بيانات حركة أحرار البحرين

هزيمة الاحتلال والاستبداد حتمية تاريخية ضمن السنن الإلهية

يخطئ من يعتقد أن بالإمكان إيجاد توافق بين السكان الأصليين في البحرين (شيعة وسنة) والعصابة الخليفية الحاكمة. فلو كان هذا ممكنا لحدث منذ عقود. والمنطق السوي يقتضي مبادرة  العائلة الحاكمة للتفاهم مع المواطنين لينعم الجميع بالأمن والاستقرار والثقة المتبادلة. لم يحدث ذلك برغم التطورات التي شهدتها البلاد خلال نصف القرن الماضي أي منذ الاستقلال في العام 1971. فكل تجربة خاضها الطرفان لم تؤد إلى نتيجة. ويؤكد ذلك وجود مئات المعتقلين السياسيين وراء القضبان، وبموازاة ذلك استمرار الحراك الشعبي على سعدان شتى. فبالإضافة للتظاهرات التي تحدث بشكل يومي وبعناوين شتى هناك إضراب داخل السجون من قبل المعتقلين السياسيين المطالبين بحقوق عادلة وفي مقدمتها الإفراج عنهم بدون قيد أو شرط. ومنه كذلك انتشار قوات الشغب الخليفية في مناطق كثيرة. وبالإضافة إلى ذلك هناك المنع المتواصل من قبل الحكم لأي حراك سياسي خصوصا إذا كان في شكل تظاهرات أو احتجاجات. برغم كل ذلك ما تزال روح الثورة تسري في نفوس الشباب وحتى الذين تعرضوا للسجن والتعذيب. وما أكثر الذين خرجوا من المعتقلات وهرعوا إلى الميادين للمشاركة في ما يعتبرونه واجبا وطنيا تتطلبه المرحلة. لذلك لم تنطفئ شعلة الانتفاضات المتتالية منذ أكثر من 50 عاما. ذلك أن المواطنين شعروا بخديعة كبرى من قبل الخليفيين عندما انقلبوا على أول دستور توافقي. ويمثل عام ألف 1975 مرحلة مفصلية في العلاقات بين البحرانيين والخليفيين.
 
وكما أشرنا فإن التوتر في العلاقات بين الطرفين يتصاعد باستمرار. ومن المؤكد أن هرولة الخليفيين للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ساهمت في توسع الفجوة بين الطرفين: طرف متهالك للتطبيع مع الاحتلال معتقدا أنه سوف يفيده أمنيا ويدعمه سياسيا وعسكريا، وطرف يعتبر الاحتلال جريمة تاريخية وأن من الضروري أن ينتهي ذلك الاحتلال وتتحطم القيود التي فرضها على الشعب الفلسطيني. ومن الصعب الاعتقاد بإمكان إزالة هذا التوتر في ظل هذا الشد والجذب بين الطرفين، وهو شد وجذب نجم عنه الكثير من الويلات لأبناء الشعب الذين تعمقت مشاعر الكرامة والحرية في نفوسهم ويصرون على رفض الانصياع للحاكم الخليفي الذي يعتمد في وجوده على الأجنبي دائما.
 
ولرصد مصاديق هذا التوتر في العلاقات وانعدام الثقة بين الطرفين يمكن ملاحظة أمور ثلاثة حدثت خلال الأسبوع الماضي:
أولها التضييق على السجناء السياسيين بشكل مقزز وغير مسبوق. فقد أقدم الطاغية الخليفي على خطوات لم يسبقها له سوى الاحتلال الإسرائيلي مع سكان فلسطين. ففي الأيام الأخيرة تم تقليل كمية وجبات الطعام التي تقدم للمعتقلين السياسيين. وحتى الأطعمة التي تباع في كانتينات السجن تناقصت كثيرا. وأصبح أهالي السجناء مضطرين لتزويدهم بالمزيد من المواد الغذائية خلال زياراتهم. وكثيرا ما تعمد مسؤولو السجن لمنع دخول الأطعمة. وكما يقول المثل البحراني: ما أرحمك ولا أخلي رحمة الله تنزل عليك. هذه طبيعة العلاقة بين الخليفيين والبحرانيين. وتكررت الأنباء كذلك عن منع الماء عن السجناء السياسيين في خطوة أعادت للأذهان ما يفعله الصهاينة مع أهالي غزة. أهو من قبيل الصدفة أن يمارس الخليفيون مع المعتقلين البحرانيين سياسات شبيهة بالممارسات الإسرائيلية؟ ولماذا يحدث ذلك بعد التطبيع الذي قام به حكام البحرين مع محتلي فلسطين؟
 
