عام جديد واعد بالنصر… هذا ما تؤكده تطورات اربعة
نبارك لشعبنا الثائر العظيم عاما ميلاديا سعيدا، مفعما بالحركة ومكللا بالنصر على اعداء الانسانية
قضايا عديدة حدثت الاسبوع الماضي، تتداخل احيانا وتتباعد اخرى، وكلها ذات صلة بالوضع السياسي المحتقن الذي يسود المنطقة والذي ينذر بمخاض عسير لولادة فجر الحرية التي تنتظرها امة العرب والمسلمين. قد لا يكون اغلبها جديدا، فما اطول المعاناة وما أقسى الظروف التي عصفت بالمنطقة. ولكن التوقف عند بعضها قد يساهم في فهم أفضل لديناميكية التغيير المرتجى، والذي ضحى آلاف الشهداء بارواحهم على طريق تحقيقه. ومن هذه القضايا ما يلي:
اولا: مرت الذكرى الثانية لاستشهاد الشيخ نمر النمر الذي اعدمه النظام السعودي في الثاني من يناير 2016 بعد سجن طويل وتهم ملفقة واضطهاد ليس له نظير. ويمكن استحضار اسباب ثلاثة لجريمة اعدامه: اولها مطالبته بالاصلاح السياسي في الجزيرة العربية وتأكيده فساد حكامها بلغة ليس فيها مجاملة او خنوع، بل تملأها العزة والشموخ. هذه المطالبة أقضت مضاجع رموز البيت السعودي فقررت قتله لردع الآخرين من الاحتذاء به مستقبلا. والذين صفقوا لجريمة اعدام الشيخ النمر بالامس وجدوا انفسهم مستهدفين اليوم، بالاعتقال والتنكيل. فالنظام الفاسد لا يصلح أبدا، ولا يستطيع تغيير نمط حكمه او عقلية الاقصاء والاستحواذ والتمهيش ونهب المال العام والتجاوز على شرع الله. الشهيد النمر وقف امام الطغاة فأصبح شهيدا بنص الحديث النبوي الشريف: سيد الشهداء حمزة، ورجل رد على حاكم ظالم فقتله. وضع النقاط على الحروف في زمن لاذ الكثيرون بالصمت ورأوا فيه حفاظا على النفس. اما هو فرأى في الرد على الظلم مسؤولية دينية وفرضا شرعيا لا مناص عن أدائه. وقف النمر بطلا امام فرعون وملإه فأرعب اعداء الله والانسانية، وترددت اصداء خطاباته في ارجاء المنطقة، فاعتبره الابطال بطلا، بينما وصفه الجبناء بالتهور. هتف كما فعل عظماء الرجال عبر التاريخ: ابتداء برسول الله عليه افضل الصلاة والسلام مرورا بالائمة وبعض الصحابة الكرام مثل أبي ذر الذي قال له علي عليه السلام وهو يودعه: خافوك على د نياهم وخفتهم على دينك. كان اعدام الشهيد النمر اولى خطايا الحاكم السعودي الحالي وولي عهده، فكان دمه لعنة على سياساتهم، فما نجحوا في شيء بعد ذلك ابدا.
ثانيا: أصدر الاسبوع الماضي خبراء الامم المتحدة لحقوق الانسان بيانا تاريخيا شجبوا فيه السياسات السعودية في مجال القمع والاضطهاد ومصادرة الحريات، وطالبوا باطلاق سراح سجناء الرأي الذين اعتقلوا العام الماضي ومن بينهم علماء دين وائمة مساجد ومفكرون وشعراء وخطباء. كانت تلك الضربة قاسية جدا، فما بقي احد ذو بيان الا وتعرض للتنكيل وقال الخبراء في بينهم “نشهد اضطهادا للمدافعين عن حقوق الإنسان، لمجرد أنهم يمارسون حقوقهم في حرية التعبير والتجمع والاعتقاد وتكوين جمعية، ويتعرضون لانتقام لما يقومون به”. وأشار البيان أيضا إلى أن السعودية واصلت ممارسة إسكات الأصوات، والاعتقال التعسفي، والاحتجاز، والاضطهاد للمدافعين عن حقوق الإنسان والمنتقدين، على الرغم من انتخابها عضوا في مجلس حقوق الإنسان في نهاية عام 2016. هذا البيان وثيقة دولية تاريخية تدين الحكم السعودي وممارساته وتؤكد امورا عديدة: اولها ان السعودية محكومة بنظام قمعي يصادر الحريات وينتهك حقوق الانسان على اوسع نطاق، الثاني: ان المال النفطي السعودي لا يستطيع اخفاء الحقائق الى الابد، الثالث: ان البيان محرج لداعمي الحكم السعودي في الغرب، خصوصا الذين يزودونه بالخبرات الامنية والسلاح. الرابع: ان معاناة المظلومين قادرة على اختراق الحجب وكسر القيود، فتصل اناتهم الى اقاصي الدنيا وتضع الآخرين امام مسؤولياتهم الانسانية والاخلاقية. مطلوب تصعيد الضغوط الدولية على السعودية لوقف اعدام عشرات المواطنين خصوصا من المنطقة الشرقية الذين لم يرتكبوا جرما يقتضي القتل. فالمشاركة في احتجاج سلمي والمطالبة باصلاح الاوضاع والدعوة لاقامة نظام سياسي يعترف بالآخر ويتعامل بسواسية مع كافة المواطنين، كلها مطالب مشروعة ولا يمكن تجريم من يرفعها. والامل ان تؤدي الضغوط لوقف اعدام عشرات الشباب الذين نقلوا مؤخرا من سجن الدمام الى سجن الرياض تمهيدا لاعدامهم.
ثالثا: استقبل قرار حكومة النرويج تعليق صادرات الاسلحة الى الامارات بسبب المخاوف من استخدامها في الحرب على اليمن بارتياح عام في الاوسط الحقوقية ولدى منظمات مكافحة نشر السلاح ودعاة وقف الحرب. وفي الاعوام الخمسة الاخيرة تصرفت حكومة الامارات وكأنها دولة كبرى، تتدخل عسكريا في البحرين (بجانب القوات السعودية) وتحتل اليمن وتتدخل في ليبيا. وثمة اعتقاد بان حاكمها الفعلي، محمد بن زايد، هو الذي يوجه الحاكم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان. وامتلاك الامارات مخزونا ماليا عملاقا دفعها لانتهاج سياسات توسعية على غرار السياسة السعودية، الامر الذي احدث احتقانا صامتا في الدول المحاذية مثل قطر وسلطنة عمان. وهناك خشية من اندلاع نزاعات مسلحة في هذه المنطقة بسبب سياسات الامارات والسعودية. واعتقد حكام الامارات والسعودية ان استمرار تدفق السلاح الغربي لهم سوف يستمر لان لديهم وسائل الضغط المالي لاجبار دول مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا ليس لتزويدهما بالسلاح فحسب، بل للمشاركة ايضا في العدوان المستمر على اليمن. وتسعى هذه الدول لتوجيه الاعلام بعيدا عن العدوان على اليمن لمنع تبلور رأي عام شعبي يضغط لمنع ذلك. ولذلك يعتبر قرار النرويج شجاعا يستحق التقدير والتشجيع. مطلوب من النشطاء العمل على توسيع دائرة رفض الحرب والضغط على الدول الغربية للاحتذاء بموقف النرويج. والاوضع مهيأة لنجاح ذلك، لان السعودية والامارات تعانيان من تراجع اقتصادي نتيجة التوسع غير المدروس في الانفاق والغوص في وحل القمع وتعمق الاعتقاد لدى قادتهما بان المواقف والسياسات تشترى بالمال. والطبيعة الشريرة لدى هؤلاء القادة تمنعهم من رؤية الصورة الكاملة للمشهد السياسي، ويعتقدون ان بامكانهم تجاوز السنن الالهية التي تقضي بحتمية زوال الظالمين، وان المكر السيء يحيق بأهله، وان الله لا يصلح عمل المفسدين.
رابعا: ان الحراك الثوري البحراني اصبح جزءا من الحياة السياسية في المنطقة، وانه قادر على ان يكون مثلا للآخرين، خصوصا الشعوب التي تعاني من الظلامة والفساد السياسي والمالي والاداري. هذا الحراك لم يتوقف منذ سبعة اعوام، وسوف يحتفي قريبا بالذكرى السابعة لانطلاق ثورة 14 فبراير المظفرة التي بقيت الوحيدة من بين ثورات الربيع العربي رافعة راية التغيير ورافضة الانجرار الى العنف والارهاب والتطرف والطائفية، ومصرة على التمسك بالطلب المحوري الذي رفعته الثورة بتحقيق تحول سياسي يفضي الى منظومة سياسية مؤسسة على مبدأ “لكل مواطن صوت”. الخليفيون من جانبهم مستمرون في التشبث بالقمع وممارسته لوقف الحراك والثورة. ولذلك اصدروا في الفترة الاخيرة احكاما بالاعدام والسجن المؤبد وسحب الجنسية بحق عشرات البحرانيين، ظلما وعدوانا وانتقاما. مع ذلك فسياساتهم الى فشل وهزيمة، والشعب الى صمود ونضال وكرامة، والله ناصره برغم انف الطغاة والمحتلين والمستبدين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
5 يناير 2018