شهر العبادة والصمود والتصدي للشياطين
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
هذه تباشير الخير تهطل مع حلول الشهر الفضيل، والرحمة الالهية تمطر على رؤوس المؤمنين الصابرين الصائمين بلا حدود. اما المظلومون الذين يقضون ايام صومهم وراء القضبان فلسان حالهم يخاطب الديكتاتور: فاقض ما انت قاض، انما تقضي هذه الحياة الدنيا. فاهلا وسهلا بشهر رمضان المبارك الذي ستختلج فيه السنة الصائمين المرابطين في الميادين بالصلاة والدعاء والقرآن. ونبارك لهذا الشعب العظيم الذي اثبت انه اقوى من الطغاة المجرمين واصلب عودا وأكثر تحررا وإنسانية وكرامة. هؤلاء الاحرار خفقت قلوبهم مع ضحايا القمع الاسرائيلي، فكان الألم يعتصرهم وهم يرون المشهد يتكرر في بلدهم على ايدي غزاة آخرين احتلوا البلاد وسعوا لاستبدالها بالمستوطنين من اصقاع الارض. شهر رمضان الكريم له طعمه الخاص لدى المؤمنين الذين يتلذذون بالعبادة ويشعرون ان معاناة الصوم ومعاناة السجن والتعذيب متشابهتان، فكلاهما عبادة تقربهم من الله تعالى. النضال السياسي احد اشكال العبادة الخالصة لله تعالى لانها جهد يستهدف الظلم ويسعى لاقامة العدل بين الناس. وفي هذا العام فان لشهر رمضان طعما آخر، لان الصائمين يشعرون بقرب النصر وهزيمة العدو الغاشم سواء في اليمن ام فلسطين ام البحرين. فطوبى للصائمين، ومرحى للذين يتصدون للظلم والظالمين، ويقرأون القرآن ليتدبروا آياته ويستيقنوا بما فيه” والعاقبة للمتقين”. ولتوضيح بعض المواقف يجدر طرح بعض التطورات ذات الصلة بالايمان والصمود والعبادة والصوم:
اولا: ما ان اعلنت محاكم الطاغية احكامها الجائرة بحق 138 بحرانيا حتى بدأت نتائج دعوات امهاتهم تحاصر العصابة المجرمة داخل البلاد وخارجها. فالله لا يظلم العباد، والظالم لا يخرج عن ارادة الله وحكمه، وسنن الله لا يمكن وقف نفاذها. هذه دروس تعلمها الثوار طوال سنوات سبع عجاف، فاطمأنوا بها وأيقنوا ان النصر سيكون حليفهم. هذه الاحكام الجائرة انما تعكس ضعف الحاكم وهشاشة نظامه، وخوفه المستمر من السكان الاصليين. ولا يمكن ان يبقى طاغية في الحكم اذا كان يخشى المواطنين ويخطط للقضاء عليهم. فهنا تتضاعف المشكلة فيصبح اكثر اعتمادا على الاجنبي، بينما يزداد المواطن رفضا لمن يعتبره مسؤولا عن معاناته المتواصلة. جاءت الاحكام تعبيرا غن غضب عميق لدى الحاكم الذي وجد نفسه محاصرا بهتافات مناوئيه حتى في مضمار السباق بمدينة ويندسور البريطانية. فقد توجه عشاق الحرية للاحتجاج على وجوده في الاراضي البريطانية، وتجمعوا امام مدخل مضمار السباق رافعين لافتاتهم وهاتفين ضده باعلى اصواتهم. لقد تحول السباق الى محطة لكشف حقيقته كظالم ومستبد وسجان وجلاد ومعذب ولص، وهذه حقائق دفعته للهروب من بريطانيا قبل ان يبدأ السباق الحقيقي. وربما أمره مضيفوه بالمغادرة بعد ان اصبح وجوده عبئا عليهم.
