المجد لكن أيتها الأسيرات، فانتن صانعات النصر
لماذا يستضعف بعض البشر البعض الآخر؟ ولماذا يمعن ذوو القلوب القاسية في ايذاء الضعفاء الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا للدفاع عن انفسهم؟ ألم يسمع هؤلاء الجلادون القول المأثور: اياك وظلم من لا يجد ناصرا الا الله؟ وهل هناك من هو اقوى من المقتدر الجبار؟ من ناحية القوة الجسدية ليس هناك شك ان المرأة اضعف من الرجل، ولكن من قال ان المرأة مستعدة للاستكانة والاستسلام حين تتعرض للتنكيل والابتزاز؟ لقد تورمت اجساد المناضلات من السياط، ولم يخضعن او يستسلمن. نتعلم اليوم من نساء ا لجزيرة العربية كما نتعلم من نساء البحرين، كما تعلمنا من سمية وأسماء وذات النطاقين وسواهن ممن هتف المجد باسمائهن وسجلهن بحروف من ذهب. تعلمنا كذلك ان الجلاد هو الطرف الاضعف في المواجهة، ولكنه يستقوي بالطغاة الذين يستقوون بالاجانب ويستقدمون الاعداء لابقائهم في مناصبهم. معادلة تثير التقزز والاستفزاز والغضب في نفوس الاحرار الذين يكتفون بالكلمة سلاحا ضد المستبدين والديكتاتوريين. بالامس خشي طاغية البحرين من شعر آيات القرمزي فاعتقلها وعذبها ونكل بها، ولكن بقي جنانها ثابتا وقريحتها معطاءة. وسجل تاريخ ثورة البحرين اسماء نساء خالدات صمدن امام الجلادين والجلادات وما ان خرجن من السجن حتى هتفن بالحرية مجددا وكسرن عزيمة الاقزام. فلا يمكن ان تمحى من ذاكرة الوطن اسماء نفيسة العصفور وريحانة الموسوي وآيات الصفار وزهرة الشيخ. واليوم هتف المجد باسماء نساء حطمن كبرياء جلاديهم. فها هي نجاح يوسف تتصدر عناوين الاعلام العالمي برغم ما تعانيه من تعذيب وتنكيل لم يتوقف منذ اعتقالها قبل عامين. بينما برز اسم جلادتها التي لقبت بـ “وحش البحرين” معذبة مجرمة سادية تنهش اجساد الضحايا وتتلذذ بسماع أناتهن. وقبلها لعن العالم تلك الجلادة التي مارست ابشع اصناف التعذيب بحق الاعلامية . وفي كل الحالات ظهرت الابواق الخليفية لتنقل تصريحات عناصر العصابة الحاكمة لتنكر الجرائم التي ارتكبوها بحق نساء البحرين.
سيسجل التاريخ اسماء نسائنا في سجل الخلود، فهاهي هاجر منصور تعبر بين الحين والآخر عن امتنانها لله سبحانه الذي منحها فرصة اثبات الذات والتفوه بكلمة الحق امام سلطان جائر. ها هي مدينة علي وهاجر منصورحسن ونجاح الشيخ وأميرة القشعمي وزينب مرهون وفاتن حسين وحميدة الخور ومنى حبيب وزينب مكي وفوزية ماشاءالله يعانين من المعاملة القاسية. وكلهن تعرضن لابشع اساليب التعذيب والتنكيل ولم يتنازلن عن مواقفهن لحظة، ولم يستطع الشيطان ان يمكن وسواسه من نفوسهن الكبيرة. نساء البحرين هزمن الطغاة والشياطين والوساوس واظهرن من التجلد والصبر ما يعجز عنه صبر ايوب. ولذلك اصبحن مستحقات للنصر والخلود. هن صانعات التاريخ، وبانيات مستقبل البلاد، ومحطمات القيود، ومكسرات الاصنام الخليفية. هن امهات المؤمنين في عصرنا الحاضر، ومرضعات الاحرار وصانعات اجيال المستقبل. وفي المقابل هناك من نساء العصابة المجرمة من سقطن في الوحل بمواقفهن، وتحالفن مع الشياطين، وحرضن الطغاة على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق نساء البحرين ورجالها. الخليفيون وازلامهم لم يقرأوا تاريخ الامم، ولم يدخل الايمان الحقيقي بالله وسننه قلوبهم لحظة، فهم عشاق الدنيا وعبيد الشيطان. يتلذذون بسماع السياط تتلوى على ظهور الحرات المناضلات الصامدات، ولا يعلمون ان كل آنة تنطلق من هؤلاء تصك اسماع الزمن وتصل الى السماء لتتحول الى غضب الهي ينصب على مرتكبي جرائم التعذيب ومنتهكي الاعراض وهاتكي الحرمات. صانعات المجد البحراني لن يخضعن او يستسلمن او يساومن على حق الله والوطن والشعب. لقد امتحن الله قلوبهن للتقوى فعجز الجلادون عن النيل من عزائمهن.
