الخيانة الخليفية ستجرهم الى الهاوية والاحتلال الى زوال
الانبطاح الخليفي المهين امام المحتل الصهيوني ربما فاجأ الكثيرين، ولكن البحرانيين كانوا يعلمون منذ زمن بالعلاقات التي تربط الطرفين اللذين يواجهان شعبين متشابهين في ظلامتهما ومعاناتهما التاريخية. وهذه احدى مشاكل الحاكم عندما يكون ضعيفا، خصوصا امام شعبه الذي يرفض السكوت على الظلم والاستبداد والاحتلال. اما ضعف الطاغية الحالي فقد ظهر للعيان مرات عديدة. اولها عندما وجد نفسه مرغما على تقديم تنازلات لم يكن مستعدا لها قبيل التصويت على ميثاقه في العام 2001|. يومها قدم للشعب وعدا قاطعا باعادة العمل بدستور البلاد الشرعي للعام 1973، بينما كان يضمر امرا آخر. فماا ن تحقق له إقرار الميثاق حتى نكث بوعده وألغى الدستور الشرعي وفرض دستوره. هذا ضعف واضح أكد ما كان يختلج في نفوس الكثيرين بان البلاد مقبلة على فترة صعبة في ظل حكم حمد بن عيسى الذي لم يكن يمتلك شخصية قيادية تناسب موقعه. ثانيها: عندما استدعى القوات السعودية والاماراتية في مارس 2011 عندما أعلن الشعب ثورته وأصر على التغيير ورفض الدستور الخليفي وأصر على إحداث تغيير جذري في ا لمنظومة السياسية التي تحكم البلاد.ذلك التدخل العسكري نجم عنه تسليم السيادة للقوات الاجنبية المحتلة، فسقطت شخصيته كحاكم لديه قرار وسيادة ودعم شعبي. فمنذ ذلك اليوم اصبح عبدا لدى السعوديين والاماراتيين، مطالبا بتنفيذ قراراتهم بدون تردد. وبذلك دخلت البحرين مرحلة المجهول، فلا هي محكومة بنظام سياسي قوي وفاعل، ولا هي امام خيار حكم شعبي يمارس المواطنون فيه سيادتهم بحرية. ثالثها: ما حدث هذا الشهر من خيانة خليفية قبيحة لفلسطين وشعبها وقضيتها، واستسلام مهين للمحتلين. انه تعبير عن ضعف وخور، فالحاكم ا لقوي هو الذي يلتزم بمبادئه ويتناغم مع شعبه في خياراته، ويستمد قوته من الدعم الشعبي الذي يحصل عليه طوعا وليس بالاكراه او الاجبار.
ماذا يعني ذلك؟ لعل من اخطر الامور على اي بلد ان يكون محكوما بنظام ضعيف كالحكم الخليفي. فالبلاد تصبح مفتوحة امام الاجنبي على كافة الصعدان، وبشكل تدريجي تتلاشى السيادة الوطنية ومعها الحضور الشعبي في الميدان. فهذا الحكم لا يستطيع تأمين حدود البلاد او الحفاظ على سيادتها او توفير الامن الداخلي السياسي او الاقتصادي للمواطنين. هذا النظام الضعيف يهتز امام هتافات يطلقها بضعة مواطنين يحتجون ضد سياسات الحكم، ويتلاشى وجوده امام تعملق معارضيه، ويجد نفسه محتاجا لدعم الخارج في كل الظروف، ويرى نفسه عاجزا عن التناغم مع الاطروحات الشعبية، وغير قادر على بناء منظومة سياسية عصرية تساهم في بناء دولة حديثة تستمد قوتها من الدعم الشعبي لنظامها السياسي. ولذلك اصبح الحريصون على امن البحرين وسيادتها اكثر قلقا بعد الاستسلام الخليفي المهين لقوات الاحتلال، وشعروا ان بلدهم اصبح مستباحا، ليس من قبل المحتل الخليفي فحسب، بل من محتلي ارض فلسطين ايضا. انها واحدة من الحالات القليلة التي تحدث في عالم اليوم. فالنظام السياسي ليس مستندا لمنظومة سياسية متينة وثابتة، بل يستمد قوته من خارج الحدود، تارة من المجنسين الاجانب، واخرى من “الحلفاء” بمجلس التعاون الخليجي، وثالثة من القواعد العسكرية الاجنبية في البلاد، ورابعة من اجهزة الامن المحلية التي كثيرا ما تكون قد سلبت حريتها وسيادتها واصبحت ادوات بايدي الطغاة. هذا الوضع لا يحسد الشعب البحراني عليه، بل يستدعي دعما انسانيا من الجميع، بعد ان تلاشى الحكم في شرعيته وقواه الذاتية. وقلما تحدث حالة كهذه في بقية البلدان. صحيح ان السعوديين والاماراتيين وربما الامريكيين والبريطانيين ابدوا استعدادات لدعم الحكم الخليفي، ولكنهم يواجهون ضغوطا محلية واقليمية لتغيير بوصلة الصراع.
