الطغاة الخليفيون يسقطون في وحل التطبيع، والشعب يطالب بسقوطهم
استنكر الشعب البحراني طوال الاسابيع الاخيرة إصرار العصابة الخليفية على التطبيع مع قوات الاحتلال الاسرائيلية، ودعوته رموز ذلك الاحتلال لحضور مؤتمر اقتصادي يعقد في المنامة هذا الاسبوع. خرج المواطنون الى الشوارع حاملين لافتات بشعارات مناهضة للتطبيع ومؤكدة للمفاصلة مع العدو الخليفي الذي يستقي اساليبه القمعية من الكيان الصهيوني، وهاتفة بالحرية لفلسطين وشعبها. كان مشهد اولئك الرجال والنساء في شوارع القرى والمدن وأزقتها باعثا للفخر والاعتزاز. ففي الزمن الرديء الذي تصدرت المشهد العربي فيه اقزام وهواة وهامشيون، ما يزال هناك من يتحدى الظالمين ويضحي من اجل المسجد الاقصى بحريته، وربما بدمائه. ألم يمزق الرصاص الخليفي جسد البحراني الاصلي محمد جمعة الشاخوري في خريف 2001. يومها كان هذا الشاب البطل يقف مع ثلة من البحرانيين امام السفارة الامريكية هاتفين بحياة الشهيد محمد الدرة الذي اغتاله الاسرائيليون وهو في احضان والده. لم يتحمل الخليفيون مشهد البحرانيين المتضامنين مع الفلسطينيين والهاتفي بسقوط قوى الاحتلال الاسرائيلية والخليفية. فصبوا وابل غضبهم بالرصاص وضرجوا الشاخوري بدمائه. والبحرين ليست محكومة بنظام عصري متحضر، يحقق في حالات القتل والاعتداء. فلم يعتقل احد من عناصر الامن ولم يتم التحقيق مع اي منهم. كما لم يتم الاتصال بعائلة الشهيد لتعويضهم عن القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد. ثمانية عشر عاما مرت على قتل الشهيد محمد جمعة الشاخوري وما تزال دماؤه تحرك مشاعر الحب البحراني للمسجد الاقصى وفلسطين وشعبها.
موقف هذا الشعب الوفي يختلف تماما لموقف العصابة الخليفية التي ترزح على صدور المواطنين. فبدلا من اعلان دعمها الشعب الفلسطيني يؤكد بوقها التافه على “حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها” لتبرير قتلها المشاركين في مسيرات العودة التي تقام اسبوعيا على حدود غزة. الخليفيون لم ينتموا يوما لمشاعر الشعوب العربية والاسلامية، بل انسلخوا من انسانيتهم واعلنوا انتماءهم بوضوح للمشروع الصهيوني في المنطقة. فقبل اكثر من عشرين عاما استعانوا بالموساد ليساعدهم بقمع الانتفاضة المباركة ضد العدوان الخليفي التي استمرت طوال النصف الثاني من التسعينات. وذكرت صحف اسرائيلية آنذاك وجود تعاون امني وثيق بين الطرفين مؤكدة ان الخبرة التي اكتسبتها قوى الامن الاسرائيلية كانت مفيدة للخليفيين الذين كانوا يواجهون شعبا مظلوما انتفض من اجل حريته وكرامته واستقلاله. واستمر التواصل الخليفي مع الصهاينة بعد ان فرض الطاغية مشروعه السياسي الذي دشنه بالغاء دستور البلاد الشرعي في فبراير 2002. وفي العام 2005 استقبل الخليفيون وزير البيئة الاسرائيلي آنذاك، يوسي بيلي الذي دعوه لحضور مؤتمر اقليمي حول البيئة نظمته الامم المتحدة. ضج الشعب آنذاك، ولكنه قوبل باضطهاد منقطع النظير، ولم تتوقف مجالس الطاغية (مجلس الشورى بشقيه المنتخب والمعين) عند تلك الدعوة، ولم تشجب الخطوة الخليفية المقيت بالاستمرار في مشوار التطبيع مع قوات الاحتلال التي تهيمن على ارض الاقصى. لقد باع البعض ضمائرهم وانضموا للحزب الخليفي العميل الذي انحاز لاعداء الامة بمعية حكام السعودية والامارات.
