إطلاق السجناء مطلب انساني بدون بعد سياسي
“أهالي المرخ قلقون على ابنائهم المعتقلين”، “أنقذوهم قبل تفشي الوباء في السجون”، “سارة تبعث تحياتها لوالدها الشيخ علي سلمان وبقية السجناء”، “انتم احرار في سجونكم ونحن سجناء في حريتنا“. هذه نماذج من رسائل البحرانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت شعار “أطلقوا سجناء البحرين”. بلدة بعد اخرى تعدد اسماء معتقليها، والدة تلو والدة تتحدث عن خوفها الشديد على فاذة كبدها المغيب وراء القضبان. ناشط حقوقي بعد آخر ينادي بالافراج عن سجناء البحرين. اصوات الحرية تنطلق من كل زاوية من البحرين وخارجها داعية لانهاء معاناة البحرانيين المرتهنين لدى العصابة الخليفية. الامر الذي يفجر الطاغية غيظا ان أيا من الدعوات لا تطرح بأسلوب الاستعطاف والاسترحام، لماذا؟ لان البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) أباة، ذوو نفوس كبيرة وشعور عميق بالعزة والكرامة. كما ان احدا لا يطالب بـ “مكرمة” من الديكتاتور، لماذا؟ لان الجميع لا يقبل ثقافة “المكرمات” التي يسعى الخليفيون لفرضها على ا لبلاد والشعب منذ ان احتلوا البلاد، كما لم يطالب أحد بـ “إصدار عفو عام” عن نزلاء طوامير التعذيب الخليفية، لماذا؟ لان أحدا من المواطنين البحرانيين الاصليين الشرفاء لا يعتبر المعتقلين مجرمين او مخطئين عندما طالبوا بحقوقهم المشروعة، بل ان هناك رأي عاما بان حاكم البحرين وعصابته هم المجرمون الذين عليهم ان يطلبوا العفو من الشعب لما ارتكبوه من جرائم. من الذي قتل اكثر من 200 من البحرانيين، الشباب والاطفال والشيوخ والنساء؟ من الذي اعتقل اكثر من 20 الفا من البحرانيين ظلما وعدوانا لماذا؟ لانهم شاركوا في احتجاجات او تظاهرات سلمية متحضرة مطالبين بانهاء الظلم الخليفي واستبداله بنظام عادل يديره الشعب بارادته. من الذي هدم مساجد البلاد في مثل هذه الايام قبل تسعة اعوام؟ من الذي مارس “التعذيب الممنهج” الذي اكدته لجنة ا لتحقيق التي عينها الطاغية نفسه برئاسة المرحوم شريف بسيوني؟ من الذي اعتدى على دين المواطنين واستهدف علماءهم ونكل بأكبر مرجع ديني وسياسي في البلاد؟ من الذي اعتقل النساء وعذبهن وهتك الاعراض وانتهك الشرف؟
البحرين تواجه أزمات متواصلة، أخطرها استمرار الحكم الخليفي الظالم. ومنها انتشار وباءء كورونا الذي لولا استبسال الطواقم البحرانية لأتى على الاخضر واليابس. هذه الطواقم الطبية نفسها لم تسلم من إجرام الطاغية الذي انتقم منها عندما مارست وظيفتها وضمدت جراح ضحاياه. اما الديكتاتور وعصابته فقد اختفوا وراء جدران القصور وتعاملوا مع الشعب باستكبار واضطهاد من بروجهم العاجية. وها هم يرفضون اداء دورهم، كمسيطرين على امكانات الدولة وممتلكات الشعب، بارجاع البحرانيين العالقين في الخارج. صحيح انهم استسلموا تحت الضغط المحلي والدولي الذي فضح مؤامراتهم بمنع البحرانيين من العودة استكمالا لمشروع “التطهير العرقي” الذي فرضه الديكتاتور منذ استلامه الحكم، ولكن ما ان خفت الضغوط حتى بدأوا يتراخون عن اداء مسؤوليتهم وواجبهم تجاه العالقين. منذ البداية كانت هناك ثلاث مطالبات في هذا الجانب: اولها اصدار اعلان بحق المواطنين في العودة وان الحكومة قررت اعادته في غضون ايام، ثانيا: إصدار اوامر لشركة “طيران الخليج” التي يفترض انها ملك للشعب، لترتيب رحلات يومية منتظمة لإكمال عودة العالقين خلال اسبوع كحد اقصى، ثالثا: الاعلان عن اخلاء الفنادق في الجزر التي يحتلها الخليفيون مثل حوار وامن النعسان وجدة لتكون محاجر صحية للمواطنين العائدين من الخارج. الخليفيون لم يقوموا باي من هذه المسؤوليات، فاستحقوا استهزاء العالم واستخفافه بهم، وغضب المواطنين الذين عاشوا كابوس فراق الاحبة. وتميز الموقف الخليفي بشكل واضح عن مواقف حكومات الخليج الاخرى التي هرعت لارجاع مواطنيها العالقين في البلدان الاخرى. مرة اخرى اثبت الخليفيون، بما لا يدع مجالا للشك، عدم صلاحيتهم للاستمرار في الحكم لانهم لم يمارسوا الدور المنوط بهم كحكام مسيطرين على امكانات الدولة.
يضاف الى ما تقدم ان الطاغية يصر على رفض اطلاق سراح السجناء السياسيين لامرين مهمين:
اولهما ان الشعب يرفض ان يستخدم السجناء ورقة ضغط لمنع المطالبة بالتغيير السياسي الذي انطلقت ثورة 14 فبراير من اجله، ويصر على الفصل الكامل بين الامرين: السجناء والتغيير السياسي. ويعلم الجميع ان الطاغية يستخدم السجناء وسيلة لقمع المعارضين والانتقام منهم. بينما يصر المواطنون، ومن بينهم السجناء، على ثبات مطلب التغيير كهدف لا يتغير بعد التجربة المريرة التي خاضها الشعب في ظل الحكم الخليفي المجرم. ولذلك يدعو العالم، ومن ضمنه مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والامين العام للمنظمة الدولية واعضاء مجلس الشيوخ الامريكي والبرلمانيون من دول شتى لاطلاق سراح السجناء السياسيين البحرانيين بدون قيد او شرط.
ثانيهما: ان الديكتاتور نفسه لا يريد ان يقدم اي تنازل للشعب، او الدخول في اية صيغة سياسية معه. هذه الحقيقة واضحة منذ ان الغى دستور 1973 التعاقدي وفرض دستوره الذي صاغه بمقاساته الشخصية وألغى الشعب كمصدر لشرعية الحكم او شريك في العملية السياسية. وتقوم سياسة حمد بن عيسى آل خليفة على عمود ثابت: الغاء الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة) واستبداله بشعب آخر يستودر افراده ويمنحون جنسية البحرين. هذه سياسة ثابتة لحكمه، ولذلك يرتكب البعض خطأ كبيرا عندما يدعون النظام الخليفي لـ “حل سياسي”. فهو لا يؤمن بحل سياسي سوى ما في ذهن الديكتاتور وعصابته، بان الحكم المطلق محصور بالعائلة الخليفية، وان البحرين ملك خاص لهم، وانهم يحكمون ارضا لا يملكها شعب، بل ان كل ما لدى المواطنين انما هو “مكرمة” او “هبة” من الطاغية. ويسعون لتغيير مفهوم الشعب باستبعاد السكان الاصليين (شيعة وسنة) والسعي المتواصل لإحلال شعب مستورد من الخارج. ويقوم المشروع الخليفي على توظيف اشخاص لاداء ما يحددونه لهم من مهمات، ضمن مؤسسات تابعة للخليفيين، وليست مستقلة وان حملت اسماء توحي بالاستقلال والتمدن، ومنها “المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان”، “هيئة التظلمات”، “مجلس الشورى بشقيه المعين والمنتخب وفق شروط الخليفيين”. ومنها ايضا الابواق الاعلامية التي يجبر من يعمل فيها على الانسلاخ من جلده الانساني وارتداء الزي الخليفي. فأية مؤسسة او جهة تظهر شيئا من الاستقلال عن الارادة الخليفية فمصيرها الغلق والحل والتنكيل. هذا ما حدث لصحيفة “الوسط” وقبلها جمعيات الوفاق وجمعية العمل الاسلامي وجمعية وعد وجمعية التوعية الاسلامية وجمعية الرسالة والمجلس العلمائي.
سؤال أخبر: هل يمكن التعايش مستقبلا مع نظام أعاد تشكيل نفسه ليصبح عدوا لكل ما هو بحراني، وصديقا لاعداء الامة ومحتلي اراضيها؟ نطالب باطلاق سراح السجناء بدون قيد او شرط، ونرفض ربط ذلك باية محاولة لابقاء الحكم الخليفي كابوسا جاثما على صدور البحرين وأهلها.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
17 ابريل 2020