مباديء الثورة البحرانية ديباجة للتغيير الديمقراطي في المنطقة
برغم التعبئة الخليفية الشاملة لافشال فعاليات الذكرى السابعة للثورة المظفرة، الا ان الشعب تحداها في كل زاوية وخرج متظاهرا ومحتجا ومتمردا عليها لاسماع العالم صوته بصوت واضح: الشعب يريد اسقاط النظام. وربما اعتقد الطاغية ان الجيوش الستة التي تسند حكمه قد كسرة شوكة اهل الارض، ولكن خاب ظنه، فقد تواصلت الفعاليات الشعبية قبيل الذكرى، ومعها الاستعدادات المطلوبة لانجاحها. شمر الثوار عن سواعدهم وخرجوا في الشوارع والازقة في اغلب مناطق البلاد، هاتفين من اجل الحرية ومطالبين بسقوط نظام الخيانة والجريمة، واستبداله بنظام حكم يتأسس على دستور يكتبونه بايديهم. لم يعبأوا بفلول الخليفيين من المرتزقة والانتهازيين والعبيد، مستحضرين ما حدث في الرابع عشر من فبراير 2011 عندما هب الجميع من اجل البحرين واستقلالها وحرية شعبها. سقط الشهداء تباعا، وكشر الديكتاتور وعصابته عن انيابهم ومارسوا ابشع الجرائم ضد الانسانية، فقتلوا الشباب والاطفال والنساء واعتقلوا الابطال وعذبوا الابرياء واعدموا الاحرار واسقطوا جنسية معارضيهم وابعدوا العشرات منهم الى خارج الوطن. لقد كتب ذلك التاريخ بدماء الشهداء في اذهان الجميع، واحدث مفاصلة تاريخية مع العصابة الخليفية التي استقدمت الاحتلال وسلمت السيادة للاجانب، واستعانت بالمرتزقة على المواطنين. سبع سنوات عجاف استحضر الثوار فصولها عشية الذكرى ويومها، وخرجوا متوكلين على الله، ترعانهم عينه التي لا تنام، وتخفق قلوب المؤمنين في كل مكان من اجلهم، ويصلي العباد تضرعا الى الله لكي يحميهم من عدو غاشم لا يؤمن بعهد ولا يحترم الانسان ولا يستحق البقاء.
ملاحم تاريخية سجلها الابطال الذين لم يملكوا سوى قبضات ايديهم واصوات حناجرهم التي كررت الشعارات الثورية التي صفق العالم لها وانحنى اجلالا لمن يهتف بها. لقد سقط الطاغية منذ سبعة اعوام، واصبحت دعوات الامهات الثاكلات تلاحقه بدون توقف: اللهم امحقه وعصابته وأرح البلاد والعباد من هذا النظام الفاجر. اعتقد ان قوات الاحتلال السعودية والاماراتية ستحميه من غضب الشعب الثائر، فما اجهله. ان شعبا آمن بالله وعاهده على الصمود على طريق دينه لا يهزم. وهكذا اكتظت المساجد بالمصلين طوال الاعوام الماضية، تخفق قلوبهم بذكر الله وتصلي من اجل الحرية، وتدعو للمرابطين الصابرين. وهل يستطيع شيء ان يحجب الدعاء عن الله سبحانه؟ لقد وقف الشعب وقفته وقال كلمته، كررها سبعة اعوام متواصلة مؤكدا ما يلي:
اولا: ان الثورة المظفرة مشروع تغييري متواصل لن يتوقف حتى تتحقق مطالب الشعب الثابتة وفي مقدمتها حق تقرير المصير وكتابة دستور دائم بايدي المواطنين، واجراء انتخابات تشريعية على اساسه، وانتخاب حكومة عن طريق الاقتراع المباشر، على اسس من المواطنة المتساوية وان لكل مواطن صوتا.
ثانيا: لا عودة لمرحلة ما قبل ثورة 14 فبراير. فذلك خط احمر، لان التاريخ الذي سطرته تلك الثورة بدماء شهدائها لا يمكن الغاؤه او تجاهله. فأية صيغة لانهاء الازمة يجب ان تتضمن سحب كافة السلطات من العائلة الخليفية. فهذه السلطات مفروضة على الشعب بقوة السلاح والغلبة وليس بالرضا والتفاهم. ان مستقبل البحرين يجب ان لا يعيد السلطة لهذه العصابة الاجنبية التي احتلت الارض وسفكت الدماء واستدعت الاحتلال الاجنبي.
ثالثا: ان الشعب البحراني الاصلي، بشيعته وسنته، هو صاحب القرار الاول والاخير في ادارة شؤونه، ويرفض اية وصاية من اية جهة او دولة. انه متمسك بالسيادة على ارضه، ولن يتخلى عنها لاحد، كما انه يتشبث باواصر الاخوة بين ابنائه وتساويهم اما القانون وفي الحقوق والواجبات، ولا علاقة للعرق او الدين او المذهب بموقع المواطن او حقوقه او مسؤولياته تجاه وطنه.