وعلى مدى العقد الماضي تكرر التواصل بين الخليفيين والصهاينة ضد مشروع التطبيع الذي تروجه امريكا. فبعثت وزارة الخارجية الخليفية وفدا لتل أبيب بدعوى استلام مواطنين بحرانيين اعتقلتهم قوات الاحتلال الاسرائيلية. هذا في الوقت الذي كان العديد من البحرانيين يشارك في مبادرات كسر الحصار الذي فرضه الصهاينة على غزة. وقد اعتقل بعض المشاركين في تلك المبادرات، وهم الآن مسجونون بطوامير التعذيب الخليفية. وتعتبر المبادرة الحالية هي الاخطر. فقد وجه طغاة البحرين دعوات لخمسة واربعين صهيونيا لحضور مؤتمر اقتصادي يعقد في المنامة منتصف الشهر، الامر الذي دفع العديد من المدعوين الآخرين لاعلان مقاطعة ذلك المؤتمر. فالكويت مثلا اعلنت مقاطعتها المؤتمر الخليفي، وثمة شخصيات سعودية وطنية عديدة قررت عدم حضور مؤتمر المنامة التزاما بمبدأ مقاطعة قوات الاحتلال الاسرائيلية. وفي الاسبوعين الماضيين برز اسم لجنة مقاومة التطبيع البحرانية لتحث المواطنين على تعميق مقاطعة قوات الاحتلال الاسرائيلية، وتأكيد الثوابت الانسانية والدينية والقومية والوطنية، تلك الثوابت التي ترفض الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين جملة وتفصيلا، وترفض ا لتنازل عن شبر من اراضيها. انه موقف انساني نبيل يستحق الاشادة والدعم لانه تعبير عن ولاء انساني وديني للاراضي التي احتلها الصهاينة، ومطالبة مستمرة بتحريرها من اراضي الصهاينة الغاشمين. مرة اخرى يتجسد الموقف الوطني الشريف في شخوص العشرات من البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) بهدف دعم موقف اهل فلسطين ورفض التطبيع مع محتلي ارضهم، وتطهير الارض من دنس العملاء والمتصهينين.
لقد عبر سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم بوضوح عن الموقف الشرعي والشعبي ازاء الجريمة الخليفية المتمثلة بتمريغ اسم البحرين في وحل التطبيع والعمالة. وحذا حذوه كافة الاطراف الاسلامية والوطنية الذين امتعضوا كثيرا من هذه الجريمة النكراء. اما القوى الثورية فرأت في تلك الجريمة تأكيدا لضرورة تخليص البحرين من هذه الطغمة المحتلة الفاسدة التي دمرت سيادة البلاد وتسعى بشكل متواصل لتغيير هويتها السكانية والثقافية والايديولوجية. البحرين التي استقبلت في العام 1936 الحاج امين الحسيني وحمله المواطنون على الاكتاف، هي نفسها البحرين التي تظاهر شعبها في اكتوبر 1956 ضد العدوان الثلاثي على مصر، وهي التي اضرب اهلهاعن العمل ثلاثة ايام عندما اغتيل القائد الهندي، المهاتما غاندي في 1948. هذا الشعب المعطاء لن يقبل يوما ان تدنس ارضه فلول المحتلين أيا كانوا، ولم يتخلوا يوما عن ارض المعراج وفلسطين وشعبها. البحرين التي أجلت امتحانات طلابها عندما اندلعت حرب 1967 وشجعتهم على الخروج في مظاهرات يومية ضد “اسرائيل” هي نفسها التي وقفت ضد العدوان السعودي- الاماراتي- الخليفي على الشعب اليمني. البحرين التي انبرى نشطاؤها في الاسابيع الاخيرة لتحدي العصابة الخليفية وزعيمها الذي اصبح العوبة بايدي منقذيه السعوديين والاماراتيين والبريطانيين، معبرين بوضوع عن رفضهم التطبيع، هي البحرين نفسها التي شارك نشطاؤها في حملات كسر الحصار على غزة في العام 2010. هؤلاء البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) هم عنوان شرف البحرين وعزتها، وهم ضميرها الحي وروحها اليقظة. هؤلاء هم الذين رفضوا الاستسلام للعصابة الخليفية المجرمة على مدى ثمانية اعوام برغم انتهاجها ابشع اساليب التنكيل والاضطهاد وبرغم اسقاط جنسيات اكثر من 800 من سكانها الاصليين عقابا لهم على مواقفهم الاسلامية والقومية والوطنية. وما الاحتجاجات التي تخرج كل ليلة ضد جريمة التطبيع الا مؤشر لمدى حيوية الشعب وعمق انتمائه للانسانية والاسلام والوطن. اما الخليفيون فطغاة محتلون، مارقون عن اجماع الامة وعملاء لاعدائها، وادوات قمع وتعذيب وقتل. انهم مصداق الجريمة وعنوان التخلف والظلم، لذلك حان الوقت ان يرحلوا، وستظل المطالبة بسقوط حكمهم مطلبا وطنيا لا يتغير حتى يأذن الله بنصر من عنده ويقطع دابر القوم الظالمين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
12 ابريل 2019