البحرانيون يستقبلون عاما جديدا، صامدين من اجل الحرية
عام آخر يمر على البحرين وهي ترزح في ظل حكم قبلي استبدادي جائر، اكدت السنوات استحالة اصلاحه. فالذي خبث لا يخرج الا نكدا، والفساد لا ينتج الاصلاح ابدا. خلال هذا العام ارتكب الخليفيون من الجرائم ما لا يحصى، ابتداء بالاعتقال التعسفي للمئات من المواطنين،مرورا بتعذيبهم واصدار الاحكام الجائرة عليهم، وصولا اعدام بعضهم. يضاف الى ذلك تمادي الطاغية وعصابته في تمتين العلاقات مع العدو الاسرائيلي الذي يستمر في تصفية الفلسطينيين قتلا وسجنا، ومصادرة اراضيهم ببناء المستوطنات على نطاق واسع في المناطق التي يفترض انها تابعة للسلطة الفلسطينية. الخليفيون كذلك استمروا في اعتداءاتهم على الجيران، مستفيدين من الدعم الانجلو – امريكي والاسرائيلي. فاستمرورا في تحالف الشر بقيادة السعودية المستمر في عدوانه على اليمن، حتى بعد ان تمكن اليمنيون من استعادة المبادرة واستهداف مواقع المعتدين بدقة وفاعلية. الطاغية لم يتراجع في موقفه ذلك ولم يعتذر للشعب اليمني عن الجرائم التي ارتكبها العدوان على ارضه وشعبه. واستمر الحكم الخليفي في استهداف دولة قطر بالحصار، تنفيذا للاوامر السعودية – الاماراتية، واصبح اداة لدى هذا التحالف الشرير. فما ان قرر هذا التحالف التراجع قليلا الى الوراء باوامر امريكية حتى غير طاغية البحرين موقفه وامر بالمشاركة في دورة كأس الخليج التي اقيمت في قطر. كما استمر الخليفيون في استعداء الجمهورية الاسلامية اعلاميا وسياسيا، ونفذوا اوامر تحالف قوى الثورة المضادة بعقد مؤتمر لمناقشة التصدي للوجود البحري الايراني في الخليج، وفي ذلك استفزاز غير مبرر او مقبول. فشعب البحرين لا يضم العداء لاي من جيرانه، بل يسعى دائما للتعايش السلمي والاخوي معهم، ومد جسور الاخوة والصداقة والتعاون معهم.
ومع اقتراب نهاية العام الميلادي بدا واضحا عمق الاستقطاب السياسي والفكري والثقافي بين شعبها والعصابة الخليفية المحتلة. يوما بعد آخر يزداد التمايز والاختلاف، وتتعمق حالة العداء الخليفي للشعب. وهو عداء وصل حد التآمر لاقتلاع الوجود البحراني الاصلي (الشيعي والسني) والسعي لاستبداله بشعب آخر يستقدمه من بلدان أخرى. هدف الطاغية تحويل البلاد الى كانتونات عرقية ودينية ومذهبية صغيرة بحيث يصبح حاكما لهذه الكانتونات الصغيرة التي لا يستطيع اي منها الادعاء بانه يمثل الاغلبية، بل يعتمد على الطاغية لحمايته من المكونات الاخرى. انها سياسة شيطانية يبيدو انها تقترب من الفشل بسبب وعي الشعب كافة. فقد اصبح المكون البحراني السني اكثر وعيا بالخطة الخليفية، واكثر ادراكا لخططه خصوصا في مجال التطبيع مع اعداء الامة. فبدأت الصيحات ترتفع محذرة من مخاطر التجنيس السياسي بعد ان اتضح خطره على سكان المناطق التي يستوطنها المجنسون، واغلبها مناطق سنية. فاصبح المكون السني يدفع فاتورة التجنيس الذي وقف المكون الشيعي ضده اساسا. ولذلك بدأ المشروع الطائفي الذي فرضه الخليفيون على البلاد يتآكل من داخله بعد ان دب الوعي في اوصال الجميع وادركوا خبث المشروع الخليفي وخطره على البلاد بما هي ملك مشترك لمكونيه الاساسيين، الشيعي والسني اللذين تعايشا عقودا في وئام وتفاهم ونضال مشترك ضد الاستعمار تارة والاستبداد الخليفي ثانية ومن اجل التوزيع العادل للثروة ثالثا. انه صراع من اجل الحياة والبقاء في بلد اصيل يقطنه مواطنون اصليون يمتلكون من الوعي والشجاعة والاباء والكرامة ما يدفعهم دائما للصمود والنضال ضد العدو الخليفي.
