النصر يلوح في الافق وهزيمة الطغاة بدت ملامحها
بعد مائة عام من النضال الوطني المتواصل، لم تعد مطالب الشعب محصورة باجراءات شكلية او مطالب هامشية، بل اكسبته تجاربه المريرة عمقا في التحليل وبصيرة نافذة وايمانا راسخا بضرورة تغيير هذا الحكم الفاسد. ومع تواصل تجاربه خصوصا في السنوات العشر الاخيرة اصبح واعيا حقائق عديدة حول الحكم الخليفي:
اولها استحالة اصلاحه، وان اية جهود تبذل في هذا المجال فانها ضائعة ولا توصل الى نتائج ملموسة. فهناك تجربة الاستقلال وما اعقبها من كتابة الدستور وانتخابات المجلس الوطني، وكيف ان الخليفيين انقلبوا على ذلك كله واعادوا عقارب الساعة الى الوراء. وهناك تجربة الانتفاضة المباركة في التسعينات التي اعقبتها وعود بما سمي “مشروع اصلاحي” سبقه اطلاق سراح السجناء السياسيين. وما ان استقرت الامور بعد عام واحد من انتهاء الانتفاضة حتى انقلب الطاغية على الدستور الشرعي وفرض دستوره على الوطن والشعب. ثم شجع المعارضة على التحول الى جمعيات سياسية رسمية، وبذلك استطاع تكبيلها واعادة صياغة اولوياتها ومنهجها، فابعدها عن الحراك الثوري وحولها الى مطالب سياسية لم يتحقق منها شيء. وما ان انطلقت الثورة المباركة حتى اجهز على تلك الجمعيات وحلها الواحدة بعد الاخرى. هذه الحقائق اكدت بما لا يدع مجالا للشك استحالة اصلاح الحكم الخليفي الذي نخره الفساد الى الاعماق واصبح مستعصيا على اية محاولة اصلاحية.
ثانيها: ضرورة العودة الى الثوابت الوطنية التي سبقت الانسحاب البريطاني قبل قرابة الخمسين عاما. ومن هذه الثوابت الاصرار على حق تقرير المصير واختيار نظام الحكم الذي يناسبه، وتطبيق مباديء الشراكة السياسية والتعددية. كما يتضمن ذلك العمل بشكل متواصل على تثبيت مبدأ الموطنة المتساوية وتقوية اللحمة الوطنية وتعميق الشعور بضرورة التحرر من اية وصابة اجنبية. هذه الثوابت ربما شابها شيء من الضباب والتشوش ولكنها تزداد عمقا كلما تواصل النضال وتضاعفت التضحيات. واصبحت هذه الثوابت تفرض نفسها على الوضع العام وتحول دون السقوط مجددا في مستنقع المساومات مع طغمة سياسية لا تشارك الشعب قيمه واخلاقه وثوابته وتطلعاته. ومن الثوابت الوطنية ايضا الحفاظ على حصانة الوطن وكرامته وامنه وتجنيبه الصراعات الداخلية التي تساهم في تفتيته واضعافه. وتؤمن المعارضة البحرانية، بكافة اطرافها، بسيادة الشعب على ارضه وعدم التفريط في شبر من الوطن مهما كانت الظروف. وقد شهدت العقود الخمسة الاخيرة تضحيات البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) بما لديهم من اجل تحقيق ذلك، ولم تؤثر عليهم الشبهات التي يطرحها الخليفيون والضوضاء التي يبثونها للتعتيم على الحقيقة والهاء الرأي العام عن القضايا الجوهرية الثابتة.
ثالثها: ان العناد الخليفي وتوجه العصابة الحاكمة للمزيد من القمع والاضطهاد انما ادى لاضعاف موقعها. صحبح ان الشعب انهكته التضحيات ولكنها لم تثن عزمه عن مواصلة النضال حتى تحقيق النصر. والنصر هو ما يعمل من اجله البحرانيون، تتجدد عزيمتهم من اجل تحقيقه كلما تضاعفت التضحيات. فالشهداء الذين سقطوا في ميادين الشهادة على مدى ثمانية اعوام انما عمقوا مشاعر الغضب والاصرار على التغيير وليس العكس. يعرف البحرانيون ان استمرار الحكم الخليفي سيضاعف الكوارث والمصائب وان التخلص منها يتطلب ألغاء حكم الخليفيين الذين عاثوا في الارض فسادا وفي عباد الله تنكيلا وظلما. وما اضطهاد الاغلبية الساحقة من الشعب البحراني على مدى العقود السابقة واصرار الطغاة على الاستمرار في جرائمهم الا بعض عوامل الصمود وليس الانكسار او الهزيمة. يعرف اولياء الشهداء معنى الاضطهاد عندما يستشهد الابن ويعتقل اخوته وينكل بابويه، ويسجن والده او يقصى من البلاد، انه اضطهاد غير مسبوق في تاريخ البحرين بل حتى في تاريخ منطقة الخليج. ولذلك حسمت المواقف السياسية والنفسية باتجاه التغيير ولم يعد هناك تردد او تلكؤ او اعادة حسابات حول ضرورة تخليص البلاد من هذا الظلم واهله، وتحرير الشعب من الكابوس الجاثم على صدور ابنائه.
