إطالة عمر الحكم الخليفي ضرر للدين والوطن والشعب
نبارك لشعبنا الثائر، الصامد، الصابر صوما مقبولا في شهر رمضان المبارك، وان يقر اعين المواطنين بالايمان والفتح والنصر على اعداء الدين والوطن والشعب.
عندما قرر شعبنا البحراني اطلاق ثورته في الرابع عشر من فبراير 2011 لم يكن مترددا او خائفا او مضطربا في موقفه، بل اطلق مشروعه بهدف تحقيقه مع علمه بما يتطلبه ذلك من تضحيات بدون حدود. وبعد ثمانية اعوام اثبت هذا الشعب صدقه في الموقف وقدرته على الاستمرار والثبات، ووعيه الذي افشل كافة خطط العدو الخليفي وتجاوز اقاويل المرجفين ودحض مقولات المثبطين. هذه حقيقة أكدتها دماء الشهداء وأنات المعذبين، وأهات المحرومين. وقد اصبحت شعارا للذين اكتشفوا انسانيتهم بالدم وقدموا تضحيات جمة على طريق الحرية واستعادة الهوية وتحرير الذات وتطهير الوطن من الرجس والدنس. ولهذه الاسباب استحال على العصابة الخليفية تركيع البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) برغم اساليبها الاجرامية من القمع والتمييز والتهميش والتجنيس وتكميم الافواه والسعي المتواصل لابادة الشعب بالتجنيس السياسي تارة وسحب الجنسية ثانيا والابعاد ثالثا. ونظرا للمفاجأت الاخيرة التي طرأت على الساحة ويسعى البعض لفرضها على الوطن والشعب يجدر طرح النقاط التالية:
الاولى: ان ثورة الشعب كانت سياسية بدرجة اولى، ايمانا منه انه ما لم يتغير النظام السياسي فلن يصلح اي من سياساته. فلا جدوى لمطالبة الحكم الديكتاتوري باحترام حقوق الانسان مثلا لان ذلك لا يتحقق، فلا يمكن المواءمة بين الاستبداد وحقوق الانسان. كما لا يمكن مطالبته باحترام الحريات العامة، لان الاستبداد يقوم على مصادرة الحريات وتكميم الافواه.كما ليس من المجدي مطالبة الطاغية بالمساواة بين المواطنين والعمل بمقتضى “المواطنة المتساوية” فذلك لا يتحقق. ومن غير المنطقي مطالبته بالتوزيع العادل للثروة او المناصب السياسية. وباختصار فان الحكم المستبد لا يمكنان يقيم دولة عصرية حديثة تتوفر فيها الحريات العامة وتفصل فيها السلطات ويقام فيها حكم القانون.
الثانية: ان الشعب عندما انطلق في ثورته لم يتقدم باي طلب للديكتاتور الذي اخل بكافة وعوده التي قدمها بعد وصوله الى الحكم في 1999 وطرح الميثاق في 2011. تلك التجربة علمت الشعب ان هذا الطاغية اسوأ حاكم خليفي عرفته البحرين وانه لا عهد له ولا ذمة، ولا يفي بوعوده بل انه لا يطيق الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة). الشعب تجاوز الاساليب التقليدية لتحقيق المطالب، وقرر واعيا ان تلك المطالب لن تتحقق الا في ظل نظام حكم جديد يحل مكان العصابة الخليفية. استمرت ثورته ثمانية اعوام وقدم خلالها مئات الشهداء وآلاف السجناء واصر على شعار “الشعب يريد اسقاط النظام”، وكرر هتافه اليومي “يسقط حمد”.
الثالثة: ان الحركة السياسية الهادفة للتغيير تصر على التغيير السياسي الجذري وتترك لمنظمات المجتمع المدني قضايا حقوق الانسان والمطالبة بالحريات العامة ومحاسبة المسؤولين. وهذا ما فعلته المعارضة الثورية في البحرين، فقد ركزت جهودها على هدف واحد: اسقاط نظام الحكم الخليفي بالوسائل السلمية، وتركت الامور اللاخرى للمنظمات المدنية والحقوقية المحلية والدولية. انها تشجع هذه المنظمات على اداء عملها بفاعلية، فتطالب باطلاق سراح السجناء السياسيين واقامة قضاء عادل واحترام الحريات. انها جهات رقابية تحاسب نظام الحكم على سياساته وادائه. اما المعارضة السياسية فيفترض ان تكثف جهودها وتركزها بهدف تحقيق التحول السياسي المنشود.
