يوم القدس مناسبة لترويج ثقافة التحرر من الاحتلال الاجنبي بكافة أشكاله
وثمة قضايا شغلت بال ذوي الضمائر الحية خلال الشهر الكريم، اولها استمرار القلق الناجم عن جائحة كورونا التي، برغم ضررها، أظهرت حدود قدرة الانسان الذي تمادى في الاستكبار والتعالي والغرور. لقد غزا الفضاء ووصل القمر وخاض الحروب العالمية العملاقة وأطلق الصواريخ على الاهداف على بعد آلاف الاميال، واستطاع خوض الحروب بطائرات مسيّرة بدون المخاطرة بارواح الطيارين. ولكنه وقف عاجزا امام رسول الموت الذي قزّم الانسان وحطم كبرياءه وضرب كافة الانظمة السياسية والاقتصادية البشرية وتحدى القدرات العلمية والطبية، وادخل الرعب في النفوس بانماط غير مسبوقة من قبل، حتى اصبح المرء يرى في مقبض الباب بعبعا وفي الشخص المتجه صوبه مصدرا للفيروس القاتل، وفي وسائل النقل وسيطا لنقل العدوى. وهكذا اصبح الحرص على الحياة دافعا للتشكيك في كل شيء تحسبا لاصابة بالوباء. كان الصوم وسيلة للطمأنينة والشعور بالامن مع الاخذ بالاحتياطات المطلوبة لتفادي الاصابة. كانت اصوات تلاوة القرآن الكريم وقراءة الدعاء تبعث في النفس شعورا بالامن وتمنع الهواجس الشيطانية التي بثها الوباء من السيطرة على الانسان ومشاعره.
لقد استذكر البحرانيون بشكل خاص سجناءهم المضطهدين خصوصا في ظل انتشار الجائحة وغياب العناية الصحية بالمعتقلين، وتعمق العداء الخليفي للبحرانيين، والسقوط الاخلاقي للحكم الذي ليس لديه من خطط سوى القضاء على السكان الاصليين (شيعة وسنة) واستبدالهم بالاجانب. وارتفعت اصوات من جهات شتى مطالبة باطلاق سراح السجناء البحرانيين الذين يقضي بعضهم العام العاشر بطوامير التعذيب الخليفية. هذه المطالبة سوف تستمر خصوصا بعد انتشار انباء عن اصابة بعض المعتقلين والشرطة، الامر الذي عمّق شعور اهالي السجناء بالقلق والخوف على حياتهم.
وبانتظار يوم العيد المتوقع يوم الاحد تتكرس مشاعر الغضب الشعبي ضد العدو الخليفي الذي يصر على تمزيق العائلات وحرمان الاطفال من آبائهم. كما ان إصراره على سجن السيدة زكية البربوري اصبح مصدرا للتقزز والاشمئزاز والرفض المطلق للحكم الخليفي الذي انسلخ اصحابه من الانسانية. هؤلاء الطغاة لم يستوعبوا حتى الآن درس كورونا، فهم كما وصفهم الله في كتابه الكريم: لَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” (الأعراف 179). هؤلاء مصيرهم الزوال لانهم اغمضوا عيونهم عن مقاييس الحق والعدل وأصروا على الضلال والانحراف والجريمة. فما أسرع سقوطهم وزوالهم كما حدث مع من سبقهم من الطغاة.
