الانتخابات الخليفية افشلها الشعب قبل ان تبدا
لم نشأ ان نتطرق للانتخابات الخليفية لانها لا تعني شيئا لدى القوى الثورية التي تعمل من اجل التغيير السياسي الشامل. كما انها مطب آخر يراد منه اشغال الرأي المحلي عن الازمة السياسية البحرانية التي استمرت منذ الاحتلال الخليفي لهذه الارض الطاهرة. يضاف الى ذلك انها احد اساليب التضليل التي يستخدمها الطاغية بحثا عن الشرعية التي سلبها الشعب منه. ولذلك يمكن ملاحظة مشهدين متمايزين
الاول: تضخيم هذه الانتخابات الصورية من قبل الابواق الخليفية التي تردد الانغام التي يرقص عليها الطاغية، وابرازها على غير حقيقتها. فليس المطلوب منها تشكيل برلمان حر يشرع القوانين ويراقب السلطة التنفيذية ويحاسب عناصره الفاسدة. وليس المطلوب منها ان تكون مستقلة عن العصابة الخليفية، بل ان تكون سلاحا آخر بيديه يعذب به الشعب بالتشريعات الجائرة تارة والدعاية الرخيصة تارة اخرى واستعباد المزيد من ذوي النفوس الرخيصة ليخدموا مشروعه ويدعموه ضد الوطن والشعب. ولذلك تبالغ ابواقه الاعلامية والدعائية في اظهارها ممارسة ديمقراطية تضاهي ما يحدث في الدول الديمقراطية الحقيقية.
الثاني: الموقف الشعبي الرافض بشكل مطلق لهذه المحاولة اليائسة لاستحصار شرعية مفقودة لن تتوفر الا من الشعب الذي رفض الخليفيين وحكمهم. هذا الموقف تؤكده المسيرات التي تخرج مطالبة بسقوط حكم العصابة الخليفية والدعوة لتصفير الصناديق التي يروجها الطاغية للتدليس والتضليل. وبرغم محاولاته اظهار هذا الجانب المزيف للحكم الخليفي، فقد قمع الحريات باكثر الاساليب توحشا وتخلفا. فخنف اي صوت معارض لهذه التظاهرة الرخيصة، وتدخل بشكل مباشر لدفع عملائه للترشح ومنع معارضيه من المشاركة فيها. وتجسد هذا الموقف الشعبي كذلك باعلان الاطراف البحرانية ذات الشأن ليس مقاطعة تلك المحاولة البائسة فحسب بل لاضعافها وافشالها بدعوة الشعب لمقاطعتها.
هذان المشهدان توازيهما تطورات عديدة تكشف عمق الازمة السياسية في هذا البلد الذي ابتلي شعبه بعصابة حكم فاجرة وديكتاتور موغل في التوحش، وقوى خارجية انسلخت من انسانيتها فاعتدت على الانسان وكرامته وازهقت الارواح وقطعت اوصال معارضيها. ومن هذه التطورات ما يلي:
اولا: الاجماع الشعبي على مقاطعة الانتخابات الخليفية جملة وتفصيلا، واعلان الاحتجاج العام ضدها من خلال التظاهر السلمي واعتبار المشاركة فيها خيانة كبرى ضد الشعب الذي ما يزال يلعق جراحه. هذه الاجماع هو الاكبر في السنوات الستة عشرة الاخيرة، فهو دعوة شاملة للقطيعة المطلقة مع الحكم الخليفي، وتأكيد على الثوابت الوطنية التي في مقدمتها العمل الحثيث لتحقيق تغيير سياسي شامل في المنظومة السياسية. فالشعب مفجوع بابنائه الشهداء والمعتقلين والمعذبين والمبعدين، ومظلوم بالعدوان الخليفي المتواصل على هويته وتاريخه وحقوقه. وفي الانتخابات السابقة فشل الخليفيون برغم استخدامهم ابشع اساليب الاستفزاز والتهديد في تحقيق نسبة تصويت معقولة، الامر الذي عمق غضب الديكتاتور ودفعه للفجور في الخصومة مع مناوئيه الى الدرجة التي دفعتها لتغيير الحكم السابق ببراءة الشيخ علي سلمان من تهمة التخابر مع دولة قطر الى حكم بالسجن المؤبد على رئيس اكبر جمعية سياسية سيطرت على ما يقرب من نصف اعضاء المجلس المنتخب.
ثانيا: ان العالم ادرك تفاهة المشروع الخليفي فانبرى البرلمانيون في بلدان شتى لرفض انتخاباته. فوقع عدد من اعضاء الكونجرس الامريكي بيانا شجبوا فيه الدعاية الانتخابية الخليفية مؤكدين عدم شرعيتها في ظل استمرار الازمة السياسية الخانقة واكتظاظ السجون بالمعتقلين ومنع الجمعيات السياسية من المشاركة. ووقع اكثرمن 20 برلمانيا بريطانيا بيانا مشابها، وكذلك برلمانيون ايطاليون، وعدد من اعضاء البرلمان الاوروبي. ويمكن القول ان الرفض الدولي للمشروع التضليلي الخليفي هذه المرة يفوق كثيرا ما حدث من قبل. فحين يصدرالطاغية قرارا بسجن الشيخ علي سلمان، رئيس اكبر كتلة برلمانية مدى الحياة بعد فترة وجيزة من تبرئته من التهم المزيفة ضده، فان ذلك مدعاة للسخرية والاستسخاف وتعبير عن نظام استبدادي بلا نظير. فهو ليس مستبدا فحسب بل يسعى لتضليل العالم انه “ديمقراطي” ويستخدم اموال النفط والضرائب المنهوبة من المواطنين خصوصا السجاء للانفاق على الدعاية لنظامه الاجرامي. وليس مستبدا فحسب بل انه يسيء كثيرا للمصطلحات الحديثة حين يطلقها على كياناته المزيفة: برلمان، قضاء، لجان حقوق الانسان، هيئة التظلمات. العالم يعرف انه لو قبل ما يقوله الديكتاتور الخليفي لساهم في تفريغ منظومته السياسية من محتواها.