الرابعة: في البحرين حدثت مفاصلة ابدية بين الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة) والحكم الخليفي الذي احتل البلاد بمساعدة الاجانب. هذه المفاصلة لن تتغير مهما سعى الخليفيون وعملاؤهم لذلك. فهي ثابتة في وجدان الشعب خصوصا انها كتبي في القلوب بدماء الشهداء الذين مزق الطغاة الخليفيون اجسادهم. والمعارضة لا تمنع احدا من الضغط على الطاغية وعصابته لاطلاق سراح السجناء السياسيين الذين يعتبر اعتقالهم ظلما واجراما وتعديا على الدين والانسانية والوطن. هذا ما تمارسه المنظمات الحقوقية الدولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووج وخبراء الامم المتحدة، وكذلك المنظمات الحقوقية البحرانية مثل بيرد وسلام. ولكن ذلك لا علاقة له بالمشروع السياسي الذي طرحته الثورة، وهو تغيير النظام. فهي لا تقتبل المساومة على الحقوق او القبول بانصاف الحلول خصوصا بعد التجارب المرة مع العصابة الخليفية. ولا يحق لاي من تلك المنظمات ان تساوم على مطالب الشعب السياسية، بل ان عملها يتركز على الضغط من اجل احترام الموايثق الدولية لحقوق الانسان. ولا يحق للحكم الخليفي ان يستخدم السجناء ورقة للمساومة فيشترط وقف الحراك الوطني في مقابل اطلاق سراح السجناء السياسيين. كما لا يحق لاية جهة ان تقبل بتلك المساومة، او تتواصل مع رموز العصابة المجرمة بهدف المساومة على ما هو حقوق طبيعية يعتبر تجاوزها جريمة نكراء من قبل الحكم الخليفي.
الخامسة: ان الثورة ستسحق من يسعى لمصادرتها، فلا يجوز مصادرة تضحيات الوطن والشعب، ولا يحق لاحد اطالة امد الحكم الخليفي الذي اثبتت التجارب انه يستقوي بتخاذل البعض الذي يتجاهل مشاعر الضحايا والمظلومين. فالديكتاتور الذي هدم المساحد وقتل البحرانيين وجاء بالاحتلال الاجنبي بابشع الاساليب، واستخدم الطائفية سلاحا ضد الوطن والشعب والثورة، وأبعد أكبر مرجعية دينية في البلاد ظلما وعدوانا قبل اقل من عام فحسب، سيكرر ممارساته نفسها لو سمح له بالبقاء وتم تمديد وجوده وقدم له حبل النجاة من جديد. فليس من حق اية جهة او شخص، مهما كان موقعه، ان يقفز على تطلعات الشعب واهدافه ومعاناته، ويقوم بالتطبيع مع الخليفيين المحتلين. هذا الشعب الذي رفض التطبيع مع الصهاينة الذين احتلوا فلسطين يرفض التطبيع مع الخليفيين الذين مارسوا ابشع اساليب القمع والاضطهاد بتوحش غير مسبوق مع البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة).
السادسة: ان دماء الشهداء وعائلاته (خصوصا آباء الشهداء المعتقلين) ومعاناة المظلومين في طواميرالتعذيب الخليفية ونضال الشعب المتواصل الذي لم يتوقف يوما، تهيب بالشعب ورموزه السياسية وعلمائه، النأي بانفسهم عن اي مشروع يؤدي لاطالة بقاء الحكم الخليفي، فذلك خيانة للوطن والشعب والثورة. فان بقي هؤلاء في الحكم فسيكررون ما ارتكبوه من جرائم، سيتكرر تعذيب المعتقلين حتى الموت، فكما حدثت ظاهرة تعذيب الشهداء فخراوي وعلي صقر والعشيري والآلاف الآخرين بعد اقلمن خمسة عشر عاما من تعذيب الشهداء سعيد الاسكافي وعلي امين محمد وفاضل عباس (الذين استشهدوا في التسعينات، وبعد ثلاثين عاما من تعذيب الشهداء جميل العلي وكريم الحبشي ومحمد حسن مدن ورضي مهدى ابراهيم والشيخ جمال العصفور والدكتور اسماعيل العلوي (في الثمانينات). ان ما يبدو من مبادرات لاطالة الحكم الخليفي من قبل بعض الرموز يعني شيئا واحدا للشعب: ان تجارب السابقين من امثالهم لم تؤد الا للمزيد من الشقاء لهذا الشعب، ففي كل مرة يصبح الخليفيون أكثر توحشا وحقدا وظلما واستبدادا، وان التضحيات التي قدمها الشعب كافية للتغيير.
“بلى ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فوركم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقول الله لعلكم تفلحون
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
3 مايو 2019