نبارك لشعبنا حلول شهر الصوم، والله الله في أسرى الخليفيين
يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
نبارك للمسلمين حلول شهر رمضان المبارك، داعين الله ان يجعله شهر خير وبركة وعتق من النار وعمل صالح يفتح ابواب الجنان ويكسر الشياطين. ونخص شعبنا البحراني المظلوم بالتبريكات والدعوات. ولا ننسى رموزنا الابطال المرتهنين لدى العصابة الخليفية المجرمة. نبتهل اليه سبحانه ان ينزل علينا جميعا شأبيب رحمته ويحرر وطننا من اعدائه، اعداء الله والانسانية والحرية، وان يثبت خطى ابطالنا الميدانيين الذين لا يبارحون الساحات مطالبين بحقوقهم المسلوبة. بهذه المناسبة نود تسليط شيء من الضوء على امور ذات صلة باوضاع الوطن والشعب في ما يلي:
اولا: بقلوب خاشعة يستقبل المؤمنون شهر رمضان، راضين بما قسم الله لهم، مصممين على اداء الفريضة، متطلعين لنيل رضا الله وحده، آملين ان تتحقق سمة “التقوى” التي هي الغاية من الصوم، كما تؤكد الآية الكريمة. ما اكثر القلوب الوالهة التي تنتظر شهر الله، ليس من اجل مشاهدة البرامج التلفزيونية التي تعد لإلهاء الناس عن التفكر والعبادة، وتحول دون ولوج التقوى الى قلوبهم ونفوسهم، بل من اجل الجد والاجتهاد لكسب التقوى. الصائم الحقيقي يفهم ان التقوى تمهد الطريق له نحو الله سبحانه، فلا أحد سواه او فوقه. يرى هؤلاء ان الخشية من غيره ضربٌ من الشرك، وان الاستغاثة بغيره يلغي التقوى، وان عليهم ان يفكروا بالطغاة الذين نصبوا انفسهم اربابا من دول الله ليكونوا مصاديق للآية الكريمة: “فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم”. مصداق الآية الكريمة. وهكذا يصبح رمضان فرصة لهم لتعميق مشاعر الحرية من الطغاة والمستبدين الذي فرضوا انفسهم على البشر لكي يطيعوهم ويستسلموا لاراداتهم وينتظروا عطاياهم، ويتخلوا عن قيم الاسلام التي تدعوهم لمقارعة الظلم والفساد. فالطغاة الخليفيون انسلخوا من انسانيتهم ومشاعرهم، فلا مكان للرحمة في قلوبهم ابدا. فهم كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)
ثانيا: ان من مصاديق العبادة والصوم المؤدي للتقوى، الصمود بوجه البلاء والصبر الايجابي الدافع للعمل من اجل امور عديدة: تعميق الايمان بالغيب (ومن ذلك الاعتقاد الذي لا يدانيه شك بحتمية نفاذ السنن الالهية على الظالمين، التصدي للظالمين، الدفاع عن المظلومين، رفض ربوبية غير الله، عدم استجداء العون الا من الله، الثقة المطلقة بالنصر الالهي للمؤمنين، والانتظار الايجابي للفرج، وان مع العسر يسرا. هذه المفاهيم يستقيها المؤمن الصائم وهو يتدبر معاني القرآن الكريم خلال هذا الشهر داعيا ربه: اللهم اجعل القرآن ربيب قلوبنا”. انه الايمان الدافع للعمل الصالح الذي يشمل الامور المذكورة، وعلى رأسها ما ذكره الحديث الشريف: أن من افضل الجهاد عن الله كلمة حق أمام سلطان جائر. فمن يفصل الصوم عن هذه المفاهيم فانه يخسر الكثير من قيم الصوم واهدافه. كما هو الامر مع العبادات الاخرى التي تجسد مصاديق الآيات الكريمة ومنها تلك التي تربط الايمان بالعمل: ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب. والأمل ان يتجاوز المرء مفهوم “العادة” و “الطقس” و “حشر مع الناس عيد” ويتدبر في الصوم كعبادة فردية – مجتمعية – أممية خصوصا في ضوء جائحة كورونا التي تعتبر اكبر تهديد للانسانية في الوقت الحاضر. ان الحجر الصحي يوفر فرصة اوسع لتدبر القرآن الكريم واستيعاب مفاهيمه بمصاديقها العملية، لانه كتاب هدى ومنهج حياة.
ثالثا: ان شهر رمضان هذا العالم يختلف في اجوائه وظروفه عن بقية الاعوام. فالعالم كله تقريبا يعيش في حالة حجر صحي غير مسبوقة. فالمساجد والمآتم والحسينيات والنوادي مغلقة، وصلاة الجماعة معلّقة، والتزاور بين الاحبة والاقارب والاصدقاء مؤجل. والآباء مفصولون عن الاولاد في اغلب البلدان. ماذا يعني ذلك؟ ان هناك فرصة نادرة لاداء العبادة على وجهها. فليس هناك انشغالات حياتية كبيرة، ولا مغريات تبعد الانسان عن العبادة والخشوع. كما انها فرصة للتعرف على معاني السجن الذي يعاني منه الآلاف من المؤمنين الاتقياء المناضلين. الجميع هذه المرة متساوون تقريبا. حتى الحاكم المتجبر الذي يعتقد انه قادر على كل شيء اكتشف ضعفه وهشاشة وجوده، وانه لا يستطيع دفع البلاء عن نفسه. لقد قرأ بعض هؤلاء الطغاة الآية الكريمة: وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب. ما قدروا الله حق قدره. هذه المرة استبدل الذباب بالفيروس القاتل الذي مرغ انوف الطغاة والمستكبرين، فاذا باكبر دولة في العالم عاجزة عن دفع الاذى عن مواطنيها، فها هو الموت الناجم عن الفيروس يحصد ارواح الآلاف يوميا، وها هو العلم الذي اعتقد الانسان انه وصل الى ذروته، يعجز عن تقديم مصل واق من الفيروس، او دواء يشفي المصابين به. لقد عادت الانسانية على عصور ما قبل العلم، التباعد الاجتماعي والنظافة افضل اساليب الوقاية من المرض. فأين من شقوا عنان السماء بطائراتهم وصواريخهم؟ وأين من اعتقد انه قادر على الهيمنة المطلقة على العالم باستخدام صواريخه العابرة للقارات لضرب مناوئيه. ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد.
رابعا: ان شهر رمضان يوفر فرصة جديدة، من خلال المعاناة في الحجر الصحي للتفكير في رموز الوطن والشعب الذين قضوا قرابة العقد وراء القضبان، والذين يساوهم الطاغية الخليفي على حياتهم، ويرفض الافراج عنهم لمنع وصول الوباء اليهم. لقد ارتفعت الاصوات الدولية والمحلية المطالبة باخراج السجناء من طوامير التعذيب الخليفية لحمايتهم من الوباء، ولكن الطاغية يرفض ان يخضع لهذه الدعوات، ولكنه سيرغم على ذلك، وسيتحرر ابطال الوطن من سجون الطغاة بعون الله تعالى. مع ذلك يجدر بكل مواطن شريف ان يستشعر معنى السجن وهو في الحجر الصحي، ومعاناة الابطال المحرومين من حقوقهم المشروعة، ابتداء بالحرية مرورا بالمحاكمة العادلة وصولا لاحتياجاتهم الحياتية والصحية من نظافة وعناية طبية وادوية. هؤلاء الابطال هم امل الوطن، وهم الذين تصدروا الصفوف ليهتفوا من اجل حريته وحقوق شعبه. هؤلاء عنوان كرامة البحرين وعزتها، صامدون امام العصابة المجرمة ا لتي سيخزيها الله ويذلها سواء بالفيروس الذي كشف صغرهم وضعفهم وتفاهتهم، ام التراجع الاقتصادي بانهيار اسعار النفط. وبدلا من تقليص نفقات الطاغية وعصابته هرع هؤلاء لرهن البلاد بالقروض التي بلغ آخرها مليار دولار. اما الشعب فلن يحصد من هذا القرض شيئا، وسيظل يعاني من شظف العيش وغلاء المعيشة وتضاؤل الدخل والخدمات. جرائم مركبة يرتكبها الخليفيون، ويستخدمون ابواقهم الساقطة في الاعلام ومجلس الشورى والقضاء لإحكام قبضتهم على الوطن والشعب. ابطالنا مرتهنون لدى هذه العصابة، ولكنهم منتصرون بوعد إلهي غير مكذوب: انهم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
24 ابريل 2020