القمة الخليجية وفشل التحالف الشرير وعيد الشهداء الميمون
هذا الشهر مكتظ بعدد من المناسبات التي تؤثر على مسار التغيير السياسي في المنطقة. ونود التطرق لمناسبات ثلاث: قمة مجلس التعاون الخليجي، والموقف ازاء التحالف الشرير الذي اجتاح البحرين في 2011 وساهم بقمع الثورة، وعيد الشهداء الذي يحييه الشعب سنويا.
اولا: ان قمة مجلس التعاون الاربعون المزمع عقدها في 10 ديسمبر في الرياض لن تتوفر لها حظوظ من النجاح اوفر من سابقاتها. فما دامت العقلية التي تحكم دول المجلس جامدة لم تتغير او تتطور فلن ينجم عن تلك القمم سوى بياناته الختامية المكررة. هذه المرة سعت السعودية لانجاح القمة التي تعقد في عاصمتها، ليس من منطلق الرغبة في تطوير العمل الخليجي المشترك، او ارسال رسالة لشعوب المنطقة بان حكامها بلغوا سن الرشد ونبذوا التراشق الاعلامي والسياسي، بل بهدف استعادة شيء من ا لمصداقية السياسية للمملكة التي تزداد ضعفا وتهميشا على مستوى سياسات المنطقة. فهزيمة التحالف السعودي – الاماراتي في عدوانه على اليمن حرم السعودية من اثبات حكمة امتلاك اضخم ترسانة عسكرية في المنطقة، وكشف ضعفها امام الآخرين الاقوى من اليمن. وعجز هذا التحالف عن هزيمة قطر على مدى اربع سنوات متواصلة، كشف الضعف السياسي للتحالف حتى داخل مجلس التعاون. فمنذ ان استلم الملك الحالي، سلمان بن عبد العزيز الحكم من اخيه عبد الله في 2015 لم يضف شيئا لهذه المملكة المتداعية التي عجزت عن اقامة دولة حديثة او امتلاك قوة عسكرية فاعلة او حكمة سياسية توفر لها فرصة الغلبة على الدول الاخرى، حتى قطر التي تصغرها كثيرا. السعودية بلعت كبرياءها وانحنت امام الاصرار القطري وما يمثله من تحد للتحالف السعودي – الاماراتي، وفجأة تبخرت التهديدات التي اطلقها كل من محمد بن زايد ومحمد بن سلمان ضد بلد عضو بمجلس التعاون. فما الذي بقي من مصداقية لدى هؤلاء؟ اصرت قطر على عدم حضور القمة اذا عقدت في ابوظبي فنقلت الى الرياض، كما اصرت على رفع الحصار على قطر، فاستجابت السعودية وستفعل ذلك قبل القمة بدون اعلان لكي لا تظهر هزيمتها. اما الشروط الاخرى التي كان التحالف السعودي – ا لاماراتي قد فرضتها على قطر ومنها إغلاق قناة “الجزيرة” وقطع العلاقات مع جماعة الاخوان المسلمين والابتعاد من إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، فلم يتحقق منها شيء ولم تتنازل قطر للتحالف السعودي – الاماراتي.
ثانيا: البحرانيون ينظرون للتحالف السعودي – الاماراتي الشرير بانه يمثل خطرا كبيرا على المنطقة، ويهدد امن شعوبها، ويساوم على كرامة ابنائها ومشاعرهم بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي. فأهل اوال المعروفون بصلابتهم في مقابل المحتل الاجنبي سابقا وحاضرا، لم يستسسغوا لحظة العدوان المشترك الذي قامت به القوات السعودية والاماراتية على ارضهم في منتصف مارس 2011. ما يزال الغضب ينتاب نفوسهم منذ اللحظة التي شاهدوا فيها جمجمة الشهيد احمد فرحان مهمشة برصاص العدوان في منطقة سترة. منذ تلك اللحظة قرروا عدم الانصياع للامر الواقع الذي حاول التحالف الشرير فرضه على الارض والشعب، فاستمروا في احتجاجاتهم وتظاهراتهم بدون توقف. وكان من نتائج ذلك الاصرار سجن عشرات الآلاف من المواطنين بايد المحتل الخليفي مدعوما من قوات الغزو السعودية – الاماراتية. لم يتوقفوا ابدا، او يتنازلوا عن مطلبهم الجوهري المتمثل بتغيير النظام السياسي جملة وتفصيلا. هذه الهدف اصبح يعم كافة البلدان العربية التي ترفض شعوبها الاستسلام للآخرين او التحول الى ارقام بلا قيمة. لذلك اصبح الحراك الثوري البحراني تحديا حقيقيا لعقلية الاستحواذ على اراضي الغير، ودافعا للمزيد من الصمود والتصدي للاطماع التي يختزنها السعوديون والاماراتيون. واذا كان اليمنيون المنتصرون على السعوديين في الحرب التي استمرت خمسة اعوام تقريبا حتى الآن يرفضون التخلي عن شبر من ارضهم او التنازل عن حق السيادة على جزء صغير منها، فان البحرانيين يسيرون على خطى الاجداد الذين قاوماو المستعمرين البرتغاليين والبريطانيين، ويصرون على تحرر ارضهم وشعبههم من الاحتلال الاجنبي، ايا كان شكله. لقد خاضوا انتفاضات وثورات ضد الاحتلال البريطاني في الخمسينات، وحققوا استقلال بلادهم بجدارة. وخاضوا التجربة الديمقراطية بعد ذلك واثبتوا انهم اكثر وعيا من الخليفيين والسعوديين وسواهم. كما اثبتوا وعيا لديناميكيات الاحتلال البريطاني وقاوموها بسلمية وتظاهروا ضده وضد رموزه مثل تشارلز بلجريف وايان هندرسون وسواهما فمن الذي يستطيع كسر ارادتهم اليوم وقد اصبحوا اعمق تجذرا في تربة هذا الوطن؟ ها هي جحافهم الشبابية تخوض معارك الكرامة في الميادين، وفي داخل طوامير التعذيب، وعلى صعيد العمل السياسي في الخارج، فمن يضاهيهم او يكسر شوكتهم؟
ثالثا: شباب الثورة يستعدون لاحياء عيد الشهداء في السابع عشر من هذا الشهر باساليبهم السلمية المعهودة. لقد اصبح لهذا اليوم عمق تاريخي تكرس بفعل الاجرام الخليفي الذي ادى لسقوط المزيد من الشهداء تباعا. تأسس عيد الشهداء لتخليد ذكرى او شهيدين برصاص قوات القمع الخليفية في 17 ديسمبر 1994. يومها لم تكن هناك ا نتفاضة واسعة بل احتجاجات متفرقة تطالب باطلاق سراح سماحة الشيخ علي سلمان الذي كان قد اعتقل في الخامس من ذلك الشهر. لم يكن احد يتوقع ان ينجم عن ذلك الحدث اكبر انتفاضة في تاريخ البحرين حتى ذلك الوقت. ولم تكن التظاهرات المحدودة كافية لاشعال انتفاضة عارمة تستمر اكثر من خمسة اعوام. فجاء اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في السنابس وجدحفص ليوفر دماء الشهادة وقودا لتلك الانتفاضة المباركة. استشهد في ذلك اليوم الشهيدان هاني خمس في السنابس وهاني الوسطي في جدحفص. وفجأة تحولت الاحتجاجات المحدودة الى ثورة عارمة شملت كافة مناطق البحرين، يغذيها الشهداء الذين تقتلهم قوات العصابة الخليفية بدون رحمة.واستمرت الانتفاضة المباركة ستة اعوام حتى بداية 2001 عندما طرح الديكتاتور مشروعه “الاصلاحي” الفاشل. لقد تصاعدت اعداد الشهداء في العشرين عاما اللاحقة خصوصا بعد انطلاق الثورة المظفرة بعون الله في 14 فبراير 2011. ولان شعبنا لا ينسى شهداءه، فسوف يحيي ذكراهم في المناسبة المذكورة. وقد استخدم في السنوات الماضية اساليب عديدة من بينها المسيرات السلمية والاعتصامات ومجالس قراءة القرآن على ارواح الشهداء، وزيارة قبورهم، وزيارةعائلاتهم وتكريمها، وكتابة المنشورات التي تؤكد على مطالبهم التي ضحوا بارواحهم من اجلها، واطفاء الانوار عشية المناسبة، والتكبير على السطوح ومنارات المساجد، وسواها من اساليب التعبير السلمية التي تؤكد للعالم استمرار الحراك الشعبي من اجل الحرية واقامة نظام سياسي عادل وانهاء الحقبة السوداء التي هيمنت عليها عصابة في غفلة من الزمن، وحان وقت رحيلها.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
6 ديسمبر 2019