هزائم الخليفيين تتواصل: تبرئة الشيخ علي سلمان، وهزيمتهم امام قطر واليمن
(انهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون)
عيدنا لا كالأعياد، وأيامنا ليست كسائر الايام. ففي العيد فرحة وألم، غبطة وشعور بالرضى لأداء واجب الصوم في شهر رمضان المبارك، وألم لغياب الأحبة، الذين استشهدوا والذين غيبوا في غياهب السجون، واولئك الذين أخرجوا من ديارهم بغير ذنب الا ان يقولوا ربنا الله. وأيامنا نعيشها بحثا عن رضا الخالق وتحرير المخلوق من عبادة غير الخالق او طاعته او الانقياد اليه. تلك هي مشاعر اهلنا في كل ارض مبتلاة بشرار الخلق وعبيد الدنيا. استقبل البحرانيون عيدهم بما يليق بظروفهم. فأهل الدراز محاصرون منذ عامين، لا يستطيعون اداء الصلاة وراء عالمهم الكبير المحاصر في منزله طوال هذه الفترة، وليس بامكانهم استقبال الضيوف المهنئين بالعيد ولو كانوا اهلهم اذا كانوا يعيشون خارج المنطقة. حصار جائر لا يرحم احدا، يفرضه العدو ليس بالقانون والمنطق والاخلاق بل بمنطق الغلبة والبلطجة والاستعلاء والتجبر. واهلنا في كل مدينة او قرية بوطننا المعذب لا يقلون معاناة. فكيف تهنأ أم بالعيد وابناؤها ما بين شهيد وسجين وبعيد؟ كيف تلبس الام اولادها ملابس العيد وابوهم مغيب في طوامير التعذيب؟ محنة كبرى لكنها واعدة. وآذى لكن النفس تأمل ان يكون بعين الله. آمال عريضة تملآ النفوس والقلوب بالخلاص القريب انشاء الله والحرية الغالية الي طالما ضحى الاحرار من اجلها.
اما اهلنا في اليمن فقد استقبلوا عيد الفطر بنفوس أبية ومعنويات عالية. الحمم تهطل على رؤوسهم من طائرات العدو الذي قسى قلبه وافرغ قلبه من الرحمة والانسانية، فاستعلى وتجبر حتى قال لمن حوله: أنا ربكم الاعلى. استصغره المناضلون المرابطون في ميادين الشرف، وخضع له ضعاف النفوس وعشاق المال والجاه. اهل اليمن ودعوا شهر رمضان على انغام القصف المكثف الذي لم يوفر شيئا، بل حصد الارواح والمنشآت، وهدم السقوف على رؤوس السكانين. وحشية وسقوط اخلاقي مروع، وانسلاخ من الدين والاخلاق والقيم، واستقواء بالغير على اهل اليمن المظلومين. مع ذلك بقي اليمني رافعا رأسه مستعينا بالله معتمدا عليه لا على غيره. ذلك هو الايمان الراسخ الذي ثبت اقدام المدافعين عن ارضهم وكرامتهم، رافضين الهزيمة او الفرار من وجه الزحف. ملاحم سطرها اليمنيون بلا حدود، وعناوين للشرف والمجد ستبقى على مر العصور. القصف العشوائي له فلسفته الخاصة، فلا يعترف بانسانية او قيمة او اخلاق. ولا مجال للحياة في قاموسه، فهو حليف الموت والفناء. فأية فلسفة هذه التي يعيش السعوديون والخليفيون والاماراتيون وفق مبادئها؟ وكيف يمكن اصلاح اي وضع بعقلية التدمير والتخريب والتقتيل؟ في الزمن الرديء يتعالى شأن اشباه الرجال الذين يخوضون الحروب بالمرتزقة ويستدعون الجيوش الاجنبية للدفاع عن عروشهم الزائلة، ويتراقصون على انغام الضحايا وأنات المعذبين. اليمنيون عاشوا رمضان متعبيدين لله وحده، وداعين الله ان يحفظهم وارضهم من شرور الاعداء الساقطين اخلاقيا وقيميا ودينيا. سباق بين الحق والباطل في مضمار طويل وشاق بلا حدود.
بالامس قدم سماحة الشيخ علي سلمان لمحاكمة صورية بتهمة ملفقة: التخابر مع قطر والتخطيط معها لاسقاط نظام الحكم.وقد نجح ثوارنا الميدانيون ونشطاؤنا الحقوقيون والسياسيون خارج البلاد في خلق ضغط دولي شديد على الطاغية وعصابته لالغاء تلك التهمة التافهة التي استخسفه بها داعموه في واشنطن ولندن، وأمروه بغلق هذا الملف التافه. ولم يجد مناصا من ذلك، فأمر بتبرئة سماحة الشيخ علي سلمان الذي كان ثابتا في موقفه. اما “قضاته” فقد تضاءلوا واصبحوا كورقة المحارم التي تستخدم لتنظيف قاذروات الديكتاتور، واعلنوا قرار الطاغية بتبرئة الشيخ. فأي قضاء هذا الذي يتحرك بتوجيه الديكتاتور وعصابته ليسوق الابرياء الى المقاصل ويوجه التهم جزافا لمعارضيه بمنطق تافه وذرائع ليست ذات شأن. الشيخ علي تحرك بعد اندلاع ثورة الشعب الخالدة في العام 2011 بدافع الحرص على مصلحة البلاد والعباد، لعل الله يوفقه لصيغة توفر على البلد معاناته التي كان واضحا انها ستطول. سعى القطريون لتحقيق ذلك بوساطات على اعلى المستويات لعل الله يهدي الجميع الى ما فيه امن البلاد والعباد. كانت عناصر الطغمة الخليفية الباغية على علم بالوساطة القطرية ورحبوا بها وتحدثوا مع سماحة الشيخ علي سلمان بشأنها، ولم يكن هناك ما يمكن تفسيره بغير ذلك. ولكن يأبى الشيطان الا ان يبقى شيطانا خبيثا. فها هو الديكتاتور وعصابته يخططون للفتك بأهل البلاد ورموزها، بعد ان قرروا استبدال شعبها بمرتزقة جاؤوا بهم من اصقاع الارض. وها هم الاحرار يتوافدون على السجون وحدانا وجماعات ضمن قمع امني غير مسبوق في حدته وانتشاره وسرعة حركته. وربما شعر الخليفيون لحظة انهم قد انتصروا على الشعب، ولكن ماابعدهم عن الحقيقة والحق. فما ان تدخل الاحتلال السعودي في منتنصف مارس 2011 حتى شمر الابطال عن سواعدهم وقرروا خوض حرب التحرير باساليبهم السلمية ا لمتحضرة. الشيخ علي سلمان سبيقى رمزا للاحرار الطاهرين الذين أبوا الاستكانة والخضوع لغير الله تعالى. اما اعتقاله ومحاكمته وتوجيه تهم سخيفة مؤسسة على الاكاذيب وتحريف الوقائع، انما يؤكد افلاس الطاغية وعصابته واضطراره لهذه الاساليب التي ستساهم باسقاطه وانهاء عهده الاسود.
شعبنا الأبي واضح تماما في مطالبه، وليس مستعدا للمساومة عليها. فقد عجنته التجارب واصبح مدركا بشكل واع لحقيقة النظام الخليفي على صعدان شتى: عدائه العميق والمستمر لكل ما هومن هو بحراني الاصل (شيعيا كان ام سنيا)، استبداده الذي لا يمكن ان يتحول الى ممارسة ديمقراطية او يؤسس لمواطنة متساوية او تداول سلمي للسلطة، انتهاجه سياسة قديمة – جديدة بالغاء المواطنين الاصليين (شيعة وسنة) كمصدر للشرعية والقوة، واستبدالهم بالمرتزقة الاجانب لتغيير التركيبة السكانية والاستقواء بهم كقوة امنية وعسكرية ضد الوطن والشعب، اعلانه بوضوح حقيقة انتمائه من خلال استقدام الجيوش والقواعد الاجنبية وتطبيعه مع الاحتلال الاسرائيلي، واعلانه الانتماء للمشروع السعودي الهادف للهيمنة على العالم العربي باية وسيلة، مستخدما المال النفطي الهائل لتسهيل تلك المهمة. هذه الحقائق اصبحت واضحة تماما لدى ابناء شعبنا الذين عاهدوا الله والوطن على مواصلة النضال السلمي لتحقيق التغيير الجوهري في المنظومة السياسية وتكريس مبدأ المواطنة المتساوية وتعميق الانتماء لامة العرب والمسلمين ولقيم الخير والحرية والعدالة والانسانية. ان شعبا يمتلك هذا الوعي لا يمكن ان يخدع او يستدرج لخدمة مشاريع قبلية او مذهبية او تسلطية واستبدادية. لقد استمد الشعب هذه المباديء والقيم من انتمائه الاسلامي والانساني، ومن تجاربه الماضية والحاضرة، ومن دماء شهدائه الذين ضرجوا في ميادين الصمود والفداء من اجل الحق والخير والحرية والعدل. ويعلم هذا الشعب ان طريقه هذا محفوف بالمخاطر ويتطلب التضحيات الكبيرة، وتؤكد التجارب استعداده الكامل لذلك ايمانا واحتسابا وتصديقا بوعد الله سبحانه وتعالى. لقد انتصر الشعب مجددا في قضية الشيخ علي سلمان وهزم الخليفيون. انها هزيمة اخرى في مسلسل هزائم ستتواصل حتى تسقط نظامهم المهتريء. فبالاضافة لخسارة معركتهم مع قطر وحربهم على اليمن، وقبلها تآمرهم على العراق وسوريا، جاءت هزيمتهم في ملف الشيخ علي سلمان ليرفع شأن الشعب وثواره ورموزه، وليخزي العصابة المجرمة وابواقها التافهة. فالتهاني الحارة للشعب بالعيد السعيد والنصر المؤز على الطاغية والثبات الراسخ في الموقف والنصر الالهي المحتوم نشاء الله. اما الخليفيون فنظامهم مآله الى السقوط، ومصيره الى النار وبئس المصير.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 يونيو 2018