انتصار الشعب محتوم وسياسة قطع الرقاب ستعجّل بتحقيقه
انتصار الشعب محتوم وسياسة قطع الرقاب ستعجّل بتحقيقه
إلى متى تستطيع شعوب المنطقة تحمل الضيم والتنكيل والاستضعاف من قبل حكومات غير منتخبة ولا تحظى بدعم دستوري او شعبي؟ ولماذا تستمر حكومات السعودية والبحرين والإمارات في اضطهادها شعوبها بالسجن التعسفي تارة والتعذيب أخرى، والإعدام ثالثة؟ ما الذي يؤطر علاقات الطرفين سوى هذه الممارسات التي لم تتوقف منذ عقود؟ قد يقول قائل: وما الجديد في ذلك؟ فإذا استطاع هؤلاء الحكام الاستمرار في مكانهم طوال تلك العقود، فلماذا لا يستمر ذلك عقودا مقبلة؟ ما الجديد الذي يجعل ذلك التعامل سببا لانهيارهم؟
هناك حقائق يجدر طرحها لتسليط الضوء على الحالة الراهنة في العلاقات بين الحكام والمحكومين، وربما يساهم استيعابها في الوصول لاستنتاج بعدم إمكان استمرار تلك العلاقة طويلا، منها ما يلي:
أولا: وجود قوانين اجتماعية محكومة بالسنن الإلهية، منها أن الظالم لا يبقى، وأن الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم، وأن الاضطهاد يغرس بذور سقوطه، وأن البناء الذي لا يؤسس على قواعد متينة وصلبة لا يدوم طويلا. هذه الحقائق تؤدي للاستنتاج التالي: ان السنن الكونية لا تسمح ببقاء علاقات قائمة على منطق الغلبة بشكل دائم، وأن هذه العلاقات محدودة بالمدى الزماني والمكاني، وأن الزمن كفيل بتآكل الأرضية التي تأسس عليها الحكم. هذا المفهوم مرتبط بعمق إيمان الأفراد والجماعات بحتمية نفاذ السنن الاجتماعية المرتبطة بالإرادة الإلهية من خلال قوانين الكون.
ثانيا: أن عوامل بقاء انظمة الاستبداد ليست ذاتية، وأن بقاءها ليس نتيجة مباشرة للاضطهاد والظلم، بل مدعوم بعوامل خارجية من جهة وأسباب بقاء مزيّفة من جهة ثانية. فهذه الأنظمة كاللص الذي يسرق سلاح ضحاياها ويحاربهم به، وهي حالة مؤقتة لا تتحول الى حقيقة ثابتة. وحكومات المنطقة انما هي كاللص الذي يسرق أموال الشعوب للاستقواء على المواطنين ثم ينفق جزءا صغيرا منه للموازنة العامة. وهذا ليس وضعا قابلا للدوام والاستمرار، بل من المؤكد تأثره بالظروف المحلية والدولية من جهة، وبمدى استعداد المظلومين للدفاع عن أنفسهم. فالشعوب هي التي تصنع الأنظمة السياسية، فهي صاحبة القرار أولا وأخيرا، وحرمانها من ذلك القرار مؤقت لا يمكن استمراره إلى الأبد.
ثالثا: أن الظلم والاضطهاد والتنكيل، كل ذلك يعمّق مشاعر الضحايا بالظلامة، وسرعان ما يتحرك العقل الباطني لدى هؤلاء المظلومين، ويدفعهم للدفاع عن النفس والتمسك بحق الحياة. كما ان الظالمين يفقدون بشكل تدريجي القدرة على تجديد ظروف بقائهم في الحكم، فالظلم وأشكاله وأساليبه ليست طارئة على الجنس البشري، بل هي ممارسة جديدة – قديمة طالما استخدمها الطغاة عبر العصور، وطالما أدت بهم الى الفناء. ألم يحدث ذلك لفرعون؟ وبني أمية؟ وبني العباس؟ وطغاة العصر في الزمن الحاضر؟ فهناك ديناميكية لصراع الحق والباطل، يؤكد القرآن الكريم نتيجته: “وتلك القرى لما ظلموا أهلكناهم”.
رابعا: أن تاريخ العالم ومن بينه تاريخ المنطقة يؤكد حتمية سقوط أنظمة الظلم والاستبداد والفساد. ولا يستطيع أحد الادّعاء بأن طغاة آل سعود وآل خليفة لا يخضغون للسنن التي حكمت البشر وأسقطت الطغاة. فليسي لدى هؤلاء سوى المال النفطي الذي يفترض ان يكون تحت تصرف الشعوب، ولكنهم يحتكرونه ويستخدمونه سلاحا ضد المواطنين وأداة لشراء مواقف داعميهم في الغرب. ولكن المال وحده لا يكفي لحماية الظالمين والطغاة، لأن سلطة السنة الإلهية تفوق في قوتها وحتمية نفاذها قوة المال. وإرادة الشعوب أقوى من الطغاة، فإذا قمعت يوما فسرعان ما تعود طوفانا يزلزل عروش الظالمين.
