دور الامريكيين في الخليج لا يفيدهم، ويضر حلفاءهم
حوادث مطلع العام القت بثقلها على البحرين، وأكدت للشعب ضرورة استمرار الحراك السلمي من اجل تحقيق المطالب الاساسية التي أعلنها في الثورة التي انطلقت في 14 فبراير 2011. ومع اقتراب الذكرى التاسعة لتلك الثورة المظرفة باذن الله تعالى، يعيد الشعب تأكيده على تلك المطالب وفي مقدمتها حق تقرير المصير وكتابة دستور دائم للبلاد بدلا من الدستو ر الخليفي الذي فرضه الطاغية بالقوة قبل ثمانية اعوام، وتشريع ممارسة برلمانية حرة تفضي لحكومة منتخبة. اما الخليفيون فقد سحب الشعب منهم شرعية الحكم بعد عقود من القمع والاضطهاد وبعد ان اكدوا اصرارهم عمليا على القضاء على الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة) واستبداله بشعب مستورد يتم تجنيس افراده بشكل متواصل. هذه القطيعة الكاملة بين الطرفين دفعت الشعب لاعلان اهدافه ومطالبه عبر ثورة هي الاوسع في تاريخ البلاد المعاصر. وبرغم التدخلات الاجنبية لدعم الخليفيين عسكرياوسياسيا وامنيا واعلاميا فقد فشلوا في كسر شوكة الثوار الذين لم يبارحوا الميادي طوال السنوات التسع الماضية. وتواصلت مع ذلك الاعتقالات المتواصلة والتنكيل والتعذيب والاعدام وسحب الجنسية وابعاد المواطنين. وشمل القمع والاضطهاد الرجال والنساء والاطفال. وقد قنن الخليفيون لانفسهم حق اعتقال من يعبر عن راي مخالف لمواقفهم وسياساتهم، ومن يشارك في مسيرة تطالب بالتغيير، ومن يرفض الاستسلام او الخنوع لما يريده الديكتاتور. لذلك لم تتوقف الاعتقالات يوما. وفي الشهر الماضي (يناير) فحسب اعتقل اكثر من 25 من المواطنين من كافة المناطق. وشملت الاعتقالات عددا من علماء الدين. وكان من بين اعتقال بعضهم اقامته الصلاة والدعاء من اجل الافراج عن المعتقلين والترحم على الشهداء.
من هنا يستحيل ان يتغير الموقف الشعبي لحظة، لانه تعبير عن رفض مطلق لهذه السياسات الاجرامية التي جاءت بالاحتلال وواصلت القمع وواصلت سياسة الابادة وسلبت اموال الوطن لخدمة اغراض الطاغية. ومنذ حلول العام الميلادي الجديد حدثت تطورات اقليمية عديدة اعتقد الخليفيون انها لصالحهم، ولكنها من زاوية المنظور الالهي استمرار لسنة التغيير التي تنتهي بـ “أخذ” الطغاة والديكتاتوريين. جاء في اليوم الثاني من العام الجديد العدوان الامريكي على العراق الذي ادى لاستشهاد عشرة من العراقيين والايرانيين يتقدمهم الجنرال الايراني قاسم سليماني والقائد العراقي ابو مهدي المهندس. الخليفيون عبروا اعن ارتياحهم باساليبهم وعلى لسان المطبلين لهم وذبابهم الالكتروني، شامتين بالشعبين العراقي والايراني، ومؤيدين للتدخلات العسكرية الامريكية في المنطقة، الرد الايراني لم يستهدف الخليفيين او السعوديين الذين طالما حرضوا على العدوان. وسبق ذلك قرار الديكتاتور طرد وزير خارجيته من منصبه لاسباب لم يكشفها، وربما لها علاقة بتصريحاته الدنيئة التي يتفاخر فيها بالتطبيع مع العدو الصهيوني، ويشتم فيها الشعب البحراني والشعوب الاخرى وكذلك رموز الدين مناوئيه السياسيين. لم تحدث ردة فعل ايرانية فورية ضد الخليفيين او السعوديين هذه المرة، ولكن الوضع الاقليمي يزداد استقطابا ومن شأنه ان يؤدي لتفاعلات تطالب انظمة الاستبداد التوارثية التي يمثل الخليفيون والسعوديون أكثرها سوءا. يضاف الى ذلك تصاعد حدة الاستقطاب الداخلي بين الشعب والخليفيين. وبرغم سياساتهم التي تروج للطائفية وتسعى لتقسيم شعب البحرين ومناضليه وفق خطوط التمايز المذهبي، الا ان قدرا من الوئام حال دون تحول البلاد الى غابة غوغائية. ويوما بعد آخر تستعيد الساحة البحرانية توازنها فيتوحد النضال الوطني المطلوب للاجهاز على نظام البغي الخليفي الذي لا يخدم احدا من السكان الاصليين (شيعة وسنة).
في هذه الاثناء يبدو حلفاء الخليفيين في اوضاع غير مشجعة، ولا تشير لحالة من الاستقرار والوئام. فالسعودية تواصل سياساتها التي اغضبت العالم، وآخرها قيام بعض رموزها باختراق هاتف جيف بيزوس، وهو رجل اعمال امريكي يملك شركة “امازون”، الامر الذي دفع الكثيرين لرفع الاصوات مطالبين بفرض عقوبات على السعودية. فهذا العمل يضاف الى جريمة اغتيال جمال خاشقجي في اكتوبر 2018، ويؤكد عبثية ولي العهد السعودي وعقليته التي تستعصي على الاصلاح. يضاف الى ذلك استمرار العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية والامارات. فبعد اربع سنوات ونصف من العدوان وصلت هذه الحرب الى حالة من الجمود العسكري بعد ان حدث توازن عسكري ارعب السعوديين والاماراتيين والخليفيين واعوانهم. فقد اصبح اليمنيون قادرين على استهداف ابعد نقطة في العمق ا لسعودي بصواريخهم وطائراتهم المسيرة، الامر الذي اضعف مصداقية التحالف المعتدي خصوصا مع تعمق الخلافات الداخلية بين الدول المشاركة فيه خصوصا السعودية والامارات. وقد خفضت الاخيرة دورها في الحرب، وحلت القوات السعودية محل القوات الاماراتية في اغلب مناطق الجنوب استعدادا لتمزيق وحدة اليمن وشطره الى شمال وجنوب. والواضح ان السعودية غسلت يديها من الحرب بعد ان اصبح الحسم العسكري مستحيلا، وتصاعدت الاصوات المطالبة بوقفها بدون قيد او شرط، وبعد ان وجهت تحذيرات كثيرة باحتمال محاكمة بعض رموز دول التحالف بارتكاب جرائم حرب واسعة النطاق. الملف اليمني اصبح جرحا نازفا للتحالف السعودي – الاماراتي – الخليفي الذي فشل في تحقيق اختراق عسكري يذكر، واصبح يتلقى الصفقات العسكرية تباعا. مع ذلك هناك خشية من تمزيق اليمن لخدمة اهداف السعودية التي اصبحت تسيطر على اقليم المهرة المحاذي لسلطنة عمان. وتامل الرياض في السيطرة الدائمة على ذلك الاقليم لتمرير مشروعها بشق طريق الى البحر العربي لنقل نفطها الذي تزداد صعوبات نقله عبر مياه الخليج ومضيق هرمز. وهكذا تحولت الحرب اليمنية الى مستنقع سياسي وعسكري وامني لكل من السعودية والامارات، وكذلك العصابة الحاكمة في البحرين.
في هذه الاجواء يستعد البحرانيون لاحياء الذكرى التاسعة لثورة 14 فبرايربمعنويات عالية وتطلعات لا تقل شموخا عما كان لدى الثوار عند انطلاق الثورة. صحيح ان السجون ما تزال مكتظة بالمعتقلين السياسيين، ولكن الصحيح ايضا استمرارحالة الصمود والتحدي لدى قطاع واسع من المعتقلين السياسيين الذين امضوا تلك الفترة وراء القضبان. وقد اشتاط الخليفيون غضبا عندما اكتشفوا استمرار حالة التحدي والرفض لدى السجناء، فقد رفض اغلبهم التقدم بطلب ادراجهم ضمن ما اسماه الطغاة “العقوبات البديلة”. فقد اتضح ان تلك العقوبات اشد ايلاما للكثيرين، وانها لا تشمل في اغلب الاحيان الا العناصر المعتقلة التي تعاني من امراض وعاهات يخشى ان تؤدي الى وفاتهم داخل السجن. وبدلا من الانصياع للارادات الخليفية اعلن السجناء الدخول في اضرابات عديدة عن الطعام بهدف الضغط على الطغاة وجذب انظار العالم الى معاناتهم. ان ذلك تعبير عن الاباء والشموخ والانفة والصمود، وهذا ما يتردد على السنة الكثير من السجناء خصوصا الرموز الكبيرة الرافضة لاي تنازل عن المطالب اوالمساومة على حرية الشعب حقه في تقرير المصير. هذه الحقيقة تصيب الديكتاتور الخليفي وجلاوزته في مقتل،خصوصا ان هناك ملفات كثيرة يتم اعدادها لمقاضاة الجلادين سواء في القضاء الدولي ام القضاء المحلي بعد تحرير الارض من المحتل الخليفي واعوانه. هذه الحلقة من النضال الوطني الذي لم يتوقف منذ اكثر من مائة عام، تضغط بشدة على الحكم القائم الذي اعتقد ان اجراءاته القمعية سوف تكسر شوكة الشعب وتبقي الوطن في قبضتهم. لقد ولدت ارحام الامهات في السنوات التسع من عمر الثورة جيلا جديدا يتم اعداده وتربيته لحمل لواء التغيير. فما اكثرالعائلات التي يتربى اطفالها على انغام تعذيب اخوتهم في السجون، والتنكيل بآبائهم وامهاتهم وشعبهم. لذلك فان الامل بانتصار الوطن والشعب في هذه الذكرى في تصاعد مستمر، فلا مجال امام الخليفيين وداعميهم الا تسليم السلطة للشعب، فذلكهو المطلب الذي لن يستطيعوا تجاوزه، طال الزمن ام قصر. انها صرخة من اعماق كل سجين اضطهد وعذب وراء القضبان، ومن قلوب ذوي الشهداء الذين احرق الطغاة قلوبهم بقتل فلذات اكبادهم بالتعذيب تارة والرصاص الحي ثانية والاعدام ثالثة. ان الشعب على موعد مع النصر الالهي الموعود ولن يفلح القمع الخليفي في كسر الارادة الشعبية المتطلعة للحرية والاستقلال والكرامة.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية