رهان خليفي فاشل على زيارة البابا والانتخابات الصورية، والشعب يقول: صمود
يراهن طغاة البحرين على ما سيحققونه خلال هذا الشهر (نوفمبر) من “إنجازات” سياسية لاستخدامها ضد الشعب البحراني المظلوم، وذلك بعد ان فقدوا كافة أساليب التضليل والتشويش على الحقائق ولم يستطيعوا إقناع احد ذي شأن ومصداقية بشرعية سياساتهم او عدالتها او انسجامها مع قيم الحق والعدل والديمقراطية. ويكفيهم عارا تصنيف مؤسسة “فريدوم هاوس” في آخر تقاريرها عو دول العالم، بأن البحرين في ظل حكمهم “غير حرة”، ولم يستحقوا، في نظر المؤسسة، سوى 12 بالمائة في مجال الحرية والديمقراطية و29 بالمائة في مجال حرية الانترنت. فعلى ماذا يراهنون إذن بعد ان قالت كبرى المؤسسات ا لبحثية والرقابية كلمتها حول نظام حكمهم؟ ومن هم المستهدفون بالدعاية المضللة التي يسخون الاقلام لترويجها حول “أنجاواتهم”؟ أهم الرأي العام المحلي؟ لقد انشطر هذا الرأي العام ويزداد استقطابا بين السكان ا لأصليين (شيعة وسنة) وعملاء الخليفيين؟ أهو الداعمون في الإقليم؟ هؤلاء لا يحتاجون لاثبات إي شيء إيجابي، بل ان الإيجابية التي يريدها العالم يرفضها هؤلاء لأن انظمتهم لا تختلف عن الحكم الخليفي في طبيعته وقمع وشراسته، أهم الداعمون الغربيون؟ الحكومات المعروفة بدعمها الاستبداد ا لخليفي لا تبحث عن “إنجازات” خليفية لعلمها أنهم غير قادرين على تحقيق شيء إيجابي في مجالات الحرية وحقوق الإنسان، وإنما تؤسس مواقفها وسياساتها على المصالح الآنية وليس على المباديء والقيم.
من هنا فما يحاول الخليفيون إنجازه لن يرضي الشعب لانه سطحي وهامشي ومفتعل وليس به محتوى قيمي أو إنساني، ويهدف بمجمله لتوفير مصادر دعم سياسي وأمني لنظام مهتريء يرفضه شعبه ويعاني من عزلة نفسية وسياسية وأخلاقية. ومن تلك المحاولات اليائسة ما يلي:
أولا: زيارة البابا للبحرين تم التخطيط لها منذ زمن، وأحيطت بسرية مطلقة لكي لا يتم إفشالها، ولم يُعلن عنها إلا مؤخرا عندما لم تبق سوى بضعة أسابيع على توجه بابا الفاتيكان للبحرين. انها زيارة مفتعلة، بلا معنى او هدف نبيل، وقد أخطأ من أشار على قداسة البابا بالموافقة على الدعوة لزيارة بلد ليس فيه ما يستدعيها. مفهوم ان يزور البابا العراق مثلا، فهناك مرجعية دينية قادرة على دعم الحوار بين الأديان، وتتمتع بحرية الحركة والقرار بعيدا عن إملاءات الحكم. كما ان زيارة مصر هي الأخرى منطقية نظرا لوجود الأزهر وما يمثله من مرجعية دينية. أما زيارة البحرين فليس لها مبرر ديني إطلاقا خصوصا في هذه الظروف. فلو كان علماء الدين الذين يمثلون الغالبية الساحقة في هذا البلد يتمتعون بالحرية والاحترام لربما كان هناك مبرر للزيارة. ولكن الواقع غير ذلك. فعالم الدين البحراني الكبير، سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، منفي من البلاد قسرا، وقد سحبت جنسيته وقتل ستة شباب على أعتاب منزله قبل خمس سنوات فحسب. فهل جعل البابا شرطا لموافقته على الزيارة مقابلة سماحة الشيخ بإرجاعه من المنفى والاعتذار له وإعادة جنسيته؟ هل طالب البابا بالإفراج عن علماء الدين المرتهنين لدى مضيفيه بعد ان تعرضوا لأبشع أصناف التعذيب والتنكيل؟ الخليفيون استبقوا الزيارة بخطوة متواضعة جدا، بإعادة فتح جمعية التوعية الإسلامية بدون مقدمات، وذلك في شهر يونيو، أي بعد تأكد الزيارة بدون الإعلان عنها. وسمحوا بعودة صلاة الجماعة بمسجد الصادق (ع) في الدراز، ولكن ماذا عن جمعية الرسالة الإسلامية؟ وماذا عن المجلس العلمائي؟ وماذا عن الاضطهاد الممنهج للغالبية الدينية الساحقة من المواطنين؟ كان هناك توقع بان تراعى مستويات عليا من المسؤولية الدينية والأخلاقية قبل اتخاذ قرار الزيارة التي تأكد ان الطاغية يسعى لاستغلالها لتلميع صورته الكالحة التي ارتبطت بالاضطهاد والسجن والتعذيب والإعدام.
ثانيا: لم يوفر الحكم الخليفي جهدا للترويج لانتخاباته الصورية المزمع إجراؤها هذا الشهر (نوفمبر).