الموقف الشعبي من هذا الخور الخليفي تميز بالوضوح والثبات. فقد ادرك المواطنون قدرتهم على احداث التغيير وان كانت قوى الثورة المضادة تعارض ذلك وتتصدى له بتوحش وسادية. كما ادركوا انهم المصدر الاساس لشرعية الحكم، وليس العصابة الحاكمة التي لم تستطع الحفاظ على وجودها السياسي الا بعد استدعاء قوات الاحتلال الاجنبية. ويعبر عن الموقف الشعبي هذا الحراك المتواصل بشكل يومي، الذي احتضن قضية فلسطين وجعلها محور حراكه السياسي الداخلي وعلى صعيد العلاقات الاقليمية. وما شهدته البلاد في الاسابيع الاخيرة من حضور شعبي ميداني اصبح مصدر قلق ليس للخليفيين فحسب، بل لداعميهم في واشنطن ولندن. اليوم يقف الرئيس الامريكي مفلسا من النواحي السياسية والاقتصادية والاخلاقية. انه إفلاس معنوي حقيقي لا تعوضه انجازات محدودة هنا او هناك. فعار الاستسلام والانخداع لا يمحى عن المهزومين الذين يجدون انفسهم فجأة امام استحقاقات خطيرة للاستسلام، يضطرهم لاستجداء مواقف شعوبهم المضطهدة. ان ارادة الله نافذة من خلال قوانينه التي لا يستطيع احد وقف نفاذها، وهي قوانين عادلة لا تظلم احدا: “وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهي ظالمة، ان أخذه أليم شديد”. ويخطيء من يعتقد ان القوة المفرطة لدى الطغاة قادرة على تغيير مسار التاريخ او حرف اتجاه القوانين (السنن) الالهية التي تهدف دائما لاحداث التوازن في الكون، هذا التوازن الذي يحمي الوجود والحياة ويحول دون الدمار والخراب. فالظالم يدفع ثمن ظلمه، والمظلوم يحصل على حقه اذا اجتهد لذلك، والحق يعلو ولا يعلى عليه، وعلى الباغي تدور الدوائر، وان الله يمهل ولا يهمل، وان الله لا يصلح عمل المفسدين.
اننا اليوم امام استحقاقات سياسية واقتصادية واسعة، نجمت عن التلاعب الخليفي بالثوابت السياسية للشعب والامة. هذه الاستحقاقات ستضغط تدريجيا على الخليفيين لانهم هم الذين وقفوا وراءها وساهموا في ترويجها. وستشهد الفترة المقبلة تصاعدا في الصراع بين الطرفين. فالخليفيون سيبالغون في التنكيل والاضطهاد وتمزيق الشعب أشلاء، ولكنهم سيجدون انفسهم في مواجهة شعب عتيد يعتبرنفسه صاحب الارض والمستخلف الشرعي عليها. سيجد هذا المواطن نفسه امام استحقاقات الانتصار اليمني الذي بدأت ملامحه تتبلور خصوصا بعد تبادل الاسرى مؤخرا، والذي سيقصم ظهر التحالف السعودي – الاماراتي – الخليفي. ومن المؤكد ان ينجم عن السقوط الخليفي في مستنقع التطبيع تعمق المفاصلة بين البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) والعصابة الخليفية التي تجاوزت الحدود في كافة القضايا الجوهرية وشنت حربا على الحرية والاخلاق وحقوق الانسان والثوابت الوطنية والقومية والدينية وفي مقدمتها قضية فلسطين. وسيزيد من الغضب الشعبي صلافة الخليفيين والاماراتيين وإمعانهم في مشروع التطبيع متجاوزين الدين والامة والشعوب في ذلك. ففي الوقت الذي يتواصل الحصار فيه على الشعبين الفلسطيني واليمني ومنع الوقود عنهما، يوقع الاماراتيون اتفاقا لمد انبوب ينقل النفط الى الصهاينة. انها حرب على الانسانية والضمير والاخلاق، لن تنتهي الا بحدوث تغييرات جوهرية في المنطقة، فاما ان تتحرر من هؤلاء الطغاة او تسقط في براثن الاحتلال والهيمنة الغربية. سينتصر الحق وسيسود العدل ولو بعد حين، وستنقشع الظلام وتفرض الشمس نفسها على الكون ويعم النور والضياء، وما ذلك على الله بعزيز.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية