قضايا الشعب وهمومه وانتهاك حقوقه تطرح بقوة في جنيف
الهتاف يعلو من كل زاوية من زوايا الوطن العربي “يسقط الخونة”، ويشار بالبنان لطاغية البحرين الذي تجاوز حدود الخيانة ولم يسع لاخفائها لان الحماية الصهيونية لعصابته المجرمة تشترط اعلان الولاء للكيان الاسرائيلي والتبرؤ من فلسطين. فقد اسقط الخليفيون من قاموسهم هذه الكلمة منذ ان وافقوا على تنفيذ الاوامر التي صدرت لهم من واشنطن والرياض وابوظبي باحتضانها واعلان الولاء لصفقة القرن المشؤومة. ولذلك تضاعفت مهمات الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة). فاصبح عليهم انهاء الحقبة الخليفية السوداء بعد ان ثبتت خيانتها للامتين العربية والاسلامية بالاضافة لخيانتها الارض والشعب باستدعاء الاحتلال الاجنبي في مارس 2011. اما المهمة الثانية فهي غسل العار الذي ألحقه الخليفيون بارض اوال الطاهرة، والتفاني في دعم قضية فلسطين والتضامن مع شعبها المظلوم، والتبرؤ ممن خانوا الله ورسوله وخانوا اماناتهم. هاتان المهمتان تصدى لهما شعب البحرين بكافة اطيافه منذ عقود. فبدأ ثورته ضد الاحتلال الخليفي قبل قرابة المائة عام، ولم تتوقف جهوده ساعيا لتحقيق التغيير بالوسائل السلمية المتاحة. كما وقف مع قضية فلسطين عقودا واعلن رفضه الخيانة الخليفية الاخيرة.
وكما يقال فرب ضارة نافعة. لقد شاء الله ان يفضح الحكم الخليفي ومشاريع التآمر على الامة التي تبنتها قوى الثورة المضادة ومولتها بعائدات النفط المنهوبة من بطون الجياع. هذه المرة ادركت الجماهير العربية للمرة الاولى منذ ثمانية اعوام حق الشعب البحراني في تحرير وطنه ونفسه من الاحتلال الخليفي. لقد وقف المغربي هاتفا ضد ورشة الخليفيين الخيانية، وكذلك فعل الجزائري واليمني واللبناني والفلسطيني، وكلهم يهتف بحرية فلسطين وضد العصابات المتآمرة عليها. ويمكن اعتبار تصريحات البوق الخليفي التي كانت عدوانا صارخا على الامة وثوابتها وولاء غير مشروط لقوات الاحتلال، من اكثر مظاهر الاستفزاز الخليفي لضمير الامة والتعدي على مشاعرها. بدأت الاتصالات من اطراف عربية شتى للتعبير عن التضامن والتعاطف مع شعب البحرين في نضاله من اجل التغيير واسقاط الطغمة الخائنة الجاثمة على صدور ابنائه. كانت الرسالة واحدة تقريبا: لقد أخطأنا الحساب والتقدير حين التزمنا الصمت تجاه الثورة البحرانية، وخدعنا بالدعاية التي اطلقتها قوى الثورة المضادة ضد ثورة الشعب البحراني، وادركنا اليوم اصالة هذا الشعب وصدق انتمائه للانسانية والاسلام والعروبة وفلسطين. ادركنا معنى النضال البحراني الصادق الذي اهتم بالقضية المركزية للعرب والمسلمين. انه تعبير عن الاسف للانخداع بالدعاية المضادة التي سعت لـ “شيطنة” شعب البحرين واظهاره على غيرحقيقته. هذه العقود العديدة المنصرمة من التزييف والتضليل من قبل قوى الثورة المضادة ساهمت في تهميش قضايا الشعوب والهائها عن القضية اللفلسطينية المحورية، وانخدع الكثيرون بالمال النفطي الذي سخر لاهداف مغايرة تماما للرغبة في التحرر والاستقلال وانهاء العقود السوداء من السبات والتراجع.
