شعب الثورة احيا عيد الشهداء وسيجدد ثورته في ذكراها
صدق شعب البحرين في وعده، وأحيا عيد شهدائه بإباء وشموخ وعزم من حديد، ووقف اجلالا للذين ضحوا من اجل الوطن وحريته وكرامته وسيادته. كان الوعد والوعيد سلاح الطاغية وعصابته، فما اغنى عنه ذلك شيئا. خرجت الجماهير في مناطق عديدة من بلادنا المحتلة لتهتف بحياة ابطالها الذين مزق الخليفيون اجسادهم ظلما وحقدا وإجراما وانتقاما. ولكن كل قطرة دم سفكها الديكتاتور وسفاحوه كانت وقودا للمزيد من الثورة والتمرد، وتكريسا للممطلب الجوهري الذي عبر عنه شعب البحرين عبر انتفاضاته المتكررة وآخرها التي انطلقت في 14 فبراير 2011. ولذلك تحولت كافة جهود الطغمة الخليفية المجرمة لطمس تلك الثورة والتنكيل بمن شارك فيها، نساء ورجالا واطفالا، والسعي لمحو وجودها من قلوب المواطنين الذين عاهدوا ربهم ووطنهم وشهداءهم على الاستمرار في المسار الثوري بهدف التغيير حتى يسقط نظام الحكم الفاسد الذي اسقطه الشعب بثورته في غضون شهر واحد. ولولا الاحتلال السعودي – الاماراتي المدعوم من قبل امريكا وبريطانيا و “اسرائيل” لانتهى الحكم الخليفي الى الابد. والسؤال هنا: الى متى يستطيع نظام حاكم ساقط البقاء في السلطة بدعم خارجي اذا كان شعبه يرفضه ويسعى باستمرار لاسقاطه؟ الحكم لا يستقيم الا بدعم المحكومين، ولا جدوى من استخدام القوة المفرطة لكسر شوكة الشعب لان ذلك لم يجد الطغاة من قبل، ولم يؤد الا للمزيد من سفك الدماء والعنف، وهو ما يرفضه الشعب برغم اصرار العصابة المجرمة. شعبنا لم يستخدم العنف يوما بل كان ضحية للعنف السلطوي المتواصل اذي اكدته لجنة تحقيق المرحوم شريف بسيوني بعد شهور من انطلاق الثورة. وكما هي عادة الخليفيين حين يفشلون في الغاء احد جوانب فعاليات الشعب، فانهم يعمدون للانتقام من معارضيهم، ايا كان، ويستخدمون سلطات الدولة لفرض ارادتهم لتركيع الشعب. مع ذلك تؤكد الشواهد فشل الطاغية وعصابته في كسر ارادة التغيير لدى قطاعات واسعة من الشعب.
يظن الطاغية ان اجبار البعض على نشر اعلانات الولاء يعني سحقه ارادة الشعب وثورته. ويؤكد التاريخ ان كافة الطغاة استخدموا هذه الاساليب من قبل فما اغنتهم شيئا. فالحاكم المتجبر الذي لا يعرف سوى اساليب القوة والبطش لا يمكن ان يكون محبوبا او مرغوبا. فالذين يتظاهرون بالتصفيف له اليوم يستغلون اية فرصة للانقضاض عليه لانه اضطرهم للتظاهر بما لا يؤمنون به. فهل هناك بحراني اصلي واحد (شيعيا كان ام سنيا) يقبل بهدم المساجد؟ او التعذيب؟ او اغتصاب النساء في طوامير التعذيب؟ او تغيير التركبية السكانية باستقدام جحافل المرتزقة من كل حدب وصوب؟ او الاصرار على منع التقارب الوطني وتجاوز الحدود المذهبية؟ لا يمكن ان يكون هناك انسان شريف يقبل ان يكون محكوما من عصابة مجرمة ليس لديها من مؤهلات الحكم وشرعية السيطرة الا النظام التوارثي الذي يعبر عن الاستكبار والغطرسة وغرور العظمة. لا يمكن لانسان كريم يملك حريته وتتعمق في مشاعره احاسيس الحرية والكرامة ان يمنح شرعية شعبية لحاكم متجبر يحكم في عباد الله بالكفر والركون للعدو والتطبيع مع المحتلين. انها واحدة من مآسي امة العرب والمسلمين التي ما فتئت تخضع لاحتلال من قبل الاجانب بينما يرزح ابناؤها البررة وراء قضبان الطغاة. لذلك كان الحضور الشعبي في مراسم عيد الشهداء ضروريا وفاعلا. انه ضرورة ميدانية لكسر ارادة الطاغية ونظام حكمه المتجبر، واخلاقية لافهام العالم ان شعب البحرين لن يقبل بترويض مطالبه يوما وان دفع ثمن ذلك من دماء ابنائه. وهو ضرورة سياسية لافهام العالم ان الثورة جاءت لتبقى حتى تنتصر وان ايدي الحاكم المتجبر قصيرة وان بدت غير ذلك، وان الله لهم بالمرصاد. دروس وتجارب يستفيدها شعبنا المعطاء من خلال ممارساته الثورية الميدانية ويرفض التخلي عن قيمها ومبادئها لانها تعبير عن الحق والخير والحرية.
