أيها المسافرون في الرحلة الابدية، توقفوا وانظرونا
أليس الشهيد صانعا للحياة؟ والا كيف يكون شاهدا لو مات حقا؟ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا، بل احياء عند ربهم يرزقون. في موتهم حياة، وفي استشهادهم بقاء، وفي تغييب اجسادهم حضور. ما هذه المعادلات التي لا يستطيع العقل البشري استيعابها؟ هكذا اراد الله للصفوة التي يجتبيها فتتصدر المشهد وتقف على الخطوط الامامية فتكون مصداقا للدعاء القرآني على لسان المؤمنين: واجعلنا للمتقين اماما. لو لم يكن علي العرب واحمد الملالي ومحمد المقداد كذلك لما شهد العالم صحوة الشعب فجأة ليكررهتافه التاريخي: يسقط حمد، يُعدم حمد. ظن الطاغية الخليفي المتفرعن انه قضى على البحرين وشعبها، فمنذ زمن كان يخطط لتحويل اسمها الازلي الى “المملكة الخليفية” ويستبدل شعبها بمرتزقة اجانب يستجلبهم من اصقاع الارض لتدنيس ترابها وطمس هويتها والتشويش على ايمانها تصديقا للآية الكريمة “واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفسدا”. كان يخطط منذ ان اعتلى كرسي الحكم خلسة لإزالة الارض التي اذعنت لرسول الله واحتضنت دينه طوعا واختلط ثراها باجساد الشهداء والعلماء. تآمر مع بقية الطغاة والمجرمين للاجهاز عليها في السنوات العشرين الاخيرة، فكان لله ارادة مختلفة، بان تبقى البحرين ويبقى اهلها حملة لرسالة السماء وورثة للانبياء واتباعا للائمة. فكانت الانتفاضات، الواحدة تلو الاخرى، حتى انطلقت ثورة الرابع عشر من فبراير في 2014 لتصعقه وتجتث مشروعه من اساسه.
ثمانية اعوام شهدت البلاد خلالها من الظلم والجور والعمالة والسقوط الاخلاقي والقيمي ما لم تشهده بلاد اخرى. مع ذلك يجد الطاغية نفسه في سقوط من حفرة الى اعمق منها، ومن هاوية الى أشد منها. كان ذليلا منذ نهبه السلطة، لصا، سارقا، منافقا. فاعتقد ان بامكانه تزييف وعي الشعب بكلمات ووعود جوفاء. فما اسرع ما اكتشفه البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) وقضوا على احلامه واوهامه. ففي غضون شهور قليلة بعد موضوعة “الميثاق” تبدلت مشاعر الجميع ازاء مشروعه الفاسد. وما ان اعلن عن الغاء دستور البلاد الشرعي وفرضه دستورا خليفيا مشوها حتى تراص الشعب ليرفضه ومشروعه وعصابته، ويطالب بسقوطه: انتهت الزيارة، عودوا الى الزبارة. الشعوب اوعى من طغاتها، وأطول عمرا، وأشد ثباتا. وبرغم عقد كامل من التضليل والتشويش والتحريف والتخريب، انطلق الشعب في اكبر ثورة ضد حكم الديكتاتور الذي سقط في غضون أيام. فاستنجد مرة اخرى بالاجانب لمساعدته في الحرب ضد شعبه. فما الذي حدث؟ اعتمد على السعودية والامارات لاسناد حكمه المتداعي، واعتقد ان ذلك يحميه من بأس الله وتناسى ان “الله أشد بأسا وأشد تنكيلا”. فاذا بالسعودية تتحول في نظر حلفائها الى مصدر للارهاب، فتصدر القرارات الامريكية باعتبارها راعبة للارهاب ومدرة لاعتداءت 11 سبتمبر، ثم يصبح محمد بن سلمان عنوانا للقتل والاجرام، ويتحول الراي العام العالمي ضده في كل مواقفه: حربه على اليمن، قتل جمال خاشقجي، سجن النساء واضطهاد الشعب. ما يزال يقتل ابناء وطنه وينحر رؤوسهم، ولكن هذا الشاب لن يكون له عمر مديد في الحكم لانه بطش ودمر. وبذلك يخسر الخليفيون، بفضل الله وصمود الشعب ودماء الشهداء، المصدر الاقوى لدعم وجودهم. واليوم ها هي الامارات تبدأ سحب قواتها من اليمن بعد ان اصبحت الحرب مستنقعا للمشاركين فيه ومنهم طاغية البحرين وجنوده ليبدأ بذلك مسلسل انهيار حزب الشيطان الذي تآمر مع المحتلين وسعى للتطبيع معهم.
اما التطور الاخير، الذي يحدث ببركة دماء الشهداء، فقد بدأ يتبلور الشهر الماضي بشكل واضح، فبالاضافة لانسحاب الامارات التدريجي من اليمن، اختلفت مع السعودية وتوجهت نحو ايران. وللطاغية الخليفي وبوقه التافه، مواقف مخزية من ايران التي يلومها في كل شيء، ويصدر بيانا داعما لاعدائها في كل موقف، ويقف مع “اسرائيل” ضدها. اليوم تتوجه الامارات لتطبيع العلاقات مع ايران، لتصفع بذلك طغاة الرياض والرفاع، ولتضيق الخناق على البيت الخليفي العميل الذي عادى الله ورسوله ودينه ووطنه وشعبه، وقتل مواطنيه وعذب أحراره، وتفاوض مع الارهابيين لاغتيال مفكريه وعلمائه. هذا القن الخليفي التافه لا يملك عقول الحكماء والعارفين، بل لديه غريزة شريرة تدفعه لارتكاب الجرائم والموبقات دائما. ألم يتصد “فريق الموت” الذي جاء به السفير الخليفي في لندن لموسى عبد علي ويحاول القاءه من سطح السفارة؟ ألم يمارس التعذيب بحق هذا المواطن المظلوم امام عدسات المصورين؟ فكان من نتائج هذا البطش واراقة الدماس والافساد نفاذ بعض السنن الالهية لتصيب الطاغية في مقتل. السعوديون انهالوا بالشتم والتحقير والاهانة تجاه دولة الامارات بعد تواصلها مع ايران هذا الاسبوع، فماذا ستفعل الابواق الخليفية؟ هل ستشن حربا على الدولة التي شاركت في انقاذهم من السقوط في منتصف مارس 2011 والتي مولت حكمهم بالمليارات؟ ام سيبلعون كبرياءهم ويبكون بصمت وينعون حظهم العاثر؟ انها دعوة المظلوم التي لا ترد عن الله سبحانه، ودعوة امهات الشهداء اللاتي فجعن في أعز ما لديهن، وابتهالات الصالحين في المساجد والمضاجع ان يمحق الله الخليفيين وطاغيتهم ويحمي البحرين واهلها من شرورهم. ان دماء الشهداء الثلاثة الذين ازهقت ارواحهم احقاد الخليفيين لن تذهب سدى، بل انها حركت النفوس والقلوب وعمقت الرفض الشعبي لهذا الحكم الديكتاتوري البائس، واكدت للعالم ان شعب البحرين لن يتراجع خطوة واحدة عن مطالبه الرئيس بتغيير نظام الحكم لتسود الحرية والعدالة وحكم الشعب، وتسقط الديكتاتورية والاستبداد والظلم.
انه عهد الشهداء الذي كتب بدمائهم الزاكية، وهو عهد لا تنازل عنه او مساومة عليه.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
2 اغسطس 2019