سيسقطون بإرادة الله وحراك الشعب
نبارك للمسلمين حلول شهر رمضان المبارك، وندعو الله ان يجعله فرصة للعودة إلى الذات ورفع كلمة الله وكسر شوكة الطغيان والاستبداد
يوما بعد آخر يجد الخليفيون أنفسهم محاصرين بتبعات جرائمهم وارتدادات سياساتهم الفاشلة التي أدت بهم إلى طريق مسدود سيسقطون في نهايته. وبدلا من مراجعة تلك السياسات عمدوا دائما للقفز إلى الأمام، بالتظاهر بأن الامور طبيعية وانهم مسيطرون على الوضع. بالأمس اتهموا معارضيهم بأنهم مدفوعون من إيران، واليوم يهرولون لإعادة العلاقات معها امتثالا للاوامر التي صدرت لهم من الرياض. وفي الوقت الذي عبّر الكثيرون عن ارتياحهم لعودة العلاقات الإيرانية – السعودية أصبح الخليفيون ممتعضين جدا بسبب ذلك. فعلاقاتهم مع الجمهورية الإسلامية مرهونة بحل مشاكلهم مع الشعب البحراني الأصلي (شيعة وسنة)، وقد أخبرهم المسؤولون الإيرانيون مرارا أنهم لن يعيدوا تلك العلاقات إلا بعد تصالحهم مع البحرانيين. بينما أصبح الصلح بين الطرفين مستحيلا. وقد بدأ الخليفيون استعداداتهم لرفع الراية البيضاء في صراعهم مع الشعب. ومن “موقع القوة والاقتدار” بدأ وزير داخليتهم الذي يعتبر العنصر الثاني من حيث الإجرام بعد رئيسه الطاغية، يطلق تصريحات تشير الى الهزيمة الماحقة التي تنتظرهم. فقد بدأ يتحدث عن تطبيق ما أسماه “السجون المفتوحة” خلال شهر رمضان، على أمل ان يبيع ذلك للإيرانيين ويقول لهم أنه تصالح مع الشعب. ويرى البعض في تلك التصريحات تعبيرا عن مأزق خليلفي لا يستبعد ان ينتهي بسقوطهم. فالمعتقلون الأبطال لن يقبلوا بأقل من الإفراج الكامل عنهم. هؤلاء السجناء الذين قضى أغلبهم أكثر من اثني عشر عاما لن يسهّلوا مهمة عدوهم، وسيفشون خطته كما أفشلوا مشروعه الذي أسماه “العقوبات البديلة”. هذه المرة سيصر الكثيرون منهم على ان يحاكموا سجانيهم الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحقهم، ومارسوا من التعذيب والاضطهاد ما لم يحدث له مثيل من قبل.
هناك إدراك واسع للورطة الخليفية التي كانوا سببها، فالله لا يصلح عمل المفسدين. فقد استعدوا إيران بسبب غرورهم وصلفهم، ووجهوا أبواقهم لشتمها بدون حدود وكيل الاتهامات لها بدون دليل. واستعدوا الشعب البحراني بوحشيتهم وإجرامهم. واستعدوا العرب والمسلمين خصوصا الفلسطينيين بالتطبيع مع المحتلين. واعتقدوا ان الدعم السعودي – الاماراتي – الامريكي – البريطاني كافية لحماية حكمهم إلى الأبد. واليوم يكتشفون ان أكبر داعميهم أصبحت أول خاذليهم. ولا يمكن تفسير الهرولة السعودية لإعادة العلاقات مع إيران بدون أي تنسيق مع حلفائهم بمجلس التعاون الخليجي، إلا بانه نتيجة السياسات الفاشلة التي انتهجتها الرياض ماضيا وما تزال تفعل. وكما ان السياسات السعودية السابقة باستعداء إيران أحدث شرخا في جدار مجلس التعاون، فان هرولتها نحو طهران سيحدث تصدعا آخر، هذه المرة مع البحرين التي دخلت في شباك وتورطت فيها ولا تستطيع الخروج منها. فمن غير الممكن ان تواجه العصابة الخليفية الجمهورية الإسلامية حتى لو دعمتها “إسرائيل”. ولا تستطيع تلبية شروط طهران، ومنها التصالح مع الشعب الذي لا يريد التعايش مجددا مع عصابة مجرمة لم تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم ومنها هدم المساجد وانتهاك الأعراض. يضاف الى ذلك ان ضحايا التعذيب الخليفي مصممون على ملاحقة الرموز الخليفية امام القضاء الدولي مهما اقتضى الأمر. وبذلك اصبح طريق التقارب بين البحرانيين والخليفيين موصدا. فإذا لم يحدث التصالح فلن تعيد إيران علاقاتها معهم. إنها دائرة مفرغة لن يخرج الطاغية وعصابته منها في المستقبل المنظور. ومرة أخرى يشعر الخليفيون بالخذلان السعودي لهم، وهذا جزاء من يخون شعبه ويستعين بالخارج عليه ويتجهم للسنن الإلهية والقوانين الإلهية.
