جائزة دولية للسنكيس، وتقارير تدين الخليفيين واتتخابات فاشلة
شهد الاسبوع المنصرم تطورات عديدة على المشهد المرتبط بالبحرين في الداخل والخارج. وليس من ا لمتوقع ان يشعر الخليفيون بالسعادة إزاءها، فهي بمجملها تدينهم كنظام قمعي متخلف لا يستحق البقاء حاكما على شعب يفوقهم أصالة وثقافة وتحضرا.
أولى هذه التطورات منح مناضل وطني شامخ جائزة دولية لسبب واحد: أنه “مناضل شجاع” برغم وجوده خلف القضبان منذ اثني عشر عاما. ففي مساء الأثنين الماضي 10 أكتوبر، وفي قاعة المكتبة البريطانية التي تعتبر كبرى المكتبات في أوروبا الغربية، أعلن رئيس منظمة “القلم البريطانية” منح “جائزة بينتر 2022” لهذا البطل البحراني تقديرا لجهوده المتواصلة وضموده، وملآت صورته المألوفة وفمه مغطى بملصق لتأكيد غياب حرية ا لتعبير في البحرينن جوانب القاعة المهيبة، كما كانت معروضة على شاشة التلفزيون في مقدمة القاعة. وبالنيابة عنه ألقى السيد احمد الوداعي كلمة معبرة باللغتين العربية والانجليزية. وخلال الالقاء صفق الحاضرون كثيرا، معبّرين عن تقديرهم للدكتور عبد الجليل السنكيس الذي وصفوه بالشجاعة الفائقة، برغم إعاقته وظروف سجنه. وسلطت الكلمات التي ألقيت ا لضوء على ما ناله من تعذيب في العامين 2011 و 2012. فقبل الثورة المظفرة انشاء الله اعتقل الخليفيون مجموعة كبيرة من المواطنين بدون ان يكون هناك سبب منطقي، بلغ عددهم حوالي 500 شخص، كان الدكتور السنكيس في مقدمتهم مع آخرين مثل الشيخ محمد حبيب المقداد والشيخ سعيد النوري وسواهم. الجائزة التي منحت للدكتور السنكيس تكشف عمق الخسارة الكبرى للعصابة الخليفية التي ستتضاعف خسائرها السياسية والاخلاقية كلما استمرت باعتقال أبطال الوطن. وكان الاستاذ عبد ا لهادي الخواجة قد منح قبل عامين جائزة دولية أخرى مماثلة. ويتوقع استمرار منح أبطال البحرين وممثلي شعبيها الشرعيين جوائز دولية أخرى ليؤكد مانحوها عمليا وقوفهم مع الشعب في مواجهة هذه الطغمة المجرمة. فنبارك للدكتور السنكيس وعائلته هذا الانجاز الكبير الذي يعتبر انتصارا معنويا ساحقا على السجانين والجلادين.
الثانية: إصدار منظمتي هيومن رايتس ووج والعفو الدولية تقريرين حول الأوضاع المزرية لحقوق الانسان في ا لبحرين، ويعتبران وثيقتين دامغتين أخريين ضد الجرائم ا لخليفية المستمرة بحق شعب البحرين المظلوم. إن إصدار منظمة حقوقية دولية تقريرا حول انتهاكات حقوق الانسان في البحرين ليس أمرا جديدأ، بل انه النمط المألوف في العقود الأخيرة، بعد ان تحول الخليفيون إلى وحوش كاسرة تمتص دماء الآدميين وتنهش أجسادهم. فقبل ربع قرن أصدرت منظمة هيومن رايتس ووج تقريرها عن البحرين بعنوان: انتهاكات روتينية وإنكار روتيني، يصف ما كان يجري في السجون الخليفية إبان الانتفاضة التسعينية المباركة. وما تزال هذه التقارير تصدر حتى الأن. وقبل صدور التقرير المشترك من منظمتي “بيرد” و “هيومن رايتس ووج” الأخير كان الأمين العام للامم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، قد أصدر تقريرا ذكر البحرين بشكل خاص كبلد تنتهك فيه الحريات على نطاق واسع. كان ذلك كافيا لأرغام الخليفيين على سحب ترشحهم لعضوية مجلس حقوق الانسان، لانه كان فضيحة مدوّيّة وصفعة قاسية غير مسبوقة. حدث ذلك برغم الأموال التي ينفقها التحالف الشرير لقوى الثورة المضادة لشراء الضمائر والمواقف، والترويج المضلل لأنظمة الاستبداد في السعودية والامارات والبحرين. فلم تغد معاناة شعب البحرين ومناضليه خافية على أحد، ويكفي ذكر أكثر من ألف سجين سياسي في الوقت الحاضر قضى أغلبهم قرابة اثني عشر عاما وراء القضبان لأنهم عبّروا عن مواقفهم بأساليب سلمية ودعوا للتحول الديمقراطي وأنهاء حكم العصابة المجرمة,. تقرير منظمة هيومن رايتس ووج المشترك مع منظمة “بيرد” وكذلك ما صدر عن منظمة العفو الدولية تؤكد جميعها الجرائم الخليفية المتواصلة بحق شعب البحرين. هذه التقارير تؤكد ان شعب البحرين خط تاريخه الجديد بدماء ضحاياه، ولن يقبل بأقل من سقوط حكم آل خليفة المجرم.
ثالثا: لم يعد سرا ان مشروع الانتخابات الخليفية فشل قبل ان يبدأ، لأسباب عديدة: اولها: ان المجالس الناجمة عن تلك الا نتخابات الصورية ليست حرة أبدا، بل أصبحة آلية لإقرار قرارات مجلس الطاغية واوامر خالد بن أحمد وأحمد عطية الله والمشير. ثانيها: أن هذه المجالس لم تتطرق يوما لمعاناة الشعب البحراني الأصلي (شيعة وسنة) وفي مقدمتها الحرمان والتمييز والتجنيس السياسي والتنكيل. فلم يتطرق مجلسهم لجرائم التعذيب التي لم تتوقف، كما لم يمتلك ا لشجاعة لرفض الخيانة الخليفية لفلسطين، كما فعل مجلس الأمة الكويتي الذي وقع أعضاؤه بيانات تجرّم التطبيع جملة وتفصيلا. هذه المجالس مشروع للفساد والإفساد، لا يدخلها الا الفاسدون الباحثون عن الطرق القصيرة للحصول على نصيب من المال الذي ينهبه الخليفيون من جيوب البحرانيين ليشتروا به ضمائر المرتزقة والانتهازيين والمتسلقين. ولذلك قاطعها عشرات الآلاف في الدورات السابقة، وسيقاطعها عدد أكبر هذه المرة. ويعلم الطاغية وعصابته ان استخدامها كوسيلة لقمع الشعب والمعارضة أصبح أداة كليلة لا تحقق ما يرمي إليه. ولذلك أصدر قرارات جائرة لتحجيم مقاطعتها من قبل الشرفاء الأحرار. وآخر قراراتهم ما أعلنه أحد أبواق النظام هذا الأسبوع: أخبار الخليج: الحبس والغرامة عقوبة التحريض على عدم المشاركة بالانتخابات. فهل يعقل ان يكون هناك قانون في بلد يدعي الديمقراطية يعاقب من يعبر عن رأيه في ا لانتخابات او يدعو لمقاطعتها بالسجن (وربما التعذيب) والغرامة المالية؟ فأين هي حرية التعبير التي كرر رموز الحكم الحديث عنه؟ وهكذا تحول مشروعهم الى أداة للقمع والاضطهاد، فلا رأي إلا ما يقوله الطاغية وما تروجه أبواقة، ولا حل الا ما “يتفضل به جلالته”. شاهت الوجوه والخزي والعار لمن يضطهد الشعب وينكل بأبنائه ويسعى لتغيير تركيبته ويفضل الأجانب على المواطنين الأصليين ويعتمد في وجوده على ا لاجانب. انتخابات الحكم ا لخليفي هذه المرة لن تختلف عن سابقاتها، ولا تمثل حلّا للأزمة التي تعيشها البلاد منذ عقود. من المؤكد انها ستُجرى في موعدها المحدد، ولكن ما جدواها؟ وما أثرها على الشعب الذي يعتقد قطاع كبير منه بان العلاقة مع الخليفيين انقطعت تماما بعد ان قرروا استئصال السكان الاصليين تارة بالتجنيس السياسي لاستقدام شعب آخر، وأخرى بالسجن وثالثة بالتعذيب ورابعة بالاعدام، وخامسة بالحرمان الاقتصادي وخامسة بالتحالف مع أعداء الأمة ضد الشعب.
في ظل هذه التطورات تتأكد حقيقة ثابتة منذ انطلاق ثورة 14 فبراير: ان مستقبل العلاقة بين الطرفين لن تكون كماضيها، وان الشعب يسعى لتحقيق تغيير جوهري في المسار السياسي للبلاد، ضمن مشروع إعادة تأهيل ا لبلاد لتنمية مستدامة ومشروع حريات شامل وتكريس انتماء حقيقي للوطن والأمة وفلسطين، وتفعيل منظومة سياسية جديدة تقوم على خيار الشعب وإرادته وترفض وصاية الخليفيين وداعميهم على البحرين. هذا يعني ان طريق النضال سيتواصل بدون توقف، ومن ذلك العمل لتوسيع دائرة المقاومة ا لمدنية ضد الحكم الخليفي من أجل إسقاطه، والاحتفاء بالذكريات الوطنية ذات الأهمية ومن بينها الذكرى العاشرة لإسقاط الجنسية عن أول دفعة من البحرانيين وعددهم 31 مواطنا. كما سيواصل الاحرار وقفاتهم اليومية لضمان تحرر الرهائن البحرانيين من المعتقلات الخليفية، ويقاطعون المشاريع السياسية للطاغية وعصابته ومنها انتخاباتهم الصورية الفاشلة. ولن ينسى البحرانيون شهداءهم الأبرار الذين أزهق الخليفيون أرواحهم ظلما وعدوانا. إنه حراك متواصل بدأة الاجداد، وسار عليه الآباء وضحى على طريقه الأبناء، فطوبى لهذا الشعب الذي لا يكل ولا يمل ولا يستسلم ولا ييأس من حتمية التغيير لحظة واحدة.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
14 أكتوبر 2022