وهكذا يبدو المشهد البحراني متحركا بدون توقف برغم القمع السلطوي. فما ان اطل شهر ديسمبر حتى عاد الطاغية لما كان مألوفا في العقود الاخيرة: الاعلان عن اكتشاف “تنظيم سري يهدف لقلب نظام الحكم بالقوة”. لقد تكررت هذه القصة منذ اربعين عامام عندما اعلن عن اكتشاف “تنظيم” اتهمه بمحاولة انقالبية فاشلة، ونكل بافراده وسجن 73 منهم لمدد بلغت المؤبد. يومها كان هنااك توقع بصدور احكام باعدام بعضهم، ولكن شاء الله ان تتغير موازين الحرب العراقية – الايرانية التي كان الخليفيون طرفا غير مباشر فيها بجانب صدام حسين، واستطاع الايرانون استرداد بعض اراضيهم التي اجتاحتها القوات العراقية، فادرك حكام الخليج خطر الاعتماد على العراق بشكل كامل. هذا التغير في الوضع العسكري ارغم الخليفيين على التخلي عن فكرة اعدام بعض افراد مجموعة الـ 73، واستبدال ذلك بعقوبات بلغ بعضها المؤبد. ومنذ ذلك الوقت تصاعد القمع بدون توقف حتى اليوم. وكما يقال فرب ضارة نافعة، فكلما ازداد القمع تعمقت القناعة بضرورة ا لتغيير. في البداية كانت هناك دعوات لاصلاح الحكم الخليفي، ثم طرح الشعب اعادة العمل بدستور 73 لاعادة الاستقرار للعلاقة بين الطرفين. ولما انقلب الطاغية الحالي على ذلك الدستور والغى العلاقة التي ينظمها ذلك الدستور، تخلى الشعب عن فكرة التعايش مع الخليفيين. واصبح الآن يطالب باسقاط حكمهم واستبداله بحكم يؤسسه المواطنون بكتابة دستور يفضل الى حياة برلمانية وحكومة منتخبة. الشعب يطالب بنظام يقوم على مبدأ “لكل مواطن صوت” ويرفض سياسات التمييز في المواطنة او استبدالها بالاجانب. وهكذا اصبحت مطالب الشعب اوضح وأكثرتطورا. فالحكم الخليفي نظام بال ينتمي للماضي السحيق ولا مكان له في القرن الحادي والعشرين، كما هو الحكم السعودي الذي أسس لسقوطه بسياساته الحالية في ظل حكم محمد بن سلمان. وكادت جريمته الشنيعة التي ارتكبها قبل خمسة عشر شهرا تطيح به لولا الدعم الانجلو – امريكي المتواصل.
برغم ما يبدو من نجاح للخليفيين في شق الصف الوطني، فقد جاءت تطورات المنطقة لتدفع المواطنين لاعادة النظر بضرورة اعادة تلاحمهم وتوافقهم ومنع العدو الخليفي من اختراق صفوفهم خصوصا بعد ان اتضح عداؤه لكل ما هو وطني وعربي واسلامي. وما تطبيعه المتواصل مع العدو الاسرائيلي الا واحد من وجوه ذلك العداء. وبعد زيارات الوزراء الصهاينة للرفاع جاءت زيارة وفد اللوبي اليهودي الامريكي الشهر الماضي ليشكل خطوة كبرى على طريق السقوط الخليفي الذي استفز الامة وأغضب احرارها ودفعها لاتخاذ مواقف ضده. انها واحدة من تلك الفرص التي لا تتوفر كثيرا، ولكنها اذا توفرت فانهاقد تتحول الى نقطة تحول جذري في مجريات الامور، وقد تؤدي للتغيير العميق. وثمة ثوابت تاريخية وقانونية لا يمكن تجاوزها. فعندما يتجاوز طرف صغير حجمه فسرعان ما يتواجه مع حقائق التاريخ والجغرافيا وتتضافر السنن لاعادته الى مكانه او القضاء عليه. هذا ما حدث لقطر عندما وسعت نفوذها السياسي في التسعينات، فاصبحت في مواجهة مع قوى كبرى واضطرت للتراجع. وما تفعله الامارات اليوم مثال آخر لسعي بعض الانظمة لتجاوز القوانين والسنن، ومن المؤكد ان تواجه الامارات مصيرا حتميا بالسقوط خصوصا بعد ان استهدفت دولا اكبر منها كثيرا مثل اليمن ومصر وليبيا. وكان العراق في عهد صدام حسين يسعى للتوسع فاستهدف ايران عسكريا، فتفاعلت الظروف حتى ادت لسقوط نظام بغداد. والخليفيون اليوم تجاوزوا حدودا كثيرة، ودفعتهم عبوديتهم للسعوديين لارتكاب حماقات كبرى من بينها استفزازهم المتواصل لايران والعراق وقطر، الامر الذي سيؤدي بهم الى كوارث سياسية كبرى. ونظرا لهشاشة الارض التي يقفون عليها حيث الرفض الشعبي المطلق لحكمهم وتاريخهم الاسود من القمع والاضطهاد وارتكاب الجرائم ضد الانسانية، ففد اصبح امرا محتوما سقوطهم الكامل. ومن قال ان الخليفيين لا يسقطون؟ ومن قال ان حكمهم البحرين ابدي؟ ومن قال ان علاقتهم بشعب ذلك البلد أزلي؟ من هنا اصبحت ثورة شعب البحرين حدثا ضروريا لتعجيل سقوط نظام حكم خائر، قام على الاحتلال والفساد، ولم يستطع الوصول الى قلوب شعب الارض التي احلتها، بل خلق لنفسه عداء تاريخيا في نفوس السكان الاصليين. لهذا نعتقد ان العام الجديد قد يشهد تحولا جذريا في موقع الخليفيين. وقد بدا ذلك جليا، فبدأوا برفع الراية البيضاء بطرح عناوين تبدو انسانية ولكنها منطلقة من الشعور الداخلي بالضعف والهزيمة. وقد بدأوا يساومون السجناء على مواقفهم، فلم يواجهوا منهم سوى الرفض المطلق والمطالبة بتسليم السلطة للشعب. الخليفيون يساومون المواطنين على سجنائهم، ويطالبونهم بالسكوت على جرائمهم كشرط للتفكبير باطلاق هؤلاء الاسرى، ولكنهم يخسأون ان يروا من الشعب استسلاما او خنوعا او ضعفا، فهم اقوياء بالله سبحانه وتعالى. الصمود هو شعار المرحلة وسيبقى الشعب وفيا لهذا الشعار، بعد ان اصبح التعايش مع الخليفيين مستحيلا.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد اسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
3 يناير 2020