24 نوفمبر انتصار الشعب على الطغيان الخليفي
فعلها شعبنا مرة اخرى وحرم الطاغية من تحقيق حلم كان يراوده منذ الرابع عشر من فبراير 2011: انهاء الثورة الشعبيةالمظفرة باذن الله من الذاكرة. سعى بكل ما يستطيع لاجبار المواطنين على التوجه الى مراكز “الاقتراع” لـ “انتخاب” عبيده في المجلس الزائف الذي يتشدق باطلاق صفة “برلمان” عليه. كان يأمل ان يكون الرابع والعشرون من نوفمبر عيدا يكمل فيه رقصه على اجساد الشهداء وعويل الثكالى والايتام وبكاء المساجد المهدومة. ولكن كان الله له بالمرصاد، فاذا بالشرفاء، وهم الغالبية الساحقة من ابناء الوطن الاصليين (شيعة وسنة) يوجهون له واحدة من كبرى الصفعات في تاريخ البلاد. لم يرد الى الى تلك المراكز التي عشعش فيها الشيطان سوى حفنة من الانتهازيين والمتسلقين والخونة الذين باعوا ضمائرهم وتخلوا عن انسانيتهم وطمعوا في ما عند الطاغوت بديلا عن رحمة الله. ذهب هؤلاء الممسوخون للادلاء بشهادة مزيفة للتاريخ، مدعين ان المجرم الخليفي “ديمقراطي” وان البلاد تعافت من آثار الثورة وان الطاغية كان على حق في ما فعل. كانت المشاركة في يوم زينة فرعون شراكة هي الاخرى في جرائمه وطغيانه واستبداده “ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ”.
ربما لم تشهد محاولة لتزييف التاريخ والحقيقة كما فعله طاغية البحرين في الشهورالتي سبقت يوم زينته المشؤوم. فقد كثف ظلمه وارهابه وساعده في ذلك نظائره في الظلم الذي طال الابرياء في كافة نواحي الجزيرة العربية، من اليمن جنوبا الى سوريا شمالا والعراق والبحرين شرقا. كان يخطط لان تخلو الساحة من اي صوت معارض لمشروعه الذي كان يهدف منه اعلان انتهاء الثورة وفشلها الكامل وعودة الحياة لمشروعه السياسي الفاشل الذي دشنه بالغاء الدستور التعاقدي الذي صدر في العام 1973 والذي يعتبر الوثيقة الوحيدة كمصدر للشرعية الشعبية للحكما لخليفي. وبتمزيق تلك الوثيقة على يديه اللتين تنضحان بدماء الابرياء في 14 فبراير 2002 انتهى التعاقد بين الطرفين واصبح الحكم الخليفي في نظر الشعب الاصلي احتلال خارجيا يجب زواله. فكانت الثورة عليه قبل قرابة الاعوام الثمانية بداية لنهايتها المحتومة بوعد الهي نافذ. ومنذ ان رفض الشعب ذلك الدستور استشاط الديكتاتور غضبا وامعن في القمع والاضطهاد حتى قبل انطلاق الثورة المظفرة. ذلك الاضطهاد الشنيع مهد لتلك الثورة ووفر لها اجواء مناسبة بالاضافة للظروف الاقليمية التي تمخضت عن ثورات الربيع العربي. البحرين وحدها هي التي انجبت اجمل الثورات واطولها وانقاها وأقلها عنفا واكثرها تحضرا، واصدقها في الاهداف المعلنة والوسائل المتبعة. ثمانية اعوام لم يمر خلالها يوم بدون وجود آثار في الشارع لثورة الشعب على الطغيان والاستبداد والاحتلال. هذا برغم استقدام الاحتلال الاجنبي المتمثل بقوات من ست دول: السعودية والامارات والاردن وباكستان وامريكا وبريطانيا. برغم ذلك فشل الحكم الخليفي في كسر شوكة الشعب وارادته
كانالديكتاتور ومعه داعموه في واشنطن ولندن قدخططوا في البداية انهاء الثورة عبر انتخابات العام 2014، ولكن الشعب افشل ذلك المخطط بمقاطعته الشاملة لتلك المؤامرة واصراره على مواصلة الثورة السلمية بدون خوف او وجل. وطوال الاعوام الاربعة اللاحقة خطط اعداء الشعب للانقضاض مرة اخرى على الشعب بكافة الوسائل الاجرامية: فازدادت السجون اكتظاظا بالشرفاء، واعتقل من تبقى من رموز الشعب مثل نبيل رجب والشيخ علي سلمان ونكل بالنشطاء رجالا ونساء، وابعد العشرات ومن بينهم الناشطة المعروفة، زينب الخواجة، وسحبت جنسيات المئات من البحرانيين، واغلقت الجمعيات السياسية ونكل برموزها. ولكن باءت تلك الجرائم بالفشل. وقرر الطغاة مجددا ان يعلنوا نهاية الثورة وسحقها الكامل بعقد انتخاباتهم المزيفة الشهر الماضي، واعدوا واستعدوا لذلك، ولكن كان الله والشعب لهم بالمرصاد. فهزم تحالفهم القبلي في عدوانه المشوم على ا ليمن وشعبها، ثم ارتكب النظام السياسي واحدة من ابشع الجرائم في التاريخ الدبلوماسي بتقطيع جسد الاعلامي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول، الامرا لذي اثار العالم ضد التحالف الذي تقوده السعودية ضد شعوب المنطقة. وكاد الطاغية الخليفي يصعق لما آلت اليه حظوظه العاثرة، فازداد غضبا ورغبة في الانتقام من ابناء البحرين الاصليين(شيعة وسنة).
