعانيه المواطنون خصوصا في مجالات الاضطهاد الديني والسياسي، وكذلك في تحديد هوية البلاد وانها عربية مسلمة تنتمي لهذه الامة وترفض الخروج على ثوابتها؟ لن يفعل أي منهم شيئا من ذلك.
المواطنون البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) لا يبحثون عن مناصب شرفية تقتصر اهميتها على تسمياتها واعدادها، بل يريدون ان يمارسوا السيادة حقا، وذلك من خلال اختيار النظام الذي يناسبهم وكتابة دستور يعبر عن ذلك ويديرون بلدهم بحكومة ينتخبوها ولا يفرضها أحد عليهم. البحرانيون ليسوا براميل نفط، ولا بهائم همها العلف والمادة، بل لديهم كرامة وتطلعات وحقوق ترتبط بالحرية والانتماء والتجمع والتعبير عن الموقف بدون خشية من بطش حاكم متجبر. يسعى البحرانين لانتخابات قائمة على اساس دستور يكتبونه وليس مفروضا عليهم كالدستور الخليفي الحالي الذي استبدل الطاغية به دستور الشعب للعام 1973. شعبنا يتطلع لتحول بلاده الى واحة من الأمن والسلم والتنمية والازدهار والتحضر الحقيقي. فهو لا يؤمنم ان الحضارة والتمدن محصوران ببناء العمارات الشاهقة التي يملك اغلبها افراد العصابة الخليفية، او بتشكيل مؤسسات صورية هدفها مسح قاذروات الطاغية وعصابته، بدلا من الدفاع عن الشعب وذرء الأخطار عنه. انه لا يريد دستورا يمنح الطاغية وعصابته 99 بالمائة من القوة، ولا يقبل بمنظمات صورية هدفها التصدي لنشطاء حقوق الانسان البحرانيين والتواصل مع الخارج للنيل من مصداقيتهم، او إقرار الاعتقال التعسفي لآلاف من المواطنين ومن بينهم سياسيون ونشطاء حقوقيون لم يرتكبوا جرما وفق تعريفات القانون الدولي. شعبنا اعلن ثورته في 14 فبراير 2011 وقال كلمته الحاسمة: الشعب يريد إسقاط النظام، وذلك بعد عقود من الجمود والاضطراب والقمع والتعسفي والفساد والنهب والعمالة والمتاجرة بسيادة البلاد. ولذلك لن يقبل باقل من ذلك مهما حاول الخليفيون ومهما سعى داعموهم في واشنطن ولندن لتلميع صورتهم او توفير الدعم الامني لحكمهم الجائر المرفوض شعبيا.
في الشهور القليلة المقبلة التي يسعى الخليفيون فيها للترويج لما يريدون تسويقة بهدف تضليل العالم بان لديهم مشروعا اصلاحيا وانتخابات حرة وبرلمانا فاعلا ومؤسات مجتمع مدني مستقلة، سيظهر المزيد من جرائهم بحق الوطن والشعب، وستبدو المفارقات أكثر وضوحا بين دعاواهم الزائف وواقعهم المر. فالاعتقالات مستمرت بدون توقف، وأحكامهم الجائرة بحق الأبرياء تصدر تباعا، وتجاهلهم مطالب الشعب بإصلاحات جذرية تتحداهم فيقابلونها بالتجاهل، ويستبدلونها بدعاوى فارغة يستخدمها داعموهم في واشنطن ولندن لتبرير دعمهم غير الأخلاقي او القيمي لاستبدادهم. يفترض ان يدرك اولئك الداعمون استحالة تحسين اوضاع حقوق الانسان في ظل الاستبداد القبلي المتوارث، ولكنهم يتشبثون بمقولات حقوق الانسان لتبرير تقاعسهم عن دعم الإصلاح في العالم العربي بشكل خاص ودعمهم انظمة الاستبداد والقمع. فلديهم أجندة جديدة -قديمة تقضي بدعم كيان الاحتلال الاسرائيلي الذي تشكل في ذروة الاستعمار بلا حدود، وهذه احدى كوارث القرن العشرين، وإحدى الجرائم التي ساهمت في وصول أوضاع العالم العربي الى ما هي عليه الآن. فالسجون مزدحمة بالأبرياء، والتعذيب مستمر بدون رحمة، وكذلك الإعدامات. يضاف الى ذلك تنامي ظاهرة الفساد المالي والإداري، وتراجع الحريات العامة، وتسطيح ثقافة الجيل الناشيء في ظل هيمنة ثقافة الاستهلاك والابتعاد عن الفضاء العام.
شعبنا البحراني البطل يتميز دائما بالتزامه المبدئي سواء تجاه دينه ام وطنه ام امته ام فلسطين، ويمكن القول انه بقي الشعب الوحيد الذي استمر في خوض معركة الحريات والحقوق طوال الاثني عشر عاما الأخيرة. فهو يعلم ان القبول بنصف ثورة ستكون له آثار كارثية، ولذلك يرفض القبول بأقل من التغيير الشامل في بلده. ينظر الى تونس فيرى ما نجم عن سياسة القبول بالفتات، وكيف ان قوى الثورة المضادة استطاعت خداع الجماهير الثائرة وجرها للقبول بحل جزئي سرعان ما انتهى مفعوله، وعاد الى الحكم نسخة مشوهة لنظام الحكم السابق. فها هو قيس سعيد يصادر إرادة الشعب ويحل الدستور والبرلمان، ويبدأ مشوار التنكيل بالمعارضين خصوصا من التيار الاسلامي. أليس عارا ان يجر شرفاء الوطن الى المعتقلات بدعاوى زائفة كالشيخ راشد الغنوشي وحمادى الجبالي؟ ويمارس الحاكم العسكري في السودان سياسات خطيرة لفرض الاستبداد وجر البلاد الى مستنقع التطبيع مع العدو، ولكن ثورة الشعب السوداني ستفشل ذلك المشروع بعون الله تعالى. لقد تفاقمت محن شعوبنا العربية بشكل خاص نظرا لتعملق الاستبداد المتحالف مع أعداء الأمة خصوصا محتلي فلسطين. ولكن نضال شعوبنا لن يتوقف، وسينتصر أهل الحق على أهل الباطل، وسوف تستعيد هذه الشعوب دورها المسلوب برغم أنف قوى الظم والاحتلال والاستبداد. وستنكشف بذلك اساليب التضليل وتزييف إرادة الشعوب وستظهر حقيقة عصابات الحكم التي تتظاهر بغير ما تؤمن به او تمارسه، فالنصر حليف المظلومين ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
22 يوليو 2022