فقد سخر كافة الوسائل الإعلامية والسياسية لرفعها شعارا لتبرير استمرار حكمه الاستبدادي، محاولات التغطية على ذلك الاستبداد والطغيان والاضطهاد والديكتاتورية. وسعى لفرض ادعائه بـ “الديمقراطية” في الوقت الذي يعرف الشعب والعالم ان الحكم الخليفي نظام استبدادي توارثي قبلي لا ينتمي في جوهره لقيم الدولة الحديثة ومنظومة الحكم التي يفترض ان تؤسس على دستور يكتبه الشعب وتوافق وطني كامل. انتخابات الخليفيين تهدف لامور عدة. فبالاضافة للدعاية الاعلامية، فإنهم يهدفون لإشراك بعض العملاء في قراراتهم التعسفية لكي لا يوجه الاتهام لهم فحسب. فما يسمونه “برلمانا” لا يعدو كونه تجمعا لحفنة من أربعين حرامي يأتمرون بأمر الطاغية ويتخلون عن شعبهم ومعاناته، ويسايرون الخليفيين في التطبيع والخيانة والفساد. لذلك نأى شرفاء البلاد عن المشاركة فيها وأعلنت الجمعيات السياسية وفي مقدمتها الوفاق مقاطعتها وحثوا المواطنين على الامتناع عن التصويت والترشح. ومن المؤكد ان هناك انتهازيين ووصوليين ومتسلقين يعلمون ان غياب ممثلي الشعب الحقيقيين قد وفر فرصة لهم للوصول الى مجلس خدمة السلطان، وضمان رواتب عالية منهوبة من اموال الشعب التي صادرها الطاغية وعصابته. هذا لن يغير من الحقيقة شيئا. فالحكم الخليفي جائر وظالم بدون حدود، فاقد للشرعية الشعبية والدستورية، ومعتمد في وجوده على الدعم الأجنبي. أنه خارج على إجماع الأمة حول قضية فلسطين، والانتماء لأمة العرب والمسلمين، والتماهي مع الشعب واحترام الإنسانية والحفاظ على سيادة البلاد. ان الانتخابات المزمعة لن تختلف عن سابقاتها التي لم تحقق للطاغية وعصابته ما فقدوه منذ ان شنوا عدوانهم على البلاد والشعب وسجنوا وعذبوا وقتلوا وهدموا المساجد. انها انتخابات فاشلة قبل ان تبدأ، ولن ينجم عنها ما يضفي شرعية لنظام فقدها منذ زمن، ولن يستطيع استعادتها، بل عليه ان يسلم السلطة للشعب.
ثالثا: ان الشعب فقد ثقته في قدرة ا لخليفيين على الحكم وإدارة شؤون البلاد خصوصا في الجانب الاقتصادي. فارتفاع الاسعار وظاهرة الغلاء وتلاشي فرص التوظيف وارتفاع مستوى البطالة ونسب الفقر، كل ذلك جعل الخليفيين قلة مرفوضة، وسترتكب المزيد من الإجرام إن لم تسلم السلطة للشعب لكي يدير شؤونه بما ينسجم مع مصالحه. فبدلا من العودة الى الشعب والاستثمار في المجالات الانتاجية التي تخفف أعباءه المعيشية، هرع الطاغية لعقد صفقة زراعية مع العدو الصهيوني ووقع اتفاقيتها بميناء إيلات على البحر الأحمر بحضور مسؤول إماراتي. ويتوقع في إثر ذلك ان يستقدم الخليفيون عناصر إسرائيلية للإشراف على الزراعة في البحرين، والاختلاط مع الفلاحين البحرانيين الذين يرفضون التطبيع ويدعمون الشعب الفلسطيني. فحتى المجال الزراعي لم يسلم من جريمة التطبيع، الأمر الذي يضاعف الأزمة في هذا البلد المبتلى بعملاء متصهينين الى النخاع. مع ذلك يجدر الإشادة بموقف المزارعين البحرانيين الذين يرفضون التطبيع ويصرون على إعمار الأرض برغم الإمكانات المتواضعة المتوفرة لديهم.
رابعا: برغم الجهود الخليفية للتضليل والتشويش والتعتيم ثمة تفاعل دولي مع شعب البحرين. فبعد فشل الطاغية وعصابته في الترشح لعضوية مجلس حقوق الانسان في إثر تصريح الأمين العام للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الانسان في البحرين، طرح بيانان مهمان حول معاناة البحرانيين: أولهما امام البرلمان الاسكوتلاندي وثانيهما امام البرلمان البريطاني، وكلاهما يشجب السياسات الخليفية في مجال حقوق الانسان، خصوصا أحكام الإعدام المؤسسة على اعترافات منزوعة تحت التعذيب. ويطالب هذا البيان الحكومة البريطانية بوقف الدعم المالي للمؤسسات الحكومية التي أنشئت للدفاع عن الخليفيين في المحافل الدولية. كما صدر تقريران عن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووج، حول ما يعانيه البحرانيون في طوامير التعذيب الخليفية. وهكذا يتضح فشل مؤسسات “كوانجو” التي أنشأها النظام ويموّلها من ثروة الشعب المنهوبة، فلم تحقق أي نجاح في مجال حماية الجلادين.
إنه فشل حقيقي لعصابة ترتدي لباس الحكم وتتجلبب بالتذاكي لتضليل العالم وإخفاء الحقائق والتشويش على المشهد الداخلي الذي لم تغب عنه الاحتجاجات والمظاهرات اليومية المطالبة بالتغيير وإطلاق سراح السجناء السياسيين. البحرين تقف على مفترق طرق، فإما استمرار نظام التعذيب والاضطهاد والعمالة او انتصار إرادة الشعب وتحرير البلاد من هذه الطغمة الفاسدة. وإن غدا لناظره قريب.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
28 أكتوبر 2022