بيانات حركة أحرار البحرين

قافلة النضال الوطني تواصل طريقها نحو الحرّيّة

يتوازى مع استمرار الحكم الخليفي ظواهر خطيرة عديدة، برز منها في الفترة الأخيرة أمور ثلاثة: أولها أن الاضطهاد والقمع والظلم ممارسات سوف تستمر بدون توقف في ظل الحكم الخليفي. ثانيها: تضييق الحريات الدينية المتاحة للمواطنين، وثالثها: تمتين العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي. وهذه التطورات تؤكد حقيقة خطيرة مفادها ان إصلاح الحكم الخليفي في المستقبل المنظور غير ممكن، وأن التعويل على الانخراط ضمن المشروع السياسي الخليفي لإصلاحه من الداخل أصبح نغمة قديمة لا يوجد أفق لتحققها بعد فشل كافة  المحاولات ضمن هذا الإطار. هذه الحقائق تؤكد ضرورة  العمل الجاد من أجل التغيير لضمان مستقبل أفضل إن لم يكن للجيل الحالي فللأجيال المستقبلية.
 
ولتوضيح ما سبق يمكن إيراد ما يلي: الأمر الأول أن الاضطهاد سياسة محورية لدى النظام الخليفي بشكل دائم لأنه يعتقد أن البحرانيين الأصليين (شيعة وسنة) لن يخضعوا يوما لإملاءاته ولن يقبلو بحكم مطلق ولن يستسلموا لمحاولات تغيير إرادتهم ودورهم في صنع القرار السياسي. هذا الاضطهاد له مصاديق عديدة: أولها مصادرة حرية الكلمة واعتبار من يمارس حقه في التعبير خارجا على القانون. لذلك ينفي الخليفي وجود سجناء سياسيين ويصر على أن المعتقلين إنما غُيبوا في السجون بسبب ارتكابهم ما يعتبره “جريمة”. والمعلوم أن الغالبية الساحقة من السجناء السياسيين الذين استمروا وراء القضبان أكثر من 13 عاما إنما عبروا بوضوح عن معارضتهم لنظام الحكم الخليفي وأصرّوا على مطالبتهم بالتغيير والتحول الديمقراطي. هذا ما فعلوه في العام 2011 واستمروا عليه طوال 13 عاما الأخيرة. فهم يطالبون بحقوق سياسية مشروعة تقرها المواثيق الدولية، أساسها دستور يكتبه الشعب، يقوم بموجبه برلمان منتخب تتمخض عنه حكومة حرّة. هنا أصبح التعبير عن الرأي والموقف سواء بالتصريح أم الاحتجاج السياسي والمشاركة في التظاهرات والاعتصامات جرما حسب التقييم الخليفي. فما الجرم الذي ارتكبه آلاف المواطنين الذين اعتقلوا وعلى رأسهم رموز الشعب المغيبون وراء القضبان؟ هل فعلوا شيئا سوى الدعوة للتغيير السياسي المشروع، وعبّروا عن ذلك بالتصريحات أمام الجماهير وعلى وسائل الإعلام؟ لماذا يُسجنون طوال هذه الفترة ويتعرضون للتنكيل ببشاعة وتوحش وسادية؟ إنه اضطهاد منقطع النظير، يمارسه الحكم الخليفي بأوامر من القصر الملكي بشكل مباشر. ومهما صدر من تصريحات سلطوية تدعي انتهاء مرحلة الاضطهاد، فمن المؤكد أنه سوف يستمر في المستقبل المنظور. فهو ليس ممارسة جديدة بل استمرار لسياسة قديمة كانت العمود الأقوى للنظام الخليفي الجاثم على صدور أبناء البحرين.
 
الأمر الثاني: برغم ما تدّعيه الحكومة الخليفية وتروج له وسائل الإعلام و سياسيوها، فإن الحرية الدينية ليست متاحة في البحرين خصوصا للمواطنين الأصليين من الشيعة والسنة. النظام يمارس سياسة “ذر الرماد في العيون”، فيبني معابد لغير المسلمين، ويتظاهر بدعم المسيحيين، ويبني دور عبادة لليهود، ولكنه في الوقت نفسه يضيق الخناق على السكان الأصليين بسبب إصرارهم على التغيير السياسي. وفي الفترة الأخيرة فرض قانونا يلزم من يرغب في زيارة الأماكن المقدسة في العراق وإيران وسوريا الحصول على ما يسميه ترخيصا أمنيا، وبدونه لا يستطيعون التوجه إلى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف الأشرف والكاظمين وسامراء وقم المقدسة ومشهد. جاء ذلك الشرط بعدما أعلن النظام عن فتح خط الطيران بين البحرين والنجف. واستخدم ذلك لإقناع حكومتي العراق وإيران بأنه يهتم بالغالبية الساحقة من السكان وهم من المتعبّدين بالمذهب الجعفري، واعتبر ذلك مبررا لتطوير علاقاته مع البلدين. والأمل أن يؤدي ذلك التذاكي لانكشاف المخطط القبيح الذي يستهدف السكان الأصليين. ماذا يعني التصريح الأمني لمن يريد أن يزور أضرحة أئمة المسلمين؟ ما الخطر الأمني الذي يمثله هؤلاء؟ إن هذا الشرط يُفترض أن يثير حفيظة حكومتي العراق وإيران لأنه يستبطن أنهما سوف تسمحان بالإخلال بأمن البحرين، وسوف تستخدمان الزوار لذلك الغرض، وهو اتهام خطير، يجدر بالحكومتين ليس إنكاره فحسب، بل الرد بحسم على الموقف الخليفي المتناغم مع الادعاءات الإسرائيلية بـأن تلك البلدان تهدد أمن الاحتلال الإسرائيلي. إن الزوار البحرانيين معروفون بإيمانهم وحب وطنهم والتزام القانون ونزعتهم للأمن والسلم ورفض العنف أيا كان مصدره. والأمل أن يرفض الراغبون في الزيارة استحصال “التصريح الأمني”، فذلك هو الطريق لإفشاله من أجل تسهيل زيارة  العتبات المقدسة.
 