ثانيا: ان ما اعقب السباق لايقل إيلاما لحاكم اعتقد ان بامكانه اخماد الاصوات المعارضة وتكديس السجناء في الزنزانات بدون انسانية او ضمير. فقد وضع خمسة سجناء في زنزانة صممت لاثنين فحسب. وما اكثر الذين ينامون في ممرات العنابر بعد ان اكتظت غرف التعذيب بنازليها. لقد اصبح المسؤولون البريطانيون الذين استقدموا لدعم نظامه مطالبين بتفسير الحقائق المحيرة التي سعوا لاخفائها. وصدرت تقارير في لندن تؤكد ان الحكومة البريطانية انفقت خمسة ملايين لتأهيل ضباط السجن لكي يصبحوا اكثر انسجاما مع معايير حقوق الانسان، ولكن الذي حدث كان عكس ذلك تماما. فقد ازداد التعذيب والاعتقال التعسفي، واستبدل حكم القانون بالانتقام، وتم سحب الجنسية من مئات المواطنين لانهم احتجوا ضد نظام الحكم وسياساته. وبشكل تدريجي اصبح مستحيلا على الحكومة البريطانية تبرير استمرار دعمها المالي والامني لنظام فاشل ومجرم. وفي جلسة مجلس العموم البريطاني يوم الثلاثاء الماضي انهالت الاسئلة على الوزراء والمسؤولين حول هذه القضية التي اعتبروها تعبيرا عن فشل السياسات الحكومية مع حكام الخليج، خصوصا البحرين. ومن المؤكد ان وزراء حكومة المحافظين برئاسة تيريزا ماي شعروا بالحرج الشديد وهم يجيبون على التساؤلات حول تدور الدعم الامني البريطاني في تشجيع الخليفيين على ارتكاب الجرائم بحق الشعب. ومن المؤكد ان ما حدث سيضغط كثيرا على الحكومة البريطانية لتغيير سياستها تجاه العصابة الخليفية.
ثالثا: وجه احد السفراء السابقين صفعة موجعة للطاغية باعلانه الاستقالة من هيئة امناء مؤسسة “خيرية” تابعة للعصابة الخليفية. فقد اعلن السيد بيتر فورد الذي كان سفير بريطانيا لدى البحرين ما بين 1999 و 2001 تركه المنصب احجاجا على تصريحات البوق الخليفي التي برر فيها العدوان الاسرائيلي على سوريا واعترف ان فلسطين ارض لذلك الكيان. وقد اغضب ذلك التصريح الرأي العام العربي لانه الاول من نوعه والاكثر فظاظة وتحديا لمشاعر العرب والمسلمين والانسانيين. واعقب فورد استقالته بتصريحات اكد فيها تداعي الاوضاع في البحرين والمستوى غير المسبوق من القمع والاضطهاد ومصادرة الحريات العامة خصوصا حرية التعبير والمعتقد. من المؤكد ان الخليفيين لم يكونوا يتوقعون هذا التطور خصوصا في ضوء سياساتهم التي تستميل الاشخاص بالمال والمنصب. ماذا يعني ذلك؟ في ضوء استقالة السيد بيتر فورد والحرج الذي شعر به وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، أليستر بيرت، عندما احيط بالاسئلة من النواب البرلمانيين حول انفاق المال العام البريطانيين لدعم جهاز امني خليفي يمارس التعذيب ويقتل الناس بدم بارد ويسجن النشطاء بسبب تعبيرهم عن رأيهم، ويسقط الجنسيات عن المواطنين، فليس مستبعدا حدوث تغير في السياسة البريطانية الداعمة للعصابة الخليفية. ومع تراجع حظوظ حزب المحافظين في البقاء بالسلطة، وتصاعد احتمالات صعود حزب العمال فقد اصبح القلق يهيمن على رموز العصابة. صحيح انهم يعتمدون على الدعم السعودي – الاماراتي والامريكي، الا ان هذا الدعم ليس مضمون الاستمرار نظرا للمخاطر التي تتحدى السعودية والامارات وتراجع حظوظ عدوانهما على اليمن.
رابعا: ان تداعيات العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين والمجازر التي ارتكبتها ستكون لها ارتدادات على التحالف الشرير الذي تتزعمه السعودية والداعم للكيان الاسرائيلي. والواضح ان الظروف التي توسع فيها النفوذ السعودي بعد تصدي قوى الثورة المضادة التي تتزعمها الرياض، تتغير بشكل كبير. فقد فشل المشروع الطائفي الذي اتكأ عليه السعوديون والخليفيون لتبرير عدوانهم على البحرين وشعبها وتهميش ثورتها، وتوسعت دائرة الدعم لهذه الثورة عربيا واسلاميا، واصبح هناك توجه عام لدى قطاعات عربية واسعة نحو لرأب التصدعات التي احدثتها سياسات التحالف الشرير والتصدي بشكل جماعي لمشروع التغيير الديمقراطي المنشود في العالم العربي. هذه التحولات في المزاج العام ستحاصر مشروع قوى الثورة المضادة وتفشله مع مرور الوقت. ان ذلك مصداق للسنن الالهية ومنها قاعدة التدافع التي تخلق توازنا في المجتمع البشري لغير صالح قوى الشر والاستعباد والظلم. موعدنا مع النصر لن يتأخر كثيرا، خصوصا مع صبر شعبنا الأبي وصموده في الميادين ورفضه انصاف الحلول وسعيه المتواصل لتنقية صفوفه من الانتهازيين والمتسلقين. “انا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد”.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
18 مايو 2018