لا شرعية لحكم خائن، واستدعاء العلماء للقصور لا يوفرها
مرة اخرى يؤكد الخليفيون انهم معدن واحد مجبول على الظلم والشر، بعيد عن الانسانية والرحمة والخير. هذا ما استوعبه الشعب الذي نفذ صبره وأعيته الحيلة فخرج ثائرا ضد حكمهم وقدم ابناءه شهداء على طريق الايمان والحرية والعدل. ولله الحمد فقد فشل عيد جلوسهم تماما، وساهم في ذلك الفشل خيانتهم القبيحة لقضية العرب والمسلمين الاولى وتطبيعهم مع قاتلي اهل فلسطين. بينما تألق عيد الشهداء في اليوم التالي (17 ديسمبر) بالمعنويات العالية لدى قطاعات واسعة من ابناء الشعب. ومرة اخرى يثبت ذوو الشهداء انهم اصلب عودا من الخليفيين القتلة والسائرين في ركابهم. كما فشلت محاولات خداع المواطنين والتشويش على فعالياتهم. فقبيل المناسبة هرع المطبلون والمرجفون لردع المواطنين عن المشاركة في احياء المناسبة ببث وعود كاذبة بان الطاغية الجديد سيفرج عن مئات السجناء السياسيين لاضفاء قيمة على مناسبتهم الباهتة. وسرعان ما اتضح، للمرة الاف، سطحية المتشبثين بالقشة الخليفية التي لا تقي من حر او برد ولا تمنع المتشبث بها من الغوص في الوحل.
الامر الواضح ان العصابة الخليفية تمر بواحدة من أكثر الحقب سوادا في تاريخها الملطخ بدماء الشهداء والفشل السياسي والاخلاقي. هذا العام تضاعفت إحباطات الخليفيين بعد ما حقت عليهم كلمة العذاب بسبب اجرامهم وظلمهم. وبعد شهور من الاستعداد لاستضافة القمة الخليجية الـ 41 محق الله آمالهم، فتقرر عدم عقدها في البحرين. فقد ارتآى السعوديون فجأة السعي لاسترضاء دولة قطر على حساب كل من حكام الامارات والبحرين. وحيث ان القطريين رفضوا حضورالقمة اذا عقدت في البحرين فقد تقرر نقلها الى الرياض في ضربة موجعة للخليفيين الذين آذلهم الله وأخزاهم استجابة لدعوات الثكالي اللاتي فقدن فلذات اكبادهن على ايدي الجزارين الخليفيين. وسبق ذلك القرار ارتكابهم جريمة هي الأشد إيلاما بالهرولة مع الامارات للتطبيع مع محتلي ارض المعراج. اعتقد هؤلاء ان الارتماء في احضان الصهاينة سيوفر لهم درعا امنيا واقيا من غضب البحرانيين المظلومين. فاذا بهم يجدون انفسهم في مستنقع سياسي آسن، لقد اصبحوا طرفا في الصراع الاماراتي – السعودي على النفوذ، وانحازوا لحكام الامارات. وبذلك تأسس وضع جديد داخل مجلس التعاون، فالخليفيون اصبحوا في حلف مع الاماراتيين، بينما تبدو السعودية متجهة نحو قطر، والواضح ان الامارات اصبحت مصدر قلق للدول الاخرى الاعضاء بمجلس التعاون الخليجي. فسلطنة عمان قلقة منها، وكذلك قطر والكويت. واكتشفت السعودية بعد خمس سنوات من العدوان على اليمن انها تواجه اطماعا اماراتية غير محدودة قد تشمل فكرة احتلال السعودية نفسها. فولي العهد الاماراتي حاكم أرعن صعد بدعم اسرائيلي الى واجهة العالم العربي ليضفي شرعية على مشروع الاحتلال الاسرائيلي. ولا يستطيع احد التنبؤ بمآلات الامور في المنطقة في ضوء هذا التصدع الخليجي المقلق جدا.
ربما كان الخليفيون قادرين على تجاوز هذه الازمة وعدم الوقوع فيها منذ البداية. فلو احترموا الشعب البحراني وتفاهموا معه واقتسموا السلطة معه لسارت الامور باتجاه آخر ولاستمرت “الوحدة الخليجية” التي بقيت غائبة منذ تأسيس مجلس التعاون في العام 1981. لكن اطماعهم لم تسمح لهم بالتنازل عن حكمهم الشمولي الجائر، بل اعتقدوا تارة ان التدخل العسكري السعودي – الاماراتي سينقذهم من غضب الشعب، ولما لم ينجح ذلك التدخل الذي كان في شكل احتلال غاشم، لجأوا للبريطانيين وبنوا لهم قاعدة بحرية كلفت عشرات الملايين المنهوبة من بطون الجياع. ولكن انشغال البريطانيين بقضية بريكست وعلاقاتهم المستقبلية مع اوروبا من جهة، والضغوط المتواصلة على الجانب البريطاني لوقف دعم نظام قبلي فاسد، كشف الجبهة الخليفية مجددا، فاتجهوا نحو تل أبيب، فحالهم هذا يشبه الى حد كبير حال السارق الذي يسعى لاخفاء جريمته بالاختفاء في الجحور والتنقل من بلد لآخر. وسيكتشفون سريعا ان هذا الجحر لن يحميهم من غضب شعبهم الذي يلاحقهم بلا هوادة. صحيح انهم وضعوا ايديهم على ممتلكات الشعب وكافة امكانات الدولة، ولكن غضب الشعب ودعوات المظلوم لا تترك مجالا امام الطغاة والظالمين للهرب، بل عليهم ان يدفعوا ثمن جرائمهم كاملا. لذلك سعى الخليفيون لترويج عصابتهم كبديل سياسي للشعب الاصلي الذي رفض طغيانهم منذ عقود، وأصر على التخلص من إرثهم. انها واحدة من الحقب التاريخية التي قد تكون حبلى بالمفاجآت السياسية غير السارة للطغاة ومن امتهن احتلال اراضي الغير او فتك بالاحرار من ابناء تلك الاراضي.
الامر المؤكد ان عيد الشهداء هذا العام كان محطة جديدة للنشطاء الثوريين لاثبات الذات من خلال اطروحات سياسية جريئة تؤكد ضرورة تخليص البلاد من هذه العصابة المجرمة، واعادة بنائها بمنظومة سياسية عصرية، تنفتح على الواقع وتتمسك بثوابت الامة وتحترم الشعب وتفتح له ابواب المشاركة الفاعلة. وكان نشاط الضحايا واسعا، وكاد يؤدي لمنع اقامة سباق فورمولا الدم في حلبة البحرين. واستطاع الضحايا كسب موقف احد ابطال السياقة الدوليين بشكل فاجأ الكثيرين ومنهم ولي العهد الخليفي الذي وجد لويس هاميلتون متمردا على مشروعه السياسي ومدافعا عن حقوق الانسان في البحرين. كان ذلك مفاجأة كبيرة لم يتوقعها الخليفيون ابدا، ولكن دماء ضحايا البحرين كانت اقوى من حيث القدرة على كسب الاصدقاء والداعمين. وقد احرج دخول هاملتون على الخط العصابة الخليفية وداعميها في لندن بشكل خاص. ولكنهم لم يستطيعوا تغيير الحقائق على الارض فبدأ تشبث هاملتون بقضية البحرين اقوى من محاولات تضليله من قبل الاجهزة الغربية الداعمة للعصابة الخليفية.
هل التاريخ يعيد نفسه؟ ام انه يبدأ من جديد منطلقا من عيد الشهداء المجيد؟ أترى ذلك معجزة إلهية في زمن عزت فيه المعجزات، ولكن سنن الله لم تتوقف عن العمل. في هذا الظرف العصيب تتجلى القدرة الالهية امام الناظرين ليروا باعينهم مصائر الطغاة والظالمين. آمنا بدور الايمان والصلاة والدعاء، وآمنا ايضا بحتمية نفاذ السنن الالهية، وزادت تجربتنا مع الخليفيين إصرارا على المطالبة باسقاط حكمهم الفاسد وانهاء حقبتهم السوداء الكالحة. ذكرتنا مناسبة عيد الشهداء بالدماء البريئة التي سفكها الخليفيون بدون رحمة او انسانية. ورأينا كيف وجد الطاغية نفسه مرغما على استدعاء احد علماء الدين الكبار بحثا عن شرعية مفقودة. فلم يكن استدعاء سماحة السيد عبد الله الغريفي من قبل الطاغية الا من اجل التقاط صورة تنشرها ابواقه الاعلامية بهدف التشويش على المشهد العام لعهده الأسود. فكانت النتيجة عكس ذلك، فقد ترسخت قناعة الشعب بقيمة علمائهم وقادتهم الذين يجد الطاغية نفسه مرغما لإبراز علاقة حسنة معهم وان كان يضطهدهم ويعتدي باستمرار على معتقداتهم وعقائدهم.
وهكذا يتصرم عام آخر من المعاناة والنضال شهد المزيد من القمع والاضطهاد واعتقال العلماء والرواديد والنشطاء، وترسخت القناعة بان الخليفيين ارتكبوا الخيانة العظمى بحق الدين والامة والوطن والشعب، عندما قرروا التطبيع مع محتلي فلسطين واستعانوا بهم ليحموا عروشهم الآيلة للسقوط. لقد قضي القضاء، وحقت كلمة العذاب على الظالمين والطغاة، فحان الطلاق الابدي بين البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) والعصابة الخليفية المجرمة، واصبح كل مواطن شريف يردد الآية الكريمة: “رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين”.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
18 ديسمبر 2020