رابعها: ان تطورات المنطقة تغيرت كثيرا لغير صالح الخليفيين. فقد هزموا (مع السعوديين والاماراتيين) في عدوانهم على اليمن، واصبح الخليفيون ترتعد فرائصهم وهم يرون ما حدث في السعودية مؤخرا، سواء باستهداف مطاراتها ام قواعدها العسكرية العملاقة ام منشآتها النفطية. كما يرون ردود الفعل الغربية خصوصا في الايام الاخيرة. كان التحالف الشرير الذي يشن العدوان على اليمن يعتقد ان الغربيين سيثأرون لهم ويحمونهم من غضب الشعب اليمني، فاذا بهم يفاجأون بمواقف وسياسات اخرى. فلم تضرب ايران عسكريا ولم يهدد زعماؤها بل استقبل رئيسها على اوسع نطاق من قبل رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي اللذين توسطا لاقناعه بمقابلة الرئيس الامريكي، بينما يتمنع ويرفض ويصر على سياسة بلاده. راى هؤلاء الطغاة الضحكات المتبادلة بين هؤلاء الزعماء بينما لا يعبأ حلفاؤهم الغربيون بهم، بل يزدرونهم بشكل كبير. فمن لا يحترم شعبه يحتقره الآخرون، ولا تنفعه امواله ونفطه ابدا. الخليفيون يرون بعيونهم ما يحدث ولذلك اصيبوا بهزيمة نفسية كبيرة. ومن المتوقع ان يظهروا في الفترة المقبلة سياسات مختلفة، ويسعوا للاختفاء وراء مقولات جوفاء: العقوبات البديلة، الحوار الوطني، احترام الاغلبية الشيعية، كخطوات لاخفاء هزيمتهم والتشويش على الحقائق ومحاولة تليين مواقف الشعب ومطالبه. ولكن هيهات، فقد سبق السيف العذل، وحسم الشعب موقفه ولن تفيد اساليب التشويش والتضليل والنفاق شيئا. لقد اصبح على الخليفيين ان يرحلوا بدون قيد او شرط ويسلموا البلاد وسيادتها وحكمها للشعب الذي انتهج اساليب سلمية من اجل اقامة نظام سياسي مؤسس على مبدأ: لكل مواطن صوت.
خامسها: ان الايمان الراسخ في نفوس البحرانيين من عوامل النصر المحتوم لهم. فقد آمنوا بربهم وتوكلوا عليه والتفوا حول راية التوحيد والايمان والاعتماد المطلق على الدعم الالهي ولا شيء سواه، ولم يترددوا في ايمانهم وصبرهم وصمودهم لحظة واحدة. فجرت الامور وفق السنن الالهية: ومن يتق لله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ان الله بالغ امره. الخليفيون آمنوا بامور اخرى فلم تنفعهم شيئا. مدرستان في العمل السياسسي التزم الطغاة باحداهما والتزم الشعب بالاخرى. هذا الايمان الثابت لدى الشعب من اهم عوامل انتصاره، لذلك تدور الدوائر ويبدو الطاغية منتصرا بعدده وعدته، ولكن سرعان ما ينهار حلمه ويحق عليه قول الله فيهوي عرشه الى الجحيم: فصب عليهم ربك سوط عذاب، ان ربك لبالمرصاد. انها سنن الله التي لا تتغير، وسينجح البحرانيون في رهانهم على ربهم وسخر الخليفيون الذين راهنوا على من سواه. انها عاقبة محتومة للطرفين: انتصار مؤزر للمظلومين وسقوط واندحار للخليفيين الطغاة, يوم بنطش البطش الكبرى انا منتقمون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
27 سبتمبر 2019
Virus-free. www.avast.com |