في الشهر الماضي ظن الخليفيون أنهم حققوا أكبر اختراق سياسي في صراعهم مع البحرانيين. فقد استضافوا مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، وسعوا لاعتباره مصدرا لشرعيتهم المفقودة. وبالغوا في التظاهر بالنصر، تماما كما فعلوا عندما أقيم سباق السيارات تحت إدارة فورمولا1. ولكن سرعان ما اكتشفوا انه تحول دعاية ضدهم بعد ان فشلوا في إخفاء جرائمهم بحق الوطن والمواطنين. وخلال المداولات تردد أسماء ضحايا التعذيب الخليفي، ومنهم الاستاذ عبد الهادي الخواجة الذي تحدث عنه برلمانيون من السويد والدنمارك وأيسلاندا وايرلندا وآخرون. من على منبر الاتحاد البرلماني الدولي وجد الطاغية نفسه متهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها. ذلك جزاء أعداء الله والإنسانية الذين يمتهنون كرامة الإنسان ويضطهدون البشر ويعذبوا الأبرياء ويعدمون الصالحين. وفي هذا الشهر الفضيل سترتفع أكف الصائمين والعبّاد داعية من الله ان يمحق الطاغية وعصابته الذين أسرفوا في إيذاء البحرانيين بدون رحمة او رأفة، وعندما انقلبت الكفة ضدهم استعانوا بمحتلي فلسطين لحمايتهم من المصير الذي ينتظر المتجبرين.
المؤتمر المذكور تزامن مع الذكرى الثانية عشرة للاحتلال السعودي – الإماراتي المقيت، وكذلك مع الاتفاق الإيراني – السعودي، وكلا الأمرين أثار شجون الأحرار والمناضلين. فلا يمكن تجاهل ما أحدثه العدوان المزدوج عندما عبرت قوات الاحتلال جسر البحرين – السعودية في طريقها لمواجهة الثوار في ميدان اللؤلؤة. يومها تم تبرير ذلك بأنه جاء ضمن اتفاقات التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي. ولكنه كان خرقا لذلك الاتفاق الذي كان ينص على التعاون العسكري المشترك في حال تعرض أي من الدول لعدوان خارجي، الأمر الذي لم يحدث في البحرين، بل أصبح التدخل هو العدوان الخارجي، وما سبقه كان شأنا داخليا، حيث تحرك الشعب من أجل استعادة سيادته واسترداد حقوقه المسلوبة وعلى رأسها حقه في اختيار نظام الحكم الذي يناسبه وانتخاب حكومته وإدارة شؤونه بنفسه بدون وصاية من أحد.
أما الاتفاق بين السعودية وإيران فقد جاء، هو الآخر، ليكسر شوكة الاستبداد الخليفي الذي اعتقد ان بإمكانه تصعيد الحملات السياسية والإعلامية ضد بلد جار يفوقه عددا وعدة. وبذلك عرّضوا أمن الخليج لاحتمالات النزاع المسلح، وحرموه القدرة على التعايش السلمي الذي تبحث عنه شعوب المنطقة. اليوم يسعى الخليفيون لاسترضاء إيران وتسعى لإعادة العلاقات معها. فما الذي تغير في إيران لتتحول من دولة معادية إلى صديق يخطب الطاغية ودّه؟ سيقولون ان السياسة هي فن الممكن، وان المرونة في التعاطي مع الدبلوماسية يعكس قدرة النظام السياسي على المناورة والتعايش مع المتغيرات. قد يصدق ذلك على الانظمة التي لا تستند لأي مباديء او قيم إخلاقية او إسلامية، حيث تمارس الخداع والتضليل والغش والكذب لضمان الاستمرار في الحكم. أما النظام القادر على البقاء فهو الذي يوازن بين المباديء والمصالح، ولا يقفز على المسؤوليات والأخلاق. فقد تستطيع حكومة ان تقمع شعبها وتضطهده لتجبره على الصمت، ولكن ذلك لا يدوم، والصمت الناجم عن الإكراه والقمع يتحول الى ضغط داخلي لدى الشعب، وقد ينفجر في أية لحظة. أليس هذا ما حدث في فبراير 2011؟ من كان يتوقع ان تحدث تلك الثورة العملاقة في فترة كانت البلاد شبه هادئة، وكان بعض قطاعات المعارضة تشارك في الانتخابات الخليفية؟ من كان يتوقع ان تخرج البلاد عن بكرة أبيها لتهتف: الشعب يريد إسقاط النظام؟ هذا الشعب الذي رفع حمد على أكتافه في العام 2001، كيف تحوّل هتافة في غضون عشرة أعوام فحسب ليصبح الهتاف الرئيس للثورة: يسقط حمد؟ لقد أكره المواطنون على الصمت، وبدلا من سعي الخليفيين لإصلاح الوضع وتوسيع دائرة الحريات، ارتكبوا جرائم إضافية في صيف 2010 واعتقلوا المئات، فما ان سنحت الفرصة حتى عبّر الشعب عن غضبه وقاموا بأكبر ثورة في تاريخ البلاد. هذه المرة تعمّق رفض الحكم جملة وتفصيلا، وأصبح الطاغية رمزا لكل ما هو شر وجرم وظلم واضطهاد. لذلك لم يعد أمامه إلا خيار واحد، طال الزمن او قصر: أن يرحل ويسلم الحكم للشعب. وهذا ما سيتحقق بعون الله. إنهم يرونه بعيدا، ونراه قريبا، فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
24 مارس 2023