ثانيها: اعتقال النشطاء الذين يرفضون الصمت على ممارسات السلطة الخليفية. ومن ذلك ما حدث هذا الأسبوع من اعتقال كل الأستاذ علي مهنا والسيد حسين الغريفي السيد قاسم ملا هاني من بلاد القديم. كما اعتقل الشاب سلمان عباس من منطقة النويدرات خلال زيارته لأخيه المعتقل. وكان هذا الشاب قد قضى زمنا وراء القضبان ونال من التعذيب قسطا وافرا. كما اعتقل محمد جليل القزاز. وما هي جريمته؟ أنه رفع صورة الشهيد حسين إبراهيم الرمرام الذي استشهد قبل بضعة أسابيع. هذه الاعتقالات تؤكد أن العلاقة بين البحرانيين و الخليفيين لن تكون ودّية يوما ما، وأن هذا النظام البائس لا يستطيع أن يتوقف عن قمع المواطنين بالاعتقال والتنكيل والتعذيب والإعدام والإبعاد عن الوطن. إنها معاملة تاريخية لم تتحسن منذ أكثر من 100 عام بل هي آخذة في التردي، خصوصا حين يشعر الخليفيون بالخطر على حكمهم وتفاعل النخبة الشعبية ضدهم وارتفاع الهتافات التي لم تتوقف منذ العام 2011 ” الشعب يريد إسقاط النظام”.
 
ثالثها: امتعاض السلطات الخليفية من الشعور الوطني المتصاعد بدعم فلسطين وأهلها ومعاداة الاحتلال وداعميه. يتجسد ذلك بالاحتجاجات اليومية والمسيرات والتجمعات والندوات والكلمات وخطب الجمعة التي لا يمكن أن تتجاهل معاناة أهل فلسطين في ظل الاحتلال الصهيوني. ومنذ أن قام طاغية البحرين بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي قبل قرابة أربع سنوات ازداد توتر العلاقة بين العصابة الحاكمة والمواطنين. ويزداد هذا التوتر حين يهتف الشعب باسم فلسطين أو يرفع المواطنون علم فلسطين. الخليفيون يرون في هذا العلم تحديا لهم لأنه يمثل، بالإضافة لكونه شعارا لأهل ذلك البلد المحتل، عنوانا للثورة والتحدي. وليس خفيا أن قضية فلسطين كانت دائما مغناطيسا للأحرار من كل أنحاء العالم، ومؤشرا للظاهرة التورية التي تتقدم تارة وتتراجع أخرى وفق الظروف. كما أنه ليس سرا أن الأنظمة العربية لا يروق لها استمرار قضية فلسطين التي نشأت من رحمها أجيال ثورية رفعت راية التغيير في البلدان العربية وأحرجت الأنظمة القمعية خصوصا العميلة لأمريكا والغرب. وحين يُرفع علم فلسطين فوق المنازل سرعان ما يهرع الجلادون لنزعه والتنكيل بمن يرفعه. البحرانيون يرون في ذلك العلم تحديا للخليفيين، ولذلك يرفعونه في المباريات مثلا والشوارع العامة وعلى سطوح المنازل. ولذلك تكرر اعتقال من يرفعه بعد أن أصبح شعارا للاحتجاج ضد الاحتلال من جهة والاستبداد من جهة أخرى، ورفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي من جهة ثالثة.
 
إن من الصعب القفز على حقائق التاريخ والجغرافيا والواقع. شعبنا يعي هذه الحقائق وينطلق في طريق التغيير على أساسها. فبالإضافة إلى توكله على الله سبحانه وتعالى واعتماده على قدراته الذاتية يرى هذا الشعب حتمية نفاذ السنن الإلهية والتاريخية. فلا فلا يمكن للظلم أن يبقى إلى الأبد، ولا يستطيع الظالم أن يحمي نفسه من تلك السنن التي نفذت في من سبقهم من الظالمين وسوف تظل نافذة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. هذا الشعب يرى أن المسار التاريخي في المنطقة ليس لصالح الاستبداد والظلم. ويرى أن النصر وإن تأخر، آت لا محالة، ليس في البحرين فحسب بل في في المنطقة كلها. وما يجري لأهل فلسطين من قتل جماعي يوميا لا يغيب عن عين الله سبحانه وتعالى، وأن التضحيات الجليلة التي قدمها الفلسطينيون خصوصا في غزة سيرعاها الله سبحانه وتعالى ويكللها بالنصر على الاحتلال. فمن قال أن الاحتلال والاستبداد هما قدر هذه الأمة وحتميتها التاريخية؟ إن الأمة المناضلة المضحية تنتصر في نهاية المطاف طال الزمن أم قصر. هذا ما سيحدث في فلسطين وفي البحرين بإذن الله تعالى والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 
اللهم ارحم شهدائنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
10 مايو 2024
زر الذهاب إلى الأعلى