العالم مطالب بالتدخل لارغام الطاغية على السماح بعودة 1300 بحراني من ايران
لا يمكن التقليل من الخطر الذي يهدد العالم في هذه الايام بسبب انتشار فيروس كورونا، ومن السذاجة بمكان اعتباره “سحابة صيف” عابرة. ومع ان العالم شهد اوبئة كثيرة وخطيرة في العقود الماضية، واستطاع تجاوزها جميعا، ولكن الخطر القائم حاليا قد يصبح اكثر تهديدا نظرا للتداخل بين البشر وتغير ثقافتهم الحياتية وسرعة تنقلهم. هذا بالاضافة لعوامل اخرى منها عدم ظهور اعراض المرض الا بعد فترة تصل الى اسبوعين، الامر الذي يجعل المصاب سببا لاصابة اعداد اخرى من البشر. لذلك بدأ التعامل مع المرض يتخذ ابعادا جديدة من الجدية والصرامة، وسارعت الحكومات لحماية مواطنيها باساليب عصرية من جهة وابداء اهتمام مناسب من جهة اخرى، وجعل التصدي للمرض اولوية تتقدم على بقية شؤون الدولة. هذا المرض ضرب باطنابه في اكثر من نصف دول العالم وهو مستمر بالانتشار. ويعاني اهلنا في البحرين من حالة القلق التي تساور الشعوب الاخرى المنكوبة. ومن تجليات ذلك القلق والاهتمام من الاطراف المسؤولة ما يلي:
اولها: اقدام المواطنين على اتخاذ خطوات غير مسبوقة في انماط حياتهم، خصوصا ما يرتبط بالتجمعات العامة والصلاة في دور العبادة والانشطة الاجتماعية والرياضية العديدة. وليس امرا سهلا على المواطن البحراني عدم الاحتفاء بذكريات الائمة عليهم السلام خصوصا في شهر رجب الذي تحل فيه مناسبات عديدة تبدأ بذكرى مولد الامام علي الهادي عليه السلام وتمر بمولد الامام علي بن ابي طالب في الثالث عشر منه، حتى تصل الى ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر عليه السلام في الخامس والعشرين منه. مع ذلك ابدى المواطنون مرونة كبيرة في طرق الاحتفاء بهذه المناسبات، حتى اصبحت تعقد عبر الهواتف وبرامج التواصل الاجتماعي التي تحتويها.
ثانيها: يقدر لعلماءالدين البحرانيين شجاعتهم في التصدي للمرض والسعي لمنع انتشاره، وذلك بمنع كافة التجمعات الدينية التي اعتاد عليها المواطنون، وحث المواطنين على الالتزام بقواعد النظافة ومنع الاجواء التي ينتشر فيها وباء المرض. هذه الخطوة غير مسبوقة وتكشف عمق وعي العلماء من جهة وحرصهم على الشأن العام وحماية المواطنين والمشاركة في التصدي للمرض بحرمانه من الحواضن الاجتماعية لفيروساته. يحدث هذا في الوقت الذي يتعرض فيه هؤلاء العلماء للقمع والاضطهاد على ايدي الخليفيين الذين يتفجرون حقدا وغيظا على السكان الاصليين (شيعة وسنة). لقد اقدم العلماء على خطوتهم هذه وكل منهم يعلم انه قد يعتقل ويتعرض للتنكيل والتعذيب بموقفه هذا، خصوصا ان الطاغية يرفض ان ينافسه احد في موقع الزعامة.
ثالثها: يعرف العلماء ان الديكتاتور وعصابته اعتقلوا العشرات من العلماء الذين يرزحون في غياهب السجون بدون ذنب او خطيئة. كما يرى هؤلاء العلماء ما يتعرض له العلماء الآخرون من سجن وتعذيب. فها هي المحاكم الخليفية تصدر حكما بسجن الملا عبد المحسن الملا عطية عاما كاملا لانه انتقد معاوية بن ابي سفيان الذي حرف مسار الحكم الاسلامي وحوله الى ملك وراثي عضوض، وقتل العشرات من اصحاب رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام. انه انتقام من عشاق رسول الله الذين يرفضون ما فعله معاوية وما يفعله السائرون على دربه كالطغاة الخليفيين الذين يرفضون تسليم الحكم للشعب ويصرون على استمرار الحكم الوراثي ونهجه الاموي. الامويون حاولوا خداع جماهير المسلمين بشرعية حكمهم بتحريف الدين، ابتداء بتأويل القرآن الكريم، مرورا بوضع الحديث على لسان رسول الله وصولا الى تزوير كتابة التاريخ واحتواء المحسوبين على الدين ومن بينهم بعض صحابة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام. هذا التزوير يمارسه الحكام غير الشرعيين الذين يحاولون تخدير الناس وايهامهم بشرعية حكمهم. والخليفيون يفعلون الامر نفسه الذي فعله الامويون. انهم لا يرفضون اسقاط التاريخ وعبره على واقعهم فحسب، بل يزورون ذلك التاريخ بما ينسجم مع سياساتهم. فهم اليوم بتلاعبون بالحقائق ويمنعون اي انتقاد للمشروع الاموي الذي كان يهدف لاستبدال دين محمد بن عبد الله بنسخة قبلية مشوهة تعيد التراث الجاهلي وتجعله حاكما على الناس، وهذا ما حذر منه القرآن الكريم: “وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين”. وكما انقلب الامويون على الاسلام المحمدي الاصيل، يواصل الخليفيون ذلك الانقلاب ويسجنون من يتصدى له. وعلماء الدين والخطباء والكتاب يمثلون رأس الحربة في مواجهة تزوير التاريخ، ولذلك يتعرضون لأبشع اصناف التنكيل.
رابعها: ان انتشار وباء فيروس كورونا كشف واحدا من جوانب العلاقة بين الخليفيين والبحرانيين. فقد رفض الطاغية وعصابته تقديم اية مساعدة لاكثر من 1300 زائر بحراني عالقين في ايران. هؤلاء سافروا الى هناك لزيارة العتبات المقدسة بمدينة مشهد الايرانية. وفجأة اوقفت شركات الطيران الخليجية رحلاتها الى ايران، فلم يستطيعوا العودة الى بلدهم. ومنذ ثلاثة اسابيع اطلق هؤلاء صراخات استغاثة مطالبين بمساعدتهم وتسهيل عودتهم الى البحرين. ولم يقم الخليفيون بخطوة واحدة من اجل ذلك. السلطات الايرانية كررت استعدادها لمساعدتهم ولكنهم لا يستطيعون بسبب رفض الخليفيين التعاون. فلا يكفي ان توفر ايران طائراتها لنقلهم، بل يتطلب الامر موافقة طغاة البحرين على السماح بدخولهم البلاد، وتوفير مناطق عزل مناسبة ليتم فحصهم للتأكد من سلامتهم من فيروس كورونا. يعلم الخليفيون ان الحل الافضل يقتضي افراغ احدى الجزر التي يحتلها رموز الخليفيين لنقل هؤلاء اليها وجعلها مركزا للعزل الصحي. ومن هذه الجزر ام النعسان التي وضع الديكتاتور يده عليها وبنى له فيها قصرا لا يزوره الا فترة قصيلة في العام، وهذه الجزيرة تعادل في مساحتها جزيرة المحرق التي يقطنها حوالي 300 الف مواطن. وهناك جزر حوار التي نهبها الطاغية وجعلها ملكا خاصا به، وجزيرتا جدة وام الصبان اللتان اصبحتا ملكا لرئيس الوزراء المقيت، خليفة بن سلمان، واخوه الاصغر المتوفى، محمد بن سلمان. ومن المؤكد ان الطاغية لن يقبل باعادة هذه الجزر الى الشعب بسهولة. وهنا يحتاج الامر لتدخل دولي لارغامه على تسهيل عودة المواطنين البحرانيين وافراغ احدى الجزر من اجل الحجر الصحي.
هذه الحقائق تكشف بعض جوانب الخلاف الجوهري بين البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) والعصابة الخليفية التي تحتل ابلاد بالنار والحديد. وهي قضايا غير قابلة للمساومة، الامر الذي جعل الخليفيين أكثر اصرارا على القمع والتنكيل والاستمرار بمشروع الابادة لاضعاف الوجود البحراني الاصلي في ارض اوال. من هنا يتعمق الشعور بضرورة انهاء الحكم الخليفي وتسليم الحكم الى الشعب لكتابة دستوره واجراء انتخابات تفضي لحكومة منتخبة تدير شؤون البلاد وفق ارادة اهلها، وتنهي الحقبة السوداء المتمثلة بالاحتلال الخليفي لارض اوال. من اجل هذا يناضل الشعب منذ اكثر من تسعة اعوام، وسيظل صامدا في الميادين حتى تتحقق اهدافه النبيلة وينتهي عهد العصابة المجرمة.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
6 مارس 2020