انعدام الاخلاق يدفع الخليفيين لسياسة الانتقام من سجناء الرأي
العلاج والدواء والغذاء والماء والمأوى ليست منحا من اية حكومة في اي بلد، فهي جميعا من الحقوق الطبيعية المادية لأي مواطن، رجل او امراة، طفل ام طاعن في السن، بريء ام مذنب. ولا يجوز شرعا او قانونا استخدام اي منها سلاحا للضغط على اي انسان. وقد علمنا الامام علي في مواقف شتى هذه المعاني التي تعلمها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي تعلمها من الله سبحانه وتعالى. ذلك هو الدين القيم الذي جاءت به الديانات جميعا. ومن لا يأتمر بها فقد خرج عن شرعة الله. وفي حرب صفين عندما استولى الامام واصحابه على مجرى النهر نسب اليه قوله:
ملكنا فصار العفو منا سجية وحين ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الاسارى وطالما غدونا عن الاسرى نعف ونصفح
وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح
وعندما حدثت جريمة اغتياله على يدي عبد الرحمن بن ملجم وكان خليفة المسلمين، اوصى ابنيه الحسن والحسين عليهم السلام بكيفية معاملة القاتل، قائلا: “أطعموه مما تأكلون واسقوه مما تشربون اللَّه اللَّه في أسيركم”. ولا بد من التأكيد هنا على ان الانتقام ممارسة ضد المروءة والاخلاق والقانون. فهو رد فعل يحركه الجانب الشيطاني من الانسان، وليس العقل او الحكمة. فلا يجوز حرمان السجين او الاسير من الماوى او الطعام او الدواء، فكل ذلك حق له من الله الذي خلق الانسان واكرمه “ولقد كرمنا بني آدم”. اما العقوبة فيتم اصدارها وفق القانون. وهذا القانون يجب ان لا يتعارض مع التعليمات الاسلامية او القوانين والمواثيق والقيم والعهود الدولية. ويفترض ان أغلب الدول الاعضاء بالامم المتحدة قد صدق على الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي تمر هذا العام الذكرى السبعون لصدوره واقراره. كما يفترض ان تلتزم الدول بالعهود الاخرى خصوصا العهدين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. كما ان النظام السياسي المتحضر يفترض ان يصادق على المعاهدات الاخرى ومنها معاهدة منع التعذيب وحماية المرأة والطفل وسواها. ولكن هل هذا هو الواقع اليوم؟
عندما يعمد نظام الحكم القبلي في البحرين لتجاوز تلك المواثيق ويستبدلها بعقلية الانتقام واساليب التعاطي القبلي مع المناوئين، ويمارس الشيطنة على اوسع نطاق، فهذا يعني ان امام المناضلين لخلق انسانية افضل اخلاقا وانسانية مشوارا طويلا لا يعلم مداه الا الله سبحانه. وعندما يحرم شخص كالاستاذ حسن مشيمع من العلاج المناسب لامراضه ومنها السرطان والسكر والمرارة وسواها، وكذلك الدكتور السنكيس الذي يعاني من امراض القلب والاعياء والمفاصل نتيجة اصابته منذ الطفولة بمرض “البوليو” او الكساح، والاستاذ عبد الوهاب من امراض تتعلق بخدر الاعصاب، فان الامر يكون قد هبط الى ادنى مستويات التعاطي الانساني، واصبح القائمون على الامر يتصرفون كالوحوش الكاسرة او الحيوانات المفترسة التي لا يحكمها قانون مدني او عقل مفكر. ويتضاعف الجرم حين يدفع بمؤسساته المزيفة لاطلاق التصريحات التي يناقضها الواقع، وتسعى لتضليل الجهات الدولية المعنية بحقيقة ما يجري، ولا تجشم نفسها عناء تقصي الحقائق والتعامل المحايد مع المعطيات. وربما الاشد توحشا ان تعمد دولة تدعي التزامها القانون واحترام حقوق الانسان وتشبثها بالديمقراطية، لتقديم كافة الدعم لجهاز امن ثبتت ممارسته التعذيب الممنهج، وشجبته كافة المنظمات الحقوقية الدولية، واصدر خبراء الامم المتحدة تقارير كثيرة تؤكد توحشه وساديته، وآخرها الاسبوع الماضي. فالسياسة البريطانية المعلنة حاليا تجاه العصابة الخليفية التي تحكم البحرين وشعبها بالنار والحديد، اصابت الكثيرين بخيبة الامل. فقد صمتت على كافة جرائم الخليفيين، وتحدت الضمير البحراني باستقبال الجلادين، ابتداء بزعيمهم ووصولا الى الضباط الذين يمارسون التعذيب بايديهم.
فهل هناك استغراب حين يهب شخص مثل علي مشيمع، نجل السجين القائد، الاستاذ حسن مشيمع، ليضحي براحته وطعامه وحياته الزوجية والابوية، ليعلن اضرابا مفتوحا عن الطعام الى حين يتم توفير العلاج والدواء لوالده المريض وكافة السجناء السياسيين؟ فهو يعلم ان هؤلاء جميعا يتعرضون لموت بطيء متعمد داخل طوامير التعذيب الخليفية. يعرف هذا الشاب ان الطاغية وعصابته يهرعون مسرعين لتنفيذ اساليبهم الشيطانية للقضاء على قادة الشعب، مستغلا الدعم الذي يحصله من التحالف الانجلو امريكي والتحالف الصهيو – سعودي. لقد فاجأ علي مشيمع قوات الاحتلال الخليفية والسعودية بعزمه الراسخ وارادته الفولاذية التي دفعته للاقدام على خطوة لا يقوم بها الا من استعد للقاء ربه واطمأنت روحه بحتمية نيل احدى الحسنيين: النصر او الشهادة. اما الصمت البريطاني على هذا الاضراب، فلن ينفع المؤسسة البريطانية كثيرا، لان تبعات وفاة اي من البحرانيين، سواء المعتقلين لدى الخليفيين او المضربين عن الطعام دعما معهم، ستكون له تبعات سياسية واسعة. هذه التبعات ستتضاعف نتيجة تغير المزاج العام البريطاني لغير صالح الفئة الصغيرة من البرجوازيين واصحاب المال وتجار السلاح ولاعقي قصاع الطغاة. هذه المرة سيأتي العقاب الشعبي حاسما: اسقاط الحكومة التي تصر على دعم الطغاة وتساير جرائمهم بالصمت عليها.
ويسجل لجمهورية كندا موقفها الاخير الذي جاء عبر تغريدة سفارتها في الرياض هذا الاسبوع التي تطرقت لحقوق الانسان وطالبت بالافراج عن المعتقلين السياسيين (رجالا ونساء). هذه التغريدة اصابت الحكم السعودي في مقتل، لانه انفق المليارات لشراء مواقف امريكا وحليفاتها، ولم يدر بذهنه ان هناك من هو مستعد للتضحية بالمصالح التجارية الخاصة خدمة للانسانية ودفاعا عن حقوق الانسان. اقامت الرياض الدنيا ولم تقعدها ونادت بالويل والثبور، وطردت السفير الكندي، وجمدت علاقاتها التجارية مع كندا، وطلبت من 20 الفا من مواطنيها الذين يتلقون العلاج في كندا مغادرتها وطلب العلاج في بلد آخر. انه تعبير عملي صريح عن العقلية الفرعونية لدى هؤلاء الطغاة الذين يسعون لاستعباد البشر بالمال الذي ينهبونه من الوطن والشعب، وينفقونه على المرتزقة والانتهازيين ليقوموا بحمايتهم. ولكن الى متى سيكون لهذه الاساليب اثرها العملي؟ ليس مستبعدا ان تكون الحملة السعودية على كندا بداية يقظة المجتمع الدولي والتفكير بالتصدي للسعودية وحليفاتها خصوصا الامارات بعد ان ركب البلدان رأسيهما واصبحا وبالا عن أمن شعوب المنطقة واستقرارها. لقد اصبح على السعوديين والخليفيين ان يستعدوا لانتكاسة كبرى في علاقاتهم الدولية بعد ان طغوا في البلاد واكثروا فيها الفساد، فسيصب عليهم ربهم سوط عذاب، ان ربك لبالمرصاد. فالله يمهل ولا يهمل، ودماء الشهداء في اليمن والبحرين والعراق وسوريا ومصر ستظل تطارد المعتدين والمستكبرين والمستبدين بدون كلل او ملل. ومع صمود شعوب هذه البلدان واعتمادهم على الله سبحانه وتعالى ستتوفر ظروف نصرها على طغاتها الذين اصبحوا يهدمون بيوتهم بايدهم وايد المؤمنين، فاعتبروا يا أولي الابصار
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
9 اغسطس 2018