مما تقدم تتضح أمور عديدة:
أولها: أن بقاء السعوديين والخليفيين في الحكم مؤقت وليس دائما. ذلك الوجود ليس أزليا ولا بد ان ينتهي يوما. وقد تطول مدة بقائهم في السلطة او تقصر، لكن الأمر الأكيد أنهم زائلون. وكلما امعنوا في الاستبداد والظلم اقتربت نهايتهم. وكما قيل أعلاه: الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم. فلكلٍّ من هذين النمطين من السلوك ديناميكيته، والقول بحتمية سقوط الحاكم الظالم ليس اعتباطا او مبالغة او تجاوزا للمنطق والبرهان.
ثانيها: أن الشعوب ليست مفطورة على الاستسلام او الخنوع او القبول بالظلم والاستعباد. فهناك قدر ليس قليلا من الشعور بالعزة والكرامة يدفع البشر للدفاع عن إنسانيتهم، لأن الله أودع فيهم تلك المشاعر ووهبهم عقولا تفكر ومشاعر لا تموت. هذه الشعوب ناضلت، ومع استمرار ذلك النضال ترسخت قناعاتها بضرورة التغيير خصوصا حين ترى ممارسات الحكام الطغاة. فحين يمارس السعوديون القتل كإجراء يومي بحق المعارضين، فإنهم يقطعون عراهم مع الإنسانية وصلاتهم بمواطنيهم. فالضحايا الذين تقطع رقابهم لهم عائلات وأصدقاء ومنظمات تنطق بظلاماتهم، وهذا يؤدي الى تفاقم مشاعر الكراهية لنظام الحكم الدموي. ففي الأيام الماضية ذبح السعوديون ثلاثة مواطنين، وقبلهم ذبحوا عددا آخر من بينهم الشابان البحرانيان، صادق ثامر وجعفر سلطان. إن دماء هؤلاء تستمر في الغليان وتبعث في نفوس المواطنين المزيد من الرغبة في التغيير,.
ثالثها: أن منطق التغيير ظاهرة بشرية لازمت التطور الإنساني، فلا يمكن بقاء الأمور على وضعها الراهن، فهي تحمل عوامل تغيرها. فأين هي الإمبراطوريات القديمة والحديثة؟ وأين الممالك؟ أين الخلفاء والملوك والزعماء؟ أين هم بنو أمية وبنو العباس والمماليك وبنو عثمان؟ لقد قضى كل من هذه الممالك وطرا في الحكم وانتهت به السنن الكونية للتلاشى والسقوط. ولا يمكن استثناء آل سعود وآل خليفة من تلك السنن والظواهر، وسيحل وقت سقوطهم يوما. ولا شك ان النضال الوطني له دوره في تعجيل سقوطهم او تأجيله. فإن لم لم ينفر الجيل الحاضر من أجل التغيير، فسوف يستبدله الله بآخرين يقومون بالتغيير وسيكون مأثوما لسكوته على الظلم: إلا تنفروا يعذبكم عذابا شديدا ويستبدل قوما غيركم.
رابعها: أن حكام الجور في بلداننا إنما يستندون للدعم الذي يوفره حلفاؤهم في الغرب، هذا الغرب نفسه أصبح هو الآخر عرضة للتغيير بسبب تخلي حكامه عن مبادئهم التي اعتمدوها وروجوها كثيرا، تلك المباديء التي تتحدث عن الحرية واحترام حقوق البشر وإقامة حكم القانون لحماية البلدان والشعوب والذود عن حقوق البشر. وليس جديدا القول بأن هناك تراجعا ملحوظا عن تلك المباديء والقيم، وأنه تراجع خطير يعرّض الإنسانية لخطر هيمنة الاستبداد والحكم الفاسد والظلم. لهذا بدأ الغرب يحصد نتائج استمراء التعايش مع الاستبداد والطغيان والظلم من قبل حكام “البلدان الصديقة”. ولن يكون الغرب، هو الآخر، بمنأى عن التغيير إذا استمر حكامه في خيانة المباديء والقيم، والتماهي مع الحكام الظالمين في الجزيرة العربية.
في ضوء ما تقدم يتعمّق إيمان الواعين من المواطنين، الذين يمارسون دورا إيجابيا في مشروع التغيير، بحتمية انتصار إرادة الشعب وسقوط أعداء الحرية. ولكي يتحقق ذلك بشكل عاجل فمن الضرورة توفير مستلزماته وذلك ببقاء رواد التغيير في الميادين وعدم استعجال النتائج او القبول بأنصاف الحلول او التفكير بإمكان التعايش مع الاستبداد الذي يطرح أحيانا شعارات براقة لكنها جوفاء. ومن المؤكد أن صمود رموز الشعب الأشاوس على مواقفهم برغم مرور أكثر من اثني عشر عاما وراء القضبان من بين أهم أسباب النصر المحتوم بإذن ا لله تعالى.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
16 يونيو 2023