معا من اجل لبنان في محنته، ومع المظلومين الصامدين امام قوى الثورة المضادة
كما نتوجه لشعبنا المنكوب في لبنان بالمواساة لما حل بهم من دمار وخراب نتيجة الانفجار الهائل الذي ضرب ميناء بيروت. كما نؤكد وحدة ابناء هذه الامة على تعدد اديانها ومذاهبها، ووحدة الانسانية كلها امام الكوارث والاوبئة والنكبات.
قلوب شعبنا مع لبنان وأهله، ذلك البلد الذي نهل من معين حريته اجيال من المفكرين والنشطاء منذ استقلاله، واستعصى على محاولات تطويعه بهدف إعادته الى القطيع الذي تسوقه قوى الثورة المضادة. فعلى مدى اليومين الماضيين تفاعل البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) مع اخوتهم في لبنان الذي تعرض لواحد من اكبر الانفجارات التي شهدها العالم في تاريخه الحديث، وراح ضحيته حوالي 150 شخصا وجرح اكثر من 5000. الدمار الهائل الذي احدثه الانفجار هز مشاعر العالم ودفع الكثيرين لاعلان التضامن وتقديم العون. ولكنه في الوقت نفسه لم يخل من محاولات لتسييس الكارثة ومحاولة تسجيل النقاط وتوجيه اللوم وطرح الايحاءات بهدف ترويج بعض المشاريع السياسية، خصوصا المعادية للحرية والديمقراطية والهادفة للتطبيع مع الاحتلال. يضاف الى ذلك ان الانفجار ما يزال غامضا وان كان ثمة ترجيح لافتعاله، خصوصا انه جاء متزامنا مع استهدافات امنية اخرى في ايران والعراق. أيا كان الامر فقد وقف شعبنا البحراني متعاطفا بدون حدود، بينما شمر المواطنون عن سواعدهم تعبيرا عن الاستعداد لتقديم العون والاغاثة. كما صلى البحرانيون من اجل لبنان واهله ودعوا الله ان يحميه من الدمار والفتن، وان يوفر له الامن والاستقرار ليبقى منارة للحرية والتعايش السلمي بين مكوناته والتقارب بين اديانه ومذاهبه، والوقوف في خندق الدفاع عن المظلومين. لقد لعب لبنان دورا مميزا في مجال العمل العربي المشترك، واحتضن بعض القمم العربية، كما كان ملاذا للمناضلين الذين احتضنتهم بيروت ووفرت لهم الملاذ والأمن. وما تزال قبلة للمناضلين المستهدفين من قبل انظمة ا لقمع والاستبداد خصوصا من الجزيرة العربية. وما اكثر الاستهدافات التي وجهت لهذا البلد من قوى الثورة المضادة، ابتداء بالكيان الاسرائيلي الذي ما برح يستهدفه عسكريا بالعدوان، مرورا بالسعودية التي اعتقلت رئيس وزرائه واهانت كبرياءه وصولا الى الخليفيين الذين ما برحت اجهزة اعلامهم تستهدف القوى الوطنية والتحررية اللبنانية بلا هوادة.
التضامن العربي مطلوب ليس في حالات الكوارث والمحن الطبيعية بل حتى في الحالات السياسية. الانظمة تضغط لمنع توحد شعوب الامة وصمودها امام الاستبداد والديكتاتورية والسادية. لن هذه الانظمة تسعى للتعاون خصوصا في مجالات الامن، ويضغط بعضها على البعض الآخر لضمان دعمه ضد الداخل. فاغلب الشعوب العربية يعاني من الا ضطهاد والتهميش والاستبداد، واغلبه يدفع اثمانا بشرية باهضة لانتهاكت حقوق الانسان التي لا تتوقف. والامل يحدونا بان تكون كارثة لبنان مدخلا لعهد مختلف تتقارب فيه مشاعر التضامن والتعاون، وتواصل الشعوب خلاله مشاريع التحرر وبناء الدولة الحديثة المؤسسة على الحرية والعدل وحكم القانون واحترام حقوق الانسان. ولكننا نعلم في الوقت نفسه ان هذا التضامن غير مسموح به، خصوصا مع لبنان ذات التجربة الانسانية الفريدة والبلد الذي يحق له ان يفتخر بانه البلد العربي الاول الذي صمد بوجه العدوان الاسرائيلي وكرّم مواطنيه بمنحهم الحرية والشراكة السياسية والمساهمة المباشرة في المشروع الديمقراطي الذي التزم لبنان به منذ عقود، برغم المؤاخذات على ظاهرة “المحاصصة” والفساد المالي والاقتصادي والاداري. وما وجود عدد من النشطاء البحرانيين الناشطين في بلدهم، على الارض اللبنانية الا مؤشر للشعور الانساني العميق المختزن في مؤسسته السياسية. ولا يمكن الفصل بين مواقف هذا البلد السياسية والانسانية واستهدافه من قبل اعداء الامة والانسانية خصوصا قوى الثورة المضادة التي وضعت على رأس أهدافها انهاء المطالبة بالتحول السياسي في العالم العربي. فليس سرا القول ان السعودية من اكثر الدول تحسسا من الممارسات الانسانية في مجال الحكم، واصرارههم على الامساك بمنظومة بلدهم السياسية لمنع تداعي الاوضاع وتراجعها.
ان امعان قوى الثورة المضادة في استهداف شعوب امتنا ومنعها من تطوير المنظومات السياسية الحاكمة في بلدانها حقيقة خطيرة، فهي تكريس للاستبداد وامعان في الظلم وممارسة وحشية خصوصا عندما تصل لاستهداف بعض البلدان بالتدمير والتفجير. فلا يمكن فصل ما حدث في لبنان عما يحدث في العراق من حرائق وتفجيرات، وما يجري في ايران من استهداف مواقعها الصناعية ومصانع توليد الطاقة. وبموازاة ذلك تواصل تلك القوى دعم انظمة الاستبداد والجور في السعودية والبحرين والامارات وسواها وتشارك في العدوان على اليمن المستمر منذ اكثر من خمسة اعوام. هذه الحقائق لا تفت في عضد قوى التغيير، سواء في البحرين ام الدول الاخرى. صحيح ان التنكيل يتصاعد في سجون الظلم الخليفية والسعودية، ولكن هذا الظلم انما هو نتيجة صمود السجناء السياسيين رجالا ونساء ورفضهم ا لتنازل عن مطالب التغيير ورفض الاستبداد. فما تتعرض له السيدة زكية البربوري من تنكيل وتعذيب واضطهاد يحدث بموازاة ما تتعرض له السيدة نسيمة السادة ولجين الهذلول وبقية المعتقلات السعوديات. وما شهده العالم وسمعه من افادات مروعة على لسان ضحايا التعذيب والاعتداء مثل السيدتين ابتسام الصايغ ونجاح يوسف، انما يؤكد نمط التعامل السلطوي المدعوم من قوى الثورة المضادة بحق الشرفاء والشريفات من المناضلين والمناضلات في بلداننا المظلومة. وقد اثبتت السنوات العشر الاخيرة ان الشعوب لا تستسلم مهما كان الاضطهاد والتنكيل، وان الاحرار الحقيقيين لا يرفعون الراية البيضاء ابدا لانهم اصحاب حق يرفضون التنازل عنه. وهذا ما أكده المناضل البحراني الصامد، عبد الهادي الخواجة في تصريحاته التي نشرت مؤخرا، والتي اكد فيها ان الاحرار لا يقبلون المساومة على حرياتهم، وان الافراج في مقابل الصمت ليس خيارا مطروحا. هذه هي مواقف آلاف البحرانيين الذين اضطهدوا ونكل بهم وعذبوا. وهذا هو موقف الشرفاء الذين لم يرضخوا لحظة حتى عندما صعدوا الى المشانق. هذا هو موقف الشهداء الذين مزقت اجسادهم برصاص الخليفيين في الشوارع العامة وعلى منصات الاعدام.
من هنا تشعر قطاعات الشعب ومن بينها فصائل المعارضة بالامل الثابت بحتمية النصر على الطغيان والاستبداد، رافضة اساليب قوى الثورة المضادة التي تزداد توحشا في استهدافها الشعوب المناضلة. هذا الشعور منطلقه الايمان بنفاذ القوانين الالهية والسنن القرآنية التي تؤكد حتمية هزيمة الظالمين واندحارهم وانتصار المظلومين. انه وعد إلهي لا يخلف، فالله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
7 اغسطس 2020