ثالثا: ان الضربة الموجعة التي وجهها العالم للسعوديين قد تكون قاضية على المدى المتوسط. فقد سقط القناع الذي اشتراه حكام السعودية والامارات والبحرين بالاموال النفطية المنهوبة من شعوبنا المظلومة. واصبحت جريمة قتل الاعلامي جمال خاشقجي بعبعا يلاحقهم ليلا ومساء. ويوما بعد آخر يتضح ان هؤلاء الحكام لا يحترمون الانسان ولا العهود الدولية ولا الاعراف الدبلوماسية، بل يسعون لاستغلالها من اجل مصلحتهم وليس بهدف خدمة الشعوب. هذه المرة اكتشف العالم دناءة التحالف الشرير الذي يتعاون على الاثم والشر والعدوان، ويقصف الآمين في اليمن ويعرضهم لمجاعة هي الكبرى في الحقبة المعاصرة. لقد كشف دم خاشقجي عدم صلاحية هؤلاء الطغاة لحكم شعوب مثقفة ومتحضرة، خصوصا مع اصرارهم على استعباد البشر وتركيعهم وشراء ضمائرهم اما بالتهديد او شراء الذمم. هذه التطورات ستؤدي بعون الله لاضعاف الحكم السعودي وارغامه على الاعتراف بجرائمة في اليمن والبحرين والعراق وسوريا. صحيح ان الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، انحاز تماما لقتلة خاشقجي في مقابل ما تبقى لدى السعودية من اموال النفط، ولكن صحيح ايضا ان هذا الدعم احدث امتعاضا شديدا في الاوساط الدولية واحدث تقززا لدى الكثيرين. ومع الخطأ الشنيع الذي ارتكبه طاغية البحرين باستهدافه شعبها الاصلي (شيعة وسنة) فان من المؤكد ان يبدأ الحكم الخليفي في التداعي والسقوط. انها حتمية الهية لا يستطيع المجرمون الافلات من تبعاتها. سيأتي اليوم الذي يقتص فيه الشهداء من القتلة والجزارين، وتنهض النساء المقهورات من قعر السجون لتبصق بوجوه الغاصبين والجلادين. ومن لا يؤمن بذلك فليراجع ايمانه بالله وسننه.
رابعا: ان العصابة الخليفية وعلى راسها الطاغية يعلمون ان ايامهم في الحكم لن تطول خصوصا بعد ان ارغموا مع السعوديين والاماراتيين على رفع الراية البيضاء في اليمن، مهزومين بشكل محاق. وفجأة بدون مقدمات اعلنوا وقف العدوان على الحديدة بعد ان قتل اكثر من الف من جنودهم ومرتزقتهم في المعارك الاخيرة. ويفترض انهم استوعبوا درسا لا يدركه الا اولو الالباب: ان القوة المادية المفرطة لا تكفي لصنع النصر، وان المرتزقة لن يستطيعوا صنع المعجزات بل انهم سيفرون من المعركة عندما يحمى وطيسها، فهم ليسوا مستعدين للموت دونهم. فلم يعد هناك مجال لقوات العدوان الذي تقوده السعودية الا الاعتراف بالهزيمة والاستسلام لاهل اليمن المظلومين. ومن المؤكد ان اصحاب الضمائر الحية ستصر على تشكيل محكمة خاصة بالجرائم التي ارتكبها السعوديون والاماراتيون والخليفيون في اليمن ، وتقديم مجرمي الحرب لمحاكمة دولية عادلة، ومن بينهم ديكتاتور البحرين.
لذلك يبقى الشعب هو الرقم الاصعب في اية معادلة سياسية محلية او اقليمية. وما انتخابات الديكتاتور الا محطة يسعى فيها لالتقاط انفاسه لعله يحقق انجازا يلمع صورته امام داعميه ومن قام بتضليلهم بالمال المنهوب من الشعب. هذا الشعب الذي قام باكبر ثورة في تاريخ البحرين الحديث لن يخشى التهديدات التي يمارسها الخليفيون لاجبارهم على المشاركة بالتصويت، ومنها الحرمان من الاسكان والتوظيف بالاضافة لتعقيد امورهم على الحدود لايصال رسالة لمن يملك رؤية اخرى غير رؤية الديكتاتور. سيقف الشعب في يوم زينتهم ليكشفوا زيف دعاواهم ويؤكدوا للعالم ان ثورة البحرين جاءت لتبقى حتى يسقط حكم الطغاة. الشعب هو الذي سيفشل انتخابات الديكتاتور بمشاركة بعض الانتهازيين والعملاء والخونة، والمتسلقين، وأغلب هؤلاء من ذوي المستويات الاجتماعية الهابطة. اما الشعب الثائر فلن يتوقف كثيرا عن الخطوة الخليفية المارقة بل سيواصل نضاله يوم انتخابات الطاغية مؤكدا للعالم ان شعب البحرين حي ثائر، وان اعداءه اموات فهم يعيشون بدون ضمائر او قلوب او احساس “كلا بل ران على قلوبهم ما كان يفعلون”.
لذلك نحث الشرفاء والاخيار والوطنيين والنبلاء والمظلومين على الاجتهاد والتفنن في طرق مقاطعة المشاريع الخليفية وافشالها. انه جهد مقدسة ورسالة سامية ندعو الله ان يكللها بالنجاح الذي يسبق النصر المؤزر من عند الله تعالى.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعلن لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
23 نوفمبر 2018