رابعا: ان الجرائم التي ارتكبها الخليفيون خصوصا انتهاكات حقوق الانسان والتعذيب لا تتساقط مع الزمن، وسيظل ضحاياها اصحاب حق في التقاضي امام قضاء عادل، محلي او دولي.
خامسا: ان البحرين احد مكونات العالمين العربي والاسلامي، تربطها علاقات اخوة مع الجميع خصوصا الشعوب الخليجية التي هي الاقرب تاريخا وثقافة وعلاقات اجتماعية. ومن حق شعبها ان يحدد علاقاتهم مع الدول الجارة، وفق ما يحقق مصالحه ولا يؤثر على مصالح الجيران باي شكل. فالحق مصون دستوريا واخلاقيا، وسيظل الانتماء للامة عاملا جوهريا في تحديد تلك العلاقات.
سادسا: ليس من حق اية قوة خارجية التدخل في شؤون البلاد الداخلية: شكل الحكم والنهج الدستوري، ودور الشعب وحقه في اختيار نمط حكمه وانتخاب حكومته، والعلاقات الخارجية للبلاد. فكل ذلك شؤون سيادية يمارسها المواطنون عبر النظام الذي ينتخبونه. ولذلك فليس من حق السعودية او الامارات ابقاء قواتهم على اراضي البحرين، فهي قوات احتلال غاشم لا يقبل المواطنون به. كما ان وجود هذه القوات على الاراضي اليمنية عدوان مرفوض ايضا. ومن يريد الامن والاستقرار للمنطقة فعليه ان يتعامل مع شعوبها باحترام، وعدم إجبارها على التخلي عن ايديولوجيتها السياسية او عقائدها الدينية.
سابعا: ان المجتمع الدولي مسؤول عن احلال الامن والسلم الدوليين، وذلك باحترام ارادة الشعوب والتصدي للعدوان وترويج مباديء الحرية وتقرير المصير وقيم الحكم الديمقراطي العادل، والدفاع عن حقوق الانسان. هذه مسؤولية المنظمات غير الحكومية كما هي مسؤولية المؤسسات الاممية كالامم ا لمتحدة ومجلس الامن الدولي التي هي الاخرى تخضع لاملاءات الدول الكبرى خصوص امريكا. برغم ذلك يتطلع شعب البحرين لهذه الجهات لأداء مسؤوليتها لتعميق الثقة بقيم العمل الدولي المشترك.
ثامنا: ان على المجتمع الدولي التصدي بشكل صادق لظاهرة الارهاب، ليس باستهداف عناصرها الظاهرة فحسب، بل باستهداف مصادر دعمها وتمويلها ورعايتها الفكرية والمادية. ومن المؤكد ان هذه الظاهرة لا تنفك عن ظواهر الاستبداد والظلم في المنطقة العربية خصوصا منطقة الخليج. فالحقيقة التي لا مراء فيها ان للمال النفطي دورا محوريا في دعم هذه الظاهرة ومعها التطرف والطائفية، وكلها امراض تعصف بالمجتمع الدولي وتقويض دعائم الامن والسلم الدوليين. شعبنا البحراني رفض الارهاب جملة وتفصيلا، وتمسك باسلوب التغيير الثوري الذي يعتمد على الحضور الجماهيري والعصيان المدني. يستحق هذا الشعب احترام العالم وتأييده ودعمه، لانه الانموذج الوحيد من ثورات الربيع العربي الذي تواصل سبع سنوات ولم يهدد الامن والسلم.
هذه المباديء تمثل عقيدة الثورة البحرانية المظفرة باذن الله، وستتمسك بها لانها تعبير عن التحضر والتطور، ورفض مطلق للقيم التي يفرضها الحكم القبلي الذي افرغ المباديء الديمقراطية والحقوقية من محتوياها الحقيقية وتشبث بالاشكال. ان استبدال هذه القيم بما يشبهها ظاهرا ويناقضها جوهرا ظاهرة خطيرة ترعاها قوى الثورة المضادة في المنطقة، لضمان بقاء الانظمة التي لا تنتمي في حقيقتها للمشروع الديمقراطي ولا تؤمن حقا بحكم القانون ولا تعترف بمباديء حقوق الانسان. ان الثورة التي دخلت هذا الاسبوع عامها الثامن جديرة ليس بالدعم فحسب، بل بالدراسة والقراءة المتأنية للتعرف على القيم المذكورة التي تمثل جوهر عقيدتها السياسية بعيدا عن المزايدات والمغالطات والتشويش. فمن يهفو للحقيقة فعليه دعم هذه الثورة المباركة، وليرفع صوته ليس ضد الحكم القبلي الفاشي المتخلف، بل كل من يدعمه اعلاميا وسياسيا وعسكريا. انها مسؤولية اخلاقية وانسانية وشرعية، فعلى العالم ان يتحمل مسؤوليته، والا فانه يحفر قبره بيديه.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
16 فبراير 2018