بيانات حركة أحرار البحرين

طوبى لكم يا رافعي شعار “الحق يؤخذ”

في البداية نتقدم بأحر التهاني والتبريكات للأمة الإسلامية ولشعبنا الصامد في البحرين بحلول عيد الأضحى المبارك، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعله فرصة لالتقاط الأنفاس واستجماع القوة لمواصلة طريق العطاء والتضحية والفداء من أجل الإيمان والحق والحرية، إنه سميع مجيب الدعوات.
 
يصعب على ذوي العقول استيعاب ما يجري على أرض البحرين هذه الأيام، بدءا بعقد لقاء عسكري ضم رئيس الأركان الصهيوني وعددا من قادة جيوش عربية من بينها مصر والأردن والإمارات والسعودية إلى جانب المسؤولين الخليفيين، مرورا بالاستدعاءات التي طالت العديد من النشطاء بسبب نشاطهم الديني، وصولا إلى سياسة تجويع السجناء السياسيين. وثمة نقاش طويل في كل من هذه المحاور التي تعكس بمجموعها حقيقة النظام الخليفي الجاثم على صدور البحرانيين.
 
في الصدارة يأتي اللقاء العسكري الذي نظمه الخليفيون وضم مسؤولين صهاينة على رأسهم اللواء هرتسي هاليفي رئيس الأركان الإسرائيلي. فما الهدف من هذا الاجتماع؟ وماذا يعني؟ وما انعكاساته على التوازن العسكري في منطقة الخليج والمنطقة العربية بشكل عام؟ هذه المرة تجاوزت العلاقات بين الخليفيين والصهاينة ما هو معتاد من اعتراف دبلوماسي وتبادل للسفارات، وأصبحت العلاقة تتصل بالأمن القومي العربي فضلا عن الوضع البحراني الداخلي. اللقاء العسكري رسالة من طغاة آل خليفة للشعب البحراني أولا بأننا دخلنا في تحالف استراتيجي مع محتلي فلسطين، فإذا أردتم معارضتنا فسوف تواجهون القوات الإسرائيلية، وعليكم أن تتحملوا تبعات ذلك. الرسالة واضحة تنطوي على تحدٍّ مكشوف للبحرين وانتمائها العربي والإسلامي وهويتها وعلاقاتها العربية. كما أنه موجه للمناضلين الذين وقفوا ضد الاستبداد عقودا وما يزالون يعيشون وراء قضبان السجون. يدرك الخليفيون أن الشعب لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الخيانات السياسية، بل سوف يواجهها بأساليب متحضرة، ومن بينها وصف الخليفيين بالخيانة التاريخية للشعب البحراني والعرب والمسلمين. ولن يغفر للطاغية وعصابته هذه السياسة المنكرة التي تتحدى الأمة في وجودها وقضيتها الأساسية المتمثلة بالاحتلال الصهيوني. إن القضية تتجاوز المصالح الفئوية وتتصل بمصلحة الأمة وحرية شعب فلسطين وحقوق الوطن والشعب. وعليه ليس هناك شريف في البحرين يقر ما فعله الطاغية وعصابته من تقارب مع قوات الاحتلال والتنسيق السياسي والعسكري والأمني معهم. ولا يمكن اعتبار ما حدث هذا الأسبوع من لقاء  يهدف للتنسيق العسكري مع محتلي فلسطين إلا خيانة لله والأمة والشعب والوطن، تؤكد استحالة التقارب الفكري أو النفسي أو السياسي بين أهل البحرين الأصليين (شيعة وسنة) مع الخليفيين.
 
