اطلاق سراح بعض المعتقلات بداية فجر الشعب وهزيمة الخليفيين
اولا: ان قوى الثورة المضادة بدأت تخسر معركتها في السودان الذي يصر اهله على انهاء الحكم العسكري الاستبدادي. ثورة شعب السودان جاءت لتدشن عهد التغيير في شمال القارة الافريقية، مستفيدة من تجارب البلدان المجاورة مثل تونس وليبيا ومصر. فاذا كان التغيير في تونس لم يكتمل تماما بعد ان انقضت قوى الثورة المضادة على ثورة الشعب بالخداع والتشويش وحصرت التغيير بازاحة رأس الدولة، فان هناك من مشاعر الغضب والاحباط لدى التونسيين ما يكفي لتفجير الوضع مجددا لتحقيق التغيير الشامل الذي سالت من اجله دماء الثوار قبل اكثر من ثمانية اعوام. السودانيون تحركوا متأخرين ولكنهم استفادوا من تجارب من سبقهم. يعرف السودانيون اليوم ان هناك اعداء للتغيير في مقدمتهم القوى السياسية التقليدية التي نشأت في ظل النظام السابق، ودول الثورة المضادة خصوصا مصر والسعودية والامارات. حركت هذه الدول الاتحاد الافريقي لكي يتصدر المشهد السياسي ويطرح مشروع الحوار والتفاوض في اثيوبيا لاحتواء غضب الثوار والالتفاف على مطالبهم. كان على قيادات المجلس ادراك حقيقة مهمة وهي ان الثورة لا تتفاوض مع النظام الذي تريد اقتلاعه الا تحت عنوان واحد: طريقة تسليم السلطة للشعب كاملة بدون قيد او شرط او اية محاولة لطرح شروط ايا كانت. وقد ارتكب المجلس خطأ قبوله بمبدأ التفاوض مع العسكريين المدعومين من الخارج والباحثين عن اساليب لكسر شوكة الثورة واحتواء حماس الثوار. لقد تدخلت مصر والسعودية والامارات علنا بشكل قوي وسعت لشراء مواقف بعض العسكريين واستدعتهم لاجتماعات في عواصمها لتمرير الوقت ومنع التغيير. وقد استعادت بعض فصائل الثورة المبادرة وأدركت متأخرا حقيقة لعبة العسكر لمنع استحقاقات التغيير. والامل ان يواصل الثوار حراكهم بدون توقف ورفض اي حوار مع العسكريين الذين يفتقرون لشرعية دستورية او شعبية.
ثانيا: كشفت الاسابيع الاخيرة ان حكام السعودية والبحرين قد وصلوا طريقا مسدودا وان عليهم تسليم السلطة لممثلي الشعب الثائر. ولذلك بدأوا باطلاق سراح بعض السجينات تحت الضغوط الخارجية والتململ الداخلي في صفوف اعوان السلطة بعد ما راوه من ضعف بنيوي بتلك الانظمة وتراجع حظوظهم على صعيد العلاقات الخارجية. ففي الشهر الماضي افرجت السلطات السعودية عن خمس معتقلات سياسيات وتظاهرت بان محاكمتهن مستمرة. والحقيقة ان الضغوط الخارجية على الحكم السعودي ارغمت حكام الرياض على قبول مبدأ اطلاق سراح المعتقلات السياسيات اللاتي تحركن في بداية الامر بدوافع فطرية للحصول على حقوقهن وحريتهن ليستطعن اداء دورهن الانساني والمجتمعي، خصوصا قيادة السيارات وانهاء نظام الولاية الذي يحول المرأة الى كيان بلا وجود. وبعد ما حدث العام الماضي للاعلامي السعودي، جمال خاشقجي واستمرار الضغوط على محمد بن سلمان المتهم باصدار اوامر القتل، اصبحت هناك خشية من تعرض جلاوزة النظامين لملاحقات قانونية على الصعيد الدولي. وهناك اصرار من النشطاء البحرانيين على محاكمة الطاغية حمد بن عيسى بتهم القتل خارج القانون واصدار اوامر التعذيب وممارسة حرب إبادة ضد السكان الاصليين والسعي المتواصل لاستبدالهم بشعب مستورد. النظامان يعيشان حالة احباط عام بعد ان اتضح انهما محاصران بمطالب التغيير من كل جانب وان اساليب قمعهم كثفت تلك المطالب بدلا من تخفيفها.