الأمر الثالث: إنه بموازاة تظاهر الحكم الخليفي بالانفتاح على إيران والعراق، يسعى لتوسيع علاقاته مع نظام الاحتلال الإسرائيلي خصوصا بعد أن اعترف به وأقام معه علاقات دبلوماسية وتبادل معه السفراء وسمح لخبرائه الأمنيين بالتواجد على أرض البحرين لمساعدته ضد الشعب. وبرغم عدم أهمية الخليفيين نظام من الناحية الواقعية، فإن إقدامهم على التطبيع مع “إسرائيل” كسر الحاجز النفسي القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي ونظام الاحتلال. وقد شجع ذلك السعودية على التوجه لتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال في المرحلة المقبلة. وهذا إن حدث فسيكون ضربة نفسية ومعنوية وسياسية لمشروع المقاطعة العربية الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة أرباع القرن عند قيام الاحتلال في فلسطين. وبهذا أصبح الطاغية الخليفي أحد مفاتيح الانفتاح على الصهاينة الذين ما فتئوا يقتلون أهل فلسطين وينكلون بسكان غزة ويقتلون رجالها ونساءها وأطفالها بدون حساب. فلا يمر يوم بدون أن يقتلوا العشرات من هؤلاء وكأنهم بدون قيمة. وبلغ الأمر أن أصبح القتل عاديا لا يثير الاهتمام. مع ذلك فإن الوعي العالمي بما يجري في غزة يدفع الملايين من أحرار العالم للخروج في تظاهرات الأسبوعية في العواصم والمدن الغربية. ومن شأن هذه الاحتجاجات التي تتوسع بشكل مضطرد أن تضغط على السياسات الغربية لغير صالح الاحتلال. وقد وعى أهلنا في البحرين لهذه الحقيقة، فاستمر في تظاهراته الداعمة لفلسطين والرافضة للعدوان الإسرائيلي المستمر على أهلها. ولكنه لم يسلم من القمع الخليفي. فما أن تخرج مجموعة محتجة حتى تواجهها قوات الأمن الخليفية بالقمع والاعتقال. وما أكثر الأحكام التي صدرت بحق شباب شاركوا في تلك الاحتجاجات. فحين يسجن شخص ثلاثة شهور بأمر من المحاكم الخليفية بسبب مشاركته في مظاهرة داعمة لفلسطين ومناهضة للعدوان على غزة، فإن ذلك من شأنه، حسب التقييم الخليفي، ردع الآخرين عن المشاركة في الاحتجاجات الداعمة لفلسطين.
 
هذه الأمور الثلاثة تضغط على الوضع البحراني في الوقت الحاضر، وتدفع المواطنين لمواصلة النضال الذي بدأه أسلافهم من أجل التغيير الذي يفضي إلى الحرّيّة والكرامة، ويعيد للبحرين سيادتها التي سلّمها الخليفيون للأجانب. إن النضال هنا ليس عنادا او تعصبا او رغبة في تعكير الأجواء، بل ضرورة تقتضيها المصلحة الوطنية ويتطلبها مشروع بناء الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات وليس على الشخاص، التي يدير زمامها الشعب عبر ممثليه المنتخبين، وليس البيت الخليفي المارق الذي خان الله ورسوله والأمة والوطن والشعب. إنها لحظة تاريخية مهمة في تاريخ النضال الوطني، نأمل ان يشارك فيه الأحرار والمناضلون من كافة الفصائل الوطنية، ففي ذلك شرف للمشاركين وعزّة للوطن ودعم للحرّيّة، وخطوة على طريق إقامة حكم القانون. إننا نهيب بالجميع المشاركة لدعم مسيرة النضال التي تواصلت منمذ ان انطلقت منذ أكثر من مائة عام، وترددت أصداؤها من البحرين ألى سانت هيلانة، وحمل لواءها المناضلون البحرانيون من كافة الخلفيات الايديولوجية والسياسية. وسوف تنتصر بإذن الله إذا حظيت بدعم وطني مؤسس على  الوعي وصدق النية وابتغاء وجه الله فحسب.
 
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهما قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
 
حركة أحرار البحرين الإسلامية
7 يونيو 2924
زر الذهاب إلى الأعلى