شعبنا ينتظر الدعم الالهي ولا يتوقع خيرا من امريكا
نبارك لشعبنا العظيم وامتنا ذكرى المولد النبوي الشريف الذي كان فاتحة خير للبشرية، وبداية انطلاق مشروع التغيير الهادف لتحرير الانسان والقضاء على المشروع القبلي الذي اضطهد الانسان وكرس الطبقية وعمّق الظلم والاستعباد.
من المؤكد ان شعبنا تابع الانتخابات الامريكية بشيء من الاهتمام، كما فعل اغلب سكان العالم، نظرا لموقع امريكا وتأثيرها في العالم. ولكن البحرانيين لم يعلّقوا آمالا كبيرة على تغير كبير في السياسة الخارجية الامريكية سواء تحت اي رئيس. فاغلب القرارات الاستراتيجية ثابتة، تقررها المؤسسة التي تتشكل من الكونجرس والقوات المسلحة والاستخبارات، بالاضافة للبيت الابيض. ولم يعرف عن امريكا يوما انها دافعت عن الشعوب المضطهدة، او مارست سياسات انسانية منطقية، بل عرف عنها الالتزام بدبلوماسية “القوة” العسكرية او الاقتصادية لفرض سياساتها. فالجهات الدولية التي لا تتفق مع سياساتها تتعرض لانتقام باشكال عدة، تبدأ بالحملات الكلامية والادعاءات الزائفة ضدها وتمر بالانسحاب من عضويتها وتصل الى وقف المعونات عنها. الامر المؤكد ان سياسات ترامب في السنوات الاربع الماضية ساهمت في تدمير المنطقة بشكل غير مسبوق. فقد دعمت النظام السعودي وتدخلت لحماية ولي عهده بعد تأكد دوره في جريمة اغتيال جمال خاشقجي، ودعمت حكومتي الامارات والبحرين في مواجهة شعبيهما، في مقابل تطبيعهما مع الكيان الاسرائيلي. ويمكن القول ان مايك بومبيو، فيعتبر أسوأ وزير خارجية امريكي في الذاكرة، فسياساته صهيونية بشكل كامل، وهو معاد لكل من يعترض على المشروع الصهيوني. اما موقف واشنطن من المشروع الديمقراطي الذي ثارت الشعوب العربية لتحقيقه قبل عشرة اعوام، فلا مكان لدعمه في السياسة الخارجية الامريكية. كان هذا هو الموقف الثابت لدونالد ترامب وهو الموقف الرسمي لوزارة الخارجية.
البحرانيون لم يتوقفوا عن طرح قضيتهم ومواصلة ثورتهم بهدف احداث تغيير جذري في المنظومة السياسية التي يمثلها الخليفيون. فقد تواصلت احتجاجاتهم ومظاهراتهم في الاسابيع الاخيرة، خصوصا بعد الخيانة الخليفية لفلسطين والتطبيع مع المحتلين. وهنا تكثفت سياسة الانتقام التي يمارسها الطاغية ضد الشعب. فحدثت اعتقالات واسعة ومحاكمات جماعية احدثت تقززا لدى الجهات الحقوقية ا لدولية. وفي هذا الاسبوع اعلن الخليفيون عن قرارهم سجن 51 مواطنا بتهم ملفقة. هذه التهم صيغت لكي تتناغم مع الذوق الاسرائيلي والامريكي، فزجت بايران والحرس الثوري ضمن التهم التي وجهت للابرياء البحرانيين. وفي جلسة واحدة صدر الحكم بالسجن الجماعي للعشرات ظلما وعدوانا وتعسفا. فيما تواصل اعتقال رافضى الخيانة الخليفية ومحاكماتهم الصورية. ففي ظل اي نظام قضائي مستقل في البلدان المتحضرة تستمر محاكمة شخص واحد اتهم بسرقة ساعة من شخص مثلا عدة جلسات قبل إصدار الحكم. اما الخليفيون فيطرحون اتهامات مزيفة من صنع خيالهم بحق عشرات البحرانيين، وفي جلسة او جلستين يصدرون قرار السجن او سحب الجنسية او الابعاد بدون ان يتطرقوا لكل تهمة لاثباتها وسماع شهود النفي فيها. وكما هو معروف، فان القضاء عنوان صلاح النظام السياسي او فساده، ويستحيل اقامة منظومة قضائية مستقلة تمارس قدر من العدالة بعيدا عن دعاوى رموز الحكم، في ظل نظام جائر. فالاستبداد لا يقوم على اسس الحرية والعدل والمساواة بين المواطنين، كما لا يقر مبدأ ان “كل متهم بريء حتى يثبت جرمه” ففي القاموس الخليفي فان كل بحراني اصلي (شيعي او سني) يعتبر مذنبا في الاساس وعليه اثبات براءته دائما. وانطلاقا من هذه العقيدة السياسية الاجرامية تم سجن عشرات الآلاف من البحرانيين في العقود الا خيرة ودمرت حياة الاطفال والشباب منهم وهم يقضون اعمارهم في طوامير التعذيب.
