تجربة كل مناضل بحراني فيلم من المعاناة والامل
تجربة كل مناضل بحراني فيلم من المعاناة والأمل
يوما بعد آخر تتحول قضية كل مواطن بحراني مظلوم الى ملحمة تروي قصص البطولة من جهة والمعاناة من جهة ثانية والنفاق السياسي ثالثا. تتجلى هذه الحقيقة في ما تضمه صفحات تاريخ الثورة من نماذج تتعدد بدون نهاية. فالحقوقي الذي يختار قصة الاستاذ نبيل رجب سيقرأ ملحمة من الانسانية التي تتفاعل فيها البطولة والتضحية من جهة، وصدق الموقف والثمن المكلف لذلك من جهة اخرى. فهو رجل لديه عائلة، فهو زوج وأب، وهو كفيل لآخرين.وفي الجهة الاخرى فانه مناضل حقوقي انتمى لموضوعة حقوق الانسان وتفاعل معها بصدق وانسانية، فلم يميز بين ضحايا الاضطهاد ايا كان عرقهم او دينهم او مذهبهم. لكنه كذلك الحقوقي الذي لم يمتهن العمل في مجال حقوق الانسان كوظيفة، كما هي عادة موظفي المنظمات الحقوقية الدولية، بل هو مواطن بحراني يبكي قلبه ألما كلمااستمع لمعاناة شاب مزقت جسده سياط الخليفيين، او امرأة نكل بها الجلادون واعتدوا على شرفها وكرامتها، او رمز سياسي تعرض للاهانة والتعذيب الجسدي والنفسي. صحيح انه حقوقي، ولكنه رأى ان شرف تلك المهنة ان يقف مع الضحايا، وان يسير في الشوارع مع المناضلين هاتفا ضد النظام الذي يمارس الاضطهاد والظلم والتعذيب. نعم هو حقوقي ولكنه انسان يعود ضحايا الخليفيين في المستشفيات، وحتى في اماكن اختفائهم. شخصية نبيل رجب البحراني اذا تحمل في طياتها كافة اصناف المعاناة والألم، فلم يستطع ان يراقب الامر عن كثب او يتعامل معه كآلة بدون قلب او مشاعر. لم يستطع ان يمسك قلمه حين اندلع العدوان السعودي – الخليفي على اليمن، فكان طرفا فيها، ووقف بجانب الضحايا دائما.
وتقرأ قصة الرياض حكيم العريبي، فتقرأ فيها جوانب الفتوة التي دفعت الشاب لامتهان كرة القدم بحماس حتى تدرج في مراتبها ليصبح رمزا رياضيا في بلده. هذا الرياضي لم يستطع ان يفصل الرياضة عن السياسة، فهو يرى رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وهو يمزج بينهما بكل وضوح، فهو ابن القبيلة الخليفية لا يستطيع ان يقف ضدها وان أخطأت في حق الرياضيين الذين يفترض ان يحميهم. وهو ابن الطائفة، ولا يقبل ان يتعامل بسواسية مع الجميع، بل يعطي اعتبارا كبيرا لطائفته قبل غيرها. ولذلك فمثله لا يصلح ان يصعد في المراتب الوظيفية ليصبح رئيسا للاتحاد الأسيوي لكرة القدم لانه منحاز ولا يتمتع بروح التسامح والحب التي يفترض ان يحتوي عليها الرياضي الصادق. بلباسه الرياضي خرج من منزله والتحق بالثورة حاملا راية الحرية وهاتفا من اجلها. لقد حررته الرياضة من روح الاستعباد فاصبح يشعر وكأن الدنيا كلها لا تسعه فرحا وغبطة ورضى عن النفس. فكان نصيبه السجن والتعذيب على ايدي شرار الخلق. وما ان خرج من زنزانته حتى عقد العزم على الهجرة فلعل فيها ما يروي ظمأه الرياضي والانساني والاخلاقي. توجه الى استراليا لتستقبله بالترحيب وتمنحه اللجوء السياسي لتحميه من الاجرام الخليفي. ولكن ما ان حطت رجلاه مطار بانكوك في تايلاندا قبل ستة اسابيع حتى تغير الوضع، فاعتقل هناك وما تزال قصيته تتصدر الصحف العالمية. انها قصة المعاناة من جهة والتنكيل والمطاردة من جهة اخرى. حكيم العريبي لم يكن لديه طموح سوى ان يعيش بحرية ويمارس هوايته المفضلة بكرامة. استقبله الاستراليون الذين ما ان عرفوا مواهبه الرياضية حتى احتضنوه مستفيدين من تجربته ليلعب في فريقهم الوطني وليسجل لبلدهم مجدا رياضيا مرموقا. تزوج وهرع لقضاء شهر العسل مع زوجته في تايلاندا، فكان القدر له بالمرصاد. لقد اعتقل لدى دخوله البلاد وهدد بالتسليم الى العصابة الخليفية في بلده. انها تجربة متميزة لم يكن يتوقعها. ولكن رباطة جأشه بقي ثابتا في مكانه، فلم يطأطيء رأسه او يستسلم للعدو الخليفي الذي يحصي عليه انفاسه ويطارده انى كان. لقد اصبح رمزا رياضيا عالميا وتردد اسمه في المحافل الرياضية التي استثارها سخف العصابة الخليفية، وها هي تعمل لاطلاق سراحه وضمان حريته.
قصة اخرى من قصص المعاناة التي تصلح لتكون مسرحية هادفة تعمق في النفوس حب التكامل والصعود والمغامرة. وثمة قصص اخرى لا تقل إثارة واستفزازا. وللمرأة قصصها التي لا تنتهي، ولكل من المناضلات سفرها الحافل بالشجاعة والإباء والصمود والشموخ، الامر الذي دفع العصابة المجرمة للانتقام بابشع الاساليب، لكن هذا الانتقام أكد حتمية سقوط الحكم الخليفي الى الابد، وان دعمه الغربيون بلا حدود. فلكل امرأة من نساء البحرين المناضلات قصتها المتميزة التي تجعلها بطلة حقا. لقد استشهد منهن العديدات واصيبت العشرات واعتقلت وعذبت بدون رحمة. فها هي هاجر منصور ومدينة علي ونجاح صامدات في طوامير التعذيب الخليفية، يهتفن كل يوم بالحرية، ويعبرن عن موقفهن بإباء عبر تصريحات تتسر من وراء القضبان. لكل من هذه النساء عشيرة وعائلة وتطلعات، وقصص طويلة من الحياة بحلوها ومرها. وكل قصة تستحق اخراجا سينمائيا ليعرف العالم عمق مشاعر المرأة البحرانية التي تناضل من اجل الحرية وتقف بوجه الاستبداد القبلي الرجعي الذي لا يؤمن بالدولة الحديثة وقوانينها واخلاقها.
روايات لا تنتهي، واقعية كما هو وجود كل منا، وحقيقية كما هو الموت والحياة، ومؤلمة كما هو جرح السيف. فما من عائلة بحرانية الا وفجعت بشهيد او سجين او مشرد، وما من مواطن شريف يمتلك الشجاعة ليعارض الطغيان الخليفي الا ويدفع ثمن ذلك باهضا. مع ذلك الجميع راضون بقدر الله ومستعدون لدفع ثمن إرضائه سبحانه وتعالى. آباء الشهداء لم يكتفوا بالبكاء والعويل بل اصبحوا اشواكا بعين العدو الخليفي المجرم، ولذلك اصبحوا في السجون او المنافي، تفصلهم عن قبور ابنائهم المسافات، وان بقيت قلوبهم جميعا ملتصقة بحب الله والانسان والارض. ولن تكتمل ثقافة اي مناضل بدون ان يطلع على سفر نضال البحرانيين داخل البلاد وخارجها.
وما يثلج الصدر ان هناك في هذا العالم من اعلن موقفا مشرفا بعد ان اطلع على حقيقة الوضع البحراني. فقضية الرياضي حكيم العريبي ساهمت في توعية الكثير من الاستراليين والتايلانديين وعشاق الرياضة بما يجري في البحرين. فاعلنت شخصيات رياضية مرموقة وقوقها مع حكيم تطالب باطلاق سراحه. وفي هذا الخضم اطلعت على ما يحدث في هذا البلد الخليجي المضطهد، فتوسعت الدعوات لتشمل التغيير السياسي الحقيقي الكفيل بانهاء الحقبة السوداء المظلمة من تاريخ البحرين التي هيمن خلالها الخليفيون بدعم الاجانب. يتهمون ابناء البحرين بالعمالة لايران وقطر، ويعتقدون ان الاحرار لا يميزون بين الشريف والعميل. يظنون ان بامكانهم التستر على جريمة استدعاء الاحتلال السعودي والاماراتي ثم استدعاء البريطانيين وبناء قاعدة لهم. هذه الحقائق تتضح يوميا لمن يتابع الشأن البحراني او يدعم قضايا ابنائه ومنهم حكيم العريبي. ورب ضارة نافعة، فالتنكيل بهذا الرياضي فتح صفحة من الوعي والتفاعل لدى قطاعات واسعة خصوصا في عالم الرياضة. فما اكثر خسارة الطاغية وعصابته الذين حفروا قبورهم بايديهم واصبحوا مستحقين لعذاب الله والسقوط الابدي. انه النضال الذي رفع رايته الرجال والنساء ولم يتراجعوا او يخافوا يوما. لذلك يستحقون النصر “لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينسر من يشاء وهو العزيز العليم”.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
11 يناير 2019