شعب البحرين يرفض الانتخابات ويسعى لإفشال المشروع الخليفي
أصبح واضحا ان الانتخابات الخليفية هذه المرة ستكون باهتة وفاشلة وخاوية، ولن يكون لها أثر إيجابي للسمعة الخليفية التي تزداد سوادا بمرور الزمن. وقد فشلت كافة أساليب التضليل في تغيير تلك الصورة. وهل هناك دليل على ذلك أوضح من الفضية السياسية والإعلامية التي أنجتها تصريحات البابا في محضر الديكتاتورين الخليفيين، حمد ونجله؟ هل أنه أمر معتاد ان يواجه الضيف مضيفيه بهذا الطرح؟ فما سبب ذلك؟ لقد طفح السيل وفشل الخليفيون في إخفاء جرائمهم بشكل فاعل، وفشلت كافة أساليبهم ا لتضليلية بما في ذلك مؤسساتها التافهة (جونجو)، ولم تنجح الأموال الهائلة التي أنفقوها لشراء ضمائر اولئك العبيد الذين يمارسون الكذب وتزييف الحقائق ومساعدة الظالم على المظلوم في تغيير الحقيقة التي أصبحت أوضح من الشمس. فلقد استثمروا كثيرا في الزيارة البابوية وتكتموا عليها طويلا ولم يعلنوا عنها إلا عندما أصبحت وشيكة، وكان ذلك محاولة يائسة لمنع وصول الحقيقة الى الحبر الأعظم. مع ذلك كشفت تصريحاته فشلا ذريعا للسياسات الاعلامية والحقوقية والدبلوماسية التي اعتقد الخليفيون انهم سيستخدمونها ضد الشعب. ثم جاء الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان بمجلس حقوق الانسان، ليضاعف فضائج الخليفيين ويكشف جرائمهم. فقد شارك عشرات الدول لمناقشة ملف حقوق الإنسان، واستمع ممثلوها لدعاوى الخليفيين وكذلك ضحاياهم، وفي النهاية كذّبوا الطاغية وعصابته وانحاز أغلبهم الى جانب المظلومين. وكان من أشد الأمور وطأة على قلوب الخليفيين الدعوة غير المسبوقة من كل من سلطنة عمان ودولة الكويت للطاغية وعصابته بتحسين أوضاع حقوق الانسان في البحرين. وهذه صفعة موجعة غير متوقعة لعصابة تمادت في الإجرام معتقدة ان أحدا لن يكتشف ذلك.
وهكذا قال العالم كلمته وأصدر حكمه بان الخليفيين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بانتهاك حقوق البحرانيين، فماذا يعني ذلك؟ بعد عقود من الصراع بين البحرانيين والخليفيين لم يعد هناك مجال للتعايش بين الطرفين، خصوصا بعد صدور شهادات دامغة ضد الخليفيين، هذه المرة من أقرب حلفائهم بمجلس التعاون الخليجي. وعليه لم يبق أمامهم سوى الاستسلام إمام إرادة الشعب وصمود ضحاياهم، فلا مستقبل لهم في حكم البلاد، خصوصا في ظل الحقائق التالية:
الاولى: الاجماع الدولي على ادانتهم كمنتهكين لحقوق الانسان، وهو إجماع نادر الحدوث، وقد جاء هذه المرة من أطراف مختلفة: من رأس الكنيسة الكاثوليكية التي يعتنقها اكثر من مليار إنسان، الى مجلس حقوق الإنسان، الى تصريحات مسؤولين عمانيين وكويتيين، الى استغاثات الضحايا من وراء القضبان. لقد أصبح على الطاغية ان يستسلم للشعب ويسلمه الحكم ويعتذر لضحاياه، ويعترف أمام العالم انه فشل تماما في تقديم نمط حكم يتوفر على قدر من العدالة ويحظى بقبول شعبي واسع، وبعد ان توسعت الفجوة بين الطرفين الى حد الطلاق بالدائم بينهما.
الثاني: الإجماع الوطني على رفض المشروع السياسي الخليفي بشقيه الأمني والسياسي. فعلى المستوى الأول لن يجرؤ مواطن على إقرار ممارسات الاجهزة الامنية الخليفية مع السكان الأصليين (شيعة وسنة)، وستظل مسؤولية جرائم هذه الاجهزة خاصة بالخليفيين فهم المسؤولون عنها والذين يستحقون ا لمقاضاة الدولية بسببها. وفي الشق الثاني فان الاجماع الشعبي من قبل الغالبية ا لساحقة من السكان على مقاطعة أهم معالم ا لمشروع ا لسياسي الخليفي متمثلا بالانتخابات كشف خواءها وفشلها في الاستمرار بتضليل الشعب. وهكذا لم يبق بجعبة الطاغية وعصابته ما يستطيعون به مواصلة سياسات التضليل، فمن يعوّل عليهم في الخارج لدعمه يواجهون حرجا متصاعدا مع استمرار صدور التقارير الدولية ضد العصابة الخليفية.
الثالث: ان السياسات الخليفية ساهمت في تصدع العديد من الجبهات. فتطبيعهم مع العدو الإسرائيلي خروج على الموقف العربي الذي ما يزال متمسكا بعدم الاعتراف بوجد كيان الاحتلال ورفض إقامة علاقات دبلوماسية معه. وهي خروج على الإجماع الوطني الذي تواصل منذ عقود وبلغ ذروته في محطات عديدة خصوصا في الخمسينات من القرن الماضي. وقد احتفى بعض البحرانيين الاسبوع الماضي بذكرى اعتقال قادة هيئة الاتحاد الوطني في 6 نوفمبر 1956 في إثر العدوان الثلاثي على مصر، وأصدرت شخصيات بحرانية بيانا بالمناسبة. وهو خروج على التعاقد الذي حدث مع نهاية الوجود البريطاني في المنطقة، الذي يؤسس لشراكة وطنية في الحكم محكومة بدستور عقدي تمت كتابته وإقراره، وبدأ العمل به في النصف الأول من السبعينات قبل ان ينقلب الخليفيون عليه في العام 1975. وبدلا من إعادة العمل به، هرع الطاغية الحالي لإلغاء ذلك الدستور واستبدله بدستوره الخاص الذي رفضه الشعب. وهكذا تعمقت أزمة الوطن ولم يعد ممكنا رأب الصدع بين طرفين يستحيل لقاؤهما، ويضمر كل منهما العداء للآخر.
الرابع: ان المؤسسة الخليفية تتجه نحو المزيد من الاستبداد المصحوب بالقمع والظلم. وليس مستبعدا، في ضوء التطورات الحقوقية والسياسية المتواصلة، اعتبار الدولة الخليفية “مارقة” بعد ان تمردت على القيم الإنسانية التي تجسدها القوانين الدولية المعمول بها منذ الحرب العالمية الثانية. وثمة عمل متواصل لمحاصرة الحكم الخليفي والسعي لتشجيع داعميه في واشنطن ولندن للتخلي عنه، وانه لا يخدم مصالحهم بل يعرضها للخطر بسياساته وعداواته المحلية والاقليمية. هذا يحتاج للكثير من الجهد والعمل ولكن الوصول إليه سيساهم في تقزيم الحكم الخليفي واعتباره “حكما مارقا” لا يصلح استمراره لانه سيؤثر على الأمن والسلم ا لدوليين، وانه يتجه تدريجيا لممارسة المزيد من الاضطهاد والظلم والاستبداد. فالحكم الخليفي المستمر منذ التصويت على الميثاق في العام 2001 يزداد انفصالا عن الشعب على الصعدان السياسية والثقافية، وعلى صعيد الانتماء للمحيط العربي – الإسلامي.
الخامس: ان تخلي الحكم الخليفي عن اساليب التقارب مع الشعب والعمل لتطويع المشاكل بين ا لطرفين لا يعكس نوايا حسنة لدى الحكام الخليفيين. بل يمكن تصنيفه ضمن محاولات تصعيد الموقف لإيصاله الى حالة المواجهة الشاملة التي لا تبقي ولا تذر. فلدى الخليفيون أجندتهم الخاصة التي يسعون من خلالها للتحالف المصيري مع نظام الاحتلال الاسرائيلي، هذا مناقش لسياساتهم السابقة التي كانت تقوم على اساس وحدة الموقف بين كافة الاطراف في البحرين. اليوم يشعر الخليفيون بعدم الحاجة للشعب البحراني الأصلي (شيعة وسنة)، ويحاولون ربط مصالحهم الخاصة بمصالح قوات الاحتلال الإسرائيلية، معتقدين ان ذلك سيوفر لهم أساليب أمنية قادرة على التصدي للتحدي الذي يمثله الشعب الأصلي في البحرين. وهذه سياسة هي الأخطر منذ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، ومن شأنها أن تؤدي لاستقطابات واسعة ليس على صعيد العالم العربي فحسب، بل على المستوى الخليجي نفسه.
لم يعد سرا القول بأن الحاكم الخليفي وعصابته بدأوا يشعرون بضعفهم وقوة المعارضة والشعب، وان مقاطعة مشروعهم السياسي هذه المرة ستكون أوسع وأشد وطأة. لذلك عمدوا لإجراءات للتشويش على ذلك، من بينها منح الاجانب حق التصويت. وقد لاحظ البحرانيون فجأة وجود طوابير من الباكستانيين والأجانب للإدلاء بأصواتهم. هذا المشهد شجع الكثيرين منهم على الإمعان في التحدي والإصرار على إفشال المشاريع السياسية التضليلية التي يمارسها الخليفيون. هذا مع علمهم بان آلة التضليل والتشويش التي يستخدمها الطاغية وعصابته ستعمل بدون توقف لتغيير الحقائق وتزوير الواقع. ومن المتوقع ان يعلن النظام مشاركة واسعة في انتخاباته لحفظ ماء وجهه الذي أريق منذ ان قرر الدخول في حرب مفتوحة مع ا لبحرانيين.
أيا كان الأمر فستجرى الانتخابات الخليفية وستعلن نتائجها المزيّفة، ولكن ذلك لن يفت في عضد الشعب المغوار الذي التزم بموقف سماحة الشيخ عيسى قاسم الذي قال عن المشاركة في الانتخابات: “لا مشاركة لئلا تسدَّ أبواب الديمقراطيّة، وتتركّز الدكتاتوريّة، ويُقضى على الحريّة”
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الاسلامية.
11 نوفمبر 2022