بالامس وجد النظام السعودي نفسه مستهدفا من قبل المنظمات الحقوقية الدولية لارتكابه الجرائم بحق نساء الجزيرة العربية اللاتي حملن لواء الحقوق ودعون للاصلاح واصررن على اثبات انسانيتهن بالمواقف الصلبة التي لا تلين ولا تهين ولا تساوم. سجل تاريخ الجزيرة العربية المعاصر اسماء هؤلاء النساء اللاتي تحدين الظلم السعودي وهتفن بالحق، امام سلطان جائر، كما فعلت البحرانيات البطلات. فبرزت اسماء مثل لجين الهذلول وهتون الفاسي وايمان النفجان وعزيزة اليوسف وسمر بدوي وانيسة السادة وامل الحربي ونوف عبد العزيز وسواهن من البطلات اللاتي حطمن كبرياء آل سعود وساهمن في تحريك الاوضاع الجامدة التي ظن السعوديون ان المال النفطي كفيل بمنع تحريكها من جديد. فما ابعد هؤلاء عن الصواب. فالحق لا يطمس، والانسان لا يتلاشى والطيغان لا يدوم. واذا كان لدى رموز الحكم السعودي اموال قارون التي توفرت من بيع النفط والاستحواذ على عائداته، فان لدى المرأة التي نشات في الجزيرة العربية نماذج من التاريخ تحتذيها وتستعيد بذلك امجاد امة محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام. لدى هؤلاء تراث اشرأبت اعناقه في التاريخ واتصلت بخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد. فمن يضاهيهن ايمانا وصمودا ومجدا؟
عندما يكون النظام السياسي ناجحا ومتجها الى الاعلى يصبح اكثر احتراما للمواطنين خصوصا المرأة. اما حين يتراجع ويفشل في اقناع مواطنيه بشرعيته ولا يوفر لهم حقوقهم المشروعة، فانه يسعى لتأمين نفسه بقمع معارضيه. والمرأة هي الجانب الاضعف ماديا في التوازنات السياسية الداخلية، ولكنها الاكثر أثرا على معنويات الشعوب. فحين تتقدم الصفوف فانها تلهب حماس الجماهير، وعندما تصمد في غرف التعذيب فانها تقدم امثلة للتضحية والفداء والثبات، يهتدي بها الرجال فتتوسع دائرة الثورة ومداها. المرأة عنوان نجاح الثورات، وقمعها يثقل كاهل الثائرين. ففي البحرين مثلا، شهدت السنوات الاخيرة ضغطا خليفيا على شباب البحرين ورجالها بهدف كسر شوكتهم واجبارهم على التخلي عن الحراك الثوري. فعل ذلك بالاعتقالات التعسفية الواسعة والتعذيب الجماعي وسحب الجنسية وابعاد المواطنين. اعتقد الطاغية ان هذه الاجراءات الارهابية ستردع المواطنين وتحاصر ثورتهم وتعمق في نفوسهم الخوف من المستقبل المجهول الذي ينتظرهم. فبعد ان شن حملات قمعية واسعة واعتقال الآلاف من شباب الوطن، جاء دور النساء، فأمر الطاغية باعتقالهن والبحث عما بحوزتهن من معلومات وما تنطوي عليه اساريرهن من مواقف ازاء ما يجري. ولكنه فوجيء بصمود النساء، الواحدة تلو الاخرى، وفشل جلادوه ومعذبوه في تركيع النساء برغم الاتهامات المزورة التي صاغتها عقلية القمع لدى اجهزته الامنية. فاذا بالمرأة البحرانية تقود الحراك الميداني بوعي وارادة واخلاص. تجربة السنوات الاخيرة اكدت دور المرأة البحرانية في النضال السياسي المحتدم، وقدرتها على تحدي نظام القمع الخليفي، بدون ان يخالطهن الشعور بالقلق او الخوف. هذا برغم تعرضهن للتوحش الذي تمارسه الجلادات الموكلن بهن، حتى اصبحت احداهن تسمى “وحشة البحرين” بعد ان انسلخت من انسانيتها وتحولت الى وحش كاسر، بلا قلب او انسانية. فتعسا لهؤلاء البشر الممسوخين، فما اقرب موعدهن مع النهاية المحتومة لكل ظالم وجلاد. اما البحرانيات البطلات فقد هتف العالم باسمائهن، وترددت اسماؤهن الاسبوع الماضي خلال سباق فورمولا الدم الذي اصبح وبالا على العصابة الخليفية المجرمة. تحية لنسائنا البطلات، والعار للجلادين رجالا ونساء، والنصر للانسانية والاسلام والشعب والثورة.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
5 ابريل 2019