أما المسألة الأخرى فترتبط بما حدث هذا الأسبوع كذلك مع السجناء السياسيين المعتصمين في عنبر 3 بالمبنى الخامس من سجن جو السيئ الصيت. هؤلاء المعتصمون كانت لديهم مطالب عديدة من بينها تحسين نوعية الأكل وتوفير الخدمات الصحية والرعاية وإعادة النظر في الأحكام الجائرة التي صدرت بحقهم. لو حدث هذا الاعتصام في بلد يتمتع بشيء من الحرية والديمقراطية والعدالة نبادر المسؤولون لعقد اجتماعات مطولة مع المضربين لمناقشتهم في مطالبهم. أما الخليفيون فلديهم أساليبهم في التعامل مع كل من يحمل في نفسه روح الحرية. في البداية تجاهلوا الإضراب، وعندما استمر أرسلوا قواتهم القمعية وكادوا يحولون السجن إلى ساحة معركة وقتل. ولما لم تُجد محاولات التخويف عمدوا لارتكاب جريمة يمكن اعتبارها ضمن الجرائم ضد الإنسانية وهو التجويع. فعلى مدى يومين متتاليين لم تقدم أية وجبة للسجناء المضربين، وهو الأسلوب الذي انتهجه محتلو فلسطين مع أهل غزة عندما منعوا عنهم الطعام والماء والدواء. أليس هذا ما يحدث مع سجناء البحرين؟ ألم يهدد طغاة آل خليفة بقطع الماء عنهم؟ ألم يحرموهم من العلاج والدواء؟ اليوم يساومونهم بشكل فاضح ومخجل: إنهاء الإضراب في مقابل الطعام، أي أنكم ستحرمون من الطعام إذا استمر إضرابكم. فهل هذا أسلوب للتعامل في القرن الحادي والعشرين؟ ألا تؤكد هذه السياسة صحة ما يقوله البحرانيون حول طبيعة النظام الخليفي الذي أظهر استعداده المرة بعد الأخرى لانتهاك القوانين الدولية من أجل كسر شوكة الشعب البطل الذي صمد ضد طغيانه واستبداده وعمالته وخيانته عقودا؟ سيستمر أسرانا على موقفهم وصمودهم وإيمانهم ولن يستطيع الطاغية وعصابته كسر شوكتهم أو ثنيهم عن المطالب المشروعة التي قامت ثورة 14 فبراير من أجلها. لقد قضى أغلب هؤلاء ما يربو على عشر سنوات وراء القضبان ذاقوا خلالها أصناف التنكيل والتعذيب. هذه التجربة علمتهم الشعار الذي أصبحوا يذيّلون به بياناتهم وتغريداتهم: الحق يؤخذ. هذا الشعار قسم ظهر الطاغية الذي يراهن على إنهاك المعتقلين السياسيين وشعورهم بالإرهاق، وأنهم سوف يستعطفونه ويستجدون عطفه. لكنهم فاجأوه بشعارهم الذي يؤكد استعدادهم للاستمرار في النضال  والصمود حتى تتحقق مطالبهم برغم أنوف هؤلاء المستكبرين  والله وحده هو الكفيل بنصر المؤمنين وكسر شوكة الطغاة والمجرمين والعملاء والخائنين.
 
النقطة الثالثة أن الحكم الخليفي أظهر مرة أخرى استعداده للتصدي لكل ما هو أخلاقي وديني، وسعى لثني الشعب عن الاستمرار في مشروعه الديني وسعيه المتواصل لإحياء الذكريات المرتبطة بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الأيام الماضية بدأ التحرش بالأحرار السائرين على خطى أهل البيت. فتم استدعاء الشباب النشطاء الذين قاموا بتعليق السواد على الشارع العام لإحياء وفاة الإمام محمد الباقر عليه السلام. إنه ليس إجراء جديدا بل يتكرر عبر العقود منذ عقود. شباب البحرين يؤمن بأن البلد بلده والأرض أرضه وأن له الحرية الكاملة لإحياء ما يشاء من شعائر دينية مرتبطة بسيرة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام وأهل بيته الأطهار. هؤلاء الشباب لا يبحثون عن إجازة أو رخصة من الحكام الذين يضمرون العداء لخط رسول الله وأهل بيته. فما أن تحل مناسبة استشهاد واحد منهم حتى يهرعوا للقيام بما يعتبرونه مسؤولية شرعية، فينظمون مجالس العزاء ويعلقون اللافتات التي تحمل ذكر أهل البيت وشعاراتهم وأقوالهم. إنه جزء من التراث الديني والثقافي الذي ورثه البحرانيون عن آبائهم وأعلنوا للنظام مرارا بأنهم غير مستعدين للتخلي عنه مهما كان الثمن. فهو مثبت بعقيدتهم التي تمثل جانبا كبيرا من هويتهم، ويعتبرون ذلك مسؤولية شرعية لا يستطيع أحد منعه عن إقامتها وإحيائها. لذلك فمن المتوقع جدا استمرار المناوشات بين البحرانيين و الخليفيين فيما هو آت من الأيام خصوصا مع اقتراب عيد الغدير الأغر وموسم عاشوراء. سيستمر هؤلاء في إحياء المناسبات ليس داخل المآتم والحسينيات فحسب بل سيعبّرون عن ذلك بالشعارات المكتوبة على اللافتات المعلقة في الشوارع العامة. سيتصدى هؤلاء الشباب للمحاولات الرخيصة لطمس ذكر آل بيت رسول الله من قبل العصابة الخليفية الحاكمة التي تحتضن المشروع الأموي الهادف لحرف الإسلام والقضاء على رسول الله ودينه وأهل بيته عليهم السلام. وليس مستبعدا أن يعاد فتح السجون على مصاريعها لاستقبال المواطنين السائرين على خطى أهل البيت عليهم السلام. وهكذا يستمر الصراع بين الطرفين بدون توقف. إننا نهيب بالأحرار الاستمرار في نشاطهم الديني والسياسي، خصوصا الأمهات والزوجات والأخوات اللاتي لم يتوقفن عن النشاط الهادف لتحرير أبنائهن من طوامير التعذيب الخليفية. ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكلل خطى المؤمنين الصامدين بالنصر وأن يمحق الطاغية وعصابته ويستبدلهم بمن هو خير منهم.
 
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، وجعل لهم قدم صدق عندك وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
 
حركة أحرار البحرين الإسلامية
14 يونيو 2024
زر الذهاب إلى الأعلى