بيانات حركة أحرار البحرين
شعب البحرين متضامنا مع شعب فلسطين: الدفاع عن المظلوم مهمّة مقدّسة
ويستمر العدوان على غزة بدون توقف أو رحمة أو إنسانية. فلا صوت يعلو فوق صوت العدوان، والصمت سيد الموقف على الجانب العربي، فيما عدا ثلل قليلة من أبناء شعوب هذه الأمة الذين يخرجون متظاهرين ومطالبين بانتهاء العدوان ووقف حمامات الدماء التي تسيل يوميا في أرض فلسطين. إنه لصوت رهيب ومُخزٍ وذليل. فمن يستطيع أن يتكلم في أجواء القمع والاضطهاد تحت أنظمة الجور التي لا ترعى لمؤمن إلًّا ولا ذمة. إنه الزمن الرديء الذي يصبح فيه المحتل سيد الموقف ويسارع فيه أنظمة الاستبداد للتطبيع مع هذا المحتل. ولا يكفيهم ذلك بل يعمدون لمن يرفع صوته محتجا ضد العدوان فيعتقلونه وينكلون به و يودعونه السجون ويصدرون أقصى العقوبات عليه. أليس هذا ما يحدث في البحرين اليوم لأن شعبها الأصيل يرفض الصمت وخذلان المظلومين في أراضي فلسطين. إنه يحتج ضد العصابة الحاكمة التي تصر على مد جسورها مع العدو عن طريق التطبيع الذي يرفضه المواطنون بدون تردد ويعتبرون من يمارسه خائنا للقضية وخارجا عن الملة ومرتكبا قصوى الجرائم. المواطن البحراني لم يتخل يوما عن مسؤولياته الإنسانية والإسلامية والعربية، فما أكثر تصديه للعصابة الحاكمة التي ترفض أن يصدر صوت وطني بحراني يدين الاحتلال ويدعو لقطع الأواصر معه ويعتبر من يقدم على ذلك خائنا لله ورسوله وأمّته.
الشعب يعلم أنه يعيش في هذا الزمن الرديء الذي يحتكر الحكم فيه مجموعات وعائلات وأفراد يدعمها الغربيون بدون تردد لأنهم ينفذون خططهم وسياساتهم. أليس سجون البحرين مكتظة بنازليها من العلماء والمفكرين والإعلاميين والشعراء؟ الخليفيون يعلمون أن هؤلاء المعتقلين لو كانوا خارج الزنزانات لما خذلوا شعب فلسطين ولتصدّوا لقيادة الشعب في مظاهرات يومية وتحدي سياسات التطبيع بلا حدود. الطاغية الخليفي يدرك هذه الحقائق، ولذلك يصر على إبقاء هؤلاء وراء القضبان. ويضيف لهم يوميا أعدادا من الشباب والأطفال الذين يرفضون الصمت والسكوت أو التخلي عن قضية فلسطين فيتظاهرون يوميا في شوارع القرى والمدن ويهتفون بحرية فلسطين وهزيمة الاحتلال وينددون بمن يمد يديه لإنقاذ من يحتل أرض المعراج. برغم هذا الاضطهاد والقمع تبرز البحرين واحدة من أهم البلدان التي أثبت أهلها ولاءهم لله ورسوله وأرض المعراج، وتحمّلوا الأذى في سبيل إيصال صوت المظلومين إلى العالم.
ونتساءل هنا: أين هي تضحياتنا في مقابل القتل الفظيع للأطفال والنساء والرجال بشكل يومي لا يتوقف. كما نتساءل: أين الإنسانية؟ أين ما يسمى العالم الحر؟ أين حكام العرب؟ وأين الشعوب العربية؟ صحيح أن هذه الشعوب تتعاطف بدون حدود مع شعب فلسطين وترفض العدوان الإسرائيلي الذي لا يتوقف، ولكن ذلك يحتاج لمواقف علنية وصادقة وجادة. وقد ينجم عن هذه المواقف الاعتقال والسجن. فهل هذا كثير على من يريد أن يتضامن مع إخوته ويمارس إنسانيته ويرفض التخلي عن أخلاقه وقيمه؟ لقد صدق السجناء البحرانيون كذلك في مواقفهم، فقد وقّعوا بيانات دعم لأهل فلسطين وتنديد بالعدوان الإسرائيلي، وقّعوها بأسمائهم ولم يخشوا في ذلك أحدا من أعدء الإنسانية، لأن الله يحميهم وينصرهم، فهو ناصر المظلومين في غزة وفي كل مكان. إنهم بذلك يسجلون للتاريخ أن الشعب البحراني لم يتخل عن إخوانه المظلومين في فلسطين. لقد تظاهر في الشوارع واحتج من وراء القضبان وشارك في المسيرات التي تجوب شوارع البحرين وخارجها. فطوبى لهذا الشعب وهذا الوطن، والعار للعصابة المجرمة التي ما فتئت تقيم علاقاتها مع العدو وترفض تقديم الدعم الحقيقي لأهل فلسطين.
وقد يقول قائل أن حكومة البحرين ضعيفة ومحدودة التأثير ولا تستطيع تقديم الكثير. ويُردّ على ذلك بأنها قادرة على أن تحرك القضية داخل مجلس التعاون الخليجي الذي تنتمي إليه، وتستطيع كذلك أن تقول للأمريكي أنه ما لم يتوقف عن دعم العدوان على فلسطين فإننا نفكر في غلق القاعدة الأميركية في البحرين. وتستطيع كذلك تشجيع أخواتها في مجلس التعاون ومن بينها سلطنة عمان والكويت وقطر على المساهمة في مشروع وقف العدوان ومحاصرة المعتدي سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا، ودعم المظلومين في غزة. ومن المؤكد أنها تستطيع طرد السفير الصهيوني من المنامة وغلق سفارة العدو، والسماح للمواطنين بالخروج في مسيرات كبيرة تتضامن مع غزّة وتندد بالعدوان الإسرائيلي. ولكنها ترفض القيام بشيء من ذلك وتصر على الاستمرار في سياساتها القمعية ضد من يدعم فلسطين، وتعادي رموز المقاومة عداء لا نظير له. ألم تعتقل العشرات من الشباب والأطفال بسبب مشاركتهم في مسيرات تأبين للشهيد السيد حسن نصر الله الذي اغتالته اليد الصهيونية وعددا كبيرا من رموز المقاومة؟ ألم تنكّل بالعلماء الذين أصدروا بيانات داعمة لأهل غزة وتهددهم بالسجن والتنكيل إذا استمروا بإصدار بيانات الدعم بشكل منتظم؟ لقد أصبحت قضية فلسطين وتداعياتها سببا إضافيا لتصعيد القمع والاضطهاد ضد الشعوب العربية لمنع وصول إمدادات إنسانية من الشباب البحراني في الخارج.
إن الأمة تقف اليوم على مفترق طرق بين أن تكون أو لا تكون، بين أن تقف مع المظلوم وتتصدى للظالم، أو تلوذ بالصمت وتخذل الضحايا وتترك آلة الموت تحصد أرواح الآدميين بدون حساب. هذه الأمة تعلم أن أبناءها في فلسطين يعانون من القتل اليومي. أما جرحاهم فلا يحظون بالرعاية الطبية المطلوبة، لأن العدو يستهدف الطواقم الطبية والمستشفيات بالتدمير بلا إنسانية وأمام عدسات المصورين، لأنه لا يخشى ردة فعل حقيقية ما دام يحظى بالدعم الأميركي والأوروبي بلا حدود. لو شعر نتنياهو بأنه سيواجه تحديا حقيقيا من هؤلاء لما أقدم على جرائمه التي لم يتوقف عنها يوما منذ 7 من أكتوبر في العام الماضي. هذه الأمة ستقف أمام ربها وأمام التاريخ وتتعرض للمساءلة و والمحاسبة إن لم تقم بواجبها الفاعل الذي يؤثر عمليا على الموقف ويُشعر أهل فلسطين أن هناك من يفكر فيهم ويدافع عنهم ويوفر لهم الدعم المادي والمعنوي وينقذهم من المجاعة. فالتقارير تؤكد أن أبناء غزة يواجهون الجوع بسبب الحصار الدائم من قوات الاحتلال المدعومة من أمريكا، ولا يغير من هذه الحقيقة ما يقدمه الغربيون من دعم إغاثي يتمثل أحيانا بإنزال المعونات بالمظلات. الغربيون يستطيعون أن يصدر قرارا بإلغاء القرار الصهيوني الذي صدر هذا الأسبوع بمنع منظمة أونروا المعنية بتقديم الدعم لأهل فلسطين. إنه واحد من أبشع القرارات التي تتحدى الإنسانية وتفرض عمليا حصارا محكما على الأراضي الفلسطينية. فهذه المنظمة تعتبر أهم مصدر لتقديم الطعام للجياع في غزة، ومنعها يعني إصدار حكم الإعدام بالموت جوعا على أطفال غزة ونسائها ورجالها، وبذلك تصدق المقولة بأن الاحتلال يمارس الإبادة كسياسة ثابتة بشتى أشكالها: بالقتل الميداني والقصف الشامل الذي حوّل غزة إلى أنقاض وتمزيق أشلاء الأطفال وتجويع من ينجو من القصف الذي تقوم به طائرات العدو يوميا بدون توقف. فأي عالم نعيش فيه؟ وكيف غابت الأخلاق والقيم والإنسانية عن مؤسساته الدولية الكبرى كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ومنظمة عدم الانحياز؟ ما قيمة هذه الإنسانية إذا تخلت عن قيمها وتركت بعض قطاعاتها يموت جوعا بينما يعيش الكثيرون في الغرب بل والعالم الإسلامي أيضا مستويات من التخمة والبذخ بلا حدود؟
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة أحرار البحرين الإسلامية
1 نوفمبر 2024