شهداؤنا عنوان صمودنا وعزتنا، ولن نساوم على دمائهم يوما. وقفوا بوجه الطغيان والاستبداد والظلم، وهتفوا ضد الديكتاتور وعصابته، ورفعوا قبضات ايديهم في الهواء اعلانا عن الحضور واداء الواجب، ثم استشهد بعضهم، وبقي الآخر بنتظر قائلا “انا الشهيد التالي”. انها صورة بديعة من مسارات عيد الشهداء الاغر، وعنوان آخر لمعاني الحرية والصمو والاباء والشمم. هذا هو شعب البحرين الذي يأبى الانكسار ويرفض التدخلات الاجنبية في بلاده خصوصا من قبل السعودية والامارات. هذه الكيانات المنخورة من داخلها تتصرف مع الامة وفق سياسات تصوغها قوات الاحتلال الصهيونية لاخضاع الشعوب العربية والاسلامية لقوى الاحتلال والاستبداد، وقد عملت ضمن محور “قوى الثورة المضادة” لضرب المشروع التحرري الذي نهضت الشعوب العربية قبل ثمانية اعوام لتحقيقه. ولذلك بقي الصراع هذه المرة مستقطبا بين شعوب تتطلع للحرية وانظمة رجعية متخلفة وضعت ايديها على المال العام واستخدمته سلاحا ضد الشعوب، كما استخدمت كافة قطاعات الدولة في كل من هذه البلدان. فالقضاء سلاح ضد الشعب، وكذلك الاعلام والتوظيف. واصبحت الشعوب امام واحد من خيارين: اما استعادة المبادرة وتجديد الحراك الهادف للتغيير على غرار “الربيع العربي” او الاستسلام لاملاءات قوى الثورة المضادة ومشاريعها. المطلوب ان لا تبقى الامة العربية او الامة الاسلامية كهويات مستقلة بشعوب حرة وجماهير واعية تتطلع للحياة الكريمة. والمطلوب ايضا ان يتم الاستسلام للاحتلال الاسرائيلي لتبرير سياسات التحالف الشرير السعودي – الاماراتي الذي يحتل، هو الآخر، اراضي الآخرين، ويشن العدوان عليهم. بدأ ذلك بالتدخل السافر ضد شعب البحرين وثورته المظفرة باذن الله، ثم تدخل في سوريا ومصر واليمن، ونجم عن تلك التدخلات خسائر بشرية مذهلة.
شعبنا البحراني أكد للعالم انه من اوعى الشعوب، فهو مناضل من الطراز الاول، ومبدئي، وانساني، وتحرري. وقد اثبتت القرون الماضية انه يستعصي على الاحتلال والاستعباد، ويرفض الهيمنة والتدخلات الاجنبية، ايا كان شكلها او هويتها. وعندما هب الاسبوع الماضي لاحياء عيد شهدائه المجيد عبر بوضوح عن روحه التحررية وقدرته على استيعاب ارهاب السلطة وكسر شوكة المحتل الخليفي. قد يبدو هادئا، ولكن التجارب اثبتت انه الهدوء الذي يسبق العاصفة، فما ان تنتهي جولة من المنازلة حتى يبدأ استعداداته لخوض معركة مصيرية اخرى مع الاطراف الطامعة في ارضه والهادفة لكسر شوكته واخضاعه لانظمة غير انسانية وحكومات متوحشة. هذا الشعب يستيقظ على انغام الشهداء ليهتف معهم بسقوط العدو الخليفي، ويسترق السمع لاستغاثات الاسيرات وراء القضبان لينطلق هاتفا من اجل تحرير الاسيرات. لا يتوقف عند بضعة افراد جبناء باعوا ضمائرهم للشيطان وتنكروا للشعب وخانوا الامانة وانحازوا للظالم وخالفوا قول علي عليه السلام: كونا للظالم خصما وللمظلوم عونا”، بل يسحق ظاهرة الخيانة وينطلق لتحرير الارض من اعداء الله والوطن والشعب والانسانية. وعيه يمنعه من التصفيق لتصريح يبدو في ظاهره ايجابيا، اذا انطلق من لسان من خان الله والوطن والامانة ودماء الشهداء وانحاز الى جانب الظالم وساهم في تسويق مشروعه السياسي. الوعي الثوري يؤمن بمقولات كثيرة منها “لا يطاع الله من حيث يعصى” وان “الغاية لا تبرر الوسيلة” ويرفض من يسعى لخداع الشارع بتصريح او شعار يبدو في ظاهره متعاطفا مع الشهداء، ولكن صاحبه منحاز لقاتليهم ومشارك في مشروعهم لابادة الشعب بشتى الاساليب الاجرامية. هذا الشعب لا يلين او يستكين او يستسلم، بل يصمد حتى يكتب الله له النصر ويهزم اعداء الله والوطن والشعب والانسانية. هذا هو عهد الشهداء الذي لن يحيد الثوريون عنه يوما. “لله الامر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
21 ديسمبر 2018
Virus-free. www.avg.com |