في يوم العيد سيشعر الصائمون بلذة الانجاز، وهو انتصار على الشيطان والنفس الامارة بالسوء، ومن يشعر بالنصر يرفض الهزيمة، ولن يهزم المؤمنون يوما امام الخليفيين، فد سبق السيف العذل، وقرر الاحرار تحقيق انتصار ساحق للوطن والشعب، بسقوط الظلم والاستبداد والديكتاتورية، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. ولكن هذه الفرحة لن تكتمل، لان ذوي الضمائر الحية سيتذكرون “شهيد العيد” الذي هشّم الخليفيون جمجمته بالرصاص صبيحة عيد الفطر المبارك في 31 اغسطس 2011. علي جواد الشيخ التحق بربه شهيدا مظلوما، ولكن الخليفيين لم يوقفوا إجرامهم بقتله، بل مارسوا تنكيلا وحشيا بعائلته، وسجنوا أبره، جواد الشيخ ثلاث سنوات لانه طالب بمحاكمة قاتليه. ثلاثة بحرانيين يعدمون بالرصاص بتهمة قتل مزعومة بدون دليل، ولكن يستحيل مقاضاة قتلة اكثر من 200 بحراني فقدوا ارواحهم خلال الثورة المظفرة باذن الله. عدو مجرم لا يرعى في البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) إلّا ولا ذمة. البحرانيون لن ينسوا شهيد العيد الذي لم يتجاوز عمره الرابعة عشرة، ولو لم يقتله الخليفيون لكان عمره الآن 23 عاما، ولأكمل دراسته الجامعية وربما تزوج. بأساليبكم السلمية أيها الاحرار أحيوا ذكرى الشهيد، زوروا قبره، اقرأوا القرآن لروحه، زوروا عائلته، ارفعوا ايديكم بالدعاء ان يمحق الله الحكم الخليفي.
شعبنا البطل لن ينسى، وهو في محنته، مدينة القدس التي يحتلها الصهاينة (حلفاء الخليفيين) ويمارسون سياسات متواصلة لتهويدها. اليوم (الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك) هو يوم القدس التي تعاني من الاحتلال الاسرائيلي، وقد اعتاد شعب البحرين مشاركة احرار العالم بإحيائه باساليب متعددة، وإعلان تضامنه الكامل مع شعب فلسطين الذي يرزح تحت الاحتلال. البحرانيون يشاطرون أهل فلسطين شعورهم بالاحتلال الجاثم على ارضهم. فما ابشع الاحتلال، وما أقبح الاجنبي حين يحتل ارض غيره ويمعن في التنكيل باهلها. الاحتلال يجنس الاجانب ويمنحهم حق الاقامة والمواطنة في البلد المحتل، ويسعى بسياساته الممنهجة للتخلص التدريجي من سكان البلد الاصليين. الاحتلال واحد، أيا كان شكله والقائمون به وضحاياه. البحرانيون والفلسطينيون شعبان ابتليا بالاحتلال الاجنبي واصبحا يدفعان فواتير باهضة لاجرامه وتنكيله وتوحشه. لذلك يعتبر البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) يوم القدس يومهم، والمسجد الاقصى مسجدهم، يذكرهم بمسرى رسول الله اليه وصلاته فيه إماما للانبياء والملائكة، ويعتبرون تحريره مسؤوليتهم، كما هي مسؤولية احرار العالم. ويرى البحرانيون في سياسة التطبيع التي ينتهجها الطغاة الخليفيون وحلفاؤهم في الرياض وابوظبي عدوانا على الامة وتحديا لمشاعرها وانتهاكا لسيادتها وتحالفا مع اعدائها. في السنوات السابقة نظم البحرانيون احتجاجات واسعة ضد الاحتلال الصهيوني، وفي الاسبوع الماضي أقاموا ندوة ضد التطبيع ارتكب الطغاة الخليفيون جريمة وقفها بعد نصف ساعة من بدئها. هذا العام سيعبرون باساليبهم المتحضرة وقوفهم مع فلسطين واهلها وإصرارهم على احتضان القدس والذود عنها بما لديهم من امكانات متواضعة. شعبنا العربي المسلم لن يهزم نفسيا، بل سيظل رافضا الاحتلال والمحتلين، من صهاينة وخليفيين، وسيصرون على تحرير اراضيهم، ابتداء بالقدس. فاذا تحررت تلك المدينة فسيتحرر العرب من الطغيان والاستبداد والهيمنة الاجنبية. هذا هو موقفنا في يوم القدس العالمي.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 مايو 2020