الخيانة الخليفية للامة تفرض رحيل الطغاة
عقدت ورشة المناسة تحت عنوان “الازدهار من اجل السلام” على مدى يومي 25 و 26 يونيو، بحضور صهر الرئيس الامريكي، دونالد ترامب الذي اعلن رفض امريكا ما سمي “المبادرة العربية” التي طرحتها السعودية في مؤتمر بيروت في العام 2001، والتي بموجبها يعترف حكام العرب بالكيان الاسرائيلي في مقابل السماح باقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. تلك المبادرة لم تحظ بقبول الشعوب العربية لانها تتجه للاعتراف بكيان غاصب وانتهاك حقوق شعب مظلوم. ولكن حتى هذه المبادرة المائعة التي لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الاخرى، رفضت من قبل واشنطن واستغلت ورشة المنامة لدفنها في مثواها الاخير. ولمن يكن امام السعودية سوى ابتلاع الكبرياء والرضوخ للمنطق الامريكي الجائر. وهكذا كان شأن الحاضرين الآخرين الذين لم يمتلك اي منهم الجرأة لتحدي الطرح الامريكي الذي تجاوز حقائق التاريخ وسياسات الامم المتحدة وحصافة الرئاسة وانسانية الانسان. مع ذلك فقد كانت هناك مقاطعة كبيرة من قبل بعض الحكومات الاقل عمالة للغرب، وحضورامن قبل اشباه الرجال الخانعين للمحتل الغاصب. كان اولئك الحاضرين مستعمين فحسب، فلم يسمح لهم بالتخدث في الورشة التي تهدف لجمع الاموال من اجل الانفاق على الجماهير الفلسطينية واستدراجها بالمال للموافقة على العيش ضمن الكيان الاسرائيلي والاستسلام لارادته. كان المشهد مفعما بالتناقضات التي ظهرت منذ ان بدأت الوفود بالحضور.
لماذا ترضخ الحكومات بهذا الاسلوب المخجل؟ اولم يمنح الله الحكام وبطانتهم قلوبا قادرة على التفكير بين ما هو مناسب ومفيد للجنس البشري وما هو ضار منه؟ ألم يجعل الرحمن في قلوب اي منهم رحمة يتعاطون بها مع ضحاياالاحتلال والقصف العشوائي. الذين اجتعموا في المنامة في الورشة الاقتصادية ساهموا جميعا في اذلال الامة وبيع قضية فلسطين وخانوا امانة الله والاجيال، وتحالفوا مع الشيطان لهدف واحد: البقاء في السلطة، وضمان دعم التحالف الغربي – الصهيوني لتطوير اساليب قمع شعوبنا العربية التي ما فتئت تبحث عن الحرية والاستقلال والكرامة الانسانية. في بلداننا ليس هناك سوى السجون التي يديرها جلادون يساهم الغربيون في تدريبهم ليس من اجل اداء الخير وخدمة الاوطان والشعوب بل للتفنن في التنكيل والتعذيب وتفادي المحاسبة والعقاب. ما يفعله خبراء السجون الغربيون الذين يقومون منذ ضرب ثورات الربيع العربي بتنظيم مراكز التعذيب في العديد من الدول العربية، انما هو اعتداء على الانسانية والكرامة لانهم يدربون المعذبين المحليين على اساليب التعذيب التي لا تترك اثرا واضحا على الضحايا. ثم يدربونهم على طرق انكار وجود التعذيب، واعداد الفرق القانونية الباهضة التكاليف لمواجهة احتمالات المقاضاة او الادعاءات. هدف اولئك قتل روح المواطنين من جهة وكسر آمالهم في تحقيق الحرية التي ضحوا من اجلها. ولذلك تتشابه الاساليب كثيرا بين جلادي مصر ومعذبي البحرين، سواء في الممارسة اليومية ام اساليب الاخراج والعرض ام التفنن في الطرح الاعلامي، ام في ارسال الوفود لحضور اللقاءات الدورية لمجلس حقوق الانسان، ام الرد على وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية الدولية التي تتطرق لمعاناة الضحايا. ان كسر شوكة شعوبنا وارادتهم هي الهدف الاول من هذه الاساليب. ونتيجة هذه السياسة اصيب الكثيرون بالتعب من النضال الحقوقي، وانسحب بعضهم من الميدان بعد ان قدمت نماذج للتنكيل بالنشطاء البارعين مثل نبيل رجب وعبد الهادي الخواجة والدكتور السنكيس. وعندما مر اليوم العاليم لمناهضة التعذيب في 26 يونيو كان التفاعل الدولي معه باهتا نظرا لتراجع المنظومة الحقوقية في المشروع الغربي اولا، وملاحقة النشاء الحقوقيين من جهة ثانية، وإلهاء الرأي العام بقضايا اخرى مثل صفقة القرن وسواها.
