عيد الشهداء وفوز البحرين بشبابها هزيمة للمحتلين والمستبدين
في أجواء عيد الشهداء يستعيد الاحرار ذكريات النضال والشهادة، متجسدة في شخوص اولئك الكبار الذين حملوا رسالة الشعب وأدوا الامانة وسجلوا شهادة امام التاريخ. انهم الاحياء وغيرهم الاموات. احياء عند ربهم يرزقون، احياء بمبادئهم ومواقفهم، أحياء بذكرياتهم العطرة، أحياء بما خلقوه من وعي وثورة في نفوس الاجيال اللاحقة. فلولا استشهاد جميل العلي لما نهض الهانيان وهتفا ضد العدو الخليفي، ولولا تمزيق جسد كريم الحبشي لما مارس حميد قاسم دوره في التحشيد والدفاع عن الوطن، ولولا صبر محمد حسن مدن تحت مباضع الجلادين التي ادت لاستشهاده لما كان للشهيد حسين العشيري دوره. ولولا هؤلاء جميعا لما اشعلت ثورة 14 فبرايردماء الشهيدين علي مشيمع وفاضل المتروك ولما توسعت قافلة الشهداء حتى سقط آخر ثلاثة منهم في شهر يوليو الماضي برصاص غدر العدو الخليفي. انهم جميعا احياء عند ربهم يرزقون، وبحياتهم يحيا الشعب البحراني البطل، ويواصل نضاله ضد الاحتلال والاستبداد، واثقا ان النصر الحاسم سيتحقق ولو بعد حين، فذلك وعد إلهي غير مكذوب. من هنا اصبح إحياء عيد الشهداء مسؤولية وطنية ينهض بها الاحرار كل عام، شعر بها البحرانيون طوال ربع قرن، وأكدها بدمائه الشهيد علي جاسم الذي قتله الخليفيون في 2007 عندما كان يؤدي واجبه باحياء عيد الشهداء في 17 ديسمبر.
قوافل لا تتوقف عن السير على طريق الايمان والحرية والمجد، هدفها الدفاع عن الوطن المحتل الذي دنسه الخليفيون وحماتهم. اجيال تتناوب حمل الراية بدون توقف. السجون لم تكن يوما حائلا دون الثورة، وطوامير التعذيب لم تدخل الرعب في قلوب الواثقين بنصر الله، والارهاب الخليفي لم يفت في عضد الحرانيين الاصليين (شيعة وسنة)، وتغييب الرموز والعلماء وراء القضبان او في المنافي لم يؤثر على الانجازات الثورية عبر العقود، واهمها الطلاق الابدي بين الشعب البحراني الاصلي (بشيعته وسنته) والعدو الخليفي الذي لم يخف يوما عداءه للبحرين واهلها وتاريخها وثقافتها واستقلالها.
لقد حقق شبابنا هذا الاسبوع تفوقا رياضيا نوعيا لم يكن مفاجئا لمن يعرف هذا الشعب ورجاله ونساه وابناءه. كان ذلك الانجاز مفاجئا لاعداء هذا الشعب، اولئك الذين سعوا بسياساتهم الجائرة لاستبداله بشعب آخر استقدموا فلوله من اقاصي الارض. فالعقيدة السياسية والاخلاقية الخليفية مؤسسة على مقولة “الفتح” التي هي تعبير آخر عن “الاحتلال”. فالمحتل لا يثق باهل الارض التي يحتلها، بل يبقى خائفا منهم دائما ويسعى لمنع الاستحقاقات المرتبة على الاحتلال. انها عقدة العداء للسكان الاصليين، وهي عقدة لم يستطع الخليفيون تجاوزها بل انها تتعمق لديهم باستمرار. وللتدليل على هذه الدعاوي يجدر ذكر ما يلي:
اولا: ان منتخب البحرين عندما سيطر عليه ابناء الوطن غيروه جملة وتفصيلا وتمكنوا من تطوير ادائه ليصبح منافسا لاقوى الفرق العالمية. فالرياضي الواثق من نفسه، المعتمد على ربه، العاشق لارضه وشعبه قادر على صنع المعجزات. وتنطبق هذه الحقيقة علىكل من لديه موهبة رياضية او علمية او مهنية. ألم يشارك البحرانيون في بناء المنشآت السعودية في الستينات ومنها قاعدة خميس مشيط والمنشأت النفطية في المنطقة الشرقية؟ ألم يركب الاجداد البحر ويغوضون في اعماق البحر لجمع اللؤلؤ؟ ألم يهاجووا الى الهند للتجارة وكسب الرزق؟ ألم يقم علماؤهم العظماء قبل اكثر من 500 سنة بنقل علوم اهل البيت الى ارض فارس؟ هذه الاشبال انما هي من تلك الاسود. ولكن تباطأ عطاؤهم بعد الاحتلال الخليفي الغاضم للارض وممارسته ابشع وسائل التنكيل والابادة العرقية والدينية. فقد دفعتهم عقدة الاحتلال لعدم الانصهار في الوطن ومع الشعب، بل بقوا يحملون فكر الغربة ومشارع البعد عن كافة ابناء البحرين الاصليين (شيعة وسنة) حتى اليوم.