شعب البحرين اليوم يقف مرفوع الهامة، اكثر اصرارا على ثورته ومطالبه وانتمائه العربي الاسلامي. فقد اثبتت التجربة صدق مواقفه وصفاء نواياه وحكمة قادته وعلمائه ومناضليه. فها هو في طليعة النضال من اجل حريته على الصعيد المحلي، ومن اجل تحرير الارض على الصعيد الاقليمي، ومن اجل تطهير الارض من التطرف والارهاب والتخلف والاستبداد. ثورة الرابع عشر من فبراير كانت نعمة حقا لهذا الشعب فقد عرفته بنفسه وبربه، وعلمته معاني الحرية والكرامة والاباء والصمود. فاصبحت ثورته مضربا للامثال وقطعت كافة الاواصر مع الجاهلية التي يمثلها الخليفيون وحكام السعودية والامارات. هنا يطل عهد جديد من الوعي والنضال والصمود والاباء، وهنا تبدأ مسيرة الالف ميل التي بدأها رواد الصحوة الاسلامية المعاصرة الذين سجنوا وعذبوا وأبعدوا عن ديارهم وارضهم، وتشرذموا في الارض، يعمرون بيوت الله بايديهم ويبنون المراكز والمساجد ويتلاحمون مع الحركات النضالية التي تسعى لاقامة الحرية والقانون في بلدانهم المحكومة بالاستبداد والديكتاتورية. فلم يعد هناك بعد اليوم مائز بين ابناء شعب البحرين الذين ثاروا لاسقاط نظام حكم محتل تأسس على القيم الجاهلية، والشعوب الاخرى التي انتفضت واسقطت انظمة الجور الجاثمة على صدورها. فثورة شعب السودان الذي تحرك لاسقاط نظام العسكر الذي فرض عليه بقوة السلاح قبل ثلاثين عاما، مثال آخر على حتمية يقظة امتنا. ولذللك فهو يتعرض للتنكيل والقمع والقتل يوميا على ايدي العسكر المدفوعين بالمال النفطي السعودي – الاماراتي. الهدف اجهاض ثورة الشودان لكي لا تكون مصدر إلهام للشعوب التي قمعتها قوى الثورة المضادة بوحشية غير مسبوقة.
برغم ذلك، يقف البحرانيون اليوم شامخين بهاماتهم متطلعين لغد مشرق يسوده العدل والحرية وحكم القانون، ويكون الشعب فيه مصدر القرار وكاتب الدستور ليؤسس نظاما متينا تحميه العدالة ويذود المواطنون عنه ويقطع الطريق على التدخلات الخارجية المدفوعة بالطمع والجشع والشيطنة. ولكونه شعبا عظيما صمد عقودا بوجه الظلم والقبلية والطائفية، فقد تعرض لعدوان واسع ومستمر لم يتوقف يوما، بل ازداد ضراوة بعد انطلاقه في ثورته المنصورة باذن الله في 14 فبراير 2014. انها قصة النضال الذي لا يتوقف حتى يحقق اهداف المناضلين. وفيما التزم الثوار في مدن البحرين وقراها بالحضور الميداني المتواصل فقد التزم نشطاء حقوق الانسان بالدفع عن هذا الشعب في المحافل الدولية مع علمهم بغياب ارادة زعماء العالم المعاصر وتراجع مباديء حقوق الانسان والديمقراطية في اطروحاتهم وانظمة حكمهم. وفي الاسبوعين الماضيين تناوب على منبر مجلس حقوق الانسان عدد من ا لنشطاء البحرانيين ونشطاء حقوق الانسان الاجانب لطرح قضية شعب البحرين ومعاناته واستنهاض همم ذوي المشاعر الانسانية للتصدي للظلم الخليفي الذي ينتهك حقوق الانسان بدون حدود. قصص التعذيب والتنكيل والاعتداء والتهميش والتمييز، كانت حاضرة في كلمات المتداخلين سواء في الجلسات العمومية للمجلس ام في اللقاءات والندوات التي تعقد على هامش الدورة. ومن خلال التفاعل مع قضايا شعب البحرين واعلانات التضامن مع ضحايا القمع الخليفي يشعر النشطاء بقدر من الارتياح لاداء الواجب وخدمة الحق والعدل والوطن والشعب. هذه هي ضريبة الحرية التي صادرها الطغاة الخليفيون وداعموهم، وهي قصة النضال الصادق الذي لم يتوقف منذ قرن كامل. وما يشد أزر النشطاء انهم بعين الله وان الله هو الذي يدافع عن الذين آمنوا، ان الله لا يحب كل خوان كفور. لقد ساهم الخليفيون هذه المرة بتصرفاتهم وتطبيعهم مع العدو الصهيوني وعقدهم الورشة الخيانية التي دنسوا بها ارض الوطن، في توفير ارضية خصبة لطرح هموم الوطن والشعب، والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
5 يوليو 2019