في ضوء هذه الحقائق قام الخليفيون بارتكاب خيانتهم الكبرى للامة، مدعومين بالامريكيين والاسرائيليين والسعوديين والاماراتيين. يضاف الى ذلك سياسات قوى الثورة المضادة للامساك بزمام المبادرة السياسية والعسكرية المدعومة بالمال النفطي الهائل. فالعنف المتواصل في ليبيا ساهم في تغييب المجتمع المدني الفاعل، والتدخل لاجهاض ثورة السودان من قبل التحالف السعودي – الاماراتي ساهم في تهميش الاهتمام بها وادخال قادة الحراك في دهاليز التفاوض التي لا تفضي الا الى انفاق مظلمة مسدودة. وهنا يصبح وجود المجموعات الارهابية المتطرفة ذريعة مناسبة لاستمرار التعدي على المشروع الاسلامي والتحرري، وفرض سياسات غربية جائرة بهدف حماية الكيان الاسرائيلي من جهة وضمان المصالح الاقتصادية الغربية من جهة اخرى. هذه الدوامة تبدو بلا نهاية، فيما تواصل حكومات الجور في المبالغة في التنكيل بالاحرار، وتسعى لبث روح الاحباط في نفوس ضعاف النفوس لكسر شوكة ذوي النفوس الثورية العملاقة. انه صراع على المباديء والحقوق والانسانية، يساهم فيها جهتان: الشعوب التي اصبحت ضحية للقمع السلطوي المدعوم غربيا، وتحالف القوى الشيطانية المعادية للانسانية التي لا ترفع هدفا نبيلا سوى رغبتها في الهيمنة من جهة ودعم المشروع الصهيوني في المنطقة. امام هذه الحقائق لم يعد هناك فضاء للتفكير المستقل او العمل التنظيمي الواسع، او الطرح القيمي والاخلاقي المنفصل عن الاطماع المادية. ولعل هذه الحقائق تبقدم بعض جوانب التفسير لظواهر التراجع السياسي والديني والقيمي في العديد من قطاعات الامة.
ما بعد الورشة الاقتصادية الخيانية لا يبشر بخير ابدا. فمن المتوقع ان تساهم الجهات الداعمة للمشروع الامريكي المسمى “صفقة القرن” لتفعيله من اجل نيل رضا رموز البيت الابيض الذي يتعامل مع العالم كتاجر لديه اطماع وانجازات. وما اسهل مهمة تخريب العقول والنفوس والاذهان. فالالتزام الديني يتطلب قناعات كبيرة لدى الكوادر السياسية والثقافية بضرورة الدفاع عن الظاهرة الدينيية من جهة، والتصدي لاعداء الامة من جهة ثانية باستخدام ذريعة القانون، وتوحيد صفوف الامة لمواجهة هذه الخطط والمؤامرات والتحخديات. يتوقع ممارسة البيت الابيض المزيد من الضغط والاكراه على الحكومات الخليجية المتواطئة مع اعداء الامة والمعادية لشعوب المنطقة. ان قضية فلسطين مقدسة في النفوس، ومن يسيء اليها انما ينضم الى خندق العدو ويقاتل معه بعد ان ينسلخ من جلده. لقد قدم شعب البحرين اداء مرموقا ضد الورشة الخليفية الخيانية وصفقة القرن الفاشلة، وسيظل منتميا للامة، حاملا همومها ومرابطا على واحد من جبهات التصدي للعدو، متسلحا بالايمان والصبر والامل والتوكل على الله تعالى. ولينصرن الله من ينصره ورسله بالغيب، ان الله قوي عزيز
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
28 يونيو 2019