ثمانية اعوام من الثورة حققت انتصارات للشعب وهزائم للخليفيين
خلق الله الانسان في احسن تقويم، وانعم الله عليه بالعقل الذي يميزه عن الحيوان، وطلب منه ان يستخدمه لتطوير هذا الجسد ومستلزماته، وتوفير المناخ الملائم للنفس المطمئنة التي تعيش راضية وتموت راغبة في ما عند الله. وتهدف العبادات بكافة اشكالها لتحقيق قدر من التطوير، ولتضع الانسان على الجادة الصحيحة التي توصله لهذا الهدف النبيل. فالانسان الذي يعيش في ضيق من العيش وضنك من الحياة في اجواء ضاغطة سياسيا او نفسيا، لا يستطيع ان يعبد الله حق عبادته. فالله يريد عبادة الاحرار الذين يتوجهون الى الله في اجواء من الحرية التي تعمق روح الايمان. وحكم الله هو الذي يوفر هذه الاجواء. لقد فتح الله قلوب شباب الثورة على الكرامة والحرية فاستلذوا بالتضحية والعطاء، فكلما سقط شهيد في ميدان الكرامة هتف صاحبه: انا الشهيد التالي. آمنوا بان لقاء الله خير وابقى وان ما في هذه الدنيا حطام زائل لا يدوم. اما النعة الازلية التي رضا الله الذي لا يتحقق الا بممارسة العقل ليكتمل الايمان ويتعمق. لقد ادرك شعبنا ان الثورة على الظلم تجسيد للشعور بالكرامة والايمان وعشق الحرية، اما الخوف والجبن والعيش تحت الظلم والاستكانة للظالمين فليست سوى التعبير العملي عن ضعف الايمان والخشية من لقاء الله. فكل الشعوب ناضلت من اجل حريتها، لان الحرية تؤخذ ولا تعطى، وان ثمنها كبير، ولكن آثارها تحقق البيئة الصالحة التي يترعرع فيها الايمان وتكتمل فيها انسانية الانسان. فالثورة تعبير عن الايمان والانسانية، اما التخلف فمصداق لاتباع الشيطان والاستكانة لهواجسه ووساوسه. بين الحرية والاستعباد، بين العدل والظلم، بين الانسانية والحيوانية ثمة بون شاسع لا تستطيع اجتيازه الا النفوس الكبيرة والهمم العالية. شعبنا البطل آمنوا بذلك فتسابقوا لنيل المكرمات والفوز بما عند الله والمساهمة في اعادة كتابة تاريخ هذه الارض لتطلع عليه الاجيال.
عندما تحركت الشعوب العربية في مثل هذه الايام قبل ثمانية اعوام كانت تبحث عن الحرية وتتمرد على القيود والاستعباد. لم تنطلق بتوجيه من الخارج بل بوحي فطري وديني. فالفطرة الحقيقية ترفض الذل والعبودية، وترغب في الاتصال بالقوة الالهية المطلقة التي توفر لها الامن الداخلي والنقاء الروحي. اما الطغاة واجواؤهم فيطفئون نور الايمان، ويستعبدون الناس حتى يفقدوا انسانيتهم ويعتادوا العيش الذليل وتضمر لديهم الرغبة في الحرية. هذا الضمور يساهم هو الآخر في انكماش العقل وتلاشي دوره تدريجيا حتى تنعدم قدرته على ممارسة دوره كمصدر للخير ودليل على الله الذي قال انه لم يخلق خلقا افضل من هذا العقل. ارادت الجماهير ان تحرر عقولها واجسادها من الاستعباد والاستغلال والاضطهاد. انطلقت صادقة وشجاعة ومتمردة على عقود من الضيم والاستضعاف. ولكن كانت قوى الثورة المضادة لها بالمرصاد، فانقضت عليها قتلا وتنكيلا وسجنا وتعذيبا بدون رحمة او رأفة. شعبنا البحراني انطلق مندفعا بفطرته الراغبة في الحرية والمتمردة على الاستبداد والظلم. فكان اعداء الانسانية له بالمرصاد. ثمانية اعوام من الظلم الذي لا ينتهي والاضطهاد غير المحدود لم تزده الا صمودا وثباتا وايمانا بحتمية النصر. فهو موعود من الله باحدى الحسنيين. فالذين استشهدوا رفعهم الله اليه ليخلدوا مع الصديقين والانبياء، واصبح على الباقين إكمال المسيرة النضالية حتى تتحقق آمال الشعب وطموحاته. لقد نظر شعبنا البحراني لثورته انها تكليف شرعي تهدف لكسر الاغلال والتمرد على الطغيان والانحراف والتصدي لشياطين الانس والجن. هذا الشعب توارث روح الثورة والنضال من اسلافه، وعلم ان الشعوب لا تنتصر الا بالتضحية والفداء، وان ثمن ذلك باهض ولكن نتائجه مضمونة بوعد الهي لا يخلف.
ما إعظم اللطف الالهي والرحمة السماوية بالانسان. وما اعمق ايمان شعبنا البحراني البطل. ذلك الايمان جعله مستحقا لنيل رضا الله ونصره المبين. ففيما كان شباب الثورة يخططون لمشروع انهاضها في ذكراها الثامنة، وهم مثخنون بالجراح، اذا بتجسيد آخر للعطاء الالهي يباغتهم ويدفعهم لمضاعفة الجهود من اجل مواصلة النهضة وتحقيق التغيير. جاءت قضية الرياضي البحراني، حكيم العريبي، في تايلاند لتدفع ثورة الشعب خطوات الى الامام ولتعمق ايمان الشعب بضرورة مواصلة التصدي للطغمة الحاكمة التي تزداد سوءا وظلما مع استمرارها في السيطرة على البلاد والعباد. حكيم العريبي شاب في مقتبل العمر، ربى روحه وجسده ليكون مصداقا للمؤمن الذي يستمتع بالحياة ولكنها غير مستعد للتخلي عن انسانيته من اجلها. هذا الشاب المفعم بالحركة وعشق الحرية بدأ نضاله مع شعبه في ميدان اللؤلؤة وتضامن مع بقية الرياضيني خصوصا المعتقلين منهم لاظهار المشاعر الصادقة تجاه ضحايا التعذيب وسجناء الرأي. وقد تعرض نتيجة ذلك لاضطهاد شنيع ادى به الى زنزانات التعذيب التي ذاق فيها اصناف العذاب. فما ان خرج من تلك الطوامير حتى دفعه حب الخير للهجرة الى الغرب لاستكمال مشروعه التغييري وصموده ضد غواية الشيطان. حكيم العريبي قضى فترة حكمه وغادر البلاد ليكون مصداقا للرياضي الباحث عن راحة شعبه، المتمرد على كل ما يقلص انسانية الانسان. وبعد فترة هاجر الى استراليا ليلحق بقافلة اللاجئين التي تكبر يوما بعد آخر. فاستشاط طغاة البحرين غضبا ثم عمدوا لاسترداده من ملجئه. هؤلاء لا يطيقون بقاء البحرانيين الاصليين في ارضهم، ولا يتحملون ان يعيش البحراني حياة حرة خارج الحدود. فسعوا لاسترداده باية وسيلة، مدعومة بالمال النفطي السعودي والاماراتي الهائل. فكانت تلك القضية خدمة كبرى للشعب لانه كشف للعالم خساسة الحكم الخليفي وتوحشه وتعذيبه المواطنين بدون رحمة. وشاء الله ان يفضح الطاغية الخليفي عبر قطاع هو الاوسع في عالم اليوم، وهو عالم الرياضة، فعرض مصالحه، ومن ضمنهم مسؤول خليفي يراس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الذي التزم الصمت في قضية حكيم. فاصبحت تايلاند والبحرين معرضتين لمقاطعة رياضية عالمية نتيجة هذا التصرف الارعن الذي لا يستند الى قانون او شرعة دولية.
لقد اتضح ان الخليفيين انما يتصرفون اعتمادا على دعم التحالف السعودي – الاماراتي الذي اصبح يقود الثورة المضادة ضد الشعوب العربية، مدعوما بالكيان الصهيوني. الامر المؤكد ان لذلك النفوذ حدودا وانه لا يستطيع ان يخرج عن دائرة السنن الالهية التي تقطع دابر الظالمين وتنتقم منهم شر انتقام. وفي الوقت الذي استهدف هذا التحالف فيه دولة قطر فقد اصبحت انظار العالم تتجه نحو اعضاء هذا التحالف. فالسعودية اصبحت تتعرض للنقد اللاذع بسبب معاملتها المتوحشة للسجينات السياسيات اللاتي اعتقلن بسبب مطالبتهن بالسماح بقيادة المرأة للسيارة، واعتقال العلماء والنشطاء والاعلاميين، خصوصا بعد القتلة الشنيعة للاعلامي جمال خاشقجي. والامارات هي الاخرى وضعت نفسها امام عدسة العالم الحقوقي باعتقالها النشطاء مثل احمد منصور ومحمد الركن وسواهما. وجاء التقرير الاخير الذي بثته “رويترز” الاسبوع الماضي حول مشروعها التجسسي الواسع على هواتف النشطاء في كافة انحاء العالم، ثم جاءت زيارة البابا ابوظبي لتكون مناسبة لاثارة جرائم حكامها التي بدأت باجتياح البحرين والمشاركة في قمع شعبها المسالم. وتكلل الانتقام الالهي بقضية الرياضي البحراني حكيم العريبي التي فتحت ملف حقوق الانسان في هذا البلد الذي تحتله العصابة الخليفية. ان شعوبنا الخليجية تدفع اثمانا باهضة للمطالبة بحريتها في زمن تميزت السياسة الغربية فيه بالنفاق والخداع والتخلي عن ترويج المشروع الديمقراطي وحقوق الانسان. انها حلقة مفرغة من الضياع المبدئي والقيمي والاخلاقي يمر بها عالم القرن الحادي والعشرين ستفضي حتما لانفراج كبير يقتلع اسباب هذا الضياع. المطلوب استمرارالنضال السياسي السلمي وعدم التراجع او التقهقر امام صولة الباطل والظلم وهي قصيرة وخاسرة. اما المظلومون فمنصورون حتما. هذه هي الرسالة التي يجب ان تتعمق في نفوس ثوار البحرين وهم يستعدون لتجديد الثورة المظفرة في ذكراها الثامنة. فالدماء الزاكية التي اراقها الطغاة الخليفيون بميدان اللؤلؤة وفي كافة الساحات كفيلة بتحقيق النصر المؤزر للمظلومين على الظالمين، والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يؤمنون
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
8 فبراير 2019
Virus-free. www.avg.com |