الامريكيون لن ينقذوا شعب البحرين من محنته، ولا الشعب السعودي ولا اي شعب آخر. فليس اقامة انظمة سياسية عادلة في الشرق الاوسط من بين اولوياتهم. ولذلك لم يراهن شعبنا على حدوث اي تغيير حقيقي في السياسة الخارجية الامريكية بتغير الرئيس. بل ان الخليفيين والاماراتيين هم الذين راهنوا على فوز دونالد ترامب وربما دعموا حملته الانتخابية. فهو الذي ضمن لهم الدفاع عن عروشهم في مقابل التطبيع مع محتلي فلسطين. وهنا اتضح حجم سقوطهم الاخلاقي والقيمي والسياسي. لقد كان الخليفيون بين خيارين: التحالف مع الشعب البحراني الاصلي (شيعة وسنة) ورفض الهرولة للتطبيع والاستسلام وخيانة فلسطين، او مسايرة الامريكيين على امل ضمان انظمة حكمهم. والواضح انهم انحازوا للخيار الثاني واصبحوا في حرب مسعورة مع الشعب. ومع انها حرب ليست جديدة بل تواصلت منذ الاحتلال الخليفي للجزر وازدادت ضراوة في المائة عام الاخيرة، الا ان الصراع كان يأخذ انماطا مختلفة، وكان يتوارى احيانا ويظهر اخرى. اما هذه المرة فقد اصبحت الحرب مكشوفة تماما. فلم يكتف الخليفيون بتوقيع اتفاق الخيانة مع العدو، بل هرعوا لفتح كافة مجالات التعاون معه، التجارية والامنية والسياسية، وأطلقوا خطوط طيران مع الكيان الصهيوني، بلا حياء او مروءة. هذا في الوقت الذي يعاني الفلسطينيون فيه على صعدان شتى: بناء المستوطنات الذي لم يتوقف، تهويد مدينة القدس وحث الدول على نقل سفاراتها الى جوار المسجد الاقصى، تكثيف الحصار على غزة المفروض منذ اكثر من 20 عاما، تصعيد الاعتداءات على الدول العربية المجاورة مثل سوريا والعراق. الخليفيون يعتقدون ان حكمهم اصبح في مأمن من غضب الشعب وحتمية انتصار ارادة التغيير لديه. وما ابعدهم عن الحقيقة. فلقد أسسوا بجريمتهم وخيانتهم لحقبة من الصراع مع الشعب والامة تتصاعد بشكل مستمر. فالشعوب لا تستسلم للطغاة مهما تفرعنوا، ولا يمكن قتل روح شعب ناهض يبحث عن الحياة ويرفض الاستسلام.
السياسات الخليفية بشكل عام تعمق توجه المواطنين للتغيير. ويمكن طرح نقاط ثلاث ذات صلة: اولاها ان الوضع الاقتصادي في البلاد يسير نحو الاسوأ. ووفقا لما قاله الاستاذ ابراهيم شريف، فقد بلغ الدين العام اكثر من 130 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي بينما كان اقل من 10 بالمائة قبل الازمة الاقتصادية التي حدثت في العام 2008. هذه الحقيقة تؤكد الفشل الخليفي الذريع في المجال الاقتصادي، وتكشف اضطرار الخليفيين للاعتماد على الدعم المالي الاماراتي والسعودي في حقبة تتسم بتراجع العائدات النفطية وتصاعد الضغوط الناجمة عن انتشار وباء كورونا. ثانيها: ان عددا من الخبراء يؤكد حتمية اندلاع الفصل الثاني من ثورات الربيع العربي نتيجة فشل النظام السياسي في تطوير نفسه او كسب ثقة المواطنين. ولن تكون البحرين بمنأى عن التغيير برغم الدعم الانجلو-امريكي التقليدي والاسرائيلي الجديد. ثالثها: ان تطورات الشهور الاخيرة تكشف حيوية شعب البحرين واستعداده للتضحية واهتمامه بشؤون الامة والتزامه بقضية فلسطين والدفاع عنها برغم ما يواجهه من قمع واستبداد وظلم على ايدي الخليفيين. من هنا تتعمق الثقة بحتمية سقوط الحكم الخليفي الاستبدادي الخائن، وانتصار الارادة الشعبية الهادفة لتحقيق التغيير لكي تعيش البلاد والعباد في حرية وامن ورخاء.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
6 نوفمبر 2020