ومنذ فشل انتخاباته قبل اربع سنوات، بدأ الديكتاتور الخليفي التمهيد لانجاح آخر حلقات مشروعه السياسي الفاشل (الانتخابات الاخيرة) بالتخطيط لابعاد سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم. فاعلن اسقاط جنسيته اولا، ثم فرض في ى2016 حصارا جائرا على منطقة الدراز بوحشية لا تضاهيها سوى ما فعله المحتلون الصهاينة بقطاع غزة. وعندما لم يستطع تغيير المعادلة على الارض تحرك لاخلاء الساحة من اية معارضة لانتخاباته الزائفة. وفي شهر يوليو الماضي قام بابعاد سماحة الشيخ عيسى بدعوى العلاج. كن يعلم ان وجود الشيخ تحت الحصار سييردع العملاء والخونة من التجاهر بانتمائهم للمشروع الخليفي، وانه سيحول دون اية مشاركة شعبية في يوم “التصويت”. فارتكب واحدة من جرائم التطهير العرقي باستهداف الرمز الديني والسياسي معتقدا ان تخلصه منه سيوفر ا لظروف لانجاح مشروعه. فقد كان مستحيلا اجراء تلك الانتخابات مع استمرار الحصار على منطقة الدراز. ثم قام بتوجيه التهديد والوعيد لما تبقى من الجمعيات السياسية وساومها على المشاركة في انتخاباته المزيفة. كانت اولى اجراءته تبرئة سماحة الشيخ علي سلمان من التهمة المفتعلة بـ “التخابر مع قطر” في رسالة واضحة لجمعية الوفاق بان اعلان المشاركة سيؤدي لاعادة فتح الجمعية واطلاق سراح الشيخ علي سلمان. ولكن ما ان اعلن نائب رئيسها العام، الشيخ حسين الديهي، في مؤتمر صحافي عقده في لندن في شهراكتوبر عن تكرار المقاطعة التي بدأت في انتخابات 2014 حتى قرر الطاغية سجن الشيخ علي سلمان مدى الحياة. ما بين بضعة شهور تحول الشيخ من بريء من التهم الى مذنب يستحق السجن طول عمره. ما اتفه هذاا لديكتاتور واوهى بيته وأضعف خططه التي بدت واضحة للعالم..
اتضح الآن فشل مشروعه الانتخابي الذي اراده الخليفيون بديلا عن التغيير الشامل الذي يطالب الشعب به. فلم تتعد نسبة المشاركة الـ 20 بالمائة، وبلغت في بعض المناطق اقل من 7 بالمائة. هذا برغم استخدام الدولة وامكاناتها لاجبار المواطنين على المشاركة بتهديدهم بالانتقام الوحشي منهم وحرمانهم من الحصول على منزل او رواتب التقاعد، كما جاء على لسان رئيس مجلس عبيد الطاغية، احمد مهنا. كما منع اي مواطن من الادلاء باي تصريح يشير الى مقاطعة ذلك المشروع، فما ان كتب النائب الوفاقي السابق، علي العشيري، عزمه وعائلته على الامتناع عن التصويت حتى وجد نفسه في طوامير التعذيب. ففي مملكة الصمت والارهاب القبلي لا مكان للاصوات المعارضة او المناوئة لزعيم القبيلة. برغم ذلك أصر الاحرار على تحدي الديكتاتور والامتناع عن الترشح او التصويت. وفشل الطاغية في الحصول على عمامة واحدة بمجلسه، وهو ما كان يسعى اليه لاظهار “وجود شيعي” على غرار المجلسين الشرعيين التأسيسي والوطني. ويتوقع الآن قيام الطاغية بحملة انتقام واسعة ضد الذين حرضوا على المقاطعة ممن تبقى منهم خارج السجن. لقد كان تافها في تفكيره وتوجهه، فلو كان لديه شيء من العقل لما توقع ان بامكانه اجبارالمظلومين وضحايا التعذيب والتنكيل على لعق جراحهم من اجل خاطره. لو كان لديه ذرة من العقل او الانسانية لادخل تعديلات ولو طفيفة على مشروعه السياسي الذي فشل منذ اعلانه قبل ستة عشر عاما، ولاطلق سراح بعض المعتقلين واعتقل بعض مرتكبي جرائم التعذيب خصوصا الذين نكلوا بالاحرار وقتلوا الابرياء مثل كريم فخرواي وعلي صقر والمئات من ابناء البحرين الاصليين. وكعادته في تكديس الاخطاء فقد خسر الديكتاتور الخليفي فرصة اخرى لتحسين وضعه وكسب قليل من المصداقية ببعض الخطوات الشكلية. ولكن الطغاة يحفرون قبروهم بايديهم. ذلك الفشل دفع البرلمانيين الدوليين لانتقاد انتخاباته واعتبارها غير شرعية،وهذا ما فعله اعضاء برلمانات دول عديدة مثل ايرلندا وبريطانيا وايطاليا والكونجرسالامريكي والبرلمان الاوروبي. وهكذا تحولت انتخابات الطاغية من مهرجان سياسي لاعلان انتهاء ثورة الشعب الى محطة انجاز حقق الشعب فيها انجازات اهمها تاكيد وجوده ووعيه، وقدرته على اقناع العالم بشرعية موقفه وحرمان الطاغية من اي دعم دولي حقيقي. انه انتصار الدم على السيف مجددا وبداية هزيمة الطغاة الذين يلعنهم الله والتاريخ والوطن والشعب وضحايا التعذيب والتنكيل والاغتصاب: يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعلن لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.
حركة احرار البحرين الاسلامية
30 نوفمبر 2018