قضايا ثلاث تشغل بال البحرانيين
اولا: من المؤكد ان الهم الناجم عن انتشار فيروس كورونا يضغط على نفوس المواطنين، خصوصا مع اقتراب عجلة الحياة من التوقف الكامل. وقد أكد العلماء على ضرورة الالتزام بالمستلزمات الصحية التي طرحها الاطباء وتوفر شيئا من الوقاية من هذا الوباء. وهذا هو فحوى البيان الذي اصدره مؤخرا سماحة القائد الشيخ عيسى أحمد قاسم. ومن الضرورة بمكان عدم التساهل مع هذا الوباء، بل بذل الجهد من اجل الحد من انتشاره والتغلب على أثاره القاتلة في بعض الحالات. وقد تضاعف الهم البحراني في الاسابيع الاخيرة عندما اتضح ان اكثر من ألفين من المواطنين البحرانيين الاصليين قد انقطعت بهم السبل في مدينة مشهد الايرانية التي زاروها من اجل العبادة عند ضريح الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام. لقد كان هدف هؤلاء من زيارتهم روحانيا، فقد قطعوا المسافات رغبة في التعبد بعيدا عن الضوضاء والصخب، وبالقرب من احد الائمة الطاهرين من سلالة النبي محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام. وفجأة انقطعت حركة الطيران بين دول الخليج وايران نتيجة تفشي وباء فيروس كورونا، فاصبحوا عالقين هناك منذ اكثر من ثلاثة اسابيع. وبرغم المناشدات الكثيرة من عائلاتهم للسلطات الخليفية للعمل على ارجاعهم الا ان الخليفيين كانوا يصرون على تجاهل القضية. وساهمت الاقلام المسمومة في تحريض هذه العصابة على التشدد في موقفها، فمنهم من طلب عدم السماح للزوراء بالعودة الى وطنهم، ومنهم من طالب بسجنهم، ومنهم من شن حملات اعلامية تشتم المواطنين وتتعدى على عقيدتهم ومقدساتهم. وانكشفت حقيقة النظام الخليفي بشكل اوضح عندما صوت عبيده بمجلس الشورى لمنع هؤلاء البحرانيين من العودة الى وطنهم. وبعد ان تحولت المسألة الى فضيحة للخليفيين بدأ حلفاؤهم بالضغط عليهم لان موقفهم خزي وعار، فليس هناك حكومة في العالم تتنكر لمواطنيها وتتخلى عنهم وقت الشدة. وبعد اتصالات مكثفة بين ايران وسلطنة عمان، رضخ الطاغية وسمح بعودة بعضهم. وقد وصلت حتى الآن طائرة واحدة فقط، وتم عزل الزوار في خيام سيئة الاعداد، بدون مراعاة الضوابط الصحية، الامر الذي يهدد بزيادة انتشار المرض. وتصر المعارضة على توفير سكن مناسب لهؤلاء خصوصا مع توفر ذلك في جزيرة حوار التي تحتوي على فنادق كبيرة تتسع لاغلب هؤلاء. ولكن يصر الديكناتور على حرمان المواطنين من هذه التسهيلات التي توجد كذلك في جزر ام النعسان وام الصبان وجدة. وستظل قضية الزوار البحرانيين ورفض الخليفيين حلها وصمة عار في جبين الخليفيين.
ثانيا: من جانب آخر تعمقت قناعة البحرانيين بعداوة العصابة الخليفية لكل ما هو ومن هو بحراني اصلي (شيعيا كان ام سنيا) عندما قفزت قضية السجناء السياسيين الى الواجهة. فقد صدرت نداءات كثيرة مطالبة باطلاق سراح الآلاف من الاسرى البحرانيين من السجون الخليفية. ودعت منظمة العفو الدولية في بيان اصدرته الاسبوع الماضي بعد انتهاء فترة حكم السيدة هاجر منصور، للافراج عن المعتقلين السياسيين مؤكدة ان سجن هاجر منصور خطأ كان يجب ان لا يحدث. ونتيجة الضغوط السياسية والاقتصادية ارغم ا لطاغية على اصدار اوامر بالافراج عن بعض من اقتربت احكامهم من الانتهاء. ولكن نظرا للعداء الخليفي العميق للشعب البحراني، فقد أصر الطاغية على الامعان في إهانة السجناء وإذلالهم بالاصرار على ما يسميه “العقوبات البديلة” حتى لو أكمل السجين اغلب فترة حكمه ولم يبق منها الا فترة وجيزة. وهناك من قضى احكاما بالسجن خمس سنوات ولم يبق سوى اسبوع او اسبوعين، ولكن أصر على تطبيق العقوبات البديلة حتى على تلك الفترة الوجيزة. وتجدر الاشارة الى ان دول العالم تكتفي بقضاء المحكوم نصف فترة حكمه ثم اطلاق سراحه. وهذا ما حدث للاستاذ عبد الرؤوف الشايب الذي حكمته محكمة بريطانية خمس سنوات. ولما انقضى نصفها اطلق سراحه. اما الخليفيون فقد سجنوا السيدة هاجر منصور في 5 مارس 2017 وحكموها بالسجن خمس سنوات، ولم يفرجوا عنها الا في 5 مارس 2020. ولولا الاعلام الذي سلط الضوء على السيدة هاجر لبقيت في السجن فترة اضافية. وهنا يجب التأكيد على امر محتوم باذن الله: ان جميع السجناء سيتحررون من الاسر الخليفي، وان سجانيهم وجلاديهم سينالون جزاءهم القانوني في محاكم عادلة ولو بعد حين.