ثانيا: ان شباب البحرين (ذكورا واناثا) تمكنوا من بلوغ اعلى المناصب الدولية، فعملوا ضمن المنظمات الدولية ومؤسسات الامم المتحدة وبرامجها المتعددة، بعد ان اثبتوا قدرتهم على التميز والعطاء. بعضهم تسلم مناصب عليا في مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي، وآخرون في منظمات مثل “يونيسيف” و “اونروا” وسواهما. وقد ساهم البحرانيون في بناء مشيخات الخليج الاخرى، ومنها مسقط ودبي وابوظبي وقطر والكويت والسعودية. كما ادعى الخليفيون ان ولاء البحرانيين الاصليين يتجه خارج الوطن. ولكن الوقائع والحقائق تؤكد ان العكس هو الصحيح. وجاءت الانتصارات الرياضية الاخيرة لتؤكد ان البحرانيين يعشقون ارضهم واهلهم ويرفضون ان يكونوا ادوات بايدي الاجانب. البحرانيون لم يستدعوا الاحتلال الخليفي – الاماراتي ولم يبنوا القواعد العسكرية البحرية للقوات الاجنبية. البحرانيون ثاروا واحتجوا وتظاهروا واكدت لجنة بسيوني زيف الدعوى الخليفية بان ايران وقفت وراء الثورة وحرضت قادتها على ممارسة دورهم. انه الكذب المرتبط بشخصية الخليفي البشعة، ولكن ما اقصر حبل الكذب.
ثالثا: ان الخليفيين يعانون من عقدة النقص امام الشعب. فهم عديمو العطاء، ليس لديهم كفاءات تذكر. وللتعويض عن ذلك والتعتيم على النقص، اصبح الطاغية الحالي يبالغ في وصف احد اولاده، فتارة يسمى “المعجزة” واخرى يعرض وكانه البطل الذي لا يجارى وليس له مثيل، وثالثة يمنح الاوسمة والجوائر بدعوى تحقيقه تفوقا وهميا. فهو الاول في كل شيء بداء بسباق الخيل، مرورا بالسباحة وصولا الى قيادة الدراجات. وما دام الاعلام بايدي هؤلاء الظلمة، فقد اصبح العاملون بهذا الاعلام ببغاوات تردد ما يقوله سيد نعمتها. لقد صنعوا عبيدا بأشكال رجال، وهذا ما يبحثون عنه، وهذا ما يرفضه ابناء الوطن كافة ويضحون بحريتهم وحياتهم من اجل الحرية الحقيقية والانعتاق من الرق للخليفيين الطغاة.
رابعا: ان عقلية الاستعلاء والاستكبار المعشعشة في اذهان الخليفيين تدفعهم دائما للتقليل من شأن البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة). فما اكثر عبارات الاستخفاف بالشباب البحرانيين، وادعاء انهم “كسالى” و “لا يحبون العمل” او “لا يتقنون المهن”. يطرحون هذه المغالطات والاوصاف العنصرية لتبرير ابعادهم عن مراكز القرار، وحرمان الشعب من الشراكة السياسية التي تفتح المجال امامهم للماشركة في الادارة والقرار. لقد ازدحمت وسائل الاعلام المحلية الخاضعة للهيمنة الخليفية باسوأ النعوت للبحرانيين. ولما قررت صحيفة واحدة رفض التوجيهات الخليفية خصوصا تلك التي تنالمن كرامة الشعب وانسانيته، لم يتردد الطاغية كثيرا، بل الغاها وسرح موظفيها، وبعد عامين قام بهدم اطلالها، تشفيا وحقدا وامعانا في التنكيل. البحرانون ليسوا كسالى ابدا، بل هم في طليعة المعاطئين والمتفانين في خدمة الاوطان وبنائها. الخليفيون هم الذين يعتبرون عالة على الانسانية لانهم لا يقدمون لها سوى القمع والتضليل والاهانة.
لقد كان اداء منتخب البحرين هذه المرة افضل من السابق كثيرا، حتى تمكن من الفوز بكأس الخليج. رياضيون شعروا بالغبن كثيرا وهم يستحضرون ما جرى لزملائهم الرياضيين سابقا، وكيف ان الطاغية وعصابته اقتادت الرياضيين بدون رحمة الى طوامير التعذيب ونكلت بهم، بل طاردتهم في الامصار حتى كادوا يسترجعون الرياضي حكيم العريض، لولا رحمة الله ودعم الاحرار وتصدي الشرفاء للمشروع الخليفي الخبيث. هذا الرياضي لم يأمن على نفسه حتى في منفاه في اقاصي الارض، لان الخليفيين يمتعضون عندما يرون ان بحرانيا أفلت من ايديهم وحصل حق اللجوء السياسي لدى دولة اخرى قادرة على حمايته وتوفير وسائل العيش الكريم له ولعائلته.
سيستمر عطاء البحرانيين، وسيحققون الانتصارات في الخارج والداخل، وسيظلون اوفياء لربهم ووطنهم وحريتهم، وسيصمدون على طريق الحرية حتى يحققوها. وان وعد الله قريب انشاء الله
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعلل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
13 ديسمبر 2019