ثالثا: ان التوازن السياسي الاقليمي يتجه تدريجيا لغير صالح التحالف الشرير الذي تقوده السعودية. فحظوظها في اليمن تتقلص تدريجيا خصوصا بعد ان نقل اليمنيون الحرب الى العمق السعودي واصبحوا قادرين على استهداف المدن الرئيسية ومن بينها ابوظبي التي تبعد أكثر من 1500 كيلومتر. فاعتماد الخليفيين على السعوديين والاماراتيين اصبح غير مضمون النتائج بعد ان اتضح خواؤهما وضعفهما العسكري والسياسي. ولن يستطيع هؤلاء حماية طاغية البحرين وعصابته كما فعلوا في العام 2011 عندما بعثوا قواتهم لقمع ثورة الشعب البحراني. وتبقى بريطانيا الداعم الاكبر للنظام الخليفي. ولكنها هي الاخرى تشهد تراجعا في حظوظها السياسية وسمعتها الدولية بسبب فشل سياسات مخططيها. وقد ارتكبت بريطانيا واحدة من اكبر الاخطاء العسكرية عندما قامت، من خلال السلطات في جبل طارق، باحتجاز ناقلة النفط الايرانية “الرحمة” التي كانت تحمل نفطا قيمته حوالي 100 مليون دولار. وجاء الرد الايراني سريعا باحتجاز ناقلة بريطانية كانت تبحر في مياه الخليج. ولم تستطع بريطانيا فعل شيء، الامر الذي قلل بريق قوتها العسكرية والامنية. لقد ارتكب المخططون البريطانيون خطأ أضر بمصلحة البلد وسمعته، الامر الذي بعث القلق في نفوس الخليفيين بشكل خاص. والواضح ان البريطانيين قرروا خطأ السعوديين والاماراتيين الذين عجزوا عن تحقيق انتصار عسكري في اليمن وظهرت حدود قوتهم بشكل واضح. ان من السهل الاقدام على مخاطرة معقدة، ولكن الصعب الخروج منها. الاماراتيون استبقوا الهزيمة الماحقة بالتواصل المباشر مع الايرانيين والتراجع عن لغة التهديد الذي لا يمكن تنفيذه. ويسعى السعوديون لفتح خطوط التواصل مع الايرانيين والحوثيين لحفظ ما تبقى من ماء الوجه. البحرانيون راهنوا على صمود الشعب اليمني ونجحوا في رهانهم، بينما خسر الخليفيون رهانهم على داعميهم في الرياض وابوظبي ولندن، وسيخسرون ذلك الرهان جملة وتفصيلا. لذلك ارغموا على البدء باطلاق مبادرات خجولة تقلل من غلواء الشعب ضدهم، فألغى طاغيتهم قبل شهرين قرار عبيده اسقاط جنسية مئات البحرانيين. كان واضحا ان تلك الخطوة هزيمة كبيرة للطاغية وعصابته. واليوم أمر بالافراج عن خمس معتقلات بحرانيات، في خطوة تؤكد انهزامه وتراجعه. وسيتواصل ذلك المسلسل بارادة الهية تؤكد حتمية نفاذ وعد الله لعباده المظلومين.
الامر المؤكد ان الشعب البحراني وضع بيضه في السلة الناجحة وانتمى لقوى التغيير المنتصرة ورفض الاعتماد على قوى الظلم والاستبداد والاحتلال، واعتمد على ربه اولا ونفسه ثانيا لكسر شوكة الظالمين والمعتدين، وها هي بشائر النصر تلوح بازغة في الافق البعيد. انه الايمان الراسخ الذي يدفع صاحبه للتوكل على الله انطلاقا من القول المأثور “اعقلها وتوكل”. فحين ثار قبل ثمانية اعوام كانت انطلاقته من اجل الله، وتوكله الكامل على الله سبحانه. وها هو اليوم ينتظر نتائج الوعد الالهي المضمون: انا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد”. “انا من المجرمين منتقمون”.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
16 اغسطس 2019-08-14