ثالثا: ان الله يأتي الظالمين من حيث لم يحتسبوا، ويقذف في قلوبهم الرعب، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر. لقد استقوى هؤلاء الطغاة على شعوبنا بالمال النفطي الهائل الذي تضاعفت اسعاره في العقد الاول من الالفية الثانية، حتى بلغ ذروته في العام 2008 ليتجاوز سعر البرميل 120 دولارا. وساهمت هذه القفزة العملاقة للاسعار في توفير اموال نفطية هائلة للحكام المستبدين في الخليج. هذه الاموال لم تستخدم لتطوير البنى التحتية الحقيقية لهذه الدول بل انفقت على المظاهر الخارجية فتم تشييد عمارات شاهقة لمضاهاة نيويورك وشتغهاي والمدن الاوروبية الاخرى. اما الانسان الخليجي فقد تم تحويله الى مخلوق مادي، لا مكان لفكره وعقله، بل تم اختصاره بمظاهره من منزل وسيارة ومباهاة بالمال. واستخدمت ظاهرة التوسع المادي مادة للمفاخرة ومؤشر للتقدم. اما المواطن نفسه فمحروم من حقوقه السياسية والانسانية، فليس هناك قانون عادل يحميه او نظام شفاف يوفر له ما يعمق انسانيته ويشجعه على ممارستها في حياته، ومنها القدرة على التفكير الحر والتعبير عن الموقف واختيار حكامه والمشاركة في بناء وطنه وسياساته. ومع تصاعد الوفرة المالية اكتظت السجون بمعتقلي الرأي كما هو الحال في البحرين والسعودية والامارات في الوقت الحاضر. ونظرا لغياب العقل الوطني عن القرارات السياسية، استحوذت القبيلة بقيمها الصحراوية على الدولة فاصبحت القبيلة هي الدولة، فمن ينتقدها او يتعرض لاحد افرادها فانه يتهم بـ “التآمر ضد الدولة” او “بث اشاعات مغرضة”. هذا هو الواقع الذي يعيشه البحرانيون اليوم في ظل الحكم الخليفي المقيت. ولان السنن الالهية نافذة ولا يستطيع طاغية او مستبد وقفها، فقد اقتضت المشيئة الالهية توجيه ضربة موجعة لطغاة الرياض والبحرين وابوظبي باضعاف السوق النفطية التي كانت مصدر المال النفطي الذي مكن لحكام هذه البلدان من شراء مواقف الدول والجماعات والافراد ذوي النفوذ في بلدان الغرب، تارة بعقدد الصفقات العملاقة التي بلغت في بعض الحالات مئات المليارات من الدولارات، واخرى بشراء مواقف بعض الدول من خلال شراء مواقف بعض ساستها او برلمانييها او اعلامييها بالمال النفطي الهائل. هذا المال ساهم في قتل المشاعر الانسانية لدى المؤسسة الغربية الحاكمة، فتبلدت عقول افرادها وتكلست مشاعرهم، فما عادوا يشعرون بجوع الفقراء في اليمن او آلام سجناء الرأي في البحرين او امهات الشباب مقطوعي الرؤوس في السعودية. اليوم تدفع دول مجلس التعاون ثمن طغيان قادتها وظلمهم واستبدادهم وسياساتهم التي توجها القبيلة لحماية مصالحها فحسب. اسعار النفط انهارتب كلمح البصر، ومعها هيبة طغاة السعودية وابوظبي والرفاع. “واذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا”. انها بداية نهاية حقبة سوداء من تاريخ المنطقة خصوصا البحرين التي عانى اهلها ظلما لا مثيل له. ولكن دماء الشهداء لا تموت، بل تطارد القتلة والسفاحين حتى تقتلع وجودهم وترمي